كانت الليلة هادئة... أكثر مما يجب.
مرّ يوم ميلاد أطفالهم الثلاثة دون احتفال.
لكن أحدهم فقط لم يطلب شيئًا.
كان ناروتو نائمًا في ركن غرفته، متكوّرًا كعادته، دون صوت.
أما ميناتو، فقد وقف طويلًا أمام النافذة، يحدّق إلى الحديقة التي كانت قبل سنوات قليلة مليئة بضحك كوشينا.
النسيم خفيف، والليل نظيف، لكن هناك شيءٌ ثقيل في قلبه لم يستطع نفيه.
اقتربت منه كوشينا، تحمل فنجان شاي لم تشربه.
وقفت بصمت بجانبه، كأنها تنتظر أن يسبقها إلى الحديث.
لكنه لم يفعل.
مرّت دقائق.
قالت أخيرًا، بصوت شبه هامس:
"إنه لا يتكلم كثيرًا… ناروتو."
هز رأسه. لم يقل شيئًا.
أردفت:
"ولا يطلب شيئًا. حتى حين ننادي الآخرين، لا يقترب."
ساد الصمت مجددًا.
ثم قال ميناتو أخيرًا:
"إنه يراقب… كل شيء. أحيانًا أنظر إليه وأشعر وكأنه يعلم ما لا ينبغي له أن يعرفه."
نظرت إليه كوشينا، ترددت، ثم قالت:
"أتعلم…؟ عندما كنت أخيط تلك الدمية الصغيرة لشين وهو بعمر سنتين…"
لم تكمل.
ميناتو نظر نحوها.
"الدمية؟"
أومأت.
"نعم… تلك التي لم أُكملها. لأن الخيط انقطع فجأة، وبدأ شين يبكي، فتركناها."
همس:
"لم نرها منذ ذلك اليوم."
قالت بعد لحظة:
"رأيتها بين يدي ناروتو أمس."
ميناتو لم يتحرك، لكنه شدّ على فنجانه قليلاً.
أكملت:
"كان يحتضنها كأنها كنز. لم أجرؤ على قول شيء... لا أعلم لماذا."
سكتت، ثم نظرت بعيدًا.
"كنتُ أخيطها بحب. ثم نسيتها. وهو وجدها. وكأن ما نسيته أنا… تمسّك به هو."
أخفضت رأسها.
"شعرت بشيء داخلي... لا أستطيع وصفه. شيء مؤلم."
ميناتو لم يعلّق.
لكن في داخله، كان المشهد يتكرّر...
طفل، يجلس وحده، يحتضن ما تُرك من حنان.
ابنه، لا مجرد ظلٍّ في البيت.
---
في الصباح التالي، كان كايدو يتدرّب في الساحة.
شين يقرأ، كالعادة.
أما ناروتو، فكان يجلس عند طرف الدرج، لا يتحرك، لا يتكلم.
كوشينا مرت قربه، وألقت عليه نظرة سريعة… ثم أكملت طريقها.
لكن بعد خطوتين، توقفت.
التفتت نحوه.
همّت أن تقول شيئًا... أي شيء.
لكنه لم ينظر نحوها. لم يتكلم.
أخفضت يدها، ثم مضت.
---
في تلك الليلة، جلس ميناتو في مكتبه، يراجع تقارير المهمات.
لكن عقله لم يكن فيها.
فتح دُرجًا قديمًا. أخرج منه صورة قديمة: كوشينا تبتسم، يحمل بين يديها ثلاثة أطفال.
كايدو، شين… وناروتو.
كانوا يصرخون، يضحكون، يبكون في اللحظة نفسها.
الصورة باهتة، لكنها ما زالت حقيقية.
مرّ إصبعه على وجه ناروتو… توقف عنده.
تمتم:
"هل بدأنا نفقده…؟ أم نحن من تخلينا عنه دون أن نشعر؟"
لكن لم يكن هناك من يجيبه.
---
كلاهما شعر بشيء.
الندم.
الخوف.
الخجل.
لكن لم يقولا شيئًا.
لم يعترفا لبعضهما.
لم يُظهرا شيئًا.
فقط… سار كل منهما في طريقه.
وكأن الصمت ما زال خيارًا أسهل من الاعتراف.
لكن في قلب ناروتو… كان الجدار قد بُني بالفعل.