لا تنسوا الصلاة على الرسول، والدعاء لاخوتنا بفلسطين.
الفصل الخامس : الشمس العتيقة
مر شهر على تلك الحادثة، أثناء تلك المدة كان جسد ثلج هامدًا، لم يكن يتحرك كثيرًا، كما أن جسده بالرغم من مرونته إلا أنه شعر بثقل لحمله.
قضى الكثير من الوقت في النوم، أراد تجنب التفكير بأي شيء، كان يبدل الطعام بشكل متواصل للسجين ولكنه تجنب أي تواصل معه حيث تجاهله للعديد من المرات.
كان ينام لعشرات الساعات، ثم يستيقظ بخمول، في هذه المدة أثناء تجوله وجد غرفة صغيرة تطّل على الجبل من الخارج، تواجدت نافذة مطلة على الغابات السفلية للجبل، كان يقضي كل وقته سارحًا في الطبيعة.
بينما انسدل شعره الطويل على جسده، بسبب خموله لم يرتب مظهره، وترك شعره المسدول يلوح مع الهواء، يمكن للحياة أن تكون قاسية، ولكن الإنتكاسات التي نواجهها قد يكون المناص منها فقط بالتوقف عن المضي قدمًا.
ترتفع المياه الراكدة للأعلى، ثم دون أن يدرك أحد تعود المياه لتركد في المجرى الطبيعي الخاص بها، أحيانا الصمت، يكون بكاء الروح، عندما لا يمكن لأحد أن يفهم عمق مشاعرنا، يكون الصمت حينها رسالة صوتها مرتفع، لن يسمعها أحد، لأنه لا يمكن لأحد أن يفهمنا.
حين تفيض المعاني، وتجف الكلمات، حينها فقط يمكن للصمت أن يسود، عندما تصبح السماء سوداء لامعة يشع مجد القمر، ولكن مجد القمر لن يدوم، فيبزغ مجد الشمس، في هذه الدورة المتواصلة لم يستطع ثلج إلا أن يتأمل ويحزن وحده.
هذه اللحظات الوحيدة التي عاشها ثلج تبدو كالتوقف عن الحياة، جرب التفاجؤ والآن جرب الحزن، لم يعلم ثلج حول ماهية الأشياء الجديدة التي يقوم بتجربتها، إلا أنه علم أن الحياة بدون مشاعر يمكنها أن تكون أسهل بكثير من هذه الحياة التي يعيشها.
أراد التوقف عن الشعور، ولكن فات الآوان للتراجع بعد أن وصل لهذه المرحلة، عندما سمح للمشاعر أن تصبح من سكان قلبه، علم أن العالم بداخل قلبه سيواجه تغيرا هو بنفسه لا يعلم كيف يبدو، بالرغم من أنه امتلك المشاعر ذات مرة في الماضي إلا أنه لم يستطع أن يشعر بها سابقا كما يشعر بها الآن.
وكأن المشاعر لم تكن يومًا بسيطة، بل كانت بهذا العمق الذي يجعل للحياة العديد من الألوان الغريبة، لا يمكن لهذه الألوان أن تظهر إلا بوجود المشاعر، لو أراد ثلج وصف العالم قبل تجربة المشاعر فستكون مجرد لوحة رمادية اللون، الآن أصبح للأشجار اللون الأخضر.
مثّل الأخضر الحياة، بينما السماء تمتلك اللون الأزرق، وفي اللوحة الجديدة التي تخيلها ثلج، كان هناك العديد من الصخب التي لم يكن من الممكن تواجده سابقًا.
لم يعلم ماذا عليه أن يفعل الآن، وشعر بالحزن قليلًا من عدم تواجد أي خيارات أمامه، كان يمكن للخيارات ان تمكنه من تخيل لمحة من المستقبل لو اختارها، كان الجميع مثل يثلج حيث يمكنهم أن يفكروا بالغد كثيرًا أكثر من حاضرهم، ويمكنهم أن يعيشوا بالأمس دون أن يجدوا أي منفذ منه.
لم يعلم ثلج أنه يسير على خطى الكثيرين، ولكن ثلج كان مميزًا، فهم ثلج سبب تواجد الخيارات في الحياة، لم تكن لعنة، ولم تكن شيئًا يتم فرضه، بل كانت مثل الضوء في الظلام، ولهذا السبب يمكن للفراغ أن يكون شيئًا لا يمكن للكثير استيعابه او تحمله.
ستندثر أفكارهم، ويتملكهم الملل، لهذا السبب يجد ثلج أن الخيارات لها هدف نبيل للغاية، مثل أعلام ترشد المسافرين في دربهم المجهول.
تمنى لو تتواجد خيارات أمامه في هذه اللحظة، ولكنه شعر أن السخط على الخيارات جعل الخيارات لا تظهر أمامه بسهولة بعد الآن، في هذه المرحلة يمكن لثلج فقط أن يفهم أن للأشياء المتواجدة بالحياة دومًا معاني خفية لا يمكن لأحد ادراكها ببساطة.
يمكن للألم أن يكون الجواب على بعض الأسئلة، كما يمكن للحزن أن يجيب أيضًا، الآن بعدما أصبحت الحياة مليئة بالالغاز المحيرة، شعر ثلج أنه في هذه اللحظة عليه تقبل كل شيء كيفما يبدو، حتى لو لم يفهم ما يحدث الآن، وربما لن يفهم ابدا ما سيحدث حتى موته، إلا أنه لن يتخلى عن السير مع التيار بعد الآن.
لن تسير السمكة عكس التيار إلا إن أرادت موتها، الآن قرر ثلج فقط أن يعيش مجددًا بطريقته الخاصة، اكتسب اول مبدأ من مبادئه، لا يمكن فهم الحياة وتفسيرها بأعين بشرية ضحلة، فقط يمكن للبشر تفسير الأشياء كيفما يحبون لأرضاء غاياتهم، ولكن ثلج قرر فقط تقبل الأمر كيفما بدا، تجنبه لن يعود بالخير لأنه حدث بالفعل، وليس عدم تجنبه هو الحل، بل محاولة فهمه والسير مع التيار مع محاربة العقبات.
في الدروب السهلة لن تكسب أي شيء، ولكن عقبات الطريق الصعبة هي ما تصنع المعنى للحياة.
..
في العالم الخارجي.
كان ثلج الموضوع الساخن ولمدة طويلة، وبالرغم من الجهود المبذولة للبحث عن أي شيء يخص ثلج إلا أن اخباره اختفت من العالم وكأنه لم يكن يومًا.
"هل كان اليوم؟" تساءل إحدى الأسياد الشباب أثناء التحليق على غيمة ويحيطه العديد من الشخصيات المختلفة.
أجاب تساءله العجوز الذي يتمركز على رأس الغيمة "أجل، نحن متوجهين لمكان إقامة الحدث"
"يااه! أنا متطلع للمسابقة، يمكن للعنقاوات والتنانين ان تحلق وحدها في السماء، هل انتم مهتمين بولادة هذا التنين قريبًا؟" قالها وأنفه مرتفع للسماء.
تجاهله الحشد وتحاوروا بينهم "لنتجاهل هذا الغبي، على أي حال هل علمتم أن ثلج شرب من رأس سيد المدينة!!" قالت الفتاة.
"لا يصدق!" رد أحدهم بتفاجئ
"كما أخبرك!! يقال أنه قضى العديد من الليالي وهو يطارد البشر ويسفك دماؤهم، انه شيطان للغاية!"
"الأخت الصغيرة توقفي عن المبالغة، بالرغم من أنه استطاع قتلهم إلا أن التقنية الأخيرة جعلته يفر هاربًا، لقد حصل على العديد من الأصابات الداخلية الخطيرة، أخشى ان جثته تحللت بالفعل" تدخل شخص ثالث بالمحادثة من بين المتواجدين.
تنهد العجوز بالأمام، مازال الجيل الشاب مهتمًا بذاك الثلج، بالرغم من أن الحادثة مضى عليها عدة أشهر إلا أن أخباره وصلت لأذان الجميع.
اندلعت الاحاديث خلف العجوز، كان الجيل الشاب متحمسًا حول العالم القتالي، لم يكن هناك شخص لا يحب أن يسمع قصص الأقوياء، ولكن ثلج لم يكن من الفصيل الصالح، قام العالم بتصنيفه على أنه أحد الأشرار الذين يجب ابادتهم.
"سمعت أنهم في محاولتهم الأخيرة اليائسة استخدموا تقنية الشمس العتيقة!!" قالها بحماس
"الشمس العتيقة؟" تساءل أحدهم
"بالطبع!! أيها الوافد دع الأخ الكبير يعطيك درسًا، تقنية الشمس العتيقة تنحدر لأصول مجهولة، يقال أنه لا يمكن لأحد أن يفر من قوتها، حتى الأسياد من مرحلة الهاجرة لا يمكنهم أن يفكروا بالنجاة أمامها، يقال انه حينما يتم استخدامها سيرى البشر الطبيعين أن الشمس قد بزغت، ولن يدركوا الفرق أبدا بين الشمس الحقيقية وهذه الشمس" شرح له
"لكن! ثلج استطاع الهرب منها!! هذا يعني أن مستواه في الشفق إن لم يكن بالغسق!" كانت تعابيره توحي بالرضا أثناء تفاخره بإنجازات شخص آخر
"صمتًا!" قال العجوز ثم أكمل موبخًا "أيها الفتى لا تنسى أنه من الجانب الشيطاني!! توقف عن المبالغة بمدحه، انه عدو العالم أجمع"
حل الهدوء، شعر التلميذ في صدره بالإمتعاظ ولكنه فهم سبب التوبيخ الذي حصل عليه، كانت الغيرة! العجوز أمامهم لم يصل لمرحلة الهاجرة بعد، المقارنات العمياء تصنع العجز.
شعر التلاميذ الآخرين بالأمر، حتى على الرغم من المبالغة إلا أنه يستحقها، شخص يمكنه الهرب من تقنية عميقة كهذه ليس شخصًا بسيطًا، لم يعلم العالم عن مكانه ولا حتى إن مات او ظل حيًا، فعل هذا الأمر فقط يوحي على قوة هذا الشخص المسمى ثلج.
"اقتربنا من الوصول، تجهزوا" قال العجوز
خفقت قلوب الشباب بالخلف، كانوا يقفون بشكل مهيب على الغيمة، أرادوا نشر هالتهم المفخمة.
استقبلت المشاهد الباهرة أعين الشباب، أعلى الجبل تواجدت طائفة ضخمة مليئة بالزينة، الرائحة العطرة للطعام تركت بصمة الجوع عند الجميع، بينما المظاهر العجيبة للأجيال الشابة بدت غريبة ومبهرة بذات الوقت.
تميز العديد من الأشخاص بغرابتهم، ولكن هذه الغرابة ما جعلت لكل شخص شخصية فريدة تميزه عن سواه، هبطت الغيمة في ساحة الطائفة، استقبل العديد من العجائز الوفد القادم.
"العجوز هان! يبدو أن صقلك تقدم.. في هذه المرحلة لا يمكنني إلا الثناء. هاها"
"انت محق، لن يمضي الكثير من الوقت حتى يتخطاني، يبدو أنه علي الإسراع في الصقل قريبًا"
"هيهي. يبالغ السادة في مدحي، مازلت في الخلف أمامكم أيها الأسياد" رد العجوز هان
"لا داعي للتواضع أيها العجوز، لنذهب اليوم على حسابي" قال أحد العجائز
كانت محادثة مليئة بالحيوية بين العجائز بالرغم من التجاعيد التي تملأهم
لوح العجوز هان للشباب ليتجولوا بالأرجاء "يمكنكم الاستكشاف، سأذهب أنا والشيوخ في جولة، لا تفتعلوا المشاكل بالأرجاء"
فهم التلاميذ كلام العجوز وغادروا على عجل.
"هل تظنون الشيخ يريدنا أن نستكشف؟" سألت الفتاة عرضًا.
لوح بالرفض بيده "لا من غير المرجح أن تكون هذه نيتة، لنحصل على بعض المتعة بالأرجاء"
استقبلت الحيوية الشباب، كانوا يتجولون بالأرجاء مع إلقاء العديد من نظرات الفحص للبضائع.
"السيد الشاب، هل انت مهتم بعرض هذا العجوز" قال أحد الباعة
"السيد الشاب، يرجى الإلتفات هنا، لدي العديد من التقنيات الرائعة" قال احد اخر
انتشر الباعة وهم يحاولون الإستيلاء على الزبائن
"الآنسة الشابة، يمكن لهذا العطر أن يجذب أي رجل، هل انت مهتمة؟" قالت التاجرة بينما وقفت التلميذة امام كشكها.
"لست مهتمة، بالواقع أنا مهتمة بهذا" رفعت التلميذة الحلي الذهبي.
"لديك عين ممتازة الآنسة الشابة! هذا الحلي مصنوع من جلد أفعى ذهبية، يمتلك العديد من المزايا الهائلة" تجاوبت التاجرة على مضض
لم تكن التلميذة مهتمة حقًا بأصل الحلي الذهبي، ولكنها بدت جميلة بعينها، كان للنساء دومًا الرغبة بكل شيء جميل ولطيف.
"الأخت الصغيرة، هل انت مهتمة بهذا الحلي؟ يمكنني شراءه لك لو تحبين" قال أحد المارة الذين انجذبوا للجمال.
"انقلع!" قالت ببرود
"يا لك من مملة الأخت الصغيرة، أردت أن أهديك شيء ما!"
"أيها!!" رفعت سيفها المعلق على خاصرتها
"حسنا حسنا! يرجى التوقف! سأغادر الآن، تشيه!!" تذمر بفمه بالنهاية وغادر وهو يجر ذيله
تجمع التلاميذ الآخرين "الاخت الصغيرة ماذا حدث للتو؟"
"لا شيء مجرد شاب مزعج أراد أن يتباهى بالأموال" ردت بغضب
"اهدئي الأخت الصغيرة، لا باس! لقد غادر كما ترين، لا تدعيه يفسد مزاجك، حسنًا انا ساشتريه لك"
"البائعة حضري الحلي لأختي الصغيرة" ألقى حجارة ذهبية للتاجرة، ومضت أعينها بفرح كانت تلقت للتو حجر ذهبي، يكافئ الحجر الذهبي 1000 حجر فضي، بينما الحجر الفضي يكافئ 1000 حجر برونزي، يمكن لحجر ذهبي واحد أن يجعل عائلة بشرية تعيش لعدة قرون دون خوف.
القاه كما يلقى الحجارة، عرفت التاجرة أنهم أغنام ذهبية، لكن أمام الصاقلين البشر مجرد علف يمكن التخلص منهم بسهولة، لهذا لم تجرؤ على دفع حظها.
"الآنسة الصغيرة هل انت مهتمة بـ.." قالت التاجرة ولكن قاطعتها الفتاة
"لست مهتمة" كان مزاجها قد تعكر بالفعل، أخذت الحلي الذهبي وغادرت
تنهد التلاميذ "لنلحق الأخت الصغرى بسرعة قبل أن تفتعل مشكلة"
..
في الظلام برزت ظلال العديد من الشخصيات.
"هل قابل ثلج السجين؟" سأل أحد الظلال
"أجل كما يبدو أيضا أنه وجد الكتاب بالفعل، يصبح الأمر ممتعًا هيهيهي.." ضحك الظل الآخر بشكل شرير
"يبدو أنه يواجه صدمة، كما أنه وجد تلك الغرفة الخارجية، كل شيء في مكانه الصحيح، الآن لنرسل له تلك الهدية، لقد حان الوقت"