الفصل العاشر: العيون التي تراقب
مرّت الأيام ثقيلة، لكنها لم تكن بلا فائدة. ستيف وأليكس بدآ يتعلمان المهارات الأساسية للبقاء: صناعة الأدوات، قطع الأشجار، التعرف على النباتات السامة من المفيدة، فهم إشارات الشمس والظلال.
ومع كل يوم، بدأت يد ستيف تُظهر له قدرات أكثر دقة... تنظيم المخزون، إدخال الأشياء وإخراجها دون لمسها... ببطء، صار يشعر كأن العالم نفسه يتفاعل معه بطريقة لا يفهمها بعد.
✦
في أحد الأمسيات، وبينما كانت الشمس تودّع الأفق بخجل، قرّرا أن يمشيا قليلاً خارج حدود القرية.
كان الهدوء غريبًا... لا زقزقة طيور، لا صوت رياح.
قالت أليكس وهي تمسك بفأسها الحديدي: — "هل تشعر أن أحدهم... يراقب؟"
أجاب ستيف وهو يحدق في الأشجار الصامتة: — "منذ لحظة مغادرتنا... نعم."
فجأة... سمعا طقطقة خفيفة.
ثم ظهر من بين الضباب... سكيليتون مختلف.
لم يكن مثل أولئك العاديين الذين واجههم ستيف ذات ليلة. هذا واحد أشدّ بياضًا، كأن عظامه مصنوعة من اليشم النقي، وعيناه لا تتوهجان كغيره، بل تلمعان بهدوء... وذكاء.
لم يتحرك للهجوم.
بل وقف على بعد عشرين خطوة، يتأمل.
رفع قوسه ببطء.
— "احذر!" صرخت أليكس.
لكن لم يكن هناك وقت كافٍ.
سهمان انطلقا بسرعة مذهلة، كأن الهواء لم يمر بينهما.
الأول خدش رقبة ستيف، تاركًا خطًا أحمر دقيقًا لا يُكاد يُرى... لكنه أوجعه.
والثاني أصاب أليكس بنفس الطريقة، وكأن المُهاجم أراد تحديدًا أن يُصيب الرقبة دون قتل.
تراجع السكيليتون ببطء، وأطلق صوته بنبرة بشرية غريبة، خشنة وعميقة:
> "لو أردتكم ميتين... لمتم."
ثم أدار ظهره، وركض بخفة واختفى بين الظلال... كأن الأرض ابتلعته.
✦
سقطت أليكس على ركبتيها، ممسكة برقبتها.
قال ستيف وهو يحاول السيطرة على ألمه: — "لم يكن هذا مخلوقًا عاديًا... كان يراقب."
ردّت أليكس، وعيناها تتسعان بخوف: — "لقد كان ذكيًا... وبارعًا. ليس وحشًا، بل... رسول."
— "رسول من؟"
سكتت للحظة، ثم همست بصوت مرتجف:
— "سمعت الحاكم ذات مرة يتحدث عن ساحرة تسكن وراء الغابات المظلمة... لا أحد يجرؤ على الاقتراب منها. قال إنها لا تظهر، لكنها... تعرف كل ما يحدث."
سأل ستيف: — "هل تعتقدين أنه تابعها؟"
— "أكثر من ذلك... أظنه عيونها."
✦
وفي تلك الليلة، حين عاد الاثنان إلى القرية، دخل ستيف غرفته وفتح يده اليمنى...
هناك، في إحدى مربعات المخزون، ظهر رمز السهم الأبيض.
لكن المربع لم يكن قابلًا للتحكم.
كان محاطًا بإطار رماديّ يتوهج أحيانًا... كأنه يقول له: "ليس بعد."
أما على عنقه، فقد بدأ جرح السهم يُكوِّن علامة حمراء باهتة... تتّقد كلما اقترب القمر من منتصف السماء.
نام ستيف تلك الليلة وهو يعلم... أن أحدهم الآن يراه.
ولم يكن ذلك مريحًا أبدًا.