الهواء في ساحة اللهب كان ثقيلاً… لا يُستنشق، بل يُقاتَل.
السماء مكسوّة بدخان أسود لا يتحرك،
تغلي فيه ألسنة نار لا تهدأ.
الأرض تحوّلت إلى جمر حي،
كل خطوة عليها تكاد تُصيبك بحروق في الروح قبل الجسد.
كانت هذه أكثر الجبهات شراسة.
النار لا تأتي من العدو فقط…
بل من الأرض نفسها.
...
في قلب هذا الجحيم،
كانت وحدات التحالف تتراجع.
العدو استخدم تقنيات لهب نادرة،
تتشبّث بالهدف ولا تُطفأ بالماء،
ولا حتى بتقنيات الرياح.
وحتى النينجا من قرية الضباب… احترقوا دون صوت.
القيادة استنجدت بقوة الدعم من الجبهة الصحراوية.
فكان الردّ… بصمت.
ناروتو وصل.
...
حين خطا داخل ساحة اللهب،
لم يتحدث.
عيونه فقط كانت تتفحّص حجم الدمار.
النار كانت ترتفع لعشرات الأمتار،
كأنها تحرس سرًّا في قلب الساحة.
لكن حين ظهر بين الجنود،
كأن شيئًا تغير.
الهواء نفسه بدأ يبرد،
واللهب لم يخمد…
لكنه تراجع.
...
وقف أمام أكبر حاجز ناري شاهق،
ووراءه خصم لم يُرَ حتى الآن،
لكن صوته دوّى من داخل اللهب:
"هذه نار لم تشعلها يد بشر…
بل غضب الأرض نفسها."
...
ردّ ناروتو بصوت هادئ،
لكن عميق، كأن الأرض نفسها تنصت:
"إذن، سأُعيدها إلى الأرض."
...
مدّ يده اليمنى إلى الجانب،
وظهر في راحة يده جهاز صغير لا يُرى غالبًا بالعين المجردة،
معدني أسود، دوّار في مركزه…
وعندما لفّ القرص عليه ببطء،
انطلقت ومضة زرقاء خافتة من أطراف أصابعه.
وفي لحظة… توقف كل شيء.
الصوت اختفى،
اللهب اختنق فجأة كمن سُحب منه الأوكسجين،
وانهارت الحواجز النارية كجدار رملي تحت المطر.
...
من وسط الدخان، ظهر الخصم.
رجل طويل، عاري الصدر، جلده مغطى بندوبٍ على شكل حروق قديمة،
عيناه تشتعلان بلا توقف،
وجسده ينزف حرارة أكثر مما تحتمل الصخور.
"هل أرسلوك… لتحترق بدلاً عنهم؟"
قالها ساخراً،
لكن صوته كان مكسوراً من الداخل.
...
ناروتو لم يُجب.
اقترب خطوة،
ثم أخرى…
حتى صار أمام الخصم،
بينما تحاول النيران التشبث بقدميه، لكنها لا تستطيع.
قال بهدوء:
"لقد احترقت من الداخل منذ زمن بعيد.
هذه النار؟ لا تُقارن."
...
رفع الخصم يده،
وظهر رمح ناري طوله متران،
كوّنه من لهبه الخاص،
ثم قذف به بسرعة الصوت.
الجنود شهقوا.
حتى السماء صرخت.
لكن في اللحظة التي اخترق فيها الرمح الهواء…
اختفى.
...
وقف ناروتو في مكانه.
يده ما زالت ممدودة.
وفي راحة يده… بقايا من الرمح، يتفكك إلى رماد.
الخصم جثا على ركبتيه،
ليس من الألم،
بل من فقدان الأمل.
"ما أنت؟"
همسها،
كأنه يسأل نفسه.
اقترب ناروتو،
ووضع يده على كتفه،
وقال بنبرة بلا كراهية… بلا شفقة:
"أنا… النتيجة التي تجاهلتم وجودها.
أنا الندبة التي لم تعالجوها، فكبرت."
...
انطفأت النيران من حولهم فجأة.
كل شيء هدأ.
والسماء التي كانت تصرخ… صمتت أخيرًا.
...
من بعيد، في أعالي قمة محترقة،
كان مادارا يراقب،
وجهه لأول مرة بدا… متوتراً.
"قدراته تتخطى حتى ما توقعت…"
لكنّه لم يتراجع.
"دعهم يحترقون.
ما بعد النار… سيُولد الشر الحقيقي."