تنهد آش، قبل ان يخرج من الغرفة بتعابير وجه مثقلة.

ابنته الوحيدة ايرينيا قد اختفت منذ الصباح، وكان المساء قد حل بالفعل.

وبالفعل ارسل آش قوات للبحث عنها وحاول تتبع الموجات السحرية التي كانت تصدر من جسدها، لكنها في نقطة ما توقفت مما يعني ان مكروه قد اصابها.

وضع آش يده على وجهه، وترك تنهيدة عميقة معبرة عن كل شيء.

الان، هو وحيد في الغرفة لم يكن يعرف كيف يستطيع ايجادها بما ان السحر خاصتها قد توقف.

فجأة تذكر ابتسامتها الجميلة وهي تقول'ابي..!' مما جعل قلبه يتقطع من الحزن.

وتذكر اخر مرة رآها عندما خرجت من الغرفة تبكي، سقط آش ارضا على ركبتيه وهو يردد مع صوت يتقطع حزنا.

"انا....لم يكن ينبغي لي تركها في ذالك الوقت!"

فجأة اتسعت عينا آش عندما رأى الخاتم خاصته قد بدأ بالتوهج، امسك بسرعة بإصبعه في حالة ذهول.

'هذا اثر ايرينيا السحري!'

وقف آش بسرعة وخرج من البرج السحري يركض بأقصى سرعة، وهو يفكر'ايري! انتظري سيأتي والدك!'

ظل آش يركض ويحطم الأغصان التي كانت تعترض طريقه، شعر آش بأن المسافة طويلة وانه ابتعد كثيرا عن البرج السحري ولكن رغبته في رؤية ابنته جعلته يستمر بالركض بسرعة.

حينها توهج الخاتم بشكل اكثر وضوحا، مما جعل آش ينظر حوله، لكن....لم يكن حوله سوى ارض صحراوية خالية.

"ايرينيا!!!"

بدأ آش بالصراخ بأعلى صوت لديه على امل ان تسمعه ايرينيا وترد لكن...

"......"

لم يكن هناك رد.

لم تكن هناك اي اجابه، الصوت الوحيد الذي كان مسموعا هو صوت رياح الليل الباردة.

اخذ آش بالتحرك، وكان يحمل تعبيرا مضطربا على وجهه، اخذ نفسا عميقا قبل ان يضع المزيد من السحر في الخاتم.

تغير وهج الخاتم، واصبه ارجواني اللون، القى آش الصعداء، عندما اصبح بمقدوره الإحساس بألاتجاه.

بدأ آش بالجري في الإتجاه الذي كان يشعر به، بقوة! اسرع! اسرع بكثير!!

ايري! ايرينيا! ابنتي !

فجأة توقف آش بعد الركض لفترة طويلة ووجد كهف لم يكن ذو حجم كبير، استغرب آش من تواجد كهف في مثل هذا المكان، لكنه كان بمقدوره الأحساس بقوة ان ايرينيا موجودة هنا.

قاوم آش الإحساس بالخطر والهواء المضغوط وتلك الرئحة التي تشبه رائحة الجثث، وبدء بالركض لداخل.

بعد ان دخل لداخل وجد بعض التسربات التي تدخل الرمال، كما لو ان هذا الكهف سينهار في اي لحظة.

اكمل آش سيره بخطوات حذرة، كان المكان هادئا بشكل غير طبيعي مما بعث احساس الخطر في آش.

توقف آش عندما وجد امامه حائط عملاق، كان به العديد من النقوش الذهبية، التي كانت تتوهج بإستمرار.

"هذا هو...."

همس آش بتلك الكلمات تحت انفاسه، وبمجرد لمسه للحائط، على الفور ابعد يده بسبب صعقة كهربائية من الحائط.

"....!"

نقر آش على لسانه ونظر للحائط، جسد آش كله مغطى بالسحر، لدى يبدو ان الحائط يتفاعل عند تلامسه بأي نوع من السحر؟

نظر آش لنقوش، وبعد التدقيق بها استطاع معرفة مكان مكتوب، قرأ آش مكان مكتوب داخليا لأنه لم يجرؤ على قوله بفمه لأنه كان يعلم ماسيحصل..

[اسلوديا؛- يامملكة الأسودان والأبهتان، يامن ليس لك بداية ولابدايات افتحي لي باب فيك واجعليني منك]

اتسعت عينا آش وهو ينظر لنص الذي بدأ بالتحول للون الأسود واصبح يبدو كشيء سائل يسيل.

"لا! لا انتظر...!"

وضع آش يديه الإثنين على الحائط، رغم الصعق الكهربائي الاانه استمر، قبل ان يفتح فمه ويصرخ.

"اسلوديا! انا لن اسمح لك بقتل ابنتي!"

فجأة بدأت يدي آش تتخدر من قوة الصعق، رغم احساس الألم الحارق الذي كان يأتي من اطراف اصابع ورعشات جسده التي كانت تصرخ وتطلب منه التوقف، الا ان هذا لم يمنعه، فجأة تحولت عينا آش للون البنفسجي.

من الظلال المحيطة، بدأت أشكال غامضة تتجسد. جنود الظلال ظهروا واحدًا تلو الآخر، أطياف سوداء بتفاصيل غامضة، لا يمكن تمييز ملامحهم، لكن حضورهم كان ثقيلًا وكئيبًا. أحدهم انحنى بهدوء أمام آش وكأنه ينتظر أوامره.

"افتحوه..." قال آش بصوت عميق ومليء بالهيبة.

بدأ جنود الظلال يتحركون نحو الحائط، كل واحد منهم يحمل قوة غامضة. بعضهم ضغط على النقوش، وآخرون استدعوا سحرًا قاتمًا جعل الحائط يرتجف وكأنه يقاوم.

كان الكهف يهتز بقوة، وصوت الرمال المتساقطة من السقف يزداد. "أسرعوا!" صرخ آش، بينما كان يدفع بجسده المنهك ضد الحائط، مسخرًا كل ما تبقى له من

قوة سحرية.

بعد العديد من المحاولات وتحمل الألالم انفتح الباب بهدوء على الفور دخل آش مقاوما الألم الذي كان يتغلغل في جسده بعنف.

هناك وجد ابنته تنظر للأرض بأعين فاقدة للحياة، لم يصدق آش مارأه، ظل ساكنا في مكانه غير قادر على التحرك.

بدء آش بالشعور بشيء غريب مزيج من مشاعر الحزن والفرح والامل كانت تفيض من قلبه، لابد ان هذا هو احساس الذي يأتي لكل الأباء .

ابتسم آش وتحرك خطوات للأمام بإبتسامة عريضة.

"ايري انا هنا!"

رفعت ايرينيا عينيها، لكنها لم تبتسم بل صرخت في وجه آش"ابي لاتأتي! سيقتلونك!"

فجأة توقفت قدم آش قبل ان تخطوا خطوتها الى الأمام، رفع آش عينيه ووجد الياس يقف بجوار ايرينيا ويمسكها بقوة من شعرها.

"لقد جئت، ايها الأب الأحمق"

اتسعت عينا آش في حالة غضب قبل ان يصرخ في وجه الياس ويتقدم بغضب.

"الياس! ايها الوغد!"

عندما تقدم آش الى الأمام مثل الصاعقة توقف في منتصف الطريق ونظر للوجوه التي كانت تحدق به.

اتسعت عيناه في حالة صدمة ومن دون ادراك اخذ خطوة للخلف.

قبل ان ينظر لإالياس مرة اخرى"ايها الوغد اللعين هل تنوي تقديم ابنتي كطعام لأسلوديا؟ هل جننت؟"

بدلا من الرد ابتسم الياس بسخرية من آش وقال"اجل كما ترى"

قبض آش على يده بقوة وعض شفتيه حتى نزفتا الدم وقال بنبرة تحتوي على غضب هائل.

"الم نتفق على ايجاد حل لأسلوديا؟ لم لجئت لمثل هذا الحل القذر؟!"

ابتسم الياس اكثر وهو يفلت شعر ايرينيا.

"لأنني لااثق بحلولك"

اتسعت عينا آش وبرزت العروق الحمراء الدموية، قبل ان يصرخ.

"لم ابنتي؟! لم هي بالذات؟!"

نظر الياس للوجوه بإبتسامة قبل ان يقول"اسلوديا تحب الأطفال وللأسف ايرينيا هي الطفلة الوحيدة التي اعرفها كما انها تمتلك سحر حتى وان كان قليل، ستكون وجبة مثالية لأسلوديا"

"ايها..!!!"

تقدم آش مرة اخرى للأمام لكن هذه المرة امسكت احدى الأيدي السوداء بقدم آش مما جعله يسقط ارضا، حاول آش استخدام كل انواع السحر لكن كل شيء يفعله كانت اسلوديا تمتصه.

"سحقا!"

نظر إلى ايرينيا التي كانت الدموع تفيض من عينيها مما جعل دموع آش تسقط ايضا.

ابتسمت ايرينيا وهي تنظر لأش قبل ان تقول"يبدو ان الوداع"

"لا!"

صرخ آش وحاول ضرب اليد التي تمسك قدمه لكن من دون فائدة، قبل ان ينظر لإالياس.

"الياس! مالذي تريده منا؟!"

"منا؟"

ابتسم الياس، وربت على احد الوجوه وهو يستدير.

"يمكنك الأكل"

تحولت كل الوجوه لإيرينيا وبدأت تحدق بها بأعين سوداء بالكامل، النقوش التي كان على الحائط طبعت على يدها.

"لا!"

ظل آش يصرخ والدموع تسقط من على عينيه بينما كانت ايرينيا تنظر له بإبتسامة قبل ان تقول.

"ابي اتعلم؟ لطالما احببت انك ابي"

اتسعت عينا آش عندما رأى رأس ايرينيا يختفي عن جسدها، قبل ان يبدء الدم يسقط بغزارة من رقبتها.

لم تمر الى لحظات قبل ان يختفي الجسد ايضا.

"ااااااااه!"

بدء آش بالصراخ بشكل هيستيري كانت اليد الملفوفة حول قدمه قد اختفت بالفعل وكذالك الوجوه.

اقترب آش من المكان الذي كانت ايرينيا مقيدة به برعشة غير طبيعية،كانت انفاسه تتسارع في كل مرة يقترب، حتى نبض قلبه اصبح اسرع، وقف ونظر لأسفل ووجد دماء ابنته، توقف الزمن بالنسبة لآش. لم يصدق ما تراه عيناه، وكأن عقله رفض تقبل الحقيقة. بعد لحظات من الذهول، انهمرت دموعه بغزارة، وكأنها تحاول غسل الألم، لكنه ظل يشعر أن كل صرخة تخرج من حنجرته تزيد من فراغه الداخلي.

"اااه!!!!"

بدأت الدموع تفيض، كان يصرخ وكل صرخة تعبر عن كمية الجروح التي في قلبه، تردد صدى صرخات آش في الكهف الخالي، بينما شعر أن روحه تُنتزع مع كل قطرة دم اختفت من جسد ابنته. كل لحظة تمر كانت تثقل صدره وكأنها سنوات من العذاب.

وبدأ آش بضرب الأرضية بقوة بيديه الدامية وهو يصرخ حتى تضررت حنجرته.

"ايرينيا!! ابنتي!! اعيدوها!!!"

لم تكن هناك استجابة، في هذا الكهف، لم يكن هناك اي صوت مسموع عدى صوت بكاء آش بحرق على ابنته.

اب وحيد فقد ابنته.

2025/03/15 · 37 مشاهدة · 1236 كلمة
Rovel
نادي الروايات - 2025