9 - الفصل التاسع: الفتاة ذات العينين المتوهجتين

الفصل التاسع: الفتاة ذات العينين المتوهجتين

مرّت ثلاثة أيام منذ رحلة الصيد الأولى. أصبح ستيف يستيقظ قبل الجميع، يذهب إلى الحقول يساعد القرويين، يتدرّب على القوس والخنجر، ويتعلّم كيف يزرع القمح ويصنع الخبز.

لكن في أعماقه، كان هناك سؤال لا يهدأ:

من أنا؟ ولماذا أملك هذه القدرات؟

ولم يكن الصوت في رأسه يظهر إلا نادرًا، وكأنه ينتظر لحظة محددة ليكشف كل شيء.

في إحدى الليالي، وبينما كان في طريقه من الحقول إلى منزله، لمح شيئًا يتحرك بين الأشجار خلف السور.

ركض بخفة خلف أحد الأكواخ، اختبأ، وركز بصره...

كانت هناك فتاة.

شعرها برتقاليٌّ فوضوي، عيناها تلمعان في الظلام، تحمل على ظهرها حقيبة صغيرة، وتضغط صدرها إلى جذع الشجرة كأنها تحاول ألا تُرى.

لكنها رأته.

نظرت نحوه لثوانٍ... ثم قفزت واختفت بين الأشجار.

— "مَن كانت تلك؟!" تمتم مذهولًا.

ركض نحو السور، لكن عندما وصل لم يجد أثرًا لها.

في صباح اليوم التالي، أخبر زعيم القرية بما رأى.

ساد صمت ثقيل، ثم قال الزعيم:

— "تلك الفتاة... تُدعى أليكس. وجدناها رضيعة عند حافة الجبال الجنوبية منذ سنوات. هي وأنت... لا تشبهاننا. وجهكما ليس كوجه قروي. لكنها لا تثق بأحد. تختفي دائمًا في الغابة وتراقب القرية من بعيد."

— "هل... هل أنا مثلها؟"

نظر الزعيم في عينيه طويلاً، ثم قال: — "ربما أكثر مما تظن."

قرر ستيف البحث عنها. ليس بدافع الفضول فقط، بل بسبب شعور داخلي عميق... وكأن جزءًا من إجابته يكمن معها.

في اليوم الثالث، وبينما كان يملأ دلو ماء قرب البئر خارج الأسوار، سمع صوتًا خلفه:

— "لماذا تنظر إليّ كثيرًا؟"

استدار بسرعة.

كانت تقف خلف شجرة، نصف جسدها مخفي، تحمل خنجرًا صغيرًا، وتحدّق فيه دون خوف.

— "أنا فقط... أردت أن... أعرف من أنت."

صمتت قليلًا، ثم قالت:

— "أليكس."

— "أنا ستيف."

ضحكت بخفة، قالت: — "أعرف. راقبتك منذ دخلت القرية. لديك شيء غريب في يدك اليمنى، مثلي."

ارتبك. سألها: — "ترين الشريط أيضًا؟ المربعات؟"

هزّت رأسها، ثم أخرجت من يدها شيئًا شبيهًا بما رآه داخل شريطه: فأس حجري، ظهر فجأة كأن الهواء أنجبه.

— "أنا أستطيع أن أضع الأشياء وأُخرجها، لكن فقط إن كانت قريبة مني. لكني لا أعرف كيف أفعل أكثر من ذلك."

سكتا كلاهما للحظة.

ثم قالت وهي تمشي ببطء مبتعدة: — "لا تثق بالجميع هنا، ستيف. البعض يتظاهر بأنه طيب... لكنه ليس كذلك."

— "من تقصدين؟"

لكنها لم تجب، واختفت بين الأشجار كعادتها.

عاد ستيف إلى منزله متوتّرًا... لكنه هذه المرة لم يكن خائفًا.

في داخله، بدأت قطع الأحجية تتكوّن.

وفي تلك الليلة، وبينما كان يكتب على قطعة جلدية صغيرة أول تدوين له عن "الشريط"، أضيء المربع الثالث في يده اليمنى دون أن يفعل شيئًا.

وظَهَرَت فيه صورة: كتاب قديم.

وقبل أن يلمسه، سمع الصوت مجددًا... هذه المرة أكثر وضوحًا:

"اقتربت من الحقيقة... لكن الكتاب ليس جاهزًا بعد."

2025/06/12 · 1 مشاهدة · 439 كلمة
Weazz
نادي الروايات - 2025