64 - التلميد والرهان عليه

كانت ساحة التدريب رقم 3 هادئة، لا شيء يُسمع فيها سوى همسات الرياح وهي تمرّ بين أوراق الأشجار.

وقف سامرو، وقد عقد ذراعيه خلف ظهره، يتأمل الأربعة الواقفين أمامه.

يارا جلست مسترخية تحت ظلّ شجرة، تراقب بصمت.

رين كانت تنظر بحذر، لم تعتد صرامة هذا المدرب الغامض.

كاكاشي كان صامتًا كعادته، عيناه تترقبان الأوامر.

أما أوبيتو… فكان يبتسم بثقة زائفة، واضعًا يديه خلف رأسه.

تقدّم سامرو بخطوات بطيئة حتى وقف أمام أوبيتو مباشرة.

ثم قال بصوت هادئ كالسيف:

“أنت قمامة. باختصار.”

تجمدت رين.

كاكاشي رمش مرة واحدة، لكن لم يُعلّق.

يارا ابتسمت ابتسامة خفيفة وهي تهزّ رأسها.

أما أوبيتو…

فاحمرّ وجهه كالجمر.

“اللّعنة عليك أيها العجوز!”

صرخ بها وانطلق يزمجر:

“أنا أوبيتو من الأوتشيها! سأصبح الهوكاجي قبلكم جميعًا!”

بهدوء، رفع سامرو إصبعيه ووضعهما في أذنيه، وكأنه يقطع صوت العالم، وظل واقفًا حتى انتهى أوبيتو من صراخه.

ثم أنزل يديه وقال:

“لكن لديك ميزة واحدة…”

“العمر.”

تنفس أوبيتو بغضب، ثم سمع سامرو يكمل:

“من اليوم… لدي ثلاث قواعد لك.”

رفع أوبيتو حاجبه وقال بتحفّز:

“ثلاثة؟ هات ما عندك!”

“أولاً: انزع النظارة. لا أريد أن تخفي عني شيئًا. إن كنت تلميذي، فيجب أن أراك جيدًا.”

تردد أوبيتو، ثم خلعها ببطء.

“ثانيًا: بعد كل يوم في الأكاديمية، ستأتي إلى قصر الهاتاكي. تتدرّب مع كاكاشي.”

نظر كاكاشي نحو أوبيتو وقال بهدوء:

“أظنك ستتأخر كثيرًا عنّي.”

“ثالثًا: ممنوعٌ عليك تعلم النينجتسو. حاليًا.”

صرخ أوبيتو:

“ماذا؟! لماذا؟! كيف ألحق بهذا الوغد؟!”

“والنظارة؟! أنا أحبها!”

أعاد سامرو أصبعيه إلى أذنيه مجددًا، دون أن يرد.

ثم التفت وقال:

“كاكاشي، تعال.”

تقدّم كاكاشي بهدوء، ووقف بجانب أوبيتو.

سأله سامرو:

“متى بدأت تدريب النينجتسو؟”

“في آخر مرحلة، بعد أن أنهيت كل شيء آخر.”

“كم ثانية تحتاج لهزيمة أوبيتو؟”

“ثانيتان.”

صمت.

حتى أوبيتو لم يجد ردًا.

ثم سأل بخجل:

“سينسي… إن طبقت شروطك، وتدرّبت جيدًا… هل سأهزم هذا الوغد؟”

رد سامرو، دون تردد:

“لا.”

ثم وضع إصبعيه في أذنيه فورًا قبل أن ينفجر أوبيتو مجددًا.

وبعد لحظة، تابع:

“لكن… لن تُهزم خلال أول عشر دقائق.”

توسعت عينا أوبيتو.

ثم تنفس بهدوء.

“حسنًا، سينسي.”

وقف باستقامة… ولأول مرة، لم يعترض.

من مكانها، قالت يارا وهي تضحك بخفة:

“يبدو أن المعلم الجديد يعرف كيف يعيد تلميذه إلى حجمه.”

وقف سامرو أمام تلاميذه الثلاثة، وخلفه شجرة ضخمة تشهد على أعمار من التدريب.

قال بصوت هادئ لكنه يحمل نبرة حاسمة:

“أمامكم تمرين بسيط في شكله… لكنه مفتاح كل ما يأتي بعده.”

أشار إلى جذع الشجرة:

“ستتسلقون هذه الشجرة… باستخدام أقدامكم فقط، عبر تركيز الشاكرا في باطن القدم.”

رفع أوبيتو حاجبه وقال بازدراء:

“هذا؟ هذا تدريب؟ جدتي تسلّقت الأشجار أسرع من هذا.”

التفت إليه سامرو ببطء، وعيناه نصف مغمضتين:

“أوبيتو…”

“نعم سينسي؟”

“أنت قمامة. باختصار.”

تجمد أوبيتو في مكانه.

“لكن…” – تابع سامرو –

“لديك ميزة واحدة: الوقت. ستتألم كثيرًا قبل أن تفهم ذلك.”

ثم نظر إلى رين وسأل:

“وأنتِ، رين… ما حلمك؟”

أجابت بخجل، لكن بثقة:

“أن أصبح نينجا طبية.”

ابتسم سامرو وقال:

“إذاً… هذا التدريب هو حياتكِ.”

نظرت إليه باستغراب.

فقال وهو يشير للشجرة:

“التحكم بالشاكرا هو جوهر النينجا الطبي. إن لم تُتقنيه، لا يمكنكِ حتى إغلاق جرح صغير.”

أومأت رين برأسها بإصرار.

مد سامرو لكل منهم كوناي ، وقال:

“اصعدوا. وعندما تسقطون، ضعوا علامة على أعلى نقطة وصلتم لها.

وحين تصعدون دون سقوط… سنبدأ التدريب الحقيقي.”

أول محاولة:

كاكاشي – صعد الشجرة، خط سريع، ثم قفز بهدوء.

رين – صعدت ببُطء، لكنها ركّزت جيدًا، وصلت لربع الطريق، انزلقت، ثم التقطت نفسها قبل أن تسقط كليًا. وضعت علامة صغيرة.

سامرو ابتسم:

“جيد، حافظي على التوازن.”

• أوبيتو – صعد كالسهم:

“راقبني، أيها العجوز!”

لكن بعد خطوات معدودة… انفجرت الشاكرا في قدميه وسقط على وجهه مباشرة.

صرخ من الأرض:

“آآآخ! من حفر هذه الأرض؟!”

سامرو قال ببرود:

“الجاذبية، يا أوبيتو. الجاذبية هي معلمتك اليوم.”

ثم التفت إليه، وقال:

“إن لم تتعلم احترام الشاكرا… لن تتعلّم شيئًا.”

نهاية اليوم:

رين تتنفس بثقل، لكن بعينين لامعتين، كل مرة تسقط فيها… تصعد أعلى في التالية.

أوبيتو على الأرض، أنفه محمر، التراب في فمه، وعينه تتبع رين بدهشة.

اقترب سامرو منه، جلس على ركبته، وهمس له:

“رين ستتفوّق عليك في كل شيء، إن بقيت تظن أن الصراخ يعني قوة.”

رفع أوبيتو رأسه بصمت لأول مرة.

ومن بعيد، قالت يارا بابتسامة:

“لقد بدأت النار تشتعل في عينيه.”

سامرو لم يرد، فقط نظر إلى السماء وقال:

“الآن بدأنا.”

جلس كل من سامرو و يارا تحت شجرة مزهرة في فناء منزلها الخلفي، الهدوء يحيط بهما، والنجوم تتناثر في السماء كهمسات بعيدة.

في يديهما كوبان من الشاي الساخن، بينما الليل يلفّ الهواء بنسمات ناعمة.

نظرت يارا إليه، بعينين نصف مغمضتين من الفضول، وسألت:

“ما السبب الحقيقي أنك أخذت ذلك الفتى تلميذًا؟ أقصد… هذه أول مرة تختار تلميذًا بنفسك.”

ابتسم سامرو ابتسامة صغيرة وقال:

“بسبب موهبته.”

ضحكت يارا، ضحكة خفيفة ممزوجة بسخرية:

“موهبته؟ أوبيتو؟ أرجوك… لو كان يملك ذرة موهبة لما صرخ كل خمس دقائق.”

سكت سامرو للحظة.

ثم التفت نحوها، ونظراته تغيّرت.

الهدوء الذي اعتادته منه تبدّل إلى شيءٍ أكثر… صلابة.

“يارا، سأسامحك هذه المرة.”

“لكن لا أحد، لا أحد، يسخر من تلميذ اخترته.”

صمتت يارا، ونزلت عيناها.

قالت بهدوء:

“أنا آسفة، لم أكن أقصد أن أقلل منه… فقط… لم أفهم السبب.”

لكن سامرو لم يبدُ راضيًا.

رفع كأس الشاي، أخذ رشفة، ثم قال:

“حسنًا… ما رأيك أن نجعل الأمر أكثر إثارة؟”

نظرت إليه بتردد:

“ماذا تقصد؟”

“رهان.”

رفعت حاجبها:

“رهان؟ على ماذا؟”

ابتسم سامرو بثقة وقال:

“في غضون ثلاث سنوات، سيصل أوبيتو إلى مستوى كاكاشي.”

ضحكت يارا على الفور، وقالت وكأنها ضمنت الفوز:

“حسنًا! وإن فشل في ذلك… ماذا أفعل بك؟”

“ماذا أستطيع أن أطلب؟”

رفع حاجبه ونظر في عينيها بثبات:

“أي شيء.”

لمعت عينا يارا، وابتسمت بخبث:

“كاتي…”

ضحك سامرو بخفة، ثم مال قليلًا للأمام وسأل:

“وماذا إن ربحتُ أنا؟”

توقفت للحظة، ثم أجابت بثقة:

“اطلب ما تشاء… لا أعتقد أنك ستربح.”

اقترب أكثر وهمس:

“ستعيشين في قصر هاتاكي.”

توسّعت عينا يارا.

“هاه؟!”

احمرّ وجهها بسرعة، وأبعدت نظرها وهي تتمتم:

“أيّها الوغد… تلعب بخطورة.”

قال سامرو بهدوء، وهو يرتشف من كأسه:

“الخطورة لا تأتي من الرهان… بل من الثقة.”

وساد الصمت، لكن نبض يارا لم يهدأ.

2025/05/14 · 20 مشاهدة · 980 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025