خرجت من غرفتي بعد الفجر بقليل،

أرتّب ياقة عباءتي…

فوجدت ميناتو واقفًا ينتظرني عند الممر.

كان مستندًا إلى الجدار، ذراعيه متشابكتين كعادته.

“هل تريد أن تشرب الشاي قبل الذهاب؟”

سألني بنبرة هادئة.

هززت رأسي بابتسامة باهتة:

“لا… فلتأخذني الآن.”

مد يده إلى كتفي،

وما إن لمستني أنامله،

حتى تمتم:

“هورايشين.”

اختفى العالم.

ثم انفتح من جديد…

في ظلمة باردة تفوح منها رطوبة الحديد والصمت.

كنا داخل السجن السفلي .

“أي دور هذا؟” سألت وأنا أحدّق في الجدران المعزولة.

“الخامس، تحت الأرض.”

أجاب ميناتو.

مشينا في ممر طويل،

بوابات مشفّرة مرت علينا واحدة تلو الأخرى…

حتى وصلنا إلى زنزانتين متقابلتين ،

خلفهما… رهينتان عظيمتان.

فتحتُ الزنزانة الأولى.

رأيت عجوزًا جالسًا على الأرض،

وجهه متعب، شاكراه مختومة،

لكنه ناظرني بعين لا تزال تحمل بريقًا.

وقفت أمامه… ثم انحنيت قليلاً.

“يبدو أن لديك سنة واحدة في أحسن الأحوال…

لا يجب على الكبار المشاركة في الحرب.”

رفعت كتفي كأنني أستهزئ، وأضفت:

“السحاب… لا يحترمون كبار السن على ما يبدو.”

ثم اقتربت، وقلت:

“لديك خياران الآن:

الأول: البقاء مختومًا، تعيش في كونوها كمواطن عادي… إلى أن تموت بهدوء.

الثاني: تبقى هنا، في الزنزانة… حتى تموت وحيدًا.”

نظرت إليه مباشرة، وتابعت:

“الخيار لك.

وليس هناك أمر مخفي…

فنحن لا نحيك الخطط.

نحن… نملك القوة.”

تأمّل العجوز وجهي،

ثم قال بصوت ثقيل:

“هل كلامك صحيح؟”

أجبته بثقة لا ترد:

“نعم.”

نظرت إلى ختمه، ثم تمتمت:

“لكن… قبل أن نقرّر أي شيء،

أريد التحدث مع من بداخلك.”

فعّلت المانجيكيو شارينغان .

وفي لحظة، غاص وعيي داخل الختم.

الجو تغيّر.

وجدت نفسي داخل عالم روحي،

الهواء أزرق مشتعل،

والنار ترقص حولي على شكل ظلال لينة.

ثم رأيتها…

ماتاتابي.

القط ذو الذيلَين، أزرق، ناريّ، يشعّ بالقوة والغموض،

ينظر إليّ… بعيون مندهشة.

قالت بصوت خشن:

“ماذا تريد؟”

تقدّمت خطوة، وقلت بهدوء:

“ماتاتابي…

أستطيع أن أمنحك حرية محدودة ،

أو عبودية أبدية .”

“الخيار لك.”

شعرت بشاكراها ترتفع فجأة،

غضبها بدأ يتجمّع في الهواء.

لم أغضب.

بهدوء، فعّلت ختم السلسلة.

طاقة سوداء حمراء اندفعت من يدي،

وبلمح البصر…

قفزت نحوها، ووقفت مباشرة أمام وجهها الضخم.

رفعت يدي، وفعّلت أقوى مستوى من البرق الأرجواني.

ثم في لحظة،

قطعت أحد ذيليها.

صوتها اهتزّ، اهتزّ معها المكان.

وضعت يدي على رأسها، نظرت في عينيها وقلت:

“أمامك سنة واحدة … لتقرري.”

انسحبت من عقل الجنشوريكي، وفتحت عيني بهدوء.

نظرت إلى العجوز،

ثم إلى ميناتو،

وتمتمت:

“لن ننتظر الأبدية.

نمنحهم الوقت… لكن القرار دائمًا لنا.”

خرجت من زنزانة ماتاتابي، وأنا أسمع أنفاس العجوز وقد تغيّرت.

الهواء هنا لا يحمل سوى الخضوع…

ولكن ما زال أمامي الوحش الأكبر.

توجهت إلى الزنزانة المقابلة.

كانت مغلقة بختم مزدوج، وتحته تعويذة حرق شاكرا.

فتحتها، فظهر أمامي…

الريكاجي الثالث.

مقيّد على مستوى كتفيه وصدره،

جالسٌ فوق ختم ممتد حتى قدميه،

وحتى وهو بلا شاكرا…

ما زال يشعر كأنه جدار لا يُخترق.

ضحكت، بصوت خافت:

“حتى من دون شاكرا…

يستطيع قتل جونين.

وحش مطلق.”

نظرت إلى ميناتو جانبًا:

“كيف… أمسكته، ميناتو؟”

لكنه لم يُجب.

أدركت أنه لا يريد أن يُهين رجلاً كان يومًا رمزًا لقوة السحاب.

رأيت في وجه الريكاجي غضبًا صامتًا.

اقتربت.

ونزلت إلى مستوى عينيه.

نظرت إليه بثبات…

وتكلّمت:

“الغضب… لن يفيدك.”

سكت لحظة، ثم أكملت:

“هل تعلم لماذا أنت هنا؟

رهينة؟

لأنك ضعيف. ”

لمعت عيناه، لكنني لم أتوقف.

“لماذا ابنك… الآن يجلس على الكرسي،

ويُرسل مندوبًا بطلب المفاوضة؟

لأنك… ضعيف.”

أشرت حولي:

“لم نتعب أنفسنا لنقبض عليك.

لا خطط، لا خدع.

فقط… قررنا، فكنت في القفص.”

رأيته يحبس أنفاسه، لكن جسده ارتجف لحظة،

فابتسمت.

فعلت المانجيكيو شارينغان.

وفي لحظة…

انفتح المشهد أمامه:

رأى نفسه في وسط قريته.

السماء سوداء.

ميناتو يمزق الأرض بهراشينه.

يارا تنثر النيران من السماء.

وأنا… أقطع الهواء بسيف البرق الأرجواني.

في ثوانٍ،

تحوّلت قريته إلى رماد.

رأيت الرعشة في أطرافه.

رأيت نظرة العاجز الذي شاهد النهاية… قبل حدوثها.

أوقفت الجينجتسو.

نظر إليّ بعينين زائغتين، لكنني كنت هادئًا.

التفتُ إلى ميناتو، وقلت بابتسامة بريئة:

“سآخذه في نُزهة بسيطة …

لكي يفهم الأمر من منظور أوضح. ”

ابتسمت له بلطف…

لكن في داخلي،

كنت قد بدأت تحطيم هيبة الريكاجي، من الداخل.

فتحت عيني،

فلم أرَ الجدران،

ولا الأغلال،

ولا ذلك الشاب ذي العين السوداء القاتلة.

رأيت… قريتي.

قرية السحاب،

واقفة كما كانت دائمًا، تعلوها الغيوم.

لكن السماء… كانت مظلمة،

والمطر لم يكن ماءً.

كان نارًا.

لم أفهم.

لماذا كل شيء… ساكن؟

ثم سمعت الصوت.

“هوكاجي الرابع – ميناتو ناميكازي.”

ظهر أولًا، في وسط القرية،

حوله عشرات من الكونايات المزروعة على الأرض،

ثم اختفى.

وفي لحظة،

ظهر فوق رأس أحد جنودي،

طعنه…

ثم اختفى.

ظهر خلف آخر، مزّق ظهره…

ثم اختفى.

لم أستطع اللحاق بحركته.

أنا… الريكاجي.

أقوى من في جيلي.

ولا أستطيع… حتى رؤية الهجوم؟

صرخت.

لكني لم أسمع صوتي.

ثم رأيت النيران .

من فوق، من السماء نفسها،

كأن الشمس سقطت علينا.

لهب أحمر، مشبع بالرماد، ينزل على القرية.

رأيت امرأة، عيناها متقدتان،

تُطلق عشرات من شفرات اللهب كأنها طيور جارحة.

كل صرخة أسمعها…

هي من رجال السحاب.

“تلك… من؟”

ثم تذكرت…

يارا.

سمعت اسمها في تقارير استخباراتنا،

لكن لم أظن أن اللهب له جسد.

ركعت،

محاولًا استيعاب ما يحدث،

لكن لم يُترك لي وقت.

ظهر الأخير.

سامرو.

لم يكن يركض.

لم يكن يصرخ.

كان يمشي فقط.

لكن البرق الأرجواني حوله…

كان يُبكي الأرض.

ضرباته لا تُرى،

فقط… تَظهر نتائجها.

مبنى يسقط.

أربعة أجساد تتبخر.

شجرة تحترق من دون لهب.

لم أستطع حتى أن أُخرج شاكرا.

“لماذا… لماذا لا أقدر؟”

نظرت إلى يدي،

لم تتحرك.

جسدي كله… لا يرد.

ثم رأيت شيئًا أسوأ.

رأيت ابني …

راكعًا.

ليس ميتًا،

بل… خاضع.

كان ينظر إليّ،

عيناه تقولان:

“أين كنت…؟”

“لماذا لم تحمِنا؟”

ركعت.

لم أشعر بالخزي قط… كما شعرت في هذه اللحظة.

ثم جاءت الجملة.

لم تخرج من فم أحد،

بل من داخلي:

“هذه ليست معركة.

هذه نهاية.”

في لحظة،

انهار كل شيء.

الغيم،

الجبال،

القرية،

الاسم،

الهيبة.

تحولت إلى…

رماد.

فتحت عيني.

كنت أتنفّس بصعوبة،

وأنا ما زلت في الزنزانة.

لم يتحرك أحد…

لكني تحطّمت داخلي.

أنا الريكاجي الثالث…

ولم أستطع حتى أن أُحرّك إصبعي في وجههم.

الرماد… لا يصرخ.

2025/05/16 · 19 مشاهدة · 962 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025