سييل.
كانت تعبيرات الجميع مذهولة عندما رأو هذا المشهد، لكنني لم اذهل، لأن الأمر بطبيعة الحال سيكون هكذا، من تعتقدون الفريد؟ هل تعتقدون حقا انه سيستمع لكلمات كاثرين بهذه السهولة؟ او حتى بعد تلاعبي به؟ انا لم افعل شيء يستحق الذكر عندما تلاعبت بعقله جعلته يومأ برأسه، انا لم اتحكم في تصرافته المستقبلية.
تم تلطيخ الغطاء ببضع قطرات الدم، وضع الفريد يده بسرعة على انفه.
وقفت كاثرين وعلاجة نزيف الأنف بوضع منديل في انفه، وجلست بتعبير غاضب.
"الفريد انت حقا،اغغ...."
تنهدت كاثرين وهي تضع يدها على رأسها، وقالت بنبرة منزعجة.
"وانا التي ظننت انك ستستمع الي هذه المرة، رغم اجهاد نفسك بالعمل لدرجة الأغماء والان لاتزال تكمل العمل صحيح؟"
صمت الفريد دون اقول شيء، صحيح انت تفعل هذا ثم تتظاهر الصمت..
عندما ظل الفريد صامتا لفترة طويلة قالت كاثرين"قل شيئا"
تنهد الفريد ونظر الى كاثرين، قبل ان يقول..
"انا اخبرتك بالفعل انه عمل مهم جدا ولمصلحة داينوت، لماذا لاتصدقين ذالك؟"
عندما سمعت كاثرين كلمات الفريد ضحدته قائلة..
"هل داينوت اهم من صحتك؟!"
"اجل"
صدمت كاثرين، انا كنت اشعر حقا بالغرابة من هذا الموقف، لكن على كل حال تم ذكر في الرواية ان الفريد يرى ان داينوت اهم بكثير من حياته، فهذا ليس شيء جديد عني، ولكن على مايبدو انه جديد على كاثرين.
عندما رأيت ان الوضع آل الى هذه الدرجة قلت.
"اذن ابي هل انهيت العمل المهم الذي تتحدث عنه؟"
"كايلوس-!"
وعندما استدارت كاثرين وكانت ستضحدني، قاطع الفريد كلماته.
"اجل، بما انني انهيته اعتقد انه يمكن ان اجد بعض الراحة"
التفت كاثرين الى الفريد مذهولة، وظلت تحول عينيها بيني وبين الفريد.
استدرت وقلت"اذا سأمنحك وقتا لراحة"
اومأ الفريد، وخرجت من الغرفة.
*****
عندما بقيت كاثرين والفريد فقط في الغرفة تنهدت كاثرين، وامسكت دلو الماء ووضعت به منشفة، وبعد عملية العصر وضعتها على جبهة الفريد وقالت.
"عليك حقا ان تستريح هذه المرة"
اومأ الفريد بهدوء، ابتسمت كاثرين وقالت"اذن سأظل هنا لأراقبك انك لاتعمل!"
تنهد الفريد وقال"ولكنني قلت انني انهيت عملي؟"
ازدادت ابتسامة كاثرين لتصبح عريضة وتحدثت بنبرة ودية.
"حتى وان انهيته انا سأبقى هنا"
صمت الفريد غير قادر على قول اي شيء، اغلق الفريد عينيه بهدوء ونام.
***
سقوط!
حول الفريد الصغير البالغ من العمر احدى عشر سنة الى الشوكة التي سقطت على الأرض بأعين مرتجفة، فجأة بدء جسده كله يرتعش وبدء يتصبب عرقا بارد.
"الفريد...."
عندما سمع الفريد صوت ابيه يناديه بنبرة باردة، اصبح يرتعش بشدة اكبر وحول عينيه ونظر الى والده والضيوف الذين كانوا هنا.
ظل والده ينظر اليه فقط،لكنه كان خائفا جدا من رؤية هذه النظرات وهو يفكر.
'انا غبي!فعلت مثل هذا الخطأ! انا خائف انا خائف!'
"اوه؟ يبدو ان الدوق الشاب قد اسقط شوكته؟"
حول الفريد عينيه بسرعة لنبيل الذي تحدث، ابتسم والد الفريد وقال وهو يترك الشوكة.
"هذا كل شيء لليوم، نرجوا منكم المغادرة اليوم"
اومأ النبلاء الذي كانوا هنا وخرجوا واحدا تلو الأخر وعندما رأهم الفريد يخرجون ظل يفكر بخوف كبير.
'احد ما! ساعدني! انا خائف!'
بمجرد خروج النبلاء تغيرت نظرة الدوق واصبحت باردة جدا، عندما حدق الفريد بهذه الأعين الزرقاء شعر بخوف غير طبيعي.
وقف الدوق واستدعى خادمة احضرت له سوطا طويل اسود، تجمد الفريد بمجرد رؤيته له.
"لقد علمتك عدة مرات"
سوييش!
كان بالمقدور سماع صوت الرياح عندما ضرب الدوق السوط بالأرض، تخيل الفريد مقدار كم هو سيكون موجع حدق بالأسف وهو يقول.
"اعتذر حقا سمو الدوق الأكبر، ل-لم يكن يجب علي فعل ذالك انا اسف"
"اسف؟"
اقترب الدوق الأكبر وهو يحدق بألفريد بأعين غير طبيعية، وبدء يصرخ.
"اهنتني امام النبلاء! والأن تقول انك اسف؟! هل تريد مني قطع رقبتك هذه وتعليقها امام قصر داينوت؟! رغم تدريبي لغبي مثلك! الا انك تتجرأ على هذا؟!"
اغلق الفريد عينيه بخوف عندما سمع صراخ والده، كان صراخه هو اكثر شيء يخاف منه الفريد في العالم، وقف الدوق امام الفريد وامسكه من ياقته.
"ايها اللعين هل تفعل هذا عن قصد؟! لأنني حرمتك من الطعام اليوم؟!"
تعلثم الفريد كثيرا وهو يقول"ان-انا ا-سفف لم ا-قص-"
فلته الدوق بقوة واستدار.
"الفريد بريل داينوت، قف هناك"
عندما رأى الفريد المكان الذي كان يشير اليه الدوق تصلب في مكانه وذهب امام الدوق وقال وانهار وهو يقول وكانت الدموع تنهمر من عينيه.
"سموك! ارجوك! اعفوا عني! انا اسف! انا مجرد احمق يحرج والده! ارجوك لاتعاقبتي هذه المر-
حدق الدوق الأكبر به بأعين مخيفة للغاية، جعلت الفريد يتصلب في مكانه.
"اذهب هناك، والا سأقطع رأسك الغبي هذا، وسيكون العقاب مضاعفا لأنك لم تذهب فورا"
"ايه؟"
دخل الفريد في حالة هلع ، لكن رغم دخوله في هذه الحالة الى ان جسده تحرك تلقائيا للمكان الذي اشار عليه الدوق.
امسك الدوق السوط بطريقة جيدة وبدء بضرب قدمي الفريد..
'اغغ!'
كان الفريد يتألم، في كل مرة يرتفع في السوط ويسقط مرة اخرى تظهر جروح ويسيل الدم، لدرجة ان السوط قد اصبح مصبوغا باللون الأحمر، كان الفريد يرتعش من قوة الألم ولكنه لم يصرخ لأنه علم انه ان صرخ سيتضاعف العقاب، ظل الفريد يعض شفتيه بقوة شديدة حتى سال الدم، كان احساس الألم يغزوا جسد الفريد الذي كان يبكي بصمت، لدرجة ان الفريد سقط على الأرض غير قادر على الأستمرار في البقاء واقفا.
"همم؟"
حدق الدوق في وجه ابنه الشاحب والذي يبدو عليه التعب ويتصبب عرقا، كان الفريد يلهث بعنف..
ظل الدوق يحدق بألفريد وتنهد عندما وجد ان الفريد قد اغمي عليه وتمتم تحت انفاسه.
"طفل ضعيف"
وبعد مرور ايام منذ هذه الحادثة، لم يستطع الفريد النهوض من السرير بسبب الألام التي في قدميه،تنهدت الفريد وهو ينظر لقدميه المضدمدتان.
'لقد كان امرا مؤلم، هل سيشفون قريبا؟'
حاول الفريد لمس قدميه بمجرد ان لمس اصبعه قدميه شعر بلسعة حارقة جعلته يبعد يده فورا، نظر الفريد الى يده واتكئ على السرير بتعبير حزين.
'لايبدو انهم سيشفون في اي وقت قريب، لكن اليست هذه فرصة لأستريح من ابي؟'
عندما خطرت هذه الفكرة في بال الفريد ابتسم فورا بإشراق شديد، وتمتم.
"اخيرا! استطيع ان استريح!"
اغلق الفريد عينيه والسرور يملأ محياله، امسكت اطراف اصابعه الغطاء، وغطى به وجهه.
لكن سعادته لم تدم طويلا.
فتح باب الغرفة بقوة، نزع الفريد الغطاء ونظر للباب، وجفل قبل ان يشحب تعبير وجهه.
لقد كان الدوق هو من دخل.
نظر الدوق لألفريد ببرود واقترب"سعيد انه اغمي عليك لكي تتخلص من العقاب صحيح؟"
انزل الفريد عينيه وقال بنبرة خائفة"ل- لا ان- انا لم اق-
"اصمت"
صمت الفريد، ولم يقل اي شيء خوفا من ان يغضب الدوق، ظل واقفا لفترة طويلة، بدء الفريد يشعر بالتوتر الشديد اكثر فأكثر حتى قال.
"سمو الدوق، انا-مخط-ئ م-من فضلك ع-عاقبني"
لكن الدوق ظل صامتا ولايزال لم يقل شيء، هنا حاول الفريد الوقوف لكنه ترنح راكعا امام الدوق، كان بمقدوره رؤية الضمادة تصبغ باللون الأحمر، وسرعان ماغزى الألم جسده بالكامل، حاول الفريد المقاومة والإقتراب من الدوق .
'اغغ'
رفع الفريد رأسه ونظر الى الدوق وصدم من تعبيره، وجد ان الدوق ينظر اليه بإشمئزاز.
"هذا مقرف"
تجمد الفريد في مكانه بعد سماعه لتلك الكلمات، استدار الدوق وعندما كان سيغادر قال.
"فلتكن شاكرا انني اطعمك ولا ازال ابقيك على قيد الحياة فأنت لاتجلب لي اي فائدة سوى العار لداينوت، حتى وان كنت مريضا اتظن هذا عذرا؟ سوف تستمر بأخذ دروس الخلافة، لامكان لضعفاء في داينوت"
وخرج من الغرفة تاركا الفريد المتألم لوحده.
نظر الفريد الى الباب المغلق بصدمة، لم يعد يشعر بألم في قدميه كما لو انه لم يكن موجودا منذ البداية.
لقد كان يشعر بطعنات في قلبه، احساس بالظلم والقهر لأنه لم يكن الامجرد دمية لوالده.
وضع الفريد يده على قلبه ليتأكد من نبض قلبه لأنه لم يعد يشعر به،ذالك لأنه خيب امل والده.
وتمتم.
"هذا مؤلم"
نظر الى يده الموضوعة على قلبه، بمجرد نظره الى هناك شعر ان شيء ما قد كسر، شيء تحطم الى فتات حطام داخله، وكان الفريد يعلم ان هذا الشيء لن يعود.
لقد علم انها كانت حريته وسعادته، فلم يكن هناك سبيل الا العيش كدمية مثالية لوالده، فهذه هي طريقة العيش في داينوت.
تبخرت كل مشاعره السعيدة كما لو انها لم تكن موجودة من قبل، وبقيت مشاعر التعيسة التي اصبحت جزء لايتجزء منه.
عندما تأكد الفريد من هذا الأمر، سقطت دموعه، وضع الفريد يديه الإثنين على قلبه.
وبدء يبكي بيأس، وصراخه كان مليئا باليأس لأنه ادرك ان هذه هي حياته، لامهرب من الأمر.
وفي كل مرة تهبط بها تلك الدمعة المليئة بالمشاعر الحزينة تلحقها شهقات تقتل المستمع، ازداد الألم الذي في قلبه الذي يعتصر قلبت، كره الفريد والده وكره الفريد حياته وفي سن صغيرة حاول الهرب ولكن الدوق كان يقبض عليه في كل مرة وعلى الفريد ان يواجه عقاب شديد.
ظل الفريد يبكي بصمت واضعا يديه على فمه مانعا نفسه من اصدار اي صوت .
مر وقت وانتهى الفريد من بكائه، كان وجهه يبدو متعب جدا، كانت جفونه منتفخة وحمراء اللون.
نظر الفريد الى السقف بعيون فاقدة للحياة.
'انا...متعب'
حول الفريد عينيه ونظر الى قدميه، كانت الضمادات كلها حمراء اللون، نظر لها الفريد بلامبالاة..
'حسنا، من يهتم بجروح كهذه؟ الجروح مثل هذه لاشيء، فالموت في هذه قاسي'
مرت سنين وهو على هذا الحال، غير مكثرت بشيء، وفي اليوم الذي بلغ به السابعة عشر.
كان الفريد يعمل في مكتبه، كان مظهره يجلب الشفقة، كانت هناك الهالات السوداء تحت عينيه كان شعره الأسود المرتب بشكل مثالي وجعل هذا مزيج من التناقض يوجد هنا.
طرق! طرق!
"ادخل"
دخل كبير الخدم ايبرت بتعبير تعيس لم يره الفريد من قبل، توقف عن الكتابة وحدق بإيبرت.
"مالخطب وجهك؟"
انزل ايبرت عينيه وتمتم بصوت كاد يكون مسموعا"الدوق الأكبر....."
هز ايبرت رأسه، قبل ان يكمل وهو يعض شفتيه على مضض.
"الدوق، سمو الدوق الأكبر مات في حادثة عربة"
اتسعت عينا الفريد وهو ينظر لإيبرت، وقف الفريد متفاجئ، ولكنه استدار الى النافذة.
"حقا؟حسنا يمكنك الذهاب"
لقد صدم ايبرت بهدوء الفريد غير مناسب للموقف ولكنه اومأ وخرج، ارتسمت ابتسامة على محيال الفريد ونبضت عيناه بالحياة لأول مرة .
'اخيرا.....استعدت حريتي'
ازدادت ابتسامة الفريد وهو يفكر بهذا.
لكن فجأة تحول محيطه للون الأسود، حول الفريد عينيه ووجد الدوق الذي يفطرض ان يكون ميتا واقفا امامه، شحب وجه الفريد على الفور عندما رأه.
-انت سعيد انني مت؟ انت حقا....-
اقترب الدوق من الفريد وهو يبتسم-انت ايها الأبن اللعين، اهذا ماتفعله عند موت والدك؟ اتظن حقا انك تستحق ياعديم الفائدة ان تكون دوقا لداينوت من بعدي؟-
"ان- انت....."
اخذ الفريد خطوات للخلف بتوتر وهلع، نظر حوله ووجد محيطه اسود، لايوجد هناك مهرب.
-الفريد بريل داينوت، انا حقا ابغضك جدا، انا اكرهك!-
لاحظ الفريد ان الدوق يمسك سوطا، وشحب الفريد حتى اصبح مثل الورقة البيضاء، رفع الدوق السوط بإبتسامة وقال.
-اتظن انك تخلصت مني؟-
ووجهه نحو الفريد.
فتح الفريد عينيه بسرعة، سقطت المنشفة التي كانت على جبته.
"اه...اه ..."
كان الفريد يلهث ونبضات قلبه كانت متسارعة جدا، نظر حوله ووجد كاثرين جالسة على الكرسي ونائمة بينما كانت تمسك يده.
اطلق الفريد الصعداء وهو ينظر اليها، ابتسم الفريد وابعد يدها عنه نزع الغطاء وحمل كاثرين.
نظر الى وجهها النأئم بسلام وفكر..'من الجيد ان نومها ثقيل'
بعد وضعها على السرير وتغطيتها، خرج الفريد من الغرفة، وتنهد.
"كابوس مروع من الماضي"
نظر الفريد الى يديه كانتا ترتعشان بصورة غير طبيعية نتيجة لتأثره بالكابوس..
سار الفريد وصولا لشرفة لأخذ بعض الهواء النقي، وهناك وجد كايلوس في الشرفة.
****
'لم استطع النوم'
تنهدت بمجرد تفكيري بذالك، عندما اردت بشدة النوم، وحاولت اغلاق عيناي لم استطع، والأهم من ذالك لم استطع معرفة السبب.
نظرت لأسفل وقابلتني حديقة داينوت، ابتسمت عندما رأيتها.
'انها جميلة'
منحني رؤية الحديقة احساس بالإطمئنان بطريقة غريبة، مما جعلني ابتسم بإسترخاء.
"كايلوس؟ مالذي تفعله في هذه الساعة المتأخرة؟"
جفلت عندما سمعت صوت الفريد استدرت ونظرت اليه، تنهدت داخليا وانا اقول.
"هل استقظت؟ تبدو بحال افضل الأن"
اومأ الفريد واقترب، انتظر انت لن تذهب؟
عبست داخليا وانا انظر اليه، والأن اصبح يقف بجواري.
'اعتقد انه علي الذهاب، لاارغب بالبقاء معه'
وعندما التفتت محاولا المغادرة سمعت صوت الفريد.
"هل ستغادر؟"
توقفت ونظرت اليه بتعبير ممتلئ باللإستغراب، واردفت..
"لااريد ان ازعجك"
بمجرد قولي لتلك الكلمات تنهد الفريد، انتظر انت تتنهد مما قلته؟؟؟
"كايلوس، من الجيد حقا رؤيتك وانت تحاول ان تكون مراعيا لي"
'هاه؟'
رفعت حاجبي من كلماته غير قادر على الفهم، في لحظة سقط المفهوم الذي اعرفه عن الفريد.
'يالهي يبدو انه متعب'
عندما ظللت صامتا ولم اقل اي شيء، نظر لي الفريد وابتسم بشكل مؤلم، انتظر ماذا؟
"لابأس ان كنت تريد الذهاب ولكن حتى وان بقيت فأنت لاتشكل اي ازعاج"
وهنا علمت ان الفريد حقا مريض، انه غير طبيعي هذه ليست عادته.
"انا اعتذر"
اتسعت عيناي على مصرعها عند سماعي كلماته، ماذا؟ هل اعتذر الفريد لي لتو؟
يبدو انه يقترب من الموت.
وهنا ظللت واقفا مصدوما من كلمات الفريد.