كان الطريق طويلًا…

لكن الخطوات لم تكن ثقيلة.

كل خلية في جسدي كانت تعرف الاتجاه،

وكأنني لم أعد أمشي على الأرض،

بل على خريطة رسمها جسدي الجديد.

شعرتُ بها…

الشاكرا.

تدفّقها أصبح أوسع.

أعمق.

كأنني لم أكن أتنفّس من قبل، بل كنت أعيش على بقايا الهواء.

الخلية المزروعة استقرّت.

جسدي تقبّلها كما يُقبلُ سلاحٌ يليقُ بيده.

ولأول مرة منذ سنوات…

لم أكن أُجاهد كي أشعر بالقوة.

بل كنت أشعر بها…

حتى في الصمت.

قفزت بين أغصان الأشجار،

أسرع… وأهدأ.

الجسد أصبح مرنًا كأنه يتذكّر شيئًا كان مفقودًا.

لا ألم،

لا رجفة.

المانجيكيو… لا تزال تثقلني،

لكن الخطر الذي كان يتربص بي كلما استخدمتها… أصبح بعيدًا.

كأن شيئًا ما عاد يستقر داخل نفسي.

كلما اقتربت من حدود أرض النار،

كنت أزداد يقينًا…

أنني الآن، أفضل من ذي قبل.

عندما رأيت بوابة كونوها من بعيد،

لم أشعر بالقلق.

ولا حتى بالحنين.

بل شعرت بشيء أكثر صفاءً…

شعور العودة بعد إنجاز.

توقّفت فوق تلة تطل على الأسوار.

نظرت إلى الشمس التي بدأت تميل نحو المغيب.

وضعت يدي على قلبي.

خافتة، لكن واضحة.

نبضة ثابتة.

همست لنفسي:

“هكذا يجب أن يكون جسدي.”

“وهكذا… يجب أن أبدأ ما تبقّى.”

وفعّلت “الهراشين”

واختفيت وسط الضوء.

وصلت.

الختم قادني إلى أحد الأسطح القريبة من الحي الجنوبي.

الهواء كما كان.

الضوء يتسلل بين الأسقف كما تعوّدت.

لم يكن هناك حاجة للاستراحة.

جسدي في أفضل حال منذ زمن.

ولا مجال للوقت الضائع.

نظرتُ إلى الأسفل.

ثم يسارًا، نحو الممر الحجري المؤدي إلى منزلها.

**

لم أطرق الباب فورًا.

تحسستُ الختم على ساعدي،

ثم أغمضت عيني لثانية.

**

– لا تشويش في التشاكرا.

– لا تحركات مريبة.

– كل شيء… طبيعي.

فتحت عيني.

نزلت بهدوء.

خطوة بعد أخرى، دون استعجال.

طرقت الباب.

صوت خفيف من الداخل:

“لحظة.”

ثم خفتت الخطوات.

فتح الباب.

وقفت أمامي.

يارا.

**

لم أتكلّم.

فقط رفعت يدي قليلًا، وقلت:

“عدت.”

**

تأملتني لثوانٍ… ثم انحرفت جانبًا بهدوء:

“ادخل.”

دخلت.

أغلقت الباب خلفي.

وجلست.

لا حاجة للكلمات الآن.

عدت… وهذا يكفي.

“هل ذهبت إلى القصر أولًا، أم إليّ؟”

سؤالها جاء وهي تُحضر كوب الشاي، دون أن تلتفت إليّ.

أجبت ببساطة:

“إليكِ.”

استدارت ببطء، وابتسامة خفيفة تشكّلت على شفتيها،

تلك الابتسامة التي تقول: “وقعت في الفخ”.

“اشتقتَ إليّ، كاتي؟”

نظرتُ بعيدًا، ثم قلت:

“لا، فقط كنت أقيس المسافة الأقصر.”

ضحكت:

“أتعلم؟ حين تكذب، حتى حاجباك يرتجفان.”

سكتُّ، ولم أعلّق.

ثم سألتني، بعين نصف مغمضة:

“ألم تعُد قبل يوم؟”

أجبت، وأنا أريح ظهري على الجدار:

“بلى. لكن هذا اليوم… سأقضيه هنا.”

ضحكت مجددًا، وقالت وهي تضع الكوب على الطاولة:

“للأسف، لديك منافسين… ضيوف سيأتون الآن.”

“ضيوف؟” قلتُ وأنا أرفع حاجبي، ثم…

طرق

الباب

.

قامت، ومشيتُ خلفها بهدوء، وراقبتها وهي تفتح الباب.

لحظة انفتاحه، سمعت صوتًا طفوليًا مفعمًا بالحياة:

“أختي الكبرى!”

أدرت رأسي فورًا.

شعر فضي قصير.

صوت أعرفه جيدًا.

كاكاشي

.

إلى جانبه، فتى بشعر أسود ونظارات غريبة الشكل،

وفتاة بشعر بني قصير، وابتسامة مهذبة.

نظرتُ إليهم…

ثم قلت بصوت منخفض:

”…إنهم الثلاثي الملعون.”

اندفع كاكاشي داخلًا، ورمى نفسه نحوي:

“نيسان، عدت!”

أمسكته قبل أن يصطدم بي، ورفعت حاجبي بدهشة:

“أصبحت أسرع من قبل.”

رين وأوبيتو تجمّدا في مكانهما، وقد فوجئا من الطريقة التي تحدّث بها كاكاشي الصامت دائمًا.

ثم تقدّم أوبيتو بحماس، وقال:

“أنا أوبيتو… الهوكاجي القادم!”

ضحكت، وربتّ على رأس كاكاشي:

“وأنا سامرو… عمّ الولد الخجول.”

رفعت يدي وأشرت إليه بإبهامي.

رين نظرت نحوي بدهشة واضحة،

كأن شيئًا لم يُقال قد قيل للتو.

ثم أكمل أوبيتو، وهو يُشير إلى الفتاة:

“وهذه الفتاة… رين.”

نظرتُ إلى أوبيتو للحظات.

تأملت وجهه، طاقته…

وصورة غائمة ظهرت في رأسي.

صورة… لا أحد غيري يعرفها.

يارا وكاكاشي ورين لاحظوا أنني أطلت التحديق.

قال أوبيتو بتذمّر:

“ما بالك أيها العجوز؟”

رفعت بصري، ثم قلت ببطء:

“هل تريد أن تصبح تلميذي، يا أوبيتو؟”

جمدت الأجواء.

يارا اتسعت عيناها.

رين فتحت فمها قليلًا.

كاكاشي رفع حاجبه، غير مصدّق.

أما أوبيتو، فقد قال فورًا:

“لا بحق الجحيم!”

ضربة

.

يارا صفعت مؤخرة رأسه بقوة:

“لا ترفض الفرص التي تأتيك، إن كنت تريد أن تصبح هوكاجي.”

أمسك رأسه بألم، ثم قال:

“آه… طيب طيب، دعيني أفكر!”

التفت إليّ، ثم سأل:

“يا عجوز… هل تستطيع مساعدتي لأصبح هوكاجي فعلًا؟”

أجبت وأنا أنظر إلى سقف الغرفة:

“صانع الهوكاجي… لقب جميل.”

نظرت إليه مجددًا.

“نعم، أستطيع، يا أوبيتو.”

صمتٌ أعقب كلمتي.

أوبيتو ظلّ واقفًا ينظر إليّ، وكأنه لم يفهم إن كنتُ جادًا أو أمزح.

لكني لم أُمهله كثيرًا.

“تعال ورائي.”

نهضت من مكاني بهدوء، وسرت نحو الباب الخلفي للمنزل.

“هاه؟ إلى أين؟” سأل أوبيتو.

أجبته دون أن ألتفت:

“قلت إنك تريد أن تصبح هوكاجي…

فلتُثبت أن فمك لا يتقدّم على قدميك.”

نظر أوبيتو إلى كاكاشي ورين ويارا، ثم أسرع خلفي.

**

خارج المنزل، في ساحة ترابية مفتوحة خلف الحديقة.

وقفتُ في المنتصف، وأدرت ظهري له.

ثم قلت بهدوء:

“هاجم.”

“…ماذا؟”

استدرت ببطء.

“أهاجمك؟ أنت؟”

“هذا الاختبار. إن كنتَ ستتراجع الآن، فوفّر على نفسك عناء الحلم.”

زمّ شفتيه.

ركض خطوتين للخلف.

ثبت قدميه.

وشكّل ختْمًا سريعًا.

“كاتون – كرة النار العظيمة!”

انفجرت اللهب نحوي.

لم أتحرك.

مددت يدي،

وفعلت ختمًا واحدًا.

“رايكو: حقل الرياح المعكوس.”

تلاشى اللهب قبل أن يصلني.

اختفى كما لو أن الريح التهمته.

شهق أوبيتو.

“كيف؟!”

أجبته وأنا أتقدم خطوة:

“قوتك ليست في تقنيتك…

بل في قدرتك على التفكير عندما لا تُفلح.”

ثم قلت:

“تابع.”

تردّد.

ثم انطلق نحوي مباشرة، رافعًا قبضته.

لكن قبل أن يصلني بخطوة…

اختفيت.

ظهر ظهري خلفه.

وضعت إصبعين على رقبته.

“ميت.”

استدار وهو يلهث، وعيناه متسعتان.

“لم… أراك!”

أجبته بهدوء:

“تلك مشكلتك.”

ثم مشيت إليه ووضعت يدي على كتفه:

“أن ترى القوة أمامك، وتظن أنها هناك فقط…

لكنها دائمًا هنا.”

وضربتُ بإصبعي على صدره.

نظر إليّ.

ثم قال:

“علّمني.”

ابتسمت.

أول مرة منذ زمن شعرتُ أنني لا

أعطي

بل

أُسلّم

الأمانة

.

من بعيد، رأيت كاكاشي يبتسم بخفة،

ورين تقف مذهولة،

ويارا… فقط كانت تراقبني.

2025/05/14 · 33 مشاهدة · 962 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025