الفصل 3: الموت يرفض منحي السلام

في المرة الثانية عشرة، حدث المستحيل: تحركت أصابعه حركةً طفيفة ومتقطعة. التقطت الشابة تلك الحركة فوراً بعينيها الدامعتين، تجمدت في مكانها للحظة، ثم اتسعت عيناها بذهول وأمل جارف. رفعت رأسها عن يده ونظرت إليه بلهفة لا توصف.

"جيمس، هل أنت..؟" قالت الشابة بلهفة ممزوجة بالصدمة وهي تحدق في يدي جيمس التي تحركت للتو.

دون انتظار رد، وضعت رأسها مرة أخرى على صدره لكي تتأكد مما كانت تخشى منه. لقد افترضت في البداية أنه أغمي عليه من شدة الإرهاق أو لأي سبب آخر، ولكن بعد أن حملته إلى السرير بصعوبة وفحصت نبض قلبه، جاءت الصدمة: قلبه كان ساكناً.

لكن الآن، وبعد سماع قلبِه ينبض مرة أخرى، تنفست الصعداء. خفت حركتها المضطربة فجأة، وكأنها أزالت جبلاً ثقيلاً كان جاثماً على عنقها طوال تلك الفترة المرعبة. لقد عاد الأمل يتسلل إلى قلبها من جديد.

"أمي، هل أبي بخير؟ استيقظ أليس كذلك؟" قال الفتى الصغير بقلقٍ بالغ، وعيناه معلقتان على جيمس الساكن.

نظرت الشابة إلى الفتى الصغير بابتسامةٍ هادئة ومطمئنة، رغم القلق الذي مازال يسكن قلبها: "أجل يا بني، أبوك بخير. أعتقد أنه يحتاج لبعض الوقت القليل وسيستيقظ". انحنت وقبلته على خديه بحنان، واحتضنته بقوة لكي تطمئنه وتهدئ من روعه.

بعد محاولات جيمس العديدة لمحاربة ذلك الظلام الكثيف الذي يغشاه رغبةً في الاستيقاظ، أدرك أخيراً أنه سيقع في غيبوبة طويلة الأمد لا محالة.

لذا، حاول بكل طاقته النفسية المتبقية النهوض، جاهد وقاوم ذلك السكون القسري مراتٍ عديدة، محاولاً التشبث بالحياة والصوت البعيد الذي يناديه.

بعد مدةٍ طويلة وشاقة من الجهد والمقاومة المستميتة، لم يستطع جيمس اختراق حاجز الظلام، بل غرق فيه تماماً، مستسلماً للغيبوبة رغم إرادته.

"هاهاها!" صدح صوت ضحكةٍ مريرة في ذهن جيمس المظلم. "غريبٌ فعلاً. مرةً أريد الموت ولكنه لا يقبلني ويرفض منحي السلام. ومرةً أخرى، عندما بدأتُ لا أريد الموت بسبب بعض الأشخاص الطيبين الذين لا أعرفهم حتى، يبدو أن ابن العاهرة الموت هذا يريد أن يأخذني مرة أخرى!"

كان ساخراً وحزيناً في آنٍ واحد، سخرية ممزوجة بيأسٍ كبير اجتاح قلبه المثقل. "يبدو أنني مجرد لعبة بين يدي حاكم ما... دمية للعب واللهو ليس إلا." قال ذلك لنفسه بحزنٍ شديد ويأسٍ عارم، بينما كان يغرق أعمق في الغيبوبة.

"أيها الحاكم! اسمعني لو سمحت، اتركني وشأني! ألم أنتقل لتوي إلى جسدٍ آخر؟ من المنطقي أن تساعدني في التأقلم وليس أن تعذبني! تباً لك!"

تكلم جيمس في ذهنه بغضبٍ وسخطٍ عارمين، وكأنه يخاطب نفسه في صرخة يائسة أخيرة، معتقداً أنه وحيد في ظلمة الغيبوبة ولن يسمعه أحد.

لكن في الحقيقة، كان هناك من سمعه. لم يكن بشراً في الغرفة، بل كان كياناً أقدم وأكثر غموضاً، استمع إلى كلمات جيمس الساخطة بفضولٍ غريب، وبدأ يراقب هذه الروح المتمردة التي تحدت الموت مرتين.

"هاهاها! يا له من شاب مثير للاهتمام!"

تكلم شخصٌ غامضٌ بنبرةٍ ماكرة ومضحكة، وجهه غير واضح المعالم، ومن حوله كل شيء كان مظلماً تماماً، تتسرب منه طاقة سوداوية ومرعبة. كان جالساً على عرشٍ أسود اللون، وعلى وجهه ابتسامة قبيحة ومقززة.

"لمَ لا؟ سأمنحك شيئاً مفيداً، وستشكرني عليه لاحقاً أيها المسكين!"

ولكن جيمس، الغارق في غيبوبته وظلامه الخاص، لم يسمعه. تجاهل الكيان صرخة جيمس الأخيرة، وبدأ يراقبه باهتمامٍ متزايد من خلال كرة بلورية بيضاء اللون، يرى كل تحركاته الداخلية وصراعه الوجودي، وكأنه يراقب فأراً في متاهة.

أمسك الشخص الغامض الكرة البيضاء بكلتا يديه وفجرها ببرود تام. في عينيه، لمع شيء أحمر ومخيف كالدم، وقال بصوتٍ بدا هادئاً لكنه يحمل تهديداً مبطناً:

"سنرى هل ستستغل هذه القوة التي سأمنحك إياها بحكمة. آمل ألا تخيب ظني أيها الفتى... لأنك إذا خيبته، فسأرد لك شتمك لي مليارات المرات. سأتركك تتمنى الموت وتتوسل إليه، ولكنك لن تحصله أبداً."

بعد كلماته هذه، انبعثت طاقة مظلمة من العرش الأسود واجتاحت الكرة المتفجرة.

____

الغرفة الحجرية التي كان ينام فيها جيمس بقيت صامتة، لكن الصمت لم يدم طويلاً.

[ تم استيقاظ نظام صعود العائلة ]

دوى صوتٌ آلي وغريب داخل رأس جيمس، اخترق غيبوبته وأصم أذنيه الداخليتين. توقف عقله عن التفكير للحظة واحدة.

صمتت الغرفة الحجرية للحظات، ليخترق سكونها صوتٌ آلي آخر دوى داخل رأس جيمس الغارق في غيبوبته:

[ تهانينا! تم منح المضيف مكافأة بسبب الاستيقاظ الأولي للنظام. ]

تلا الصوت إعلانٌ آخر مباشر:

[ المكافأة الأولى: الاستيقاظ من السبات المظلم. جاري إعطاء المكافأة... ]

في تلك اللحظة، شعر جيمس بقوة غريبة تجتاحه، دفعة من الطاقة انتشلته بقوة من ظلام الغيبوبة القاتم، وبدأت ملامح وعيه تتضح شيئاً فشيئاً ليستعيد السيطرة على جسده الجديد.

2025/12/08 · 79 مشاهدة · 690 كلمة
Moncef_
نادي الروايات - 2025