الفصل 9: طفلة؟؟
استمر يغسل شعره الطويل حتى عاد إلى بياضه اللامع، ثم ترك الماء ينساب على سرواله الملتصق بجسده دون أن يحاول تجفيفه. أخذ نفسًا هادئًا، ثم اتجه نحو المنزل.
وبعد خطوتين أو ثلاث، وضع يده على الباب… وفتحه.
وما إن فتح جيمس الباب، حتى وجد رونا وطفليها جالسين على الأرض، يبكون ويرتجفون وهم يتشبّثون بها بقوة. رفعت رونا رأسها نحوه، والدموع ما زالت على خدّيها، بينما غمر الخوف عيني الطفلين.
لكن جيمس ابتسم… ابتسامة ارتياح عميق، كأن رؤية عائلته بخير كانت الشيء الوحيد القادر على إطفاء العاصفة داخله. تقدّم نحوهم بخطوات هادئة، وجثا على ركبتيه أمامهم، ثم مدّ يديه ليطمئنهم بصوت منخفض.
احتضن رونا أولًا، ضمّها إلى صدره بكل حب وكأنه يريد أن يمحو عن قلبها كل رعب مرّت به. وبعدها حمل رين الصغير، رفعه بين ذراعيه وقبّله على جبينه، فاختفى بكاء الطفل شيئًا فشيئًا. ثم جذب جين إلى حضنه الآخر، ليشعرهما بالأمان ذاته.
وللحظة… بدا جيمس وكأنه لم يخرج للتو من ساحة موت، بل من حضن عائلته نفسها.
"هل تأذيت يا جيمس؟ هل يؤلمك مكانٌ ما؟ هل رحلوا… أولئك الرجال؟" سألت رونا بصوت مرتجف، تطرح الأسئلة بسرعة وهي تمرّر يديها على جسده تبحث عن أي جرح.
"سمعتُ صراخهم… ماذا حدث بالضبط؟" أكملت وهي تحدّق في وجهه بقلق واضح.
ابتسم جيمس ابتسامة هادئة وقال: "لم يحدث شيء… الأهم أن تنسي أمرهم تمامًا."
تجمّدت ملامح رونا للحظة. أدركت أن جيمس فعل شيئًا سيئًا، شيئًا لا يريدها أن تعرفه… لكن خوفها على عائلتها كان أكبر من الفضول، فطمأنت نفسها بصعوبة، وأغلقت الباب على الأسئلة التي لم تجرؤ على طرحها.
…
مرّت ثلاثون يومًا على ذلك الحادث، وجاء الوقت ليستلم جيمس مكافأته من النظام. حصل على المئة والخمسين نقطة التي وُعد بها مسبقًا، لكن ما لم يكن يتوقعه هو الهدية الخاصة التي قرر النظام منحه إياها فوق المكافأة الأساسية…
النظام منحه عشرين سنة كاملة من الطاقة الداخلية كمكافأة لأنه أدّى المهمة بطريقة فاقت توقعاته. تلك الزيادة الضخمة في الطاقة رفعت مستواه مباشرة ليصل إلى رتبة فارس منخفض المستوى في المرتبة الخامسة، وهو تقدّم لم يكن يتخيّله في ذلك الوقت القصير.
ومع النقاط التي جمعها، اشترى من النظام تقنية خاصة بتعليم الطاقة الداخلية، ليتمكّن من تدريب طفليه اللذين وصلا الآن إلى السن المناسب للتعلّم…
وخلال تلك الفترة، لم يكتفِ جيمس بالتدريب والطاقة فحسب؛ فقد توجه أيضًا إلى المدينة، عازمًا على تغيير حياة عائلته بالكامل. هناك استأجر مجموعة من البنّائين ليشيّدوا له منزلًا جديدًا، واسعًا وكبيرًا يليق بما وصلت إليه أسرته. كلّفه ذلك قرابة ثلاثمئة قطعة فضية، لكنه لم يتردّد لحظة في دفعها.
ثم مرّ على السوق، واشترى لزوجته هدايا عديدة وملابس فاخرة من الحرير، بألوان ناعمة وزاهية، كثيرة لدرجة أنها لم تعد تتسع في حقيبة واحدة. ولم ينسَ طفليه، فاشترى لهما ملابس جديدة وأحذية جيدة، وكل ما يمكن أن يجعل حياتهما أكثر راحة.
أما هو، فاقتنى بعض الملابس المتينة والفاخرة في الوقت نفسه، لينفق ما يقارب مئة قطعة فضية أخرى… لكنه كان راضيًا تمامًا؛ فهذه أوّل مرة يشعر أن بإمكانه منح عائلته حياة أفضل دون خوف.
…
في المساء، داخل غرفة جيمس—
"جيمس… أريد طفلة أخرى، ما رأيك؟" قالت رونا بصوت خافت وهي مستلقية على السرير، تلتف بذراعها حول ذراعه وتضمّها برفق، وترفع عينيها إليه بنظرة مليئة بالحب والخجل.
تجمّد جيمس للحظة. "طفلة…؟" كرر باستغراب وهو يحدّق في عيني زوجته الخجولتين.
كانت هذه هي المرة الأولى التي يسمع فيها طلبًا كهذا منذ أن جاء إلى هذا العالم.
رغم أنه عاش مع رونا لفترة، ورغم القُبل والعناق والدفء الذي شاركته معه…
إلا أنه لم يقترب منها يومًا كزوجٍ بحق. لم يمارس معها العلاقة الزوجية مطلقًا، لذلك شعر بالدهشة، وحتى قليلًا بالارتباك من طرحها المباشر.
كانت رونا تحدّق في صدر جيمس العاري بعينين يملؤهما دفء حقيقي، كأنها ترى أمامها موطن أمانها كله. رفعت يدها ببطء ولمسة خفيفة خرجت منها كهمسة، تمرّ بأناملها فوق بشرته الهادئة. لم تكن مجرد لمسة… بل محاولة صامتة لتقول له كل ما لا تستطيع قوله بالكلمات.
وعندما لامست أصابعها قلبه، شعرت بنبضه الدافئ تحت يدها، فابتسمت ابتسامة صغيرة، خجولة، تحمل مزيجًا من الحب والامتنان. اقتربت أكثر، تلتصق بذراعه وتغلق عينيها للحظة، كأنها تسرق من حضوره قوة تكفيها لعمر كامل.
ابتسم جيمس، ثم قبض على خصرها بخفّة وهو يقلبها برشاقة، ليجلس فوقها كمن يحيط عالمه بين ذراعيه. انحنى نحو عنقها، يلامسه وكأنه يقرأه، ثم ارتفعت شفتيه إلى شفتيها وقبّلها… قبلة أطلقت شيئًا ما داخله.
[ +10 أيام من الطاقة الداخلية ]
شعر جيمس بتيار دافئ ينساب إلى جسده، قوة غريبة تُغرق أطرافه وتفتح حواسّه. توقّف لحظة، مستغربًا، ثم أدرك أن كل ذلك الانفجار من الطاقة جاء فقط من… قبلة.
ولكي يتيقّن، أمسك وجه رونا بين كفّيه وقبّلها من جديد — قبلة عميقة، ممتلئة، تخلّلتها أنفاسهما معًا، فاندفعت موجة أخرى من القوة خلال عروقه.
[ +30 يوم من الطاقة الداخلية ]
بدأت ملامح الحقيقة تتكشف له: كل اتصال حميم بزوجته يمنحه مكافآت من النظام. ولوهلةٍ راجع الماضي… لقد قبّلها من قبل، احتضنها كثيرًا، فلماذا لم يحصل على شيء؟ لكنّه سرعان ما ترك التفكير جانبًا، فبين يديه الآن ما هو أهم من كل تفسير.
مدّ نظره إلى رونا المستلقية تحت جسده، مسترخية، متورّدة، بلا أي مقاومة… فقط وثيقة بقربه.
ابتسم ابتسامة صغيرة وقال بصوت خافت: "هل… سنبدأ بالجد؟"
امتدّت يده إلى حواف ملابسها، يزيح كل قطعة ببطء، وكأنه يزيح طبقات من الضوء، وكلما كشف المزيد غرق أكثر في تفاصيل الجمال المنسدل أمامه. كانت أنفاس رونا تتسارع، وخرج منها أنين خافت، لكنه التقط شفتيها قبل أن تنطق، فغرق صوتها داخل قبلته.
بعد أن انتهى جيمس، أسند جسده جانبًا للحظة وهو يلتقط أنفاسه، ثم التفت إلى رونا التي كانت ممدّدة بجانبه، مغمورة بهدوء عميق كأنه غيمة بيضاء استقرت فوق صدرها.
مدّ يده برفق وسحب الغطاء الحريري الذي يشبه ضوء القمر، وأسدلَه فوق جسدها لينسدل معها دفءٌ ناعم.
لم يقل شيئًا… فقط بقي ينظر إليها.
كان يراقب وجهها الهادئ، خطوط التعب الخفيف حول عينيها، الخجل الذي ما زال يلوّن خدّيها، وتلك الابتسامة الصغيرة التي لم تفارق شفتيها حتى وهي نائمة.
بدت له ككنزٍ ثمين لا يريد أن يلمسه أحد، وكأن العالم كله خفت ليفسح المجال لهذه اللحظة وحدها.
شعر بامتنان غريب… امتنان لوجودها، لدفئها، وللطاقة التي منحتها له دون أن تقصد. وهو يتأمّلها، أحس بأن قوته الجديدة لا معنى لها إن لم يكن هو السند الذي يحمي هذه المرأة التي أصبحت مركز حياته.
اقترب أكثر، ومرّر أصابعه فوق خصلات شعرها المبعثرة على الوسادة وهمس: "أنا لا أحميكِ لأنك ضعيفة… بل لأنكِ أغلى ما أملك."
[ +10 سنوات من الطاقة الداخلية ]
اجتاحت جيمس طاقة هائلة، كأنها صاعقة مضيئة اخترقت عموده الفقري، ثم اندفعت إلى أطرافه كلها. وفي لحظة واحدة، قفز من مستوى فارس منخفض المستوى – المرتبة السابعة – إلى المرتبة التاسعة. تصلّبت عضلاته، اشتدّت حواسه، وزادت قوته حتى شعر أن هذا العالم نفسه لم يعد كافيًا لاحتواء جسده الجديد.