الفصل السادس: بداية جديدة
استيقظ ستيف على صوت تغريد الطيور، وكان الضوء يتسلل من نافذة خشبية صغيرة في الغرفة التي خصصها له القرويون. لأول مرة منذ دخوله هذا العالم، شعر بالأمان… أو بشيء يشبهه.
لم يكن قد اعتاد بعد على شكل القرية: كل شيء بدا وكأنه خرج من لعبة غريبة — الأشجار مكعبة، الأرض مفروشة بمربعات من العشب، والناس... كلهم يملكون ملامح مربعة تمامًا، مثل ذلك الزعيم الذي استقبله بالأمس.
جلس على سريره الحجري الخشن، ومرر يده على ساعده الأيمن بتفكير. منذ أن دخل هذا العالم، يشعر وكأن هناك شيئًا غريبًا في جسده... إحساس خافت بوجود شيء غير مرئي تحت جلده، وكأن هناك طيفًا من طاقة لا يفهمها بعد. لكنه تجاهل ذلك، ونهض.
حين خرج، وجد القرويين يبدؤون يومهم: هذا يحفر، وذاك يحصد، وآخر يصلح سقفًا مائلًا. وقف حائرًا، إلى أن اقترب منه رجل مسن يرتدي رداءً أخضر ويضع نظارات سميكة.
قال بابتسامة دافئة: — "أهلاً بك في يومك الأول كقروي... أنا إيليزر، سأكون مسؤولاً عن تدريبك."
تبع ستيف الرجل دون كلمة، وفي داخله عشرات الأسئلة. أخذ إيليزر يشرح له كيف تُزرع الأرض، كيف تُجمع الأخشاب، وكيف تُستخدم الأدوات الأساسية. بدا الأمر بسيطًا، لكنه كان يعرف أن ما ينتظره ليس بهذه السهولة.
وبينما كان يجمع بعض الخشب من جذوع الأشجار خارج السور، حدث شيء غريب.
حين حمل أحد ألواح الخشب، شعر بوميض في يده اليمنى، وكأن شيئًا ظهر للحظة... مثل شريط شفاف فيه مربعات صغيرة، قبل أن يختفي بسرعة.
تراجع متفاجئًا، وحدّق في يده. "ما هذا؟!"، لكنه حين حاول مرة أخرى، لم يحدث شيء.
عاد إلى القرية، يخبئ هذا السر الصغير في قلبه، وهو لا يعلم أن هذه أول لمحة لقدراته الفريدة.
في تلك الليلة، وبينما كان ستيف يتناول العشاء مع إيليزر وبعض القرويين، بدأ يشعر بأن هناك شيئًا مختلفًا في هذه القرية. شيء ما يُخفيه القرويون، أو ربما لا يدركونه... شيء أكبر من مجرد زراعة وصناعة.
وقبل أن ينام، صعد إلى سطح منزله الحجري ونظر إلى النجوم المكعبة. وفجأة، رأى تلك العيون مرة أخرى… عيون الظل.
وقف هناك، يراقبه من بعيد، دون حراك. ستيف لم يخف، بل شعر بشيء غريب يشبه الطمأنينة… وكأن هذا الظل هو كل ما بقي له من ماضيه المنسي.
ثم همس الصوت مجددًا، أكثر وضوحًا من قبل:
"راقب جيدًا... فليس كل ما يبدو بسيطًا، يبقى كذلك..."