اخر ما تبقى من قصر هاتاكي، الفناء الجنوبي

كنت واقفًا بثيابي السوداء، وعلى صدري شارة صغيرة تحمل شكل زهرة الكرز اليابسة.

السماء ملبدة، وكأنها تشارك كونوها الحزن ذاته. لم تهطل الأمطار… لكن الهواء كان رطبًا بما يكفي ليخنق القلب.

حول النعشين الموضوعين في منتصف الفناء، وقف الجميع بصمت.

نعش ميو… ونعش ساكامو.

نقش اسمهما بالخط الذهبي، لكنه لم يكن كافيًا ليُعبّر عن قيمتهما.

كنت أبحث عن كلمات لأقولها، لكن كل الكلمات كانت تنحني أمام عظمة هذه اللحظة.

لم تكن ميو مجرد امرأة ربتني… كانت عالمي حين لم يكن للعالم ملامح.

وساكامو… لم يكن أخي.

كان أبي.

**

سمعت تنفس يارا المرتبك خلفي.

كاكاشي كان بجانب النعش، يضغط على فمِه، يمنع الدموع بالقوة.

ميناتو وضع يده على كتفي.

قال بصوتٍ خافت:

“آن نودّعهم… كما يليق بالأبطال.”

**

أخذت خطوة للأمام.

ثم ركعتُ.

وضعت رأسي على التابوت.

وهمست:

“ني سان… أعدك… أن النور الذي تركته لن ينطفئ.”

انتقلت إلى نعش ميو، لم أستطع النظر مباشرة. قبلت الغطاء بهدوء.

**

سمعت صوت قرع الأجراس من أعلى جدران كونوها.

بدأت مراسم الدفن الرسمية.

حُملت النعوش الأربعة: ميو وساكامو، الهوكاجي الثالث، وجيرايا.

ودُفنوا في قصر هاتاكي للأولين، ومقبرة الأبطال للثانيين.

**

كان الحداد عامًا.

لا مهام رسمية.

لا قتال.

الرايات السوداء ارتفعت فوق الجدران.

اليوم، كل طفل في كونوها… تعلّم معنى كلمة “ثمن”.

**

وفي المساء، انعقد مجلس طارئ.

لم يُطرح اسم لهوكاجي جديد.

الكل أيقن أن الجرح أعمق من أن يُسدّ بلقب.

وقد تقرر:

اختيار الهوكاجي خلال شهرًا كاملًا.

إعلان الحداد لعشرة أيام في كل أنحاء النار.

اعتبار ميو، وساكامو، وجيرايا، وهيروزين، أبطال الحرب رسميًا.

**

عدتُ إلى القصر في منتصف الليل.

جلستُ أمام ضوء الشمعة.

حدّقتُ في الجدار… وتخيلتُهم جميعًا أمامي.

وهمست:

“لن أنساكم. لن أنساكم أبدًا.”

ثم أغمضتُ عيني…

والدمعة لم تسقط.

لأنها كانت تحترق داخلي.

بعد أسبوع من الكارثة…

تم الانتهاء من إعادة بناء قصر هاتاكي.

أما كونوها… فما زالت تعيد لملمة نفسها بعد الكارثة. شوارعها هادئة، أنفاسها ثقيلة، وحزنها مطمور تحت رماد الشينرا تنسي.

في غرفة نومي، استيقظتُ على أنفاسي.

“نيسان…”

اسم أخي خرج من فمي كألم. كابوس آخر. موت آخر. خذلان آخر.

نهضتُ، أنظر إلى جانبي. يارا نائمة، ملامحها هادئة، متعبة من كل ما حدث… ومني.

ثم سمعت صوتًا خافتًا من خلف الباب.

“ني سان…”

صوت أعرفه.

فتحتُ الباب ببطء… فوجدته.

كاكاشي.

واقف في الظلام، عاري القدمين، يحمل نظراتٍ لا تحملها أعمار الأطفال.

سألته:

“لم تستطع النوم؟”

أومأ برأسه دون كلام.

عدت إلى الداخل، ارتديت سترتي، وخرجت معه إلى فناء القصر.

جلسنا هناك… تحت القمر النحيل.

قلت له:

“كاكاشي… يجب أن تعرف… هذه هي سنة الحياة.”

لكن صوتي اختنق، ثم تابعت:

“ما حدث… خطئي.”

صمت، ثم سألني بصوت خافت:

“لماذا… ماتوا يا نيسان؟ لماذا قُتلوا؟”

نظرتُ إليه طويلًا، ثم قلت:

“لأن الجيدين هم أول من يغادر… هذا ما كنت أؤمن به.

لكنني سأتغيّر. سيتغيّر هذا العالم… لأجلك، ولأجل من سيأتي بعدك.”

نزلت دمعة من عينه.

رأيتها.

مددت يدي، ضممته إليّ.

صغيري… لم أحمِه كما وعدت ساكامو.

فجأة… جاء صوت من خلفنا، ناعمًا كالمطر:

“كاكاشي… نم معنا الليلة.”

كانت يارا، تقف عند الباب بثوب النوم، شعرها يتمايل فوق كتفيها.

نظرت إليه، ثم قلت بابتسامة شاحبة:

“فقط هذا الشهر… ستنام معنا. مفهوم؟”

لم يجبني.

لكنه مشى نحوي، تمسك بثوبي.

مددت يدي، بلطف، ولعبت بشعره.

ثم عدنا إلى الداخل، أنا وهو.

أما النوم… فكان مجرد وسيلة للهروب.

كان الليل هادئًا بشكل يبعث على التوتر… لا أصوات ضحك من الفناء، ولا تحديات صاخبة بين الصغار، ولا حتى صوت رين وهي تشتكي من شغب أوبيتو.

كنت جالسًا في قاعة القصر الجانبية، أرتشف الشاي بصمتٍ ثقيل. كل شيء من حولي يهمس بالفقد، حتى الجدران شعرتُ بأنها تنعي من سقطوا في ذلك اليوم المشؤوم.

ثم سُمِع الطَرق.

لم يكن قويًا… لكنه لم يكن مترددًا أيضًا.

“ادخل،” قلت بنبرة خافتة.

دخل أوبيتو. رأسه مطأطأ، خطواته بطيئة، كأنه يحمل العالم على ظهره. لم يقل شيئًا في البداية. فقط وقف هناك، ينظر إلى الأرض بصمت.

ثم قال، بصوتٍ بدا أكبر من عمره:

“سينسي… أريد الانتقال.”

رفعت بصري إليه. لم يكن هذا صوته المعتاد، لم تكن تلك طاقته. لم يكن ذلك أوبيتو.

“إلى أين؟” سألت.

“منزل جدتي… لم يعد له فائدة الآن. أريد أن أعيش هنا، معك، إن سمحت.”

صمتُّ لبرهة. كنت أعلم كم تعني له جدته. كانت كل عائلته.

ثم رفعت نظري إليه.

عينيه…!

الشارينغان.

تومويّتان.

واضحتان… تلمعان تحت ضوء القاعة.

لكنه لم يكن مدركًا.

“أوبيتو…” ناديت.

رفع رأسه، فلاحظت أخيرًا ما كنت أراه.

“هاه…؟ ماذا؟” قال، وهو يلمس عينيه.

اقتربت منه، وضعت يدي على كتفه.

“لقد استيقظت عيناك،” قلت بنعومة. “في قلب الحزن… وُلِدت القوة.”

ارتعش جسده، ثم سقط على ركبتيه.

“لم أستطع حمايتها، سينسي… لم أكن قويًا بما فيه الكفاية… جدتي ماتت، الجميع قاتل… وأنا فقط كنت أصرخ.”

انحنيت إليه، وضممته.

“لا بأس، أوبيتو… لم يكن من المفترض أن تكون قويًا في ذلك اليوم. لكنك ستكون، أقسم لك… ستكون.”

شدّ قبضته على سترتي، وبكى. دموعه احترقت على جلده، كأنها توقظ كل شيء نائم بداخله.

ولم أقل شيئًا بعدها… فقط نظرت إلى تلك العينين.

ورأيت بداية شيء… خطير.

شيء لا يجب أن يولد إلا داخل الظلام.

لكنني كنت هناك.

سأكون النور… أو أُصبح ظله إن لزم الأمر.

2025/05/15 · 13 مشاهدة · 811 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025