بعد أن غادر الجميع،

سقط الصمت على المكتب من جديد.

لكن هذه المرة لم يكن صمت راحة…

بل صمت ما قبل النطق الحقيقي.

نظر إليّ ميناتو ، بعينيه الهادئتين كعادته، وسأل:

“ماذا تخطط أن تفعل… مع الرهينتين؟”

أغلقت أصابعي على طرف الطاولة، وأجبت بهدوء:

“الريكاجي الثالث… كان سيموت،

لو لم تأخذه أنت أسيرًا.”

رفعت نظري إليه، أكملت:

“الثعلب أونكي… كان سيقضي عليه.

لكن هذا ليس ما يهمني الآن.”

تنهدت، قلت:

“أريده حيًا، لأنه… قتله لن يفيد.

بل سيسرّع دورة الكراهية.”

رأيت عيني ميناتو تضيقان قليلاً.

“سبب إطالة الحرب لم يكن الضعف، ولا التردد،

بل لأنك… وأنا…

كنا نعلم أن التسرع في إنهائها دون خطة…

سيكون جريمة قتل بحق الجنين، والتشونين، وحتى الجونين.”

سكتّ قليلًا، ثم أخرجت لفافة من تحت الطاولة، وضعتها أمامه.

“هنالك اجتماع… مع منظمة الأكاتسكي.”

رفع حاجبيه، قالها مباشرة:

“منظمة الأكاتسكي؟

تدعو للسلام؟”

أومأت:

“ومن بحثي، علمت أنهم… تلاميذ جيرايا. ”

توسعت عينا ميناتو، كأنما أحدهم طعن ذاكرته.

همس:

“جيرايا-سِني…؟”

رأيت في عينيه تلك الندبة القديمة تعود.

الوجع… الغياب الذي لم يُكمل الحداد عليه.

فقلت بهدوء، وأنا أضع يدي على الطاولة:

“أحسنت بألمك، ميناتو.

لكن… لا تنسَ من علمهم.”

تابعت:

“هم يعتبرون أنفسهم… إخوتك.

تلاميذ لجيرايا، كما كنتَ أنت.”

ظل صامتًا.

ثم قلت:

“لكن الاجتماع…

أنا من سيقوده.”

نظرت إليه مطولًا:

“إن أردت رؤيته، أو المشاركة…

ستأتي بصفة أنبو ، لا هوكاجي.”

لم يكن الأمر تقليلاً من شأنه،

بل لأنني أردت شيئًا مختلفًا تمامًا:

“أريد أن يكون الريكاجي الثالث حاضرًا،

لأفهمه… وأجعله يفهمني.”

نظرت إلى النافذة للحظة، وقلت:

“أننا نستطيع، إن أردنا… مسح قريته، والقرى الخمس الأخرى.

لكننا لا نفعل.

لأن هذا…

سيكون السلام المؤقت ، الذي سنبني عليه تحالفًا حقيقيًا،

قبل أن يأتي من هو أخطر من الجميع.”

نظرت إلى ميناتو،

وصوتي عاد إلى هدوئه الحقيقي:

“لهذا… لم أقتله.”

حدّق ميناتو فيّ للحظة، ثم سأل بهدوء:

“وماذا عن الرهينة الأخرى؟”

رفعت بصري إليه،

وقلت بنبرة خالية من التردّد:

“سأختم البيجو فيها… في يارا.

لكن بعد ولادتها.”

ساد الصمت.

ثم قال ميناتو بصوت عالٍ قليلاً:

“هاه؟!”

عيناه اتسعتا، كأنه تلقى صاعقة.

“يارا… حامل؟!”

أومأت بخفة، وابتسامة خفيفة شقّت ملامحي.

في لحظة، قفز ميناتو واقفًا كأن جسده لا يحتمل الفرح،

وصرخ ضاحكًا:

“لماذا لم تخبرني سابقًا، أيها البخيل؟!”

اقترب مني، وضع يده على كتفي، وقال بحرارة:

“مبارك! هذا… هذا يوم عظيم يا سامرو!”

أجبته بابتسامة صادقة، نادرة:

“وأريدك…

أن تكون أباه الروحي.”

صمت.

ثم نظر إليّ،

وصوته اختلط بالدهشة:

“حقًا؟”

ضحكت وقلت:

“يبدو أن عادات كوشينا انتقلت إليك… بالمسّ. ”

انفجر كلانا ضاحكين.

ضحكة لم تكن من أجل المزاح، بل من أجل الحياة التي ما زالت تمنحنا لحظات تستحق.

قال ميناتو بعدها، وهو يستقيم:

“فلنكمل حديثنا لاحقًا، على مهل.”

وقبل أن أردّ عليه،

مدّ يده فجأة، أمسك بذراعي،

وفي لمح البصر—

“هورايشين!”

العالم التوى من حولي.

اختفت الجدران.

اختفى المكتب.

اختفت كونوها.

كنت في دوامة من الضوء…

وقبل أن أستوعب ما يحدث،

هبطنا في مكان آخر تمامًا.

نظرت إليه،

قلت بذهول:

“حقًا…؟ هل اختطفتني؟”

ضحك ميناتو وهو يُصلح ياقة عباءته:

“كان لابد أن أفعلها مرة… قبل أن يكبر ابنك.”

جلسنا أنا وميناتو في ذلك المطعم الهادئ، بعيدًا عن صخب كونوها،

وبعيدًا عن كل مسؤوليات الحرب والمكتب.

كان المكان بسيطًا…

لكنه مناسب تمامًا لما بدا أنه جلسة فضفضة قديمة تأخّرت سنوات.

“اليوم… الطعام والساكي عليّ.”

قالها ميناتو وهو يسكب لنفسه الكأس الأولى.

نظرت إليه وابتسمت:

“لم أكن أعلم أن بطل الحرب يملك الوقت للحجز أيضاً.”

ضحك وهو يأخذ رشفة، ثم صمت للحظة…

كأن فكرة ما تختمر في رأسه.

“بالمناسبة…”

قال وهو ينظر إلى الكأس:

“قررت… بعد ولادة الطفل، بشهرين أو ثلاثة،

سأتزوج كوشينا.”

رفعت حاجبيّ، وقلت بتلقائية:

“لماذا ليس الآن؟”

تنهد وقال بصوت خفيف:

“لست مستعداً.”

لم أتمالك نفسي، ضحكت:

“أنت… لست مستعدًا؟

الهوكاجي الرابع… أسرع شينوبي في التاريخ…

يخشى الزواج؟”

لكنه لم يغضب.

بل استدار إليّ، بعينين فيهما بريق انتقام خفيف،

ثم قال:

“آه… صحيح.

على الأقل أنا من قرر موعد زفافي.”

ابتسم، وأكمل:

“أنت… تمت خطبتك من قبل يارا. ”

شرب من الكأس، ثم قال بابتسامة ماكرة:

“قل لي، من هو رجل البيت فعلاً؟

من يخطب… أم من يُخطَب له؟ ”

جفلت، وتجمّدت للحظة.

التفت إليه ببطء، وقلت:

“هذا… لا يُحسب ضدّي.”

“بل يُحسب!”

قالها وهو يضحك بقوة.

“أنت حرفيًا تسير خلفها منذ سنوات…

ثم جاءت وقالت: هذا لي.

وسكتّ.”

غطيت وجهي بكفيّ، وقلت:

“هذا ليس عدلًا…”

لكنه لم يتوقف.

“بل هو كامل العدل.

أخبرني، سامرو… من هو رجل البيت عندكم؟”

كان يضحك.

وأنا…

كنت أقاوم كل عضلة في وجهي كي لا أبتسم،

لكنني فشلت.

ضحكت معه.

ضحكة مرة، لكنها مليئة بالحب.

وبينما كان يضحك،

كنت أنا أفكر…

“سأقنع كوشينا أن تتقدم لخطبتك.”

“وقتها… لن يكون لك مفر، يا ميناتو.”

فجأة، قال وهو يلاحظ وجهي:

“ما الذي تفكر فيه؟”

نظرت إليه، وابتسمت ببطء… ابتسامة خطيرة.

قشعر بدنه، وقال:

“لا، لا، لا… لا تبدأ.”

ضحكت بهدوء، ورميت نظرة جانبية:

“من يعرف… قد أبدأ قريبًا جدًا.”

وارتبك وجهه تمامًا.

وهكذا…

2025/05/16 · 23 مشاهدة · 777 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025