كان النسيم عليلًا وهو يهبّ عبر الطريق المؤدي إلى قصر هاتاكي، وميناتو يسير بجوار يارا، يتقدمهم كوشينا التي كانت تسرع خطواتها بحماس الطفلة العائدة من مغامرة.
وقبل أن يبلغوا البوابة، سُمع صوت ارتطام قوي… ثم صراخ.
“سأجعلك تندم أيها الوغد!!”
توقف ميناتو في مكانه، رفع حاجبه باستغراب، ثم سمع صوتًا مألوفًا، نصف خافت، نصف يائس:
“المغفرة! أقسم… سينتهي المعسكر خلال أسبوعين، لا أكثر!”
تبادلت يارا وكوشينا النظرات، قبل أن تفتح كوشينا الباب بضربة واحدة، فاندفع المشهد أمامهم كلوحة مرسومة من الفوضى.
في وسط الصالة… كانت تسونادي تمسك سامرو من ياقة ردائه وتضربه بلطافة قاسية على رأسه مرارًا.
“هل ظننت أني سأتحمّل معسكر صيفي تحت نافذتي دون أن تخبرني؟!”
سامرو كان ممددًا على الأريكة، رافعًا ذراعيه كمن يستسلم، ووجهه يحمل ابتسامة مهزومة.
“كنت أظن أن العرض يشملك… ينبوع حار، ومراهنة ليلية، وطعام مجاني…”
“وصراخ صباحي من أوبيتو؟! تجرؤ حتى على–”
“تسونادي!” قاطعتها كوشينا وهي تقتحم الغرفة.
توقفت تسونادي، استدارت ببطء… ثم فتحت ذراعيها:
“كوشينا الصغيرة؟! تعالي هنا أيتها المشاكسة.”
عانقتا بعضهما البعض بحرارة، بينما وقف ميناتو عند العتبة يتأمل المشهد: ناواكي يضحك على الأرض من المشهد، وكاكاشي يتدرّب في زاوية الحديقة مع رين وأوبيتو، بينما يقف خلفهم اثنان آخران، يبدو أنهما جديدان على هذا المكان.
ابتسم ميناتو ابتسامة دافئة.
“كل شيء في مكانه… سامرو يُضرب، كوشينا تصرخ، والأطفال يتدرّبون… لقد عدت فعلًا إلى البيت.”
—-
حين هدأت قبضة تسونادي أخيرًا، وشعرت أنني ما زلت أتنفّس، نظرت نحو الباب… فوجدت ميناتو، يارا، وكوشينا قد دخلوا. وقفتُ بتعب ورفعت يدي كتحية بسيطة، وقلت بصوت يحمل امتنانًا عميقًا:
“شكرًا لمجيئكم… أنقذتم حياتي، حرفيًا.”
ضحك ميناتو وهو يقترب وقال بنبرة شبه ساخرة:
“ما أمر هذا المعسكر
وضعت يدي على رأسي ومسّدت شعري بلطف، ثم جلست على الأريكة مجددًا.
“فكرة تلميذي، أوبيتو… قام بكل شيء دون علمي، أتى إلى القصر مع أصدقائه واستأذن من ميو، وهي وافقت طبعًا…”
ضحكت قليلًا وأنا أتذكّر صباح ذلك اليوم الفوضوي، ثم تابعت:
“أرادوا معسكرًا صيفيًا… فحصلوا على ساحة تدريب ومسرح يومي للفوضى.”
نهضت بعدها بهدوء وتقدّمت نحو الإبريق الموضوع على الطاولة. صببت الشاي في ثلاثة أكواب إضافية بحركة معتادة، وقدّمت أحدها إلى كوشينا:
“لكِ، مع الشكر لتدخلك في الوقت المناسب.”
ثم سلّمت الكوب الثاني إلى ميناتو بابتسامة صغيرة:
“لصديق الطفولة الذي لم يتغيّر.”
وأخيرًا، مددت يدي بالأخير إلى… يارا.
نظرت إليّ، وعيناها تحملان ذلك الوميض الذي أعرفه جيدًا. اقتربت قليلاً، وأخذت الكوب وهمست بصوت منخفض، بالكاد سمعته:
“لقد عدت، كاتي.”
في تلك اللحظة… شعرت أنني ربحت كل شيء.
لم تكن كلمات عادية، بل دفءٌ حقيقي… شعورٌ بأنني حيّ، بأنني موجود هنا، الآن، مع من أحب.
ابتسمتُ لها بهدوء، وهمست بصوت مبحوح:
“مرحبًا بعودتك.”
—-
الهواء في الصالة كان يحمل دفئًا مألوفًا، ورائحة الشاي بالأعشاب التي كانت ميو تُعدها صباحًا. جلستُ على أحد الأرائك بجانب كوشينا وتسونادي، نراقب من خلف النوافذ الكبيرة الأطفال يتدربون في الفناء، قبل أن يدخل سامرو من الباب الجانبي كالإعصار، صوته يسبق حضوره، وجهه يحمل تلك الابتسامة الماكرة المعتادة، ويده تمتد إلى حزامه.
– “يا أيها الجيل المشاغب! اجتماعٌ عاجل!” صرخ بصوته العميق، وتردد صداه في أنحاء القصر.
توقفت الخطوات في الخارج، وانطلقت مجموعة الأطفال تركض باتجاه الباب وكأنهم معتادون على هذا النداء.
جلستُ مستقيمة أكثر، أحد حاجبي مرفوع بينما بدأت أتعرف على بعض الوجوه.
كاكاشي، كان أول من دخل. شعره الفضي، حامي الجبين، وقناعه الذي لا يفارقه. وقف أمام سامرو بثقة، ثم قال:
– “هل يحتاج ني سان أن يعرفني؟”
وقبل أن ينهي كلمته، كانت يدي سامرو قد تحركت، والسيف ينطلق كوميض. ارتفع الحاجب الآخر لدي من الدهشة.
كاكاشي، دون أن يطرف له جفن، أمال رأسه قليلًا لتمر شفرة السيف قرب خده، وترتطم بالجدار خلفه.
ضحك سامرو بخفة، وهو يقول:
– “ابن أخ عاق… ابدأ.”
ردّ كاكاشي وهو يعدّل وقفته:
– “هاتاكي كاكاشي. جينين.”
وبينما الجميع يعرفه، كانت نظرتي تسرح نحو الفتى التالي، شعر أسود كثيف، حواجب كبيرة جدًا بطريقة لا يمكن تجاهلها، ويقفز أمامنا وكأنه دخل إلى حلبة قتال.
– “مايت جاي! طالب في الأكاديمية! المنافس الأبد—”
لم يُكمل. لأن غمد السيف كان قد ارتطم بجبينه وأوقعه أرضًا.
كوشينا ضحكت وقالت:
– “من أين يأتي بكل هذه الأشياء؟ لا أرى أسلحة حوله.”
تردّ تسونادي بجديّة ساخرة وهي تشرب الشاي:
– “إذا سكنتم هنا أسبوعين، ستكتشفون بنفسكم. أصبح رمي الأشياء عنده أسلوب حياة.”
نظرتُ إلى مايت جاي وهو ينهض بفخر، وكأن الضربة جزء من يومه الطبيعي. لم أكن أعرف هذا الفتى من قبل، لكن روحه النشيطة وشغفه المشتعل جعلا من حضوره مربكًا.
ثم رفع سامرو يده فجأة. لم يكن هذا بالأمر الغريب، لكن ما حدث بعدها جعلني أحدق بدهشة.
تسونادي، التي كانت دومًا تنفجر عليه لأتفه الأسباب، توقفت. ناواكي، الذي كان يمازحه قبل دقائق، سكت فجأة. ميناتو وكوشينا نظروا إليه بدهشة، وأنا… شعرت أن شيئًا غريبًا يحدث.
– “التالي”، قال بصوته الحاسم.
تقدمت فتاة شعرها البني ناعم، وعيناها تلمعان بالهدوء.
– “رين. طالبة في الأكاديمية.”
ثم فتاة أخرى، لم ألتقِ بها سابقًا. شعرها أسود قصير، نظرتها فيها شيء من الحذر والفضول، وقفت بجانب رين وقالت:
– “كوريناي. طالبة في الأكاديمية.”
رمشت قليلاً وأنا أراقبها. لم أسمع اسمها من قبل، لكنها تحمل نوعًا من الجدية الهادئة. لا تشبه رين أو حتى كوشينا، بل تشبهني أنا في صغري. شعرت بشيء غريب نحوها، وكأنها تحمل سرًا صغيرًا في قلبها.
ثم ارتفعت يد سامرو مجددًا.
وظهر سيف آخر في يده الأخرى.
لم أفهم من أين جاء. حتى كوشينا نظرت إلى تسونادي بدهشة، وهمست:
– “هل رأيتِ ذلك؟ من أين له هذا السيف؟”
ناواكي تراجع خطوة.
ثم جاء الدور الأغرب.
– “أوتشيها أوبيتو!” صرخ بصوت عالٍ، ووقف أمامنا رافعًا ذقنه.
“الهوكاجي القادم! أنتم أولاً، ثم العجوز، ثم القرد ذو الشعر الأصفر، وأخيرًا الفلفل الأحمر! ما هذا المكان؟!”
ولم تمضِ لحظة، حتى طار السيف في اتجاهه.
تفاداه بصعوبة. لكنه لم يصطدم بالأرض.
تسونادي قبضت عليه في الهواء.
لكن سامرو، دون أن يترك أي مجال، قفز وأمسك بالسيف من يدها.
كانت لحظة متجمّدة. كل من في الغرفة توقع ضربة قادمة من تسونادي.
لكنه ابتعد وهو يقول بصوت هادئ:
– “ما هذا المكان يا أيها العاق؟! من جعله بهذا الشكل؟”
جلستُ مذهولة.
نظرتُ إلى كوريناي، التي كانت تنظر إلى السيف ثم إليّ.
نظرتُ إلى مايت جاي، الذي بدأ يتمطى ويتدرب فور انتهاء التعارف.
نظرتُ إلى تسونادي… التي لم تضربه.
ثم همستُ لنفسي:
– “هذا ليس معسكرًا صيفيًّا… هذه فوضى تحمل توقيع سامرو.”
ضحكت وابتسمت وانا اشاهد يسامرو وتسونادي يتعاركون على من يضرب اوبيتو