الفصل الثالث عشر: الحلم الأزرق
استيقظ جون في منتصف الليل، متعرقاً ومرتجفاً. كان قد رأى حلماً غريباً - حلماً مليئاً بالضوء الأزرق والأصوات الغريبة والأشكال غير البشرية. تماماً كما حذرته المقاومة.جلس في سريره، محاولاً تهدئة أنفاسه المتسارعة. كان الحلم واضحاً بشكل مخيف في ذهنه، على عكس معظم الأحلام التي تتلاشى بسرعة بعد
الاستيقاظ.في الحلم، كان يقف في غرفة واسعة مضاءة بضوء أزرق خافت. كانت الغرفة مليئة بأعمدة طويلة تمتد إلى سقف لا يمكن رؤيته، وكانت الأرضية مغطاة بنقوش غريبة متوهجة.وكان هناك كائنات - أشكال غامضة تتحرك بين الأعمدة، تتواصل بلغة غريبة لم يفهمها، لكنه شعر بمعناها بطريقة ما. كانوا يتحدثون عنه،
عن قدرته، عن البوابة.وكان هناك صوت - صوت عميق وقديم، يتحدث مباشرة إلى عقله. "أنت المفتاح، جون كيم. أنت الجسر بين العوالم. ساعدنا، وسنساعدك."استيقظ قبل أن يتمكن من الرد، قبل أن يتمكن من معرفة ما كانوا يريدون منه بالضبط.نظر
إلى الساعة - 3:15 صباحاً. كان الليل لا يزال مظلماً خارج نافذته، والأكاديمية هادئة.تذكر تحذير تاي-هو عن الأحلام، عن محاولات الكيانات للتواصل معه من خلالها. هل كان هذا ما حدث للتو؟ هل كانت الكيانات تحاول التأثير عليه، إقناعه بمساعدتها؟
أم كان مجرد حلم عادي، نتيجة لكل التوتر والمعلومات التي تلقاها في الأيام الأخيرة؟نهض من سريره، متوجهاً إلى النافذة. كانت السماء صافية، مليئة بالنجوم، والقمر يلقي ضوءه الفضي على مباني الأكاديمية.شعر فجأة بالحاجة إلى الهواء النقي،
إلى الخروج من غرفته الخانقة. ارتدى ملابسه بسرعة وخرج، حريصاً على عدم إيقاظ أي شخص.كانت الممرات مظلمة وهادئة، مع ضوء خافت فقط يرشد طريقه. خرج من المبنى السكني وبدأ بالتجول في الحرم الجامعي، محاولاً تهدئة عقله
المضطرب.وجد نفسه يتجه نحو البحيرة، المكان الذي قابل فيه يون-هي قبل بضعة أيام. كان المكان هادئاً وجميلاً في ضوء القمر، مع انعكاس النجوم على سطح الماء الهادئ.جلس على المقعد الخشبي، محدقاً في البحيرة، متسائلاً عما يجب أن يفعله. كان محاطاً بالأكاذيب والخداع من كل جانب، وكان من الصعب معرفة من كان يقول
الحقيقة."لا يمكنك النوم أيضاً؟"التفت بسرعة ليجد يون-هي تقف خلفه. كانت ترتدي فستاناً أبيض بسيطاً، يتلألأ في ضوء القمر، وشعرها الطويل الأسود منسدل على كتفيها."يون-هي." قال، متفاجئاً برؤيتها. "ماذا تفعلين هنا في هذا الوقت
المتأخر؟"ابتسمت ابتسامة صغيرة. "يمكنني أن أسألك نفس السؤال.""كان لدي... حلم سيء." اعترف جون. "لم أستطع العودة إلى النوم.""أنا أيضاً." قالت يون-هي، جالسة بجانبه على المقعد. "أحلم كثيراً هذه الأيام. أحلام غريبة، مخيفة.""عن ماذا؟" سأل جون بفضول.ترددت يون-هي. "عن الأبراج. عن الكيانات. عن... والدي.""ماذا عن
والدك؟" سأل جون، متذكراً ما أخبرته به المقاومة عن سونغ-هو لي والكيان الذي كان يسيطر عليه.تنهدت يون-هي. "أحلم أنه... يتغير. يصبح شيئاً آخر، شيئاً غير بشري.""وهل تعتقدين أن هذه الأحلام... حقيقية بطريقة ما؟" سأل جون بحذر.نظرت إليه يون-هي بعينين حزينتين. "لا أعرف. أحياناً أشعر أن والدي يتغير حقاً، أنه يصبح
شخصاً مختلفاً - أو شيئاً مختلفاً. وأحياناً أعتقد أنها مجرد مخاوفي تتجلى في أحلامي.""هل تحدثت معه عن هذا؟" سأل جون.هزت يون-هي رأسها. "لا. لم أره كثيراً في الأيام الأخيرة. إنه مشغول جداً بمشروعه الجديد.""مشروعه الجديد؟" كرر جون، شاعراً بالقلق يتصاعد في صدره."نعم." أومأت يون-هي. "شيء يتعلق بالأبراج
والبوابات. إنه لا يتحدث عنه كثيراً، لكنني أعرف أنه مهم جداً بالنسبة له."صمت جون، متسائلاً كم كانت يون-هي تعرف حقاً عن خطط والدها. هل كانت تعرف أنه كان مسكوناً بكيان من الأبراج؟ هل كانت تعرف أنه كان يخطط لاستخدام جون لفتح بوابة دائمة؟"يون-هي." قال أخيراً. "هل تعتقدين أن والدك قد يكون... متأثراً بشيء من الأبراج؟"نظرت إليه بحدة. "ماذا تعني؟""أعني..." تردد جون، غير متأكد من كيفية
صياغة سؤاله. "هل تعتقدين أنه قد يكون... متصلاً بالأبراج بطريقة ما؟"بدت يون-هي متوترة فجأة. "لماذا تسأل هذا؟""أنا فقط... أتساءل." قال جون بحذر. "بعد كل ما قلته لي عن الحادث قبل عشرين عاماً، والبوابة، والكيان...""هل تحدثت مع شخص آخر عن
هذا؟" سألت يون-هي بسرعة. "هل أخبرك شخص ما شيئاً عن والدي؟""لا." كذب جون، غير مستعد للكشف عن معرفته بالمقاومة أو الحراس. "أنا فقط... أحاول فهم ما يحدث."تنهدت يون-هي، وبدت أقل توتراً. "آسفة. أنا فقط... قلقة على والدي. إنه يتصرف بغرابة في الآونة الأخيرة، وأنا خائفة من أن يكون... الكيان يسيطر عليه أكثر
فأكثر.""إذن أنت لا تزالين تعتقدين أنه مسكون بكيان من الأبراج؟" سأل جون."نعم." أومأت يون-هي. "أعتقد ذلك. وأعتقد أن الكيان يزداد قوة. وأنا... أنا خائفة، جون."كان هناك خوف حقيقي في صوتها، وشعر جون بالتعاطف معها. بغض النظر عما كانت تعرفه أو لا تعرفه، كانت تبدو حقاً قلقة على والدها."هل هناك أي شيء يمكنني
فعله للمساعدة؟" سأل.ابتسمت يون-هي ابتسامة حزينة. "أنت لطيف جداً، جون. لكنني لا أعرف ما إذا كان هناك أي شيء يمكن لأي منا فعله. الكيان قوي جداً، ووالدي... والدي يضعف.""ماذا عن جهاز التثبيت الذي أعطيتني إياه؟" سأل جون. "هل يمكن أن يساعد بطريقة ما؟""ربما." أومأت يون-هي. "إنه مصمم لتثبيت قدرتك،
منعها من النمو بشكل خطير. لكنه قد يساعد أيضاً في منع الكيانات من استخدام قدرتك لفتح البوابة.""هل استخدمته؟" سألت، ملاحظة أنه لم يكن يرتديه."لا بعد." اعترف جون. "كنت... أتحقق منه أولاً.""حكيم." أومأت يون-هي. "يجب أن تكون حذراً
هذه الأيام، خاصة مع الأشياء التي تأتي من أشخاص لا تعرفهم جيداً.""حتى منك؟" سأل جون، نصف مازحاً.ابتسمت ابتسامة صغيرة. "خاصة مني. أنا ابنة سونغ-هو لي، بعد كل شيء. وكما قلت لك من قبل، لا تثق بأي شخص تماماً - حتى أنا."كان هناك
شيء في طريقة قولها لذلك - صدق وضعف - جعل جون يميل إلى تصديقها. كانت يون-هي غامضة وخطيرة بطريقة ما، لكنها كانت أيضاً صادقة بشأن غموضها
وخطورتها."ماذا عن البروفيسور كانغ؟" سأل جون فجأة. "هل تعتقدين أنه... مثل والدك؟"ترددت يون-هي. "لا أعرف. إنه غامض جداً، ويبدو أنه يعرف الكثير عن الأبراج. لكنني لم أره يتصرف بغرابة مثل والدي."كان جون يعلم الآن أن البروفيسور كانغ كان
مسكوناً أيضاً بكيان من الأبراج، وأنه كان يعمل مع سونغ-هو لي سراً. لكنه لم يكن مستعداً لمشاركة هذه المعلومات مع يون-هي، ليس حتى يكون متأكداً من أنه يمكنه الوثوق بها."وماذا عن الآخرين؟" سأل. "مين-آه، هاي-جين، سو-يون، تاي-هو؟""لا أعرفهم جيداً." قالت يون-هي. "لكنني أعرف أن مين-آه تكره والدي. تعتقد
أنه مسؤول عن موت أختها.""وهل هو كذلك؟" سأل جون.تنهدت يون-هي. "لا أعرف. كان والدي وجي-يون كيم يعملان معاً على مشروع البوابة. وعندما حدث الانفجار، كانت هي وجين-وو بارك قريبين جداً من البوابة. لكنني لا أعتقد أن والدي كان يريد أن يموتا.""وماذا عن هاي-جين وسو-يون وتاي-هو؟" سأل جون."هاي-جين تعمل مع البروفيسور كانغ منذ سنوات." قالت يون-هي. "إنها مدربة ممتازة، لكنني لا أعرف
الكثير عنها شخصياً. سو-يون غامضة جداً، دائماً تراقب الناس بهدوء. وتاي-هو... حسناً، أنت تعرف عن والده وكيف مات."أومأ جون برأسه. كان يعرف الآن أن جين-وو بارك، والد تاي-هو، كان قد مات في نفس الحادث الذي قتل جي-يون كيم، أخت مين-آه."يون-هي." قال أخيراً. "هل تعتقدين أن هناك... مقاومة؟ مجموعة تحاول منع
والدك والبروفيسور كانغ من فتح البوابة؟"بدت يون-هي متفاجئة بالسؤال. "مقاومة؟ لا أعرف. لماذا تسأل؟""أنا فقط... أتساءل." قال جون بحذر. "إذا كان والدك والبروفيسور كانغ يحاولان فعل شيء خطير، فمن المنطقي أن يكون هناك أشخاص يحاولون إيقافهما.""أعتقد ذلك." أومأت يون-هي ببطء. "لكنني لم أسمع عن أي مقاومة منظمة. هل... هل سمعت أنت عن شيء كهذا؟""لا." كذب جون مرة أخرى.
"أنا فقط أفكر بصوت عالٍ."نظرت إليه يون-هي بشك، كما لو أنها كانت تحاول تقييم صدقه. "جون، إذا كنت تعرف شيئاً، يمكنك إخباري. أنا أريد إيقاف والدي أيضاً، تذكر؟""أعرف ذلك." قال جون. "لكنني حقاً لا أعرف أي شيء عن أي مقاومة."تنهدت يون-هي. "حسناً. لكن إذا سمعت عن شيء كهذا، هل ستخبرني؟ قد نتمكن من
مساعدتهم.""سأفكر في الأمر." وعد جون، غير مستعد للالتزام بأي شيء.ابتسمت يون-هي ابتسامة صغيرة. "هذا كل ما أطلبه."جلسا في صمت لبعض الوقت، يشاهدان انعكاس النجوم على سطح البحيرة. كان هناك شيء مريح في وجود يون-هي، رغم كل الشكوك والأسئلة المحيطة بها."جون." قالت أخيراً. "هناك شيء آخر يجب أن تعرفه.""ماذا؟" سأل."والدي يخطط لشيء كبير." قالت يون-هي بصوت
منخفض. "شيء سيحدث قريباً جداً. سمعته يتحدث مع البروفيسور كانغ عن 'اليوم الكبير' و'فتح البوابة'."شعر جون بالقلق يتصاعد في صدره. "متى؟""لا أعرف بالتحديد." اعترفت يون-هي. "لكنني أعتقد أنه سيكون خلال الأيام القليلة القادمة. وأعتقد... أعتقد أنهما يخططان لاستخدامك بطريقة ما.""لاستخدامي؟" كرر جون، متظاهراً بالمفاجأة."نعم." أومأت يون-هي. "سمعت والدي يقول إن 'الفتى' هو 'المفتاح'، وأنه
'جاهز تقريباً'. أعتقد أنه كان يتحدث عنك، وعن قدرتك."كان هذا يتوافق مع ما أخبرته به المقاومة - أن البروفيسور كانغ وسونغ-هو لي كانا يخططان لاستخدام قدرته لفتح بوابة دائمة إلى الأبراج."ماذا يجب أن أفعل؟" سأل جون."لا أعرف." اعترفت يون-هي. "لكنني أعتقد أنك يجب أن تكون حذراً جداً، وربما... ربما يجب أن تفكر في مغادرة
الأكاديمية لفترة.""مغادرة الأكاديمية؟" كرر جون بدهشة."نعم." أومأت يون-هي. "الابتعاد عن والدي والبروفيسور كانغ. على الأقل حتى نفهم ما يخططان له بالضبط.""وأين سأذهب؟" سأل جون.ترددت يون-هي. "لدي مكان. كوخ صغير في
الجبال، لا يعرف عنه أحد، حتى والدي. يمكنك البقاء هناك لبعض الوقت."كان عرضها مغرياً. كان جون يشعر بالإرهاق من كل الأكاذيب والخداع في الأكاديمية، ومن محاولة معرفة من يمكنه الوثوق به. ربما كان الابتعاد لفترة فكرة جيدة.لكنه كان يعلم أيضاً أن المقاومة كانت تعمل على جهاز لإغلاق البوابة، وأنهم كانوا بحاجة إليه لتشغيله.
وكان الحراس، إذا كانوا حقيقيين، يريدون مساعدته على التواصل مع الكيانات الصديقة."سأفكر في الأمر." قال أخيراً."لا تفكر طويلاً." حذرت يون-هي. "الوقت ينفد."أومأ جون برأسه، مدركاً أنها كانت محقة. كان الوقت ينفد، وكان عليه اتخاذ قرار قريباً."شكراً لك، يون-هي." قال بصدق. "لتحذيري، ولعرضك المساعدة."ابتسمت ابتسامة صغيرة. "لا شكر على واجب. أنا فقط... أهتم بك، جون."كان هناك شيء في
طريقة قولها لذلك - نبرة شخصية، نظرة عميقة - جعلت جون يشعر بالدفء والارتباك في نفس الوقت. كانت يون-هي جميلة ومثيرة للاهتمام، لكنها كانت أيضاً غامضة وخطيرة بطريقة ما."وأنا أقدر ذلك." قال أخيراً.نهضت يون-هي. "يجب أن أعود الآن.
سيلاحظ الحراس غيابي إذا بقيت خارجاً لفترة أطول.""وأنا أيضاً." أومأ جون، واقفاً أيضاً."كن حذراً، جون." قالت يون-هي، واضعة يدها على ذراعه برفق. "وتذكر عرضي. إذا قررت المغادرة، أخبرني فقط. سأساعدك.""شكراً لك." قال جون. "سأتذكر ذلك."ثم، بحركة سريعة ومفاجئة، انحنت وقبلته على خده. "ليلة سعيدة، جون."قبل أن يتمكن
من الرد، ابتعدت، متحركة بخفة وسرعة بين الأشجار، حتى اختفت في الظلام.وقف جون هناك للحظات، مصدوماً قليلاً من قبلتها المفاجئة. ثم تنهد وبدأ بالعودة إلى مسكنه، عقله يدور بسرعة.كانت محادثته مع يون-هي قد أضافت طبقة جديدة من التعقيد إلى الوضع المعقد بالفعل. كانت تبدو صادقة في قلقها على والدها وفي رغبتها في مساعدة جون. لكنه كان يعلم أيضاً أنها كانت ماهرة في التلاعب، وأنها
كانت مخلصة لوالدها قبل كل شيء.هل كان عرضها بمساعدته على مغادرة الأكاديمية صادقاً؟ أم كانت تحاول إبعاده عن المقاومة والحراس، جعله أكثر عرضة لخطط والدها؟وماذا عن حلمه؟ هل كانت الكيانات تحاول التواصل معه حقاً؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل كانت نواياها حسنة كما ادعت سو-يون، أم كانت عدوانية كما حذرت المقاومة؟كانت الأسئلة تدور في ذهن جون بلا توقف، وكان يشعر بالإرهاق من
محاولة الإجابة عليها كلها.عندما وصل إلى غرفته، كان متعباً جداً للتفكير أكثر. استلقى على سريره، آملاً في الحصول على بعض النوم قبل شروق الشمس.لكن حتى في أحلامه، لم يكن بإمكانه الهروب من الحقيقة المعقدة والخطيرة التي كان يعيش فيها.في صباح اليوم التالي، استيقظ جون متأخراً، متعباً من ليلته المضطربة.
كان لديه درس مع البروفيسور كانغ في العاشرة، وكان عليه الإسراع للوصول في الوقت المحدد.ارتدى ملابسه بسرعة وخرج من غرفته، متوجهاً نحو قاعة المحاضرات. كان الحرم الجامعي مزدحماً بالطلاب، الجميع يتحركون بسرعة للوصول إلى
دروسهم.عندما وصل إلى قاعة المحاضرات، لاحظ أن هناك شيئاً غريباً - لم يكن هناك أحد. كانت القاعة فارغة تماماً، رغم أنه كان متأكداً من أن الدرس كان مقرراً في هذا الوقت."غريب." همس لنفسه، متسائلاً ما إذا كان قد أخطأ في اليوم أو الوقت."جون!"التفت ليجد تاي-هو يركض نحوه، وجهه شاحب ومتوتر."تاي-هو؟ ماذا يحدث؟ أين الجميع؟" سأل جون."الدرس ألغي." قال تاي-هو بسرعة. "البروفيسور
كانغ... غير موجود.""ماذا تعني بـ'غير موجود'؟" سأل جون."لم يره أحد منذ الليلة الماضية." شرح تاي-هو. "وهو ليس الوحيد. مين-آه مفقودة أيضاً."شعر جون بالقلق يتصاعد في صدره. "مين-آه؟ منذ متى؟""منذ الليلة الماضية." قال تاي-هو. "كانت من المفترض أن تلتقي بنا في الكوخ بعد أن أعطتك جهاز التثبيت، لكنها لم تظهر أبداً."تذكر جون المشهد الأخير من لقائه مع سو-يون ومين-آه - كيف غادرتا غرفته،
وكيف كانت مين-آه غاضبة ومتوترة. هل حدث لها شيء ما بعد ذلك؟"هل حاولتم البحث عنها؟" سأل."بالطبع." أومأ تاي-هو. "بحثنا في كل مكان - غرفتها، المختبر، الحرم الجامعي. لا أثر لها.""وماذا عن البروفيسور كانغ؟" سأل جون."نفس الشيء."
قال تاي-هو. "مكتبه فارغ، وسيارته لا تزال في موقف السيارات. إنه كما لو أنهما اختفيا في الهواء."شعر جون بالقلق يتعمق. كان اختفاء البروفيسور كانغ ومين-آه في نفس الليلة لا يمكن أن يكون مجرد صدفة."هل تعتقد أن هناك صلة؟" سأل."بالتأكيد." أومأ تاي-هو. "نعتقد أن البروفيسور كانغ قد... أخذ مين-آه.""أخذها؟
لماذا؟" سأل جون.تردد تاي-هو، ثم قال بصوت منخفض: "نعتقد أنه قد يكون يستخدمها كطعم، أو كرهينة. يعلم أننا نعمل معاً، وقد يحاول استخدامها للضغط علينا.""أو أسوأ." فكر جون بصوت عالٍ، متذكراً ما أخبرته به المقاومة عن الكيانات التي تستخدم البشر كأوعية."نعم." أومأ تاي-هو بقلق. "أو أسوأ.""ماذا نفعل الآن؟" سأل جون."نحن بحاجة إلى التحرك بسرعة." قال تاي-هو. "هاي-جين وجين-هو
ينتظران في الكوخ. لدينا خطة.""ما هي؟" سأل جون."سنخبرك عندما نصل إلى هناك." قال تاي-هو. "ليس آمناً التحدث هنا."أومأ جون برأسه، مدركاً أن تاي-هو كان محقاً. كانت الأكاديمية مليئة بالكاميرات وأجهزة التنصت، وكان من المحتمل أن يكون البروفيسور كانغ وسونغ-هو لي يراقبان كل تحركاتهم."حسناً." قال. "دعنا نذهب."بدأا بالسير نحو الغابة، محاولين التصرف بشكل طبيعي قدر الإمكان. كان جون يشعر
بالتوتر يتصاعد في صدره، متسائلاً ما الذي كان ينتظرهم."تاي-هو." قال بصوت منخفض أثناء سيرهما. "هل تعتقد أن مين-آه... بخير؟"تنهد تاي-هو. "لا أعرف. آمل ذلك. مين-آه قوية وذكية. إذا كان هناك أي شخص يمكنه النجاة من البروفيسور كانغ، فهي هي."أومأ جون برأسه، آملاً أن يكون تاي-هو محقاً. كانت مين-آه قد
كذبت عليه، أخفت عنه معلومات مهمة، لكنه كان لا يزال يهتم بها. لا أحد يستحق أن يقع في أيدي الكيانات.عندما وصلا إلى حافة الغابة، توقف تاي-هو فجأة، ناظراً حوله بحذر."ما الأمر؟" سأل جون."لا أعرف." قال تاي-هو بتوتر. "أشعر كما لو أن هناك شخصاً ما يراقبنا."نظر جون حوله أيضاً، لكنه لم يرَ أحداً. كان الحرم الجامعي هادئاً نسبياً، مع بعض الطلاب يتحركون بين المباني، لكن لا أحد كان ينظر في اتجاههما."لا
أرى أحداً." قال."ربما أنا فقط متوتر." اعترف تاي-هو. "كل هذا الوضع يجعلني أشعر بجنون العظمة."استأنفا سيرهما، متوغلين في الغابة. كان المسار الذي اتخذاه مختلفاً عن المسار الذي أخذهما إلى الكوخ في المرة السابقة، وكان جون يتساءل لماذا."لماذا نأخذ طريقاً مختلفاً؟" سأل."احتياط إضافي." شرح تاي-هو. "نغير مساراتنا باستمرار، لتجنب إنشاء نمط يمكن تتبعه."أومأ جون برأسه، مقدراً حذر المقاومة.
كانوا يعملون ضد أعداء أقوياء وخطيرين، وكان عليهم أن يكونوا حذرين جداً.بعد حوالي عشرين دقيقة من المشي، وصلا إلى الكوخ. كان يبدو هادئاً ومهجوراً كالمعتاد، مخفياً بين الأشجار الكثيفة.دخلا، ووجدا هاي-جين وجين-هو ينتظران بالداخل. كانا يبدوان متوترين ومتعبين، كما لو أنهما لم يناما طوال الليل."جون، تاي-هو." حيتهما هاي-جين بإيماءة. "شكراً للمجيء بسرعة.""هل هناك أي أخبار عن مين-آه؟" سأل جون.هزت هاي-جين رأسها. "لا شيء. لكننا وجدنا هذا."أشارت إلى
طاولة في وسط الغرفة، حيث كان هناك جهاز صغير - جهاز تتبع، على ما يبدو."ما هذا؟" سأل جون."جهاز تتبع." شرح جين-هو. "كان مين-آه تحمله دائماً، للطوارئ. إنه مصمم لإرسال إشارة إذا كانت في خطر.""وهل أرسل إشارة؟" سأل جون."نعم." أومأ جين-هو. "الليلة الماضية، حوالي الساعة 11:30 مساءً. ثم توقف.""أين كانت الإشارة؟"
سأل تاي-هو."في الأكاديمية." قالت هاي-جين. "في الممر المؤدي إلى مكتب البروفيسور كانغ."شعر جون بالقلق يتعمق. كانت مين-آه قد غادرت غرفته حوالي الساعة 11:00 مساءً، وكانت غاضبة ومتوترة. هل ذهبت لمواجهة البروفيسور كانغ؟ وإذا كان الأمر كذلك، فماذا حدث لها؟"هل تعتقدون أنها ذهبت لمواجهة البروفيسور كانغ؟" سأل."يبدو كذلك." أومأت هاي-جين. "مين-آه كانت دائماً متهورة
قليلاً، خاصة عندما تكون غاضبة.""وماذا نفعل الآن؟" سأل جون."لدينا خطة." قال جين-هو. "لكنها خطيرة، وسنحتاج إلى مساعدتك، جون.""أنا مستعد." قال جون بحزم. "ما هي الخطة؟"تبادل الثلاثة نظرات متوترة، ثم قالت هاي-جين: "نعتقد أن البروفيسور كانغ وسونغ-هو لي يسرعان خططهما. مع اختفاء مين-آه، نخشى أنهما قد يحاولان
فتح البوابة قريباً جداً - ربما اليوم أو غداً.""وماذا عن جهازكم؟" سأل جون. "هل هو جاهز؟""ليس تماماً." اعترف جين-هو. "كنا نعتمد على مين-آه لإكمال بعض المكونات الأساسية. بدونها، سيكون من الصعب جداً إكماله في الوقت المناسب.""إذن ماذا نفعل؟" سأل جون."نحن بحاجة إلى إنقاذ مين-آه أولاً." قالت هاي-جين. "ثم، مع مساعدتها، يمكننا إكمال الجهاز ومنع البروفيسور كانغ وسونغ-هو لي من فتح البوابة.""وكيف ننقذها؟" سأل جون."هذا هو الجزء الخطير." قال تاي-هو.
"نعتقد أنها محتجزة في مختبر سري تحت الأكاديمية. مختبر لا يعرف عنه سوى البروفيسور كانغ وسونغ-هو لي وبعض مساعديهم الموثوق بهم.""وكيف نصل إلى هناك؟" سأل جون."من خلالك." قالت هاي-جين. "نعتقد أن البروفيسور كانغ سيحاول
الاتصال بك قريباً، ربما اليوم. سيريد استخدام قدرتك لفتح البوابة. وعندما يفعل ذلك، ستكون لدينا فرصتنا.""ستوافق على مساعدته." شرح جين-هو. "ستتظاهر بأنك لا تعرف شيئاً عن خططه الحقيقية، وأنك تريد فقط تعلم المزيد عن قدرتك. سيأخذك إلى المختبر السري، حيث نعتقد أن مين-آه محتجزة.""وبمجرد أن تكون داخل المختبر،
ستحاول العثور على مين-آه وتحريرها." أكملت هاي-جين. "ثم، معاً، ستحاولان الهروب.""وكيف سنهرب؟" سأل جون. "إذا كان المختبر سرياً ومحمياً جيداً كما تقولون، فلن يكون من السهل الخروج منه.""لهذا السبب ستأخذ هذا معك." قال جين-هو، مقدماً له جهازاً صغيراً يشبه القلم. "إنه جهاز إشارة. بمجرد أن تجد مين-آه
وتكونا مستعدين للهروب، اضغط على الزر. سنكون في الخارج، ننتظر الإشارة. سنخلق انحرافاً - شيئاً كبيراً بما يكفي لتشتيت انتباه الحراس والأنظمة الأمنية. ثم، خلال الفوضى، يمكنكما الهروب."كانت الخطة خطيرة ومحفوفة بالمخاطر، لكن جون
لم يرَ بديلاً أفضل. كانوا بحاجة إلى إنقاذ مين-آه، وكانوا بحاجة إلى منع البروفيسور كانغ وسونغ-هو لي من فتح البوابة."حسناً." قال أخيراً. "سأفعل ذلك.""شكراً لك، جون." قالت هاي-جين بامتنان. "نعرف أننا نطلب منك الكثير.""مين-آه هي صديقتي." قال
جون ببساطة. "وأنا لا أريد أن يفتح البروفيسور كانغ وسونغ-هو لي تلك البوابة أكثر منكم.""هناك شيء آخر." قال تاي-هو. "يجب أن تكون حذراً جداً من سو-يون.""سو-يون؟" كرر جون. "هل تعتقدون أنها تعمل مع البروفيسور كانغ؟""لا نعرف بالتأكيد." اعترفت هاي-جين. "لكنها ادعت أنها تعمل مع مجموعة تسمى 'الحراس'، وأنها تريد
التواصل مع الكيانات بدلاً من محاربتها. هذا يجعلها خطيرة، بغض النظر عما إذا كانت تعمل مباشرة مع البروفيسور كانغ أم لا."أومأ جون برأسه، متذكراً محادثته مع سو-يون. كانت قد ادعت أن الحراس كانوا يريدون التواصل مع الكيانات الصديقة، وأن خطة المقاومة كانت خطيرة جداً."سأكون حذراً." وعد."جيد." أومأت هاي-جين. "الآن، دعنا
نراجع الخطة مرة أخرى، للتأكد من أننا جميعاً نفهم أدوارنا..."بينما كانوا يناقشون التفاصيل، لم يلاحظوا الشكل الصغير الذي كان يراقبهم من خلال نافذة الكوخ - شكل فتاة صغيرة بشعر أسود طويل وعينين تتوهجان بلون أزرق غريب في الظلام.