لا تنسوا الدعاء لاخوتنا بفلسطين

الفصل الثاني : هدف الحياة

في مساحة مخفية، فجأة ظهر شخصين من العدم.

كان الشخصين ثلج والشخص الشبيه له، جسد ثلج كان هزيلًا بالكاد يستطيع التحرك، بينما الآخر نصف جسده بالكامل قد اختفى وبرزت الأعضاء الداخلية والعظام، كان بآخر أنفاسه.

عاقبة ظلمه، حيث فكّر تؤام ثلج بالحصول على جسد ثلج واستبدال جسده الموشك على الموت، ولكن الآن لم يتبقى له إلا القليل من الأنفاس، نظر بسخرية ناحية ثلج "أيها الزميل اقترب"

لم يفهم ثلج النظرات العميقة التي أعطاها تؤامه، جر جسده بصعوبة واقترب منه "أيها الزميل، انت مثير للإهتمام، بالرغم أنني كنت كالشيطان أحلق أمامك توًا لكنك تقترب مني دون ذرة خوف" بأنفاسه المتبقية كان يقيمه

"أيها الزميل، دعني أكون صادقًا، انا لم آتي لإنقاذك" صمت قليلا أراد رؤية ردة فعله، ولكن البرود الذي اعتلى وجه ثلج منذ البداية لم يتغير "انت حقا زميل مثير للإهتمام، هاهاها.. حسنًا لست أكفر عن ذنبي بهذا ولكن، هذه المساحة لا يمكن لأحد اكتشافها في هذا العالم"

"تتواجد جميع تقنيات الصقل، وكل مذكراتي، ويوجد بالمخزن العديد من الاطعمة، ولكنها ستنفذ قريبا، بأحسن الأحوال يمكنك العيش هنا لخمس سنوات أخرى" أمسك بيده المتبقية يد ثلج وبدأت العديد من الأنوار تتشكل من العدم "هذه هديتي لك"

بتلك اللحظة توقف جسده عن الحراك، كانت معجزة بقاءه على قيد الحياة كل هذا الوقت بجسده المقسوم، لم يشعر ثلج بأدنى ذرة من الشفقة، دفن جسده بمكان بعيد في زوايا المساحة المخفية عند الصخور.

قيّم ثلج المكان حوله، العديد من الرفوف تتواجد، بينما تواجدت غرفة على الجانب الأيسر، وعلى الجانب الأيمن تواجدت العديد من الحبوب الغريبة.

بدا وكأنه كهف بمكان ما، لم يمتلك ثلج أي وسيلة للخروج من هنا، ولكن بمعرفة الوسائل التي تركها الأخير قبل موته عرّف أنه مازالت تتواجد طريقة للخروج من هنا.

بعد البحث بالأرجاء وجد مخزن الطعام، تواجدت براميل ضخمة بداخلها العديد من الحبوب الدائرية، بعض البراميل مستهلكة بالكامل بينما البقية مستهلكة للنصف، لم يدرك ثلج ماهية هذه الحبوب، أخذ واحدة منها ومضغها على عجل.

تسربت رائحة الحبة بداخل فمه، كانت مقززة، أراد بصقها ولكنه ليس من النوع الذي يبذر الطعام، كما أنه أدرك لو لم يتأقلم مع هذا النوع من الطعام لن يستطيع أن يعيش وسيموت بسبب كونه انتقائي.

استنشق الهواء أخيرا بعدما ابتلعها بصعوبة، سيكون بمثابة تحدي البقاء على قيد الحياة في هذا المكان، بعدما تحرر ثلج، أدرك أخيرا انه ليس عليه التخلي عن حياته.

الآن شخر ببرود، وهو يفكر "سأنتقم من هذا العالم"، قرر بالفعل أن العالم هو عدوه، ولكن هذا لم يكن هدفًا للحياة، كانت مجرد ضغينة تدفع المرء للانتقام.

سقط ثلج على قدميه من التعب، وجلس متقاطع الأرجل وفكّر كما لم يفكر دومًا، امتلك الآن وقتًا لنفسه، وقتًا لن يضايقه فيه أحد، حيث يمكنه التفكير حتى يتعب.

شعر بالإنتعاش قليلًا عندما ارتاح، بدأ مفعول الحبة التي أخذها بالظهور، جسده بدأ يتقشر كالأفعى، بينما تدفقت مادة سوداء من أنحاء جسده، كانت رائحة الشوائب المقرفة تنبعث من جسده، نهض بقوة.

جسده الآن مليء بالطاقة كما لو أنه عاد شابًا، كان ثلج بالستين من عمره، لم يكن شابًا بعد الآن، ولكن جسده يتصرف كواحد، قام بملئ الماء بالجرة، صعد بخار الماء الحار أمامه قبل أن يقفز بداخله.

أدخل رأسه بداخل المياه، وظهرت الفقاقيع مكانه، أخرج رأسه الآن، وأعاد شعره الطويل الى الخلف، نظر للمياه النقية وصُدم من إنعكاسه.

أبدو بالعشرينات.. وجهه عندما إنتقل لاول مرة، هل كانت هذه الهدية التي قدمها ذلك الشخص؟ التجاعيد التي كانت تملئ وجهه قد اختفت، وجسده النحيل أصبح خشنًا كالسابق.

لكن بالتفكير بالأمر، كان ذلك الشخص يبدو بالعشرينات أيضا بالرغم من أنه يفترض بالستين من عمره مثلي.. هناك العديد من الألغاز بالعالم.

فكر ثلج بهدوء قبل أن تصبح الماء سوداء من الشوائب، خرج من الجرة الضخمة، وجسده بدا مليئًا بالعضلات، هذا التغيير الهائل بالجسد ليس بالشيء الهين الذي يمكن للعقل البشري تقبله ببساطة.

كان نحيلًا موشكًا على الموت، الآن أصبح شابًا صحيًا ذو جسد عضلي، ما نوع الهدية التي يمكنها صنع المعجزات؟ شعر ثلج بالنشوة بالتفكير بالمعجزات التي يمكنه استكشافها بهذا العالم.

ألقى بكل هذه الأفكار بعيدًا، وارتدى الرداء الطويل من بين الملابس الموجودة، بعد أن رتب نفسه برز مظهره، وجهه النحيل مع لحية سوداء، شعره الأسود يمتد لخاصرته بينما هو مربوط، لم يكن طويلًا، وبالوقت نفسه لم يكن قصيرًا، وهيئته العضلية الجديدة برزت من تعرجات الرداء.

أحتاج لهدف بالحياة، لم يكن هذا السؤال يومًا شيء يتم طرحه بسهولة، الهدف بالحياة هو الدافع لإستمرارك بالحياة، كبشري تحتاج للقيام بالكثير من الأشياء، حيث تواجدت العديد من المسؤوليات، العديد من الأحداث التي تبدو متتابعة.

بالوقت ذاته لم يكن ثلج شخصًا قد عاش حياة ليتحدث عن أمور عميقة بهذا الشكل، حيث عاش عشرون سنة قبل أن يأتي لهذا العالم الغريب، وأربعون عامًا من الإضطهاد والتعذيب، لم يكن من الممكن أن تتواجد مثل هذه المبادئ عند شخص لم يعش يومًا.

الأربعون عامًا كفيلة بأن ينسى الشخص كل شيء، اسمه الحقيقي لم يكن ثلج بل كان شيئًا آخر قد نسيه مع الوقت، هويته الوحيدة التي تذكره بذاته فُقدت في صفحات التاريخ بهذا العالم الظالم.

طور الصبر والحكمة بمرور الوقت، كان يراقب البشر لمدة طويلة من خلف الأسوار الحديدية للقفص، ماذا يمكنه أن يفعل عدا هذا، وبالنهاية أصبح هادئًا كأعماق المحيط، يمكن للوجود الخطير أن يتواجد بالداخل ولكن الظلام والهدوء كان الشيء الذي يفكر به الآخرون بذكر أعماق المحيط.

تذكر فجأة أحد الأشياء التي أراد فعلها سابقا عندما كان على الأرض، أراد أن يجرب كل شيء، ولكن مفهوم كل شيء لم يكن بهذه البساطة، حيث يمكن لكل شيء أن يكون طبق من الطعام، وبالوقت نفسه يمكنه أن يكون العالم.

يمكن للظمآن أن يرى الماء كل شيء، بينما الجائع سيرى الطعام كل شيء، الرسام سيرى الألوان كل شيء، لكن ماذا عن شخص لا يمتلك مشاعر كالآخرين، الجوع والعطش كانا دوما يلازمانه، والتعب والإرهاق، لكنه فقد شغفه بالطعام والشراب، حتى لو تواجدت أرقى أنواع المأكولات والمشروبات أمامه، لن تغير من تعابيره قيد أنملة.

ماذا يمكن أن يكون كل شيء؟ لم يستطع إستحضار كل ذكرياته وبالتالي توقف عند هذه الخطوة، تحديد هدف بالحياة سيؤجل قليلًا.

قرر الآن السعي لإسترجاع ذكرياته كبداية، والسعي نحو القوة مثل اؤلائك الأسياد، لم يفهم أي شيء عن القوة بهذا العالم، حتى الامور الخارجة عن المألوف، مثل الطيران واطلاق الأضواء المبهرجة التي تبدو مثل كرات طاقة من اليد.

أغلق عينيه المتعبة بصمت، وترك الذكريات تتدفق بهدوء.

2024/06/18 · 111 مشاهدة · 987 كلمة
AfterNight
نادي الروايات - 2024