“اجتماع!”
صرخة سامرو دوّت في أرجاء المنزل كما لو كان قائدًا في ساحة معركة.
رفعت بصري من فوق كتابي، ورأيت كاكاشي وأوبيتو وكوريناي يركضون من جهات متفرقة، وكأنهم استجابوا لأمر طوارئ.
وقفوا في خط مستقيم أمامه، ظهورهم مشدودة، أذرعهم ثابتة، ونظراتهم مركّزة.
تساءلت في داخلي، وأنا أراقبهم:
كم من الأيام درّبهم على هذه الحركات العسكرية؟
“للأمام… سر!”
قالها سامرو بصرامةٍ غريبة، فتقدّم الثلاثة خطوة واحدة في تناغم مثالي.
ثم قال بصوته الجاد:
“التحية!”
رفعوا أذرعهم جميعًا، وضربوا التحية دفعة واحدة. لم أتمالك نفسي من الابتسام.
ثم تابع بصوت عالٍ:
“بناءً على قرارات المجلس الأعلى، وتصويت الأغلبية…
تم انضمام أوتشيها شيسوي إلى كتيبة المشاغبين.”
فجأة، دوّى صوت أوبيتو من الصف:
“سينسي! المجلس الأعلى يملك صوتًا واحدًا فقط، وهو ليس صوتك!”
وأشار إليّ بكل وقاحة، وكأنني الممثلة الرسمية للديمقراطية.
لم يُكمل جملته حتى رأيت سامرو ينقض عليه كالصاعقة.
صرخ أوبيتو مذعورًا وركض نحو الجهة الأخرى، ثم احتمى خلفي كدرع بشري:
“أرجوكِ أختي! لا تدعيه يضربني!”
نظرت إليه، ثم إلى سامرو، وابتسمت. رفعت يدي بلطف، وأوقفت سامرو.
قلت بهدوء:
“هل ما قاله غير صحيح؟”
تنهّد سامرو وأجاب بنبرة محبطة:
“صحيح… للأسف. تلميذي العاق.”
عاد أوبيتو إلى مكانه، وقف في صفه مجددًا، رأسه مرفوع، كأنه انتصر في معركة ديمقراطية صغيرة.
تابع سامرو قائلاً:
“اليوم… سيتعرّف الجميع إلى أخيكم الأصغر، شيسوي.”
خرج الطفل بخجل من خلف الباب، عينيه تتنقلان بين الوجوه الثلاثة.
كان المشهد مؤثرًا، وكأنه أول لقاء بينه وبين العائلة التي لم يتوقعها.
تقدّم كاكاشي أولًا، ووقف أمامه بثقة، ثم قال:
“كاكاشي. العمر: تسع سنوات. الرتبة: جونين.
وسأكون أخاك الكبير من اليوم.”
ثم تحرّكت كوريناي، واقتربت من شيسوي بابتسامة هادئة وقالت:
“كوريناي، رتبة تشونين. لا أعيش هنا، لكن… سأكون دائمًا أختك الكبرى إن احتجت إلي.”
ثم جاء دور أوبيتو، الذي وضع يديه على خاصرته وقال بفخر:
“أوتشيها أوبيتو، رتبة تشونين، والهوكاجي القادم!
إذا تنمّر عليك أحد أو أزعجك، ابحث عني لنشتكي له عند يارا!”
ضحكتُ بخفة وقلت له:
“لكن… يتستطيع ان يشكي لي وأنت غير موجود؟”
رد بتحية عسكرية، وبنظرة واثقة:
“لكنّك لن تضحكي إذا لم أكن موجودًا.”
لم أستطع كتمان ضحكتي، وضعت يدي على فمي، ثم ضحكت بصوت مرتفع.
“نعم… أنت محق، يا أوبيتو.”
⸻
ثم صرخ سامرو بصوتٍ عالٍ، بنبرته الحازمة المعتادة:
“انصراف!”
فتفرّق الثلاثي في لحظة، كأنهم مدربون على الانسحاب كما هم على الاصطفاف.
ذهب كلٌّ منهم ليكمل تدريباته الخاصة، أما أنا… فبقيت في مكاني أراقب.
صمت عمّ الغرفة. لم أعد أسمع إلا خطوات سامرو الهادئة تقترب من شيسوي، الذي وقف متيبسًا في مكانه.
رأيته ينحني أمام الطفل، ثم يجثو على ركبتيه حتى أصبح بمستوى عينيه تمامًا.
قال له بصوتٍ دافئ لم أعتده منه كثيرًا:
“شيسوي أوتشيها… من اليوم، وإلى الأبد، سنكون نحن عائلتك.
وسأكون أنا والدك… إن رضيت.”
لم يردّ شيسوي بكلمة… بل اندفع نحوه دون تردد، وعانقه بكل قوته الصغيرة.
ورأيت تلك الابتسامة… تلك التي لا يقدر طفل على تزييفها.
ابتسامة ارتياح… وطمأنينة.
في تلك اللحظة، أدركت أنه شعر بالعائلة… للمرة الأولى.
نظرت إليهما بصمت، قلبي يخفق بنبض مختلف.
وفكّرت… أنه سيكون أخًا كبيرًا جيدًا .
ثم رفعت نظري إلى سامرو، الذي كان يطوّق الطفل بذراعيه كأنما يخشى أن يتركه العالم ثانية.
وفكّرت مرة أخرى… لا، بل تيقّنت:
إنه سيكون أبًا جيدًا.
في تلك اللحظة، لم أشعر سوى بابتسامة تبتلعني…
لم أقاومها… ولم أردّها.
⸻
كنت في الحديقة الأمامية للقصر، أراقب شيسوي وهو يحاول الإمساك بفراشة هاربة، حين سمعت خطوات مألوفة.
رفعت نظري، فرأيت ميناتو وكوشينا يقتربان عبر الممر الحجري، الشمس تنعكس على شعرها الأحمر المتطاير، بينما يلوّح ميناتو لي بهدوء.
ابتسمت، ووقفت في مكاني أنتظرهما.
حين وصلا، تقدّمت نحوهما وقلت:
“تشرفت كتيبة المشاغبين بقدوم الهوكاجي الرابع، وامراته النارية.”
ضحكت كوشينا، وردّ ميناتو بنظرة خفيفة ماكرة:
“سأعتبرها تحية رسمية، رغم النبرة الساخرة فيها.”
التفتُّ إلى شيسوي، الذي وقف خلفي بخجل، ثم انحنيت له قليلاً وقلت:
“تعال يا شيسوي… أريد أن أعرّفك على شخصين مهمّين.”
تقدّم بخطوات مترددة، وعيناه تتنقلان بين ميناتو وكوشينا.
نظرت إليه وقلت:
“هذا… عمك ميناتو، الهوكاجي الرابع. وهذه… عمتك كوشينا.”
نظر إليهما ببراءة، ثم قال بصوتٍ طفولي مائل إلى الجدّية:
“تشرفت بلقائكما… عمي ميناتو، وعمتي كوشينا.”
قبل أن ينهي جملته، كانت كوشينا قد انحنت بسرعة واحتضنته بقوة:
“آه، يا إلهي! كم هو لطيف!”
قالتها باندفاع لا يليق إلا بها، ثم رفعت رأسها إليّ ضاحكة:
“أين كنت تخفين هذا الصغير؟”
أما ميناتو، فاكتفى بابتسامة صافية وهو يشاهد المشهد، ويده خلف رأسه كعادته.
لم أقاوم المزاح، فقلت وأنا أضع يدي على خاصرتي:
“هل لدى الهوكاجي الرابع كل هذا الفراغ؟”
ضحك ميناتو وقال:
“أتيت لأمر يخص العمل… وصادفت كوشينا على الطريق.”
نظرت إليه بصمت لحظة، ثم ابتسمت ابتسامة أعرف جيدًا أنها ستربكه.
“صدفة؟”
ما قاله بدا كذبة لطيفة، كذبة يعرف الجميع أنها كذلك، لكنه يقولها دائمًا بنفس الإصرار.
ثم أشرت لهما نحو الجهة الخلفية من الحديقة وقلت:
“على كل حال… سامرو يتدرب هناك، إن كنتم تبحثون عنه.”
نظر كلاهما باتجاه المكان، لكني بقيت أراقب كوشينا وهي تمسك بيد شيسوي وكأنها وجدَت شيئًا غاليًا،
وشعرتُ، للحظة… أن هذا البيت بدأ يصبح بيتًا حقًا.
⸻