هذا الفصل مخصص للبالغين فقط. إذا كنت دون 18 عاما، أرجوك اخرج واقرأ فصلا آخر. ( عامة الرواية بالكامل +20 اخخخ)
***
الفصل 24: اجتياح مملكة بلاك
مر أسبوع كالبرق، وتوجت الأيام بحدث لم تشهد المملكة مثيلاً له في العقد المنصرم. لم يكن مجرد حفل زفاف، بل كان إعلاناً صارخاً عن عهد جديد،
غسلت احتفالاته هموم الهزيمة المريرة التي تجرعتها البلاد أمام مملكة بلاك، وكأن الأضواء التي زينت السماء تلك الليلة قد مسحت العار عن قلوب العامة والنبلاء على حد سواء.
سارت الأنباء بين الناس كسريان النار في الهشيم؛ الدوق أندريا، داهية السياسة وأقوى رجال المملكة، يضع يده في يد جيمس.
أدرك الجميع حينها أن موازين القوى قد انقلبت، فبعد سقوط الدوق سبستيان وضياع أراضيه الغربية، صعد نجم جيمس بقوة طاغية لم تجذب الحلفاء فحسب، بل أخضعت حتى كبرياء الدوق أندريا ليزف إليه ابنته إليزابيث، جوهرة العائلة المصونة.
انفض العرس وهدأ الصخب، وانسحب الضيوف تاركين العروسين لمصيرهما. في الجناح الملكي الفاخر، كان الصمت مشحوناً بالترقب.
جلس جيمس على حافة المقعد الوثير، وعيناه لا تفارقان إليزابيث.
لم تكن تلك الفتاة تبدو كعروس خجولة في ليلتها الأولى، بل كانت تتصرف كسيدة مطلقة للموقف، واثقة من فتنتها وسلطتها.
بدأت بفك أربطة ردائها ببطء وثقة استفزت حواسه، غير عابئة بنظراته التي تتابع حركاتها، ولم يظهر على ملامحها ذرة توتر واحدة.
كسر جيمس حاجز الصمت، ونبرة من الاستغراب تشوب صوته الرجولي: "إليزابيث.. ألا تشعرين بالرهبة؟ هل أنت متوترة؟"
توقفت للحظة، والتفتت نحوه بابتسامة ماكرة أضاءت فتنة وجهها، ثم اقتربت منه بخطوات واثقة وقالت بصوت رخيم يقطر دلالاً: "ولم التوتر؟ ألست لي الآن؟"
اقتربت منه أكثر حتى صارت أمامه مباشرة، وهبطت على ركبتيها بجرأة غير معهودة، عيناها تلمعان بتحد لذيذ.
امتدت أناملها لتلامسه ببطء وجرأة، حركة جعلت جسد جيمس يرتجف، ليس خوفاً، بل من فرط المفاجأة وتدفق المشاعر التي أثارتها جرأتها غير المتوقعة.
رفعت رأسها تراقبه، وضحكت بخفة حين لاحظت ارتعاشه وقالت بمكر: "يبدو لي أنك أنت المتوتر يا سيدي.."
ما إن طرقت كلماتها سمعه حتى تحركت فيه كبرياء الرجل العاشق.
لم يمهلها لتكمل ضحكتها، بل انقض عليها بحركة خاطفة وحملها بين ذراعيه بخفة صدمتها، وكأنها ريشة لا وزن لها، ثم اتجه بها نحو السرير وألقاها عليه بقوة مسيطرة تعلن عن سطوته.
اعتلاها "جيمس" وعيناه تقدحان شرراً، محاصراً إياها تحت ثقل جسده وسيطرته. لم يعد هناك مجال للتراجع أو التمهل؛ فقد أطاحت جرأتها بآخر حصون صبره.
انقضّت يده بخشونة محببة لتعتصر صدرها ، يتحسس نعومتها بلهفة أشعلت النيران في عروقه، بينما انزلقت يده الأخرى بجرأة لأسفل ظهرها، مطبقةً بقوة على مؤخرتها ، جاذباً إياها نحوه ليلتصق جسداهما تماماً، تاركاً إياها تشعر بمدى رغبته الجامحة.
تنهدت "إليزابيث" بصوت مسموع، وقد فاجأتها سطوته التي لم تختبرها من قبل، لكن عينيها ظلتا تتحديانه ببريق من الشهوة.
اقترب من أذنها وهمس بصوتٍ أجش، أنفاسه الحارقة تلفح عنقها: "تظنين أنكِ قوية بخلع ملابسكِ؟ القوة الحقيقية هي ما سأفعله بكِ الآن.. هذا الجسد، بكل تفاصيله، صار ملكي وحدي."
رفعت يديها لتغرس أظافرها في ظهره، وقالت بلهجة مستفزة وهي تضغط جسدها ضد يده التي تعتصرها: "لا تكتفِ باللمس والكلام يا جيمس.. أرني رجولتك، اجعلني أصرخ باسمك."
ما إن نطقت بكلماتها حتى فقد "جيمس" كل ذرة تعقل.
التهم شفتيها في قبلة دموية عنيفة، ويداه تتملكان جسدها بلا رحمة، تارة تعتصران مفاتنها وتارة تثبتانها تحته، قبل أن يندفع ليأخذها بقوة وعنفوان، معلناً انتهاء الكلام وبدء ليلة صاخبة لن ينساها القصر أبداً.
…
مع انبلج خيوط الفجر الأولى، غادر جيمس جناحه الملكي بخطوات هادئة، تاركاً خلفه إليزابيث غارقة في سبات عميق، جسدها المنهك يغوص في الحرير بعد ليلة كانت بمثابة إعصار من المشاعر.
أغلق الباب خلفه برفق، لكن ملامح وجهه تغيرت فور خروجه، لتكتسي بجدية القائد.
في الرواق الطويل، لمح ابنه "رين" يهرول باتجاهه، وعلى محياه علامات الفزع والعجلة.
"رين؟ ما خطبك؟ لماذا تهرول هكذا في هذا الوقت المبكر؟" سأله جيمس بصوت رخيم وهو يعترض طريقه ليوقفه.
توقف رين ليلتقط أنفاسه اللاهثة، وقال بنبرة ملؤها الغضب والقلق:"أوه أبي، جيد أنك هنا.. الأمر خطير. مملكة بلاك تمادت في طغيانها، لقد شنوا هجوماً مباغتاً على حدود مملكة لورين الجنوبية."
" الجنود هناك في حالة فوضى، والآن يشتبك معهم الدوق أندريا وبعض النبلاء، لكن أعداد العدو هائلة، يبدو أنهم بحاجة ماسة لمساعدتك يا أبي."
صمت جيمس للحظة، وبدلاً من القلق، ارتسمت على شفتيه ابتسامة جانبية باردة، وحدث نفسه بانتشاء داخلي: "آه.. يبدو أن الوقت قد حان أخيراً. لقد مضى وقت طويل منذ أن أطلقت العنان لذلك الجنون القابع داخلي لتجربة قوتي الحقيقية."
لم يضيع وقتاً.
أصدر أوامره بصوت كالرعد، وبالفعل تم حشد جيشه الجرار.
قرر جيمس ترك نصف الجيش لحماية المدينة، واصطحب معه النخبة؛ خمسة آلاف مقاتل، جميعهم من الفرسان متوسطي المستوى، يقودهم الضباط الخمسة روبين، فيليب، كايزر، إدوارد، وفرايان.
خرج جيمس وهو يمتطي صهوة جواده الأبيض الضخم، مرتدياً درعاً أبيض ناصعاً بتموجات مائلة للأخضر تعكس ضوء الشمس بهيبة ملكية.
وفي يده، كان يقبض على "سيف الموت السماوي"، ذلك السيف الأحمر القاني الذي منحه إياه النظام، والذي كان ينبض بهالة مرعبة.
"هيا.. انطلقوا!" صرخ جيمس، ملوحاً بسلاحه.
تحرك الجيش خلفه كالسيل الجارف نحو الحدود الجنوبية.
وما إن وصلوا إلى مشارف المعركة، حتى كانت الأرض تهتز تحت وطأة حوافر خيولهم، مثيرة سحابة هائلة من الغبار حجبت الأفق.
في ساحة المعركة، توقف القتال للحظة. التفت جنود مملكة بلاك، وحتى جنود الدوق أندريا المنهكون، نحو تلك العاصفة الرملية القادمة.
"من هؤلاء؟ هل هم دعم لنا؟ أم لهم ؟؟" تساءل الجميع في أنفسهم بصدمة وترقب، والقلوب تخفق من الرهبة.
انشق الغبار ليظهر جيمس في المقدمة، يركض بجواده كالسهم، والابتسامة لا تفارق وجهه. لم ينتظر التحام الجيوش، بل اقتحم صفوف مشاة العدو بمفرده أولاً.
بدأ يلوح بسيفه الأحمر، وفي كل تلويحة، كانت الرؤوس تطير والأجساد تنشطر وكأنها دمى من ورق.
كان يقطعهم بكل سهولة، وعيناه تلمعان ببريق جميل ومرعب في آن واحد، كأنه طفل وجد لعبته المفضلة وسط ساحة الموت، مستمتعاً بكل قطرة دماء تسفك بسيفه السماوي.
وسط ضجيج السيوف وصليل الدروع، كان الدوق "أندريا" يقاتل باستماتة، لكن الإرهاق كان قد نال منه،
وجسده مثقل بالجراح أمام هجمات الدوق "ليونارد" الشرسة.
رفع أندريا عينيه للحظة، فرأى راية جيمس تشق صفوف العدو في الأفق، فهتف بصوت متقطع يملؤه الأمل: "إنه جيمس.. لقد جاء لإنقاذنا!"
لكن تلك اللحظة من الشرود كادت تكلفه حياته.
استغل الدوق ليونارد الفرصة، وسدد ضربة غادرة ومميتة نحو عنق أندريا.
تراجع الدوق العجوز بفطرته القتالية في اللحظة الأخيرة، فمر السيف بجوار رقبته بسنتيمترات قليلة، قاطعاً خصلات من شعره، تاركاً إياه يحدق في الموت بعينيه.
لم تخفَ تلك الحركة عن عيني "جيمس" الثاقبتين.
وبسرعة تخطت سرعة البرق، انطلق نحوهم تاركاً خلفه خيطاً من الغبار.
وفي لحظة انطلاقه، همس بكلمات القوة:"تفعيل.. حراشف التنين الذهبي."
فجأة، انبثق نور ذهبي ساطع من جسد جيمس، وبدأت حراشف معدنية براقة تغطي جلده بالكامل، محولة إياه إلى كائن أسطوري مهيب يشع قوة وجلالاً.
وصل جيمس إلى قلب الحدث، ورفع سيفه "الموت السماوي" عالياً، مطلقاً ضربة قاطعة مشحونة بطاقة بيضاء نقية ومرعبة، اتجهت مباشرة نحو الدوق ليونارد.
اتسعت عينا ليونارد من هول الضغط الجوي الذي أحدثته الضربة، ولم يجد وقتاً للتفكير سوى أن يرفع سيفه ويحشد فيه كل ما يملك من طاقة "التشي" محاولاً الصد.
لكن المحاولة كانت عبثاً.
اصطدمت الطاقة البيضاء بسيف ليونارد، فلم يصمد المعدن ولا "التشي" أمام جبروت جيمس.
تحطم سيف الدوق كأنه عود ثقاب، وواصل نصل جيمس طريقه بلا رحمة، ليقطع عنق ليونارد في حركة واحدة سلسة، ويفصل رأسه عن جسده الذي هوى هامداً على الأرض.
ساد صمت مرعب لثانية واحدة، قطعته صرخة الرأس المتدحرج.
تجمد جنود مملكة بلاك في أماكنهم، عيونهم شاخصة نحو قائدهم الأقوى الذي قُتل بضربة يتيمة وكأنه حشرة.
انهارت معنوياتهم في لحظة، وتحول الجيش المرعب إلى قطيع من الخراف المذعورة.
كانت تلك هي الإشارة التي انتظرها فرسان جيمس وضباطه الخمسة.
انقضوا عليهم كذئاب جائعة، وبدأوا في حصد أرواحهم بلا هوادة. لم تكن معركة، بل كانت مذبحة من طرف واحد، حيث تم اصطياد جنود العدو كالدجاج الهارب.
وفي غضون ساعات قليلة، خيم السكون على ساحة المعركة، بعد أن أنهى جيش جيمس تصفية كل من حاول الفرار.
بعد أن هدأت عاصفة المعركة، تقدم الدوق "أندريا" نحو زوج ابنته، ملامحه تجمع بين الامتنان والذهول. انحنى الدوق العظيم، الذي لم ينحِ لأحد من قبل سوى الملك، انحناءة احترام عميقة وقال بصوت متهدج: "شكراً لك يا بني.. لولاك لكانت النهاية."
انتفض "جيمس" وتلاشت هالة القتل من عينيه للحظة، مسرعاً للإمساك بكتفي الدوق ليرفعه: "أبي، ماذا تفعل؟ توقف أرجوك، لا يصح أن تنحني لي."
بعد أن اطمأن على الدوق، عادت نظرة الجدية لتكسو وجه "جيمس". لم يكن النصر في هذه المعركة سوى البداية.
دون أن يضيع لحظة، وجه أنظاره وجيشه نحو العمق، تحديداً صوب "دوقية الحديد الصلب"، أحد الأركان الثلاثة الأقوى في مملكة "بلاك".
وصل "جيمس" أمام أسوار المدينة المحصنة، وما زالت حراشف التنين الذهبي تكسو جسده وتعطيه مظهراً مهيباً لا ينتمي للبشر.
رفع يده عالياً، قابضاً على خصلات شعر الرأس المقطوع للدوق "ليونارد"، وصرخ بصوت زلزل قلوب المدافعين: "تم قطع رأس الدوق ليونارد بيدي.. افتحوا البوابة واستسلموا فوراً، أو ستتدحرج رؤوسكم بجانبه!"
تجمد أحد الفرسان فوق السور رعباً وهو يرى رأس قائده الأعلى يتدلى من يد هذا الوحش الذهبي، لكن الخوف من قادته الحاليين دفعه للصراخ بإطلاق النار.
انهمرت السهام كالمطر، مما أثار حنق "جيمس".
التفت ببرود نحو "فرايان"، وقال ونظرة الموت في عينيه: "فرايان.. هل تستطيع تدمير هذه البوابة اللعينة؟"
ابتسم "فرايان" ابتسامة واثقة، وتقدم خطوة للأمام قائلاً: "أسهل شيء هو هذا يا سيدي."
بحرية تامة، وجه "فرايان" يده نحو البوابة الضخمة المصنوعة من الحديد الصلب، وأطلق ضربة طاقة مركزة.
لم يكن صوتاً عادياً، بل انفجاراً مدوياً مزق المعدن وحول البوابة الحصينة إلى شظايا متناثرة في غمضة عين.
فُتح الطريق، وأشار "جيمس" لجيشه بالدخول.
بدأ الاجتياح، وكانت الأوامر صارمة: "إبادة للضباط والمقاومين، ورحمة للمدنيين". تحرك "جيمس" كحاكم للموت، سيفه لا يتوقف عن الحصد، والدماء تغطي درعه الأبيض حتى صبغته بالأحمر القاني.
تم أسر الجنود المستسلمين، بينما لاقى العاندون حتفهم بضربات خاطفة.
لم يكتفِ "جيمس" بمدينة واحدة؛ بل اجتاح مدن الدوقية كالإعصار، تساقطت المدن واحدة تلو الأخرى حتى سقطت ست مدن كاملة تحت قبضته.
انتشر الرعب في أوصال "مملكة بلاك"، فقد أدركوا أنهم خسروا نصف الجنوب في أيام معدودة، وأن خصمهم ليس مجرد بشري عادي، بل كارثة طبيعية لا يمكن وقفها.
سارعت المملكة المهزومة بإرسال رسول للتفاوض، يرتجف خوفاً وهو يعبر بين جثث جنودهم. وصل الرسول أخيراً إلى القاعة التي يتواجد فيها "جيمس".
تسمر الرسول في مكانه، وعيناه متسعتان من الرعب. لم يرَ أمامه قائداً عسكرياً، بل رأى كائراً غارقاً في الدماء من رأسه حتى أخمص قدميه، رائحة الموت تفوح منه، وسيفه يقطر دماً طازجاً.
بصوت مرتجف، وبالكاد استطاع تجميع الكلمات، قال الرسول وهو يتفادى النظر في عيني "جيمس" المشتعلتين: "سـ.. سيدي.. نحن.. نحن نريد أن نتفاوض..."