الفصل 5: أنقذ عائلتك من الدمار الوشيك

مرت الأيام، ومرّ على استيقاظ جيمس نصف شهر.

خلال هذه الفترة، عادت إليه كل ذكرياته بوضوح مؤلم.

كان جيمس يجلس في فناء منزله المتواضع، متكئاً على الحائط الطيني البارد، وعيناه مثبتتان على أطفاله الصغار الذين كانوا يملأون المكان حيويةً ومرحاً.

كانوا يركضون في دائرةٍ غير منتظمة، ضحكاتهم البريئة ترتفع في الهواء كأجراسٍ فضية، بينما كانت زوجته تشاركهم اللعب بقلبٍ خفيف، تلاحقهم أحياناً وتتظاهر بالسقوط أحياناً أخرى، مما يثير موجاتٍ إضافية من الضحك الهستيري.

كانت أصواتهم تكسر حاجز الصمت الذي فرضته وحشية العالم الخارجي.

وفي خضم هذا المشهد العائلي الدافئ، كان النظام صامتاً.

منذ ذلك اليوم الأول، لم يظهر مرة أخرى.

لم تنفع كل نداءات جيمس أو محاولاته اليائسة لتنشيطه؛ الصمت كان الرد الوحيد.

لكن للحظات كهذه، كان جيمس ينسى أمر القوة المفقودة، ويجد كل ما يحتاجه في ضحكات أسرته التي كانت بمثابة البلسم الشافي لروحه المتعبة.

غمرت السعادة قلب جيمس حد الفيضان وهو يراقب المشهد العائلي الساحر أمامه.

نظر بعينين تملؤهما المودة إلى هذا المشهد الجميل الذي يفيض بالنقاء والحب الأبوي؛ كانت تلك اللحظات بمثابة لوحة فنية نادرة رسمتها يد القدر في عالمٍ شاحبٍ وقاسٍ.

انبثقت ابتسامة دافئة وصادقة من أعماق قلبه، ابتسامة نادراً ما كانت تشق طريقها إلى وجهه المرهق في الآونة الأخيرة.

لقد وجد سلاماً مؤقتاً في دفء هذه اللحظات العائلية الثمينة، هروباً قصيراً من مخالب القدر.

للحظة واحدة، نسي تماماً وحشية عالم "أثينا" الخارجي وقوانينه الدموية، واختار أن يعيش أسير هذه السعادة الهاربة.

ولكن للقدر رأي آخر. بينما كان جيمس يستمتع بسلامه الهش، كانت خفايا القدر تحيك مؤامرة جديدة.

ذلك الهدوء كان مجرد عاصفة تسبقها، و"أثينا" لم تكن لتسمح له بالبقاء آمناً طويلاً.

بينما كان جيمس غارقاً في دفء اللحظة العائلية، اخترق سكون الفناء صوتٌ معدنيٌ باردٌ ومدوٍّ في رأسه:

[المهمة الأولى للمضيف: أنقذ عائلتك من الدمار الوشيك]

تبعته أوامر أخرى كالصواعق:

[المدة الزمنية: 5 ساعات]

[المكافأة: 150 نقطة]

انتفض جيمس واقفاً كمن لدغته أفعى، صرخة مكتومة خنقت في حلقه.

تغيرت ملامح وجهه النضرة فجأة لترتسم عليها صدمةٌ مميتة وذعرٌ عارم.

كلمة "دمار عائلته" كانت كافية لتوقظ فيه الرعب الخام الذي عاشه في حياته السابقة.

عقله جفل وانتفض بخوف شديد، رفضاً قاطعاً لتكرار ذات الشعور بالعجز والفقدان.

لن يسمح بذلك مرة أخرى!

بدأ العرق يتصبب منه كشلال، وقلبه يضرب في صدره بعنف هستيري يكاد يحطم أضلاعه.

لقد اعتبر هذه العائلة الجديدة عائلته الحقيقية، أراد أن يعيش معهم بحرية وسعادة، والآن يخبره النظام أنهم على وشك الدمار.

تصاعد القلق إلى ذروته، حاول جاهداً استعادة رباطة جأشه: "اهدأ يا جيمس... تنفس... كل شيء سيصبح على ما يرام"، تمتم لنفسه بصوتٍ بالكاد مسموع، وبدأ يستنشق الهواء ببطء لتهدئة عاصفة الخوف التي اجتاحت كيانه.

وفي تلك اللحظة الحرجة، دوى صوت النظام مجدداً، مقدماً طوق نجاةٍ ثانٍ:

[مكافأة النظام الثانية والأخيرة: 10 سنوات من فن السيف]

[جاري نقل المكافأة... تم نقل المكافأة بنجاح]

أحس جيمس بقوة عارمة تجري في جسده كالسيل الجارف، طاقةٌ شديدة تملأ كل خلية من كيانه.

لم يكن مجرد إحساس بالقوة؛ بل تدفق سيلٌ من الذكريات والمهارات القتالية إلى عقله، ورأى نفسه في ومضة بصرية يمارس فن السيف ببراعة واتقان لمدة عقدٍ كامل.

لقد تحول في لحظة من رجلٍ أعزل إلى مبارزٍ خبير مارس السيف لسنوات.

*************

"من هؤلاء الفانين يا إدوارد؟" دوى صوتٌ أجش ومستفز في الأرجاء، صوتٌ بدأ يقترب شيئاً فشيئاً من فناء عائلة جيمس، حاملاً معه نذير شؤم.

لم يستطع إدوارد إخفاء تلك النظرة التي ارتسمت في عينيه حين وقعت على رونا؛ نظرة تحمل مزيجًا خطيرًا من الإعجاب والرغبة والسيطرة.

ابتسامة مائلة تشكّلت عند طرف شفتيه وهو يهمس، وكأن الكلمات خرجت رغماً عنه: "يا لها من جميلة... يبدو أن هذه الليلة ستكون مثيرة للاهتمام." كانت نبرة صوته هادئة، لكنها مشحونة بما يكفي ليجعل الهواء من حوله أثقل، وكأن رونا أصبحت في تلك اللحظة محور اهتمامه الوحيد، وهدفًا لا ينوي التراجع عنه.

لحظاتٌ من الصمت المشوب بالتوتر سادت المكان.

شعر جيمس ببرودة تتسلل إلى أطرافه، بينما أمسكت رونا بيد ابنها الصغير، ضمته إليها بقوة غريزية.

اجتاح جيمس شعورٌ مظلم لم يعرفه من قبل؛ رغبةٌ بدائية، عارمة، تكاد تلتهم ما بقي من عقله.

كان ينظر إليهم وكأن غرائز غامضة تستيقظ داخله، غرائز تُهمس له بأنهم فرائس… وأنه الصيّاد.

نبضه يتسارع، وأنفاسه تضيق، والأفكار التي تتصارع في رأسه ليست بشرية على الإطلاق؛ رغبة في تمزيقهم، في سحقهم واحدًا تلو الآخر، وكأن قوى لا يسيطر عليها تدفعه إلى حافة الجنون.

لم يكن يعرف ما الذي يتحكّم فيه… لكن شيئًا خفيًّا، قاتمًا، كان يوقظه من الداخل.

"همم، أنا ايضا سأستمتع معك." تمتم الشخص مرة أخرى بلهجةٍ متعالية، متجولاً بنظره فوق رونا وطفليها، نظرةٌ خالية من أي اعتبار بشري.

تسمر جيمس في مكانه، تحول جسده إلى تمثالٍ من الغضب المتجمد.

كلماته كانت كالسكاكين التي اخترقت قلبه مئات المرات، فاعتصر ألماً وضغطاً لا يوصف.

ضغط على قبضتيه بقوة جنونية، لدرجة أن أظافره جرحت راحة يديه بعمق، وبدأ الدم يقطر على الأرض الصامتة.

بعد سماع جيمس للكلام، شعر وكأن قلبه قد احترق بنيرانٍ لا ترحم.

اعتصره ألمٌ شديد لم يعرف من أين أتى هذا العمق؛ لم يعد الأمر مجرد حماية عائلة جديدة، بل غريزةٌ بدائية للحفاظ على ما هو مقدس بالنسبة له.

لقد اجتاحه شعورٌ طاغٍ ورغبةٌ جامحة في القتال.

"أيتها الفتاة… تعالي إلى هنا. السيد لن يؤذيك، فقط أجيبي النداء." قال إدوارد بصوتٍ زائف الهدوء، تتسلّل منه نبرة سلطةٍ متعجرفة وهو يلوّح لها بيده، وكأنها مجرد دمية تنتظر الأوامر.

تحرّك جيمس خطوة إلى الأمام، جسده يستعد للتحول من حالة السكون إلى الفتك.

أشار لرونا بسرعة وإصرار وهو يخفض صوته إلى همسٍ جدي: "رونا… خذي الطفلين وعودي إلى المنزل.

ادخلي وأغلقي الباب جيدًا… مهما حدث." كانت كلماته أمراً لا يقبل النقاش، نابعاً من إدراكٍ عميقٍ للخطر المحدق.

لم يتقبّل إدوارد هذا التحدي من فلاحٍ بسيط. زمّ شفتيه بغضبٍ مكتوم وقال بنبرةٍ ساخرة ومُهينة: "أنت أيها الفلاح… آخر من يحق له الكلام. ابتعد، لن يستغرق الأمر سوى لحظات." ثم أخرج قطعتين فضيتين من جيبه ولوّح بهما بازدراءٍ مقزز: "انظر… أليس هذا كافيًا لتأكل الليلة؟ خذ المال واهتم بحياتك فقط." وانفجر ضاحكًا بملء فمه، متيقّنًا من أن الجميع حوله أضعف من أن يواجهوه، غافلاً عن العاصفة التي كان يوقظها.

أما رونا، فقد أمسكت طفليها بقوة هستيرية وانطلقت مسرعة نحو المنزل كالغزال المذعور.

لكنها لم تستطع منع نفسها من الالتفات خلفها للحظة عابرة.

نظرت إلى جيمس نظرةً مليئة بالخوف والقلق والذهول— فهي ترى للمرة الأولى تلك الهالة المظلمة الشرسة التي غمرت عينيه، لوناً جديداً من الغضب البارد والمطلق، وكأن شخصًا آخر، محاربٌ قديم، ينهض بداخله، مستعداً لإراقة الدماء لحمايتهم.

لقد اختفى الفلاح الوديع، وحل محله وحشٌ كاسر على أهبة الاستعداد.

اتجه جيمس نحو إدوارد ببطء متعمد، كل خطوة مدروسة، عيناه لا تفارقان وجه إدوارد الذي لا يزال يعلوه الاستخفاف.

تلاشى الضحك من فم إدوارد تدريجياً مع اقتراب جيمس، وبدأ يظهر في عينيه شيء من عدم اليقين.

لم يكن هذا الفلاح يتصرف كفلاح.

كان هناك شيء في وقفته، في طريقة نظره، يختلف تمامًا عن أي شيء رآه إدوارد من قبل.

توقف جيمس على مسافة قصيرة من إدوارد، الصمت يخيم على المكان، لا يقطعه سوى أنفاسهما المتسارعة.

مد إدوارد يده ببطء نحو سيفه الموضوع على خصره، لكن قبل أن يتمكن من سحبه بالكامل، انطلق جيمس نحوه بحركة سريعة ومفاجئة.

كان أسرع مما توقعه إدوارد بكثير.

2025/12/08 · 76 مشاهدة · 1133 كلمة
Moncef_
نادي الروايات - 2025