منظور يارا – بعد أسبوعين من المعسكر الصيفي
كانت الشمس تميل للغروب، ظلال الأشجار تتماوج على أرض الفناء الواسع لقصر هاتاكي، وأنا أراقب الثلاثي الذي لم أكن أتوقع أن يتحمّله أحد. أوبيتو، كاكاشي، ومايت جاي… ثلاثة مراهقين مختلفين تمامًا، لكن بطريقة ما، كان وجودهم معًا يُشبه فوضى متناغمة.
منذ أسبوعين، أجبرنا سامرو أن ننتقل للعيش داخل القصر طيلة فترة المعسكر الصيفي، لم أكن متحمسة في البداية، لكن الآن… لا يمكنني إنكار أنني كنت أستمتع.
في البداية، كنت أظن أن كاكاشي هو الشخص الهادئ، الناضج، المراقب في صمت. لكن مع وجود أوبيتو وجاي، كان يتحوّل إلى طفل عنيد، يتشاجر معهم على ترتيب الفطور، على أولويّة استخدام الحمام، وحتى على من يملأ أبريق الماء!
لكن بالرغم من كل ذلك… كانت صداقتهم قوية.
غريبة، ساخنة، لكنها صادقة.
كنت أراقبهم من بعيد وهم يتهامسون في الليل عن الأحلام والطموحات، كنت أرى فيهم شيئًا دفينًا…
شيئًا يُعيدني إلى الوراء.
**
تذكرت أيام الأكاديمية.
عندما كان سامرو يقف بنفس العناد، بنفس الحماس، بنفس الجنون الذي يحمله أوبيتو الآن.
ربما لم يكن بنفس الضعف، لكنه كان يملك نفس القلب.
لحظة صمتٍ سقطت داخلي.
وأدركت… أنني قد أخسر الرهان.
**
في المساء، توجهت إلى إحدى زوايا الفناء الخلفي، حيث كان سامرو يقف وحده، يدرّب أوبيتو وكوريناي.
كان يشرح لهما تقنية بتركيز، يداه تتحركان بخفة، نظراته صارمة، صوته منخفض، لكن أوبيتو كان يبدو كأنه يستعد لمعركة حياة أو موت، وكوريناي تُصغي وكأنها تحفظ كلمات إله.
اقتربت، وانتظرت حتى أنهى شرح حركة جديدة، ثم همست:
– “سامرو… أريد أن أسألك شيئًا.”
رفع نظره إليّ، ثم مسح جبينه بمنشفة صغيرة.
– “إذا فزتُ في الرهان… هل ستجبرني على ذلك؟ أم لديّ حرية الاختيار؟”
ابتسم، تلك الابتسامة التي أعرفها منذ سنوات، وقال بنبرة وكأنه يشرح بديهة من بديهيات الكون:
– “القرار الأخير سيكون لك دائمًا. في كل شيء.”
**
شعرت بحرارة تسري في وجهي.
لا أعلم كيف تجرأت، لكنني قلتها.
– “إذن… لمَ ننتظر؟”
رفع حاجبيه، وكأنه تلقى ضربة مفاجئة.
– “هاه؟ ماذا تقولين؟”
أجبت وأنا أواجهه بابتسامة ثابتة:
– “سأنتقل إلى هنا… أي… سنتزوج.”
**
الصمت.
ثم…
رأيت فك سامرو يسقط، عينيه تتسعان، حتى أن أوبيتو وكوريناي جمدا في مكانهما، نفس التعبير، كأن الزمن توقف.
لم أتمالك نفسي. ضحكت بخفة.
ضحكة ناعمة خرجت من قلبي، لا من فمي فقط.
وفجأة… صوت أوبيتو انفجر:
– “سينسي! إذا لم توافق… سَأضربك!!”
تجمدت.
ثم نظرت إليه، وهو ينظر بجدية غريبة.
وضعت يدي على فمي، وانفجرت بالضحك.
ضحكتُ بصدق، كما لم أضحك منذ أشهر.
في تلك اللحظة… لم يكن هنالك معسكر، أو تمرين، أو رهان.
كان هنالك فقط أنا… وسامرو… وطفل عنيد يُهدد من أجل معلمه.
⸻
حين نطقت يارا،
“سانتقل إلى هنا، أي… سنتزوج.”
تجمدت الكلمات في حلقي.
لم أجب.
لم أضحك.
بل شعرتُ بصمتٍ داخليٍّ ثقيل، كأن العالم من حولي توقف لوهلة.
وكأن صوتها لم يكن مجرد إعلان… بل زلزالًا خفيفًا اجتاح صدري دون سابق إنذار.
لم أكن أتوقعها منها. لم تكن يارا ممن تقول مثل هذا فجأة.
لكنها قالتها… ببساطة، بحزم، بثقة.
نظرتُ إليها ببطء، ووجدت ابتسامتها قد سبقت أي تفسير.
كانت تلك الابتسامة… سلاحًا غير عادل.
خفيفة كنسيم الفجر، لكنها تغرس نفسها في القلب بثقل الجبال.
شفاهها ارتسمت بارتجافة حياة، خفيفة لكن دامغة، كأنها تقول: “أنا
…
.
وجهها…
لم يكن يبتسم، بل كان يضيء.
ملامحها بدت أكثر رقة من أي وقت مضى، وكأن الضحكة أزالت عنها سنوات من الحرب والخوف.
وتلك اللمعة في عينيها… ليست دمعة، بل يقين امرأة قررت مصيرها.
شعرها، كان كما هو دومًا…
أسود كحبر لم يُكتب بعد، يتهادى فوق كتفيها بحنو، كأنه يحتفل بصاحبته.
وفي تلك اللحظة… بدا لي أن كل خصلة فيه تبتسم أيضًا.
أما عيناها…
فعينان واسعتان، تحويان غموضًا لا أجرؤ على تحليله.
لكنّي رأيت فيهما وقتها شيئًا لم أره من قبل…
أمانًا، وقرارًا، وشوقًا… ممزوجًا بكبرياءها المعتاد.
ووسط ذلك الصمت الذي خيّم علي،
اخترقه صوتٌ فجّ، طفولي ومباشر:
“سينسي، إذا لم توافق… سأضربك!”
كان صوت أوبيتو.
وللمرة الأولى… شعرت أن الزمن عاد للتحرك.
كأن جملته أعادت لي تنفسي.
نظرت إليه مصدومًا… ثم عدت بنظري إلى يارا، التي وضعت يدها على فمها، وبدأت تضحك.
ضحكتها كانت خفيفة… لكنّها اخترقتني حتى الأعماق.
ضحكة من النوع الذي يُنسيك كل ما مررت به، ويجعلك تفكر فقط في هذه اللحظة…
وفي هذه المرأة… التي اختارتك.
⸻
الريح كانت هادئة. نسائم الليل تُداعب أطراف الأشجار في ساحة القصر الخلفية. السماء صافية، وقمر مكتمل يُنير الساحة كما لو أنه قرر أن يشهد على ما سيحدث.
وقفت أمامي، ثابتة كالقرار، تنظر إليّ بعينين لم تترددا لحظة.
قالتها ببساطة… كأنها تخبرني بموعد غروب شمس قادمة:
“أريد أن ننتقل معًا بعد نهاية المعسكر… والعرس سيكون بعد ثلاثة أيام. هذا قراري.”
ثلاثة… أيام.
لم أندهش. لم أرتبك. فقط… أردت لحظة لا يشاركنا فيها أحد.
فعلتُها.
تفعّلت عيناي المانجيكيو شارينغان.
الزمن توقّف.
كل شيء تجمّد: الشجر، الريح، حتى النجوم في السماء كأنها كُتبت على صفحة ولم تُحرّك بعدها.
إلا هي .
وقفت تتحرك… تنظر إليّ بدهشة.
“أوقفتَ الزمن؟” سألت، بصوت خافت لم تُخفِ فيه سعادتها.
أجبتُها وأنا أقترب بخطوات هادئة:
“نعم… أردت لحظة لا ينتمي إليها أحد سوانا.”
لم يكن حديثًا كثيرًا.
وصلتُ إليها، وضعت يدي على خصرها، قربتها إليّ، نظرتُ في عينيها.
أردت أن أقول الكثير… لكني اختصرت الكون كله في جملة واحدة:
“أحبكِ.”
أغمضت عينيها بلطف، ثم فتحتْهما وقالت:
“وأنا أحبك… كاتي، إلى الأبد.”
اقتربت أكثر… همست، وقبّلتها تحت ضوء القمر.
في تلك اللحظة… شعرت أن كل ما عانيته، كل ما مررت به، كل الألم، كل القتال… كان فقط لآتي إلى هذه اللحظة. هذه… فقط.
⸻