⸻
في صالة الطعام الواسعة في قصر هاتاكي، جلس سامرو على رأس الطاولة الخشبية، يراقب الحضور بعينين نصف مغلقتين.
رفع كوب الشاي بيده، رشفة واحدة، ثم وضعه بقوة على الطاولة، وصاح بصوت جهوري:
“يا أيها جيل المشاغبين !”
ارتفعت رؤوس كاكاشي، غاي، رين، ميناتو، كوشينا، تسونادي، ساكامو، وميو دفعة واحدة. الصالة امتلأت بالترقّب، حتى ناواكي أمال رأسه بفضول.
دارت عيناه بينهم حتى استقرّت على كوشينا. أشار إليها بإصبعه وكأنه يصدر أمرًا عسكريًا:
“كوشينا… اذهبي إلى يارا. هناك أمرٌ مهمٌ جدًا تنتظرك فيه.”
رفعت حاجبها بدهشة، لكن دون نقاش، نهضت وقالت:
“إذا قالت يارا إنه مهم، فهو مهم.”
وغادرت.
صمت للحظة، ثم تنفّس بعمق وقال بجدية مزيفة:
“حسنًا… الوحش غادر.”
ضحكت تسونادي ضحكة ساخرة وقالت:
“قل ما لديك بسرعة أيها المهرّج، قبل أن تعود وتكسر رأسك.”
اعتدل سامرو في جلسته، ثم وقف، رافعًا يده اليمنى بحركة مسرحية:
“يا شعبي العظيم… وأطفالي الأشقياء…”
ثم مسح الهواء بيده كما لو كان يخاطب أمّة:
“أردتُ فقط أن أطلب منكم خدمة صغيرة… فـ ملككم الأعلى سيتزوج .”
انفجرت القاعة بردود فعل مختلطة.
“هاه؟”
“من؟”
“متى؟”
“من وافق على هذا؟”
تسونادي ضربت المائدة بيدها وقالت: “أقسم إن لم تكن تمزح يا سامرو…”
رفع سامرو يده بهدوء، فأُسكت الجميع كأنما بكلمة سحرية.
“الحفل سيُقام بعد ثلاثة أيام ، مع نهاية المعسكر الصيفي. لذلك…”
ثم أشار إليهم واحدًا تلو الآخر:
“كل من في هذه الطاولة سيكون مجبرًا على المساعدة في التجهيزات. لا أعذار، لا هروب، ولا انسحاب.”
غاي قفز واقفًا وقال بحماسه المعتاد:
“سأدرّب نفسي على الرقص القتالي!!”
كاكاشي رفع كتابه ببطء وقال: “هل يمكن أن أجهز نفسي نفسيًا في غرفتي فقط؟”
سامرو نظر إليه بنصف ابتسامة:
“ستكون أنت مسؤولًا عن كعكة العرس.”
كاكاشي رمش مرتين: “هذا تهديد.”
رنّت ضحكة ميو من طرف الطاولة، وقالت:
“أخبرتكم أن هذا القصر لا يعرف الراحة.”
أما ساكامو، فهزّ رأسه وابتسم وهو يرتشف الشاي:
“على الأقل، سأحضر زفاف أخي الأصغر… قبل أن يصيبنا الجنون جميعًا.”
ضحك الجميع، وتلاشت المفاجأة لتتحوّل إلى بهجة.
وفي قلب تلك اللحظة… شعر سامرو بشيء لم يشعر به منذ زمن طويل.
شعور بالدفء.
منزل، أصدقاء، وضحكةٌ تشقّ عنان التعب.
لكن شيئًا ما داخله كان يهمس…
“ثلاثة أيام… وستبدأ المرحلة التالية.”
⸻
اليوم، حُرمت من رؤيتها.
قرار سخيف، فكرة يارا، ورأي الجميع كان “يوم واحد بعيد لن يضرك”، لكنهم لا يعرفون كم يضيع من العمر في دقيقة واحدة بعيدة عنها.
“سامرو، إن لم تتحرك الآن سنقضي يوم الزفاف في اختيار البدلة.”
كان ميناتو يقف عند مدخل قصر هاتاكي، مرتدياً ملابس بسيطة كعادته، وعلى وجهه ابتسامة هادئة تخفي شيئًا من الحماسة.
لم أستطع سوى أن أتنهد، ثم أخرجت سيفي وعلّقته على ظهري.
“حسناً، لنذهب يا وصيف الشرف.”
⸻
تجولنا في محال الأقمشة لساعة كاملة، حاولت خلالها التهرب من كل لون تقليدي، وكل بدلة خيالية.
“أريد شيئًا بسيطًا… أسود، أنيق، يشبهني.”
“أي أنه ثقيل، غير مريح، ومليء بالجيوب السرية؟”
ردّ ميناتو بسخرية خفيفة جعلتني أبتسم.
في النهاية اخترت شيئًا مناسبًا، لكنه لم يكن يهم.
ما يهم… هو اللحظة التي أراها فيها، بثوبها الأبيض.
⸻
خرجنا بعدها إلى مطعم صغير في الزقاق الشرقي للقرية، هادئ، منزوي عن أعين الناس.
طلبنا الطعام المفضل لكلينا… لم نُطِل الجلوس، لكنه كان كافياً لنتشارك الصمت.
ثم تكلم ميناتو وهو يقلب كأس الشاي بين يديه:
“سامرو…”
رفعت بصري نحوه. عيناه لم تكن عادية. لم تكن عينا وصيف شرف، بل كانت عينا صديق… يعرف الكثير، ويخشى أن يقول القليل.
“قل ما لديك.”
جلسنا على طاولة خشبية صغيرة بجانب نافذة تطل على شجرة زهرية في الحي الجنوبي.
كان النسيم باردًا، ومع ذلك، لم يمنع العرق من أن يتسلل إلى عنقي.
ارتشفت رشفة من كوب الشاي، فرأيته يحدّق في الفراغ، كأن شيئًا لا يُرى يَمرّ عبر عينيه.
قال بصوت هادئ لكنه عميق:
“أشعر بتغيّر في التوقيت المكاني… وهو تغيّر قوي. حتى أقوى من الهراشين المستوى الثاني.”
توقفت يدي في منتصف الحركة، نظرت إليه مباشرة.
“…هل أنت متأكد؟”
ردّ بثقة دون أن يلتفت إليّ:
“نعم. إنه شعور داخلي، كما لو أن الزمان نفسه يحاول أن يعيد ترتيب صفوفه، يختنق، يتقلّب، يستعد لما هو قادم.”
تأملت انعكاسي في زجاج النافذة… رأيت ظلًا بلا وجه.
قلت بصوت خافت:
“لا أعتقد أنهم سيتحرّكون الآن. هذا ليس وقتهم.”
لكني لم أكن واثقًا.
في خطّ الزمن الأصلي… لم يظهروا إلا بعد حرب النينجا الرابعة، بعد أن سقط مادارا وساسكي وناروتو… بعد أن انتهى كل شيء.
لكن الآن…
أنا هنا.
أنا، كائن من زمن لا يجب أن يوجد.
فهل وجودي كسر توازن ظهورهم؟
أم أن آخرين غيري تحرّكوا قبلي؟
شيء ما جعلهم يغيّرون جدولهم.
شعرت بالقلق يلتفّ حول صدري.
لم أكن مستعدًا.
لا… لم أصل بعد إلى مستواهم.
ولا حتى إلى حالة مادارا في ذروته القديمة.
لمست حواف قوتهم، نعم… لكني ما زلت خارج الدائرة.
ثم هناك… نيمو.
مجرد ذكر اسمه يكفي ليجعل قلبي يخطئ نبضته.
مستوى لا يجب أن يوجد… ومع ذلك، هو موجود.
قطع أفكاري صوت ميناتو، هادئًا كعادته، لكن في عينيه لمحت القلق الذي أراد أن يخفيه عني:
“هذه فقط إحساسات… ليست أمرًا مؤكدًا. لا تقلق، على الأقل… ليس اليوم.”
كان يحاول تهدئتي، لأجل حفل زفافي بعد يومين.
لكن… لا.
لم أستطع طرد الفكرة.
أن أكون زوجًا ليارا، أخًا لكاكاشي، تلميذًا لكاجامي، عمودًا لكونوها…
وفي ذات الوقت، أن أكون أول من يقف أمامهم حين يأتون.
رفعت بصري إليه، كانت كلماتي أشبه بإقرار خافت:
“…ميناتو، يبدو أننا دخلنا في وضع ‘الكش ملك’.”
ظلّ صامتًا…
لكنه لم ينكر.
⸻