إلى هنا، انتهت الفصول التي كنت قد كتبتها ونشرتها سابقا باللغة الإنجليزية، وما قرأتموه كان ترجمة لتلك الفصول.

الآن أنا في حيرة حقيقية: هل أكمل كتابة الرواية أم أتوقف هنا؟

أنتم تعلمون أن تركيزي الأكبر حاليا منصب على روايتي الأساسية (صعود العائلة)، ولا أعرف بصراحة إن كانت هذه الرواية تستحق الجهد والوقت لكي أستمر فيها بجانب الرواية الأخرى.

القرار لكم.

***

الفصل 14: بين أنياب الوحوش[5]

بدأ الغول العملاق يندفع نحو جيمس بجنون، كل خطوة يخطوها كانت تهدر كالصواعق، تشقُّ الأرض وتتناثر الحجارة تحت قدميه الضخمتين.

وفي الجهة المقابلة، تقدّم جيمس أيضًا بثبات، قبضته تشدّ على سيفه بينما تتوهّج حوله خيوط التشي البيضاء كأنها لهبٌ صامت.

اصطدمت عصا الغول الحديدية، بسيف جيمس في ضربة واحدة.

لحظة التصادم لم تكن مجرد صوت معدنٍ يضرب معدنًا؛ بل انفجار طاقة هزّ الهواء من حولهما، موجة صادمة امتدت كنبضة كسرت سكون الغابة، جذبت أنظار كل الوحوش المتربصة، وحتى لورين والفرسان الذين توقّفوا مذهولين.

رمقوا المشهد بأعين متسعة—رأوا الغبار يتطاير، الأرض تتشرخ، والشرارات تنفجر بين الطرفين—ولم يستوعبوا كيف أن مجرد اصطدام واحد ولّد كل تلك الفوضى.

لكن ثقل ضربة الغول كان غير قابل للمقارنة.

اهتزّ ذراع جيمس بعنف، وصرخة معدن متصدّع شقت الأجواء… قبل أن ينفطر سيفه إلى نصفين.

اندفعت الشفرة المكسورة في الهواء، بينما اندفع جيمس للخلف بقوة الصدمة، قدماه تنزلقان على التراب وهو يحاول منع نفسه من السقوط.

كان الفرق بين قوة الطرفين صارخًا… والغول لم يكن سوى في بداية هجومه.

اندفع الغول مرة أخرى نحو جيمس دون أن يمنحه لحظة لالتقاط أنفاسه.

خطواته كانت كالرعد، وكل اندفاعة تقرّب المسافة بينهما في ثوانٍ.

أما جيمس، الذي كان يحاول النهوض بصعوبة بعد الضربة السابقة، فقد تلوّت أنفاسه ألمًا، والدم ينزف من زاوية فمه، مما دلّ على الإصابات العميقة التي سبّبها التصادم الأول.

لم يكد يرفع رأسه حتى وجد ظل الغول يغمره بالكامل.

رفع الغول عصاه الحديدية الضخمة، ولوّح بها في قوس هائل قبل أن يهوي بها مباشرة نحو بطن جيمس.

سُمِع صوت الضربة كأن جذع شجرة انكسر، وتشنّج جسد جيمس للحظة قبل أن يُقذف بعيدًا بقوة وحشية.

طار جيمس عبر الهواء كدمية قُذفت من منجنيق، اندفع داخل الغابة بسرعة جعلت الأشجار العملاقة تبدو كأعمدة تتحطم في طريقه.

ارتطم بواحدة… ثم بأخرى… وكل شجرة اصطدم بها كانت تهتز وتتناثر أوراقها في كل اتجاه، حتى فقد الجسد المتطاير سرعته أخيرًا وارتطم بالأرض بين جذوع مكسّرة وأغصان متناثرة.

توقّف الغول في مكانه، كتفيه يعلوان وينخفضان مع أنفاسه الثقيلة، وراح يحدّق في المسافة التي اختفى فيها جيمس، وعيناه المشتعلتان بالوحشية تراقبان أثر طيرانه كأنه يتأكد من أن ضحيته قد سُحقت بالفعل.

"هل… هل مات؟ يا إلهي…" تمتم لورين في نفسه بينما كان يتراجع خطوة وهو يصدّ ضربة غولٍ آخر بسيفه.

الشرر تناثر من حافة النصل، لكن ذهنه لم يكن مع خصمه.

"ما هذه القوة؟ ذلك الغول… لم أرَ شيئًا كهذا طوال حياتي."

أطلق لورين سلسلة من الضربات السريعة ليبعد الغول الذي أمامه فقط بما يكفي ليبقيه بعيدًا، لا ليهزمه.

تنفّس بقوة، ورفع عينيه نحو المكان البعيد الذي قُذف إليه جيمس.

"يبدو أننا… انتهينا فعلاً." همس بمرارة وهو يشدّ على مقبض سيفه.

"لو ترك ذلك الوحش خصمه واتجه نحونا الآن، فلن نملك سوى الهرب بأقصى سرعة."

في الجانب الآخر، كان جيمس مستلقيًا داخل حفرة عميقة تشكّلت من ارتطامه الوحشي بالأرض.

الدم يسيل من فمه، وأضلاعه تؤلمه مع كل نفس.

الأشجار العملاقة خلفه كانت مكسّرة ومحطّمة بالكامل، تتبع أثر الطيران العنيف الذي سبّبته ضربة الغول.

غمض عينيه للحظة، ثم قال في داخله:

"أيها النظام… كم سنة من الطاقة الداخلية عندي غير مستخدمة؟"

جاء الردّ ببرود مألوف:

[ لدى المضيف 287 سنة من الطاقة الداخلية غير مستخدمة ]

لطالما كان جيمس يأخذ المكافآت المتفرّقة من النظام—سنة… ثلاثون يومًا… خمسة أيام—لكنه لم يكن يستعملها.

كان يجمعها وينتظر… ينتظر اللحظة التي يخترق فيها حاجزًا واحدًا دفعة واحدة.

والآن… بعد هذه الضربة التي كادت تقتله… قرّر.

"استعملها بالكامل." قالها في نفسه بصرامة.

وفورًا، انطلق سيلٌ هائل من الطاقة الداخلية داخل جسده.

شعر كأن شرارة بيضاء انفجرت في عموده الفقري وانتشرت في عضلاته، عظامه، وحتى جلده.

الجروح بدأت تتقلص ببطء، وحرارة قوية ملأت صدره حتى أصبح الهواء حوله يرتجف وكأنه يتنفس معه.

مئتا سنة من الطاقة الداخلية… قوة كافية لرفعه مباشرة إلى المستوى الأول من فارس عالي المستوى.

وما زالت الطاقة في ازدياد.

نهض جيمس ببطء، كتفاه ترتفعان مع كل نفس، والجروح التي كانت تنزف قبل دقائق بدأت تلتحم أمام عينيه وكأن الزمن نفسه يعود إلى الوراء.

شعر بقوته تتدفق داخله بثبات، حرارة طاغية تسري في عروقه، وكل خلية في جسده تستيقظ من سباتها.

خطا خطوة… ثم أخرى.

كان يمشي بهدوء، لكن شيئًا في خطواته لم يعد هو نفسه.

الأشجار الكثيفة حوله لم تكن عائقًا؛ بل كانت تنحني مع كل موجة طاقة تتسرب من جسده دون قصد.

ومع كل خطوة جديدة، كانت الأرض تحت قدميه تهتز بخفة، وكأن الهواء حوله يستشعر بروز قوة مختلفة تمامًا عمّا كان عليه قبل دقائق.

ثم—وبدون إنذار—تغيّر إيقاعه.

تحولت خطواته الهادئة إلى هرولة… ثم إلى اندفاع صامت اخترق به الغابة كالسهم.

لم تعد الأشجار سوى ظلال تتلاشى خلفه، وكل ما حوله صار خطوطًا ضبابية بفعل السرعة الهائلة التي اكتسبها.

وما إن خرج من حافة الغابة إلى السهل المفتوح حتى رفع يده، والسيف المكسور سابقًا صار الآن مغطى بطبقة كثيفة من التشي البيضاء، لامعة كأنها شمس مصغّرة تحترق في قبضته.

في لحظة خاطفة، أرسل جيمس موجة هائلة من الطاقة عبر سيفه.

اندفع شعاعٌ أبيض نقي—ضيق ودقيق، لا يتجاوز عرضه مترًا واحدًا—لكن تركيزه كان أشبه بسهمٍ من الضوء، يحمل في داخله طاقةً تكفي لتحويل أي شيء يعترضه إلى فتات.

اخترق الهواء بصوت يشبه انشقاق السماء، خطٌّ مستقيم من الضوء يتجه مباشرة نحو العملاق.

الضربة كانت سريعة لدرجةٍ لم يُتح للعين وقتٌ لالتقاطها.

انطلقت الموجة البيضاء من سيف جيمس كشرارة برق ممزِّقة، خطّ مستقيم من الضوء اندفع في الهواء ليصل إلى الغول خلال جزء من ثانية—لم يملك الوقت حتى ليُتم زئيره.

الغول، وقد شعر بحدسٍ قاتل يقترب منه، لوى جسده الضخم للجانب محاولًا امتصاص الصدمة، وانحنى قليلًا وهو يرفع عصاه الحديدية بكل ما يملك.

شدّ عضلات كتفيه وصدره، وثبّت قدميه في الأرض كأنهما جذور شجرة، ثم سحب العصا من خلفه في حركة نصف دائرية ليلتقي بالضربة قبل وصولها.

ولكن…

الضربة كانت أسرع منه.

الموجة البيضاء اصطدمت بالعصا أولًا، فسمع الغول طقطقة حادة كأن المعدن يصرخ.

وفي اللحظة التالية—وقبل أن يضغط بيديه لصدّها—انزلقت الطاقة على طول العصا، ثم انحرفت قليلًا نحو ذراعه اليمنى.

اختفى الصوت.

وبكل بساطة…

مرت الضربة عبر المفصل مثل سكين حار يشق الزبد.

توقّفت ذراع الغول في الهواء لحظة، ثم طارت بعيدًا في قوسٍ قصير وسقطت على الأرض بصوت مكتوم.

صرخ الغول فجأة، صرخة تهزّ الأشجار من شدّتها، بينما الدم الداكن ينفجر من كتفه المبتور، ووجهه المشوّه يرتجف بين الغضب والصدمة.

2025/12/09 · 63 مشاهدة · 1050 كلمة
Moncef_
نادي الروايات - 2025