كنت واقفًا في الفناء الخلفي لقصر هاتاكي.

لا سيف بيدي.

لا شاكرا مفعّلة.

لا عذر… ولا مفر.

النسيم يحرّك أوراق الخريف بهدوء،

كأن العالم يتهيأ لأن شيئًا سيتغيّر.

مرّ الأسبوع…

وتبقى من الشهر لا شيء.

رفعت عيني نحو السماء الرمادية.

لم أكن خائفًا.

كنت فقط…

فارغًا.

كل شيء تركته خلفي:

أطفالي،

يارا،

شيسوي،

كاكاشي وأوبيتو،

ميناتو…

كلهم ما زالوا هنا.

وأنا…

كأنني لم أعد أنتمي لهذا المكان.

ثم… حدث.

لم يتغير الضوء.

لم تزمجر السماء.

لم يظهر دخان أو برق.

فقط…

توقّف الزمن.

الهواء تجمّد.

أوراق الشجر توقفت في منتصف سقوطها.

الريشة التي كانت في الهواء… توقفت.

لم أستدر.

لأني شعرت به قبل أن يأتي.

ثم سمعت صوته…

هادئًا كالموت:

“حان الوقت، سامرو.”

استدرت ببطء.

كان واقفًا هناك،

نفسه كما رأيته في ولادة رينجي وأيومي.

نيمو.

ثوبه لم يتحرك.

عينيه كانتا مرآة لشيء خارج الإدراك.

“هل أنت مستعد؟”

سألني وكأن الجواب لا يهم.

أجبته بهدوء:

“أنا لست مستعدًا،

لكنني… موجود.”

تقدّم خطوة.

ثم فتح يده اليمنى.

انبثق بوّابة …

دوّامة رمادية لا تحمل صوتًا ولا ضوءًا ولا معنى.

قال:

“سنتأخر إن ترددت.

والوقت… ملكي الآن.”

نظرت خلفي.

رأيت كل شيء مجمّدًا.

البيت.

الشجرة.

النوافذ.

كل شيء أحبه…

لا يستطيع اللحاق بي.

مشيت.

خطوة أولى.

ثم ثانية.

وقفت عند حافة الدوامة.

ثم قلت بصوت منخفض، لا يسمعه غيري:

“يارا… انتظريني.

سأعود.”

دخلت.

وأغلق الباب خلفي.

وابتدأ الغياب.

عندما قال نيمو “حان الوقت”،

لم أسأل إلى أين.

ربما لأني كنت أعرف… أن الوجهة لن تكون “مكاناً” كما أعرفه.

**

توقّف الزمن.

**

كل شيء…

النسيم، نبضي، حتى ضوء الشمس على جلدي…

تجمّد.

لكنه لم يتجمّد كالمعتاد.

هذه المرة…

أحسست أن الزمن خَرَج من جسدي.

ثم شعرت بيده على كتفي.

و… اختفينا.

العبور لم يكن انتقالًا.

كان تمزيقًا.

لم يفتح بوابة…

بل شقّ طبقة الواقع نفسها،

وسحبني خلفه.

عبرت.

فجأة، استقرّ جسدي على أرض باردة.

فتحت عيني.

ورأيت…

**

قصر.

لكن لا… لم يكن قصراً.

كان كياناً حيًا بُني من إرادة.

**

قصرٌ مصنوع من حجر أسود ينبض.

السقف يعلو أكثر من السماء،

والجدران منقوشة بنقوش حيّة، تتحرّك.

كل ركن فيه… يشبه شيئاً من نيمو.

ابتسامة.

صرخة.

عينٌ مفتوحة لا ترمش.

الأرض تحت قدمي…

لم تعكس ظلي.

بل عكست طفولتي، دموعي، معاركي، وسقوطي.

كأن المكان… يراني من الداخل.

مشيت خلف نيمو.

صامتًا.

حتى توقف أمام بوابة مزدوجة،

مزيّنة برموز دوّارة

تشبه أقمارًا تتصادم وتنفجر دون صوت.

سألته أخيرًا:

“ما هذا المكان؟”

أجاب بهدوء:

**

“قصر كاغينومي.”

مكان لا يعرفه النبلاء،

ولا يجرؤ الملوك على الاقتراب منه.”

**

ثم أكمل وهو يدفع الباب بهدوء:

“موطن الظل.

وبيتي.

ومجلس من اختاروا أن يخدموني…

لا الأوتسوتسوكي.”

**

فُتح الباب.

ودخلت.

ورأيت شيئًا…

كان بداية كل شيء.

مشيت خلف نيمو عبر الردهات الغريبة لقصره.

كل شيء هنا ينبض،

كأن القصر نفسه حي…

كأنه يراقبني كما أراقب الجدران.

لم أحتمل الصمت أكثر،

فقلت وأنا أحدّق في الأشكال الدوارة على الجدران:

“إن كنت تملك كل هذه القوة…

فلماذا اخترتني؟

ولماذا كل هذا؟”

توقف فجأة.

لم يستدر فورًا،

بل قال بصوت ثابت:

“لأن عالمك… سيُغزى.”

سكتّ.

ثم قالها بثقل أشد:

“كوزان…

وأسترا.

كلا الفرعين قرر أخيرًا أن يتحرك.”

استدرت ناحيته بصدمة:

“كون الشينوبي؟ لماذا؟”

ابتسم…

ابتسامة بلا دفء:

“هل يهم؟

بالنسبة لهم، هو هدف استراتيجي.

وبالنسبة لي؟”

استدار ناحيتي ببطء،

عيناه تلمعان بغموض.

“ ردعهم… يخدمني. ”

“ أنا لا أحمي أحداً، سامرو.

لكن إن أرادوا أن يدوسوا أرضاً تحت نظري…

فلن أسمح بذلك.”

ثم اقترب خطوة واحدة.

“وكل ما أحتاجه…

هو أن تقف هناك بدلاً عني.”

وقفت بلا رد.

لم أعلم…

هل هذا إنقاذ؟

أم استخدام؟

أم كلاهما؟

لكن شيئاً في عينيه قال الحقيقة:

“ما أفعله ليس من أجلكم…

بل من أجلي.”

صمتُّ قليلًا.

لكني لم أستطع كبح السؤال الذي اخترقني:

“أنت تملك كل هذه القوة…

تستطيع إيقاف الزمن، تعيش في قصر خارج الكون،

لماذا لا تحمي هذا العالم بنفسك؟”

استدار نيمو ناحيتي ببطء.

عيناه لم تكن فيهما قسوة… بل شيء يشبه الأسى.

ثم قال بصوت هادئ:

“ لأني لا أستطيع. ”

رمقته باستغراب…

لكنّه رفع يده وأشار إلى الأعلى،

كأن شيئًا ما هناك لا يُرى.

“شيباي… قبل أن يغيب،

وضع ختمًا على هذا الكون.

اسمه: شينكاي نو كاكو – نواة البعد السابع.

لا أحد من مستواي يستطيع دخول عالمك.”

سألته، والصدمة تشقّ صوتي:

“من مستواك؟”

هزّ رأسه وقال:

“ أي كائن تجاوز رتبة “منجل”.

نحن محرومون من لمس أرض الشينوبي.”

أكمل بعد لحظة:

“وهكذا…

لا أستطيع حماية الكون الذي سيُغزى.”

سكتُّ.

ثم قلت بهدوء:

“من هم… المنجل؟”

ردّ مباشرة:

“هم خدم النبلاء.

سيوف مجلس الشيوخ.

بيادق… نعم.

لكن قوتهم… لا يستهان بها.”

تقدّم نحوي خطوة وقال:

“منجل واحد…

يكفي لتدمير كونك بالكامل.”

ثم تابع بصوت خافت، أشد:

“هل تعلم من واجهتَه قبل اربع سنوات؟”

هززت رأسي ببطء.

“ كان أضعف خادم في كوزان.

ولم يكن حتى منجلاً.”

توقف للحظة، ثم قال بابتسامة ساخرة:

“ورغم ذلك… قتلتموه.

وهذا بالضبط… ما جعلهم يغضبون.”

صمتُّ، وشعرت بشيء بارد يمر في عمودي الفقري.

ليس لأنني خفت.

بل لأني أدركت أخيرًا حجم ما نحن فيه.

نظرت إليه، وقلت:

“إذن… أنت تُرسِلني كي أكون درعًا ضد منجل؟”

ابتسم نيمو، تلك الابتسامة اللطيفة الخطيرة.

“ أنت… لن تكون الدرع.

بل البداية. ”

رائع… هذه لحظة قوية جداً من حيث الإفصاح العاطفي والمفاجأة الكبرى .

أن يكشف نيمو فجأة أن شيباي أوتسوتسوكي هو أخوه غير الشقيق ، فهذا يُعيد تشكيل كل ما يعتقده سامرو عن نيمو… ويُربط كل شيء بخيانة قديمة، دم مقدّس، ووراثة ملعونة.

إليك المشهد المكمّل مباشرة بعد الحوار السابق، بنفس النغمة:

سكتُّ قليلًا بعد كلمته الأخيرة.

ثم التفتُّ إليه، وسألته بصوتٍ أكثر ثباتًا مما توقعت:

“من هو شيباي…؟

أنت تتحدث عنه وكأنك تعرفه شخصيًا.”

لم ينظر إليّ هذه المرة.

بل نظر إلى سقف القصر.

ثم قال… ببساطة مُربكة:

“ هو أخي… غير الشقيق. ”

تجمّدت في مكاني.

الكلمات لم تدخل عقلي فورًا.

“هاه؟”

التفت إليّ بهدوء، وكأن ما قاله ليس شيئًا غير مألوف:

“كنا نعيش في نفس الظل.

ولدنا من أبٍ واحد…

لكن من عالمين مختلفين.”

سألته، ببطء… وكأني أتحسس قنبلة:

“وأنت… كنت في صفّه؟”

ابتسم نيمو ابتسامة لم أرَ مثلها من قبل.

فيها ألم… فخر… ونوع من السخرية الميتة:

“كنت في صفّ العدالة.

وما فعلناه… ليس خيانة.”

ثم نظر إليّ وقال:

“ لكنهم سمّونا خونة.

أنا… وشيباي.”

“لكنه لم يعد بعد.

وأنا… ما زلت هنا.”

أحسست أني أنظر إلى رجل مات مرتين…

وما زال يقف.

2025/05/16 · 24 مشاهدة · 1014 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025