كانت الرياح هنا مختلفة.

باردة، مشبعة برائحة الملح والدم.

ليست قادمة من بحر… بل من ضباب يلتف حول نفسه،

يغمر كل شيء،

حتى الذاكرة.

ساحة القتال في جبهة الضباب ليست ساحة بالمعنى الحقيقي.

هي خليط بين مياه راكدة، وأراضٍ طينية،

كل خطوة تُصدر صوت بللٍ مقرف،

والرؤية لا تتجاوز بضع أمتار.

النينجا هنا لا يموتون بسرعة.

بل يضيعون أولًا… ثم يختفون.

...

وصل ناروتو بصمت.

لا حشود، لا ترحيب.

فحتى القادة هنا لا يعلمون تمامًا ما الذي يجري.

كل ما عرفوه هو أن "هو" قادم.

عندما دخل نطاق الضباب،

تغير كل شيء.

درجة الحرارة انخفضت فجأة،

وحتى صوت أنفاسه صار أضعف.

لكنه لم يتوقف.

...

على بعد بضع خطوات،

وجد أوّل أثر للمجزرة.

جندي من التحالف،

جالس على الأرض، يحدق في الفراغ.

عيناه مفتوحتان،

لكن داخلهما…

فراغ كامل.

ناروتو اقترب،

وضع إصبعه على جبهة الجندي،

وأغمض عينيه.

"عقله… مجمّد."

...

قبل أن يبتعد،

ظهر خصمه.

من قلب الضباب، خرجت صورة رجل يرتدي رداءً أبيض، يملك وجهًا بلا ملامح.

صوته لم يكن صوتًا بشريًا،

بل همسًا في رأس كل من يسمعه.

"أهلاً بك يا من تحب أن يراك الناس من بعيد."

ناروتو لم يتكلم.

لكن خصمه تابع:

"أتعلم؟ أنا لا أؤمن بالقوة التي تصنعها الأقدار."

"بل بالقوة التي تُكسر بها النفوس."

...

الضباب بدأ يتحرّك،

وأخرج صورًا مشوشة،

مشاهد من ماضي ناروتو:

— وجه والدته وهي تصرفه بعيدًا.

— يد والده تمتد لتضربه.

— إخوته يسخرون منه في باحة المنزل.

— صورته وحيدًا، يأكل دون أن ينظر إليه أحد.

...

لكن ناروتو لم يتحرك.

عيناه لم تومضا حتى.

قال أخيرًا:

"حاول غيرها. هذا الضباب تأخّر كثيرًا عن الوصول إلي."

...

خصمه حاول اختراقه أكثر.

زاد الوهم.

ضربات خفية، أصوات من ماضيه…

حتى صوته الشخصي وهمس لنفسه: "أنت مجرد عبء عليهم."

لكن ناروتو رفع يده.

صفّق مرة واحدة.

فانشق الضباب…

كل ما كان يحيط به تمزّق كأنه ورق محترق،

وخصمه اختفى للحظة.

...

عند طرف الضباب، ظهر ثانية، يتنفس بصعوبة.

قال بصوت مشوّش:

"كيف… لم تتأثر؟ هذا الضباب يُكسر الجنرالات!"

أجابه ناروتو وهو يسير نحوه:

"من ذاق الصمت الحقيقي… لا تخيفه أصوات الماضي."

...

رفع خصمه يديه لبدء هجوم مباشر،

لكن ناروتو لم ينتظر.

لوّح بكفه،

فاندفع تيار من الطاقة عبر الضباب،

شفّاف… بلا صوت… لكنه كسر كل شيء في طريقه.

...

سقط الخصم على وجهه،

والضباب انفتح في خط مستقيم،

كأنه ينحني لمن مرّ خلاله.

...

في الأعلى،

من فوق جبل ضبابي بعيد،

كان مادارا يراقب بصمت.

قال دون أن ينظر خلفه:

"هذا الصبي… لا يقاتل كمن يريد الانتصار."

صوت من خلفه ردّ:

"بل كمن يريد إنهاء شيء داخله."

2025/06/30 · 13 مشاهدة · 408 كلمة
SHADOW
نادي الروايات - 2025