الأيام التي تلت قراءتي لذلك التقرير المروع عن "حادثة الوحش الطاغية" مرت كضباب كثيف من الارتباك والتأمل المرير.

قصر ڤيرتون، بكل فخامته الصامتة وبرودته الحجرية، أصبح سجني الذهبي مرة أخرى.

جناحي الفسيح، الذي كان يبدو كجنة بعد جحيم الكهف، عاد ليشعرني بالاختناق، بجدرانه التي تحفظ أسرارًا أكثر مما يمكن لعقل بشري أن يستوعب.

قضيت معظم وقتي محبوسًا بين تلك الجدران، أتظاهر بالتعافي من "مرض غامض" ألزمني الفراش – القصة الرسمية التي لُفقت لتبرير غيابي الطويل، والتي لم أكن أعرف ما إذا كان أي شخص في هذا القصر يصدقها حقًا.

"عين الحقيقة" كانت تريني ومضات من الشك والفضول في نظرات الخدم الخاطفة، لكن لا أحد تجرأ على السؤال. الخوف من اسم ڤيرتون كان أقوى من أي فضول.

كنت أتناول وجباتي بصمت، الطعام الفاخر الذي كان مسيو چوليان يصر على إعداده لي، رغم أنني لم أطلب منه ذلك هذه المرة، كان يفقد الكثير من جاذبيته.

كل لقمة كانت تذكرني باللحم المقدد القاسي والجذور المرة التي أبقتني على قيد الحياة في تلك الغابة الملعونة.

كل رشفة من النبيذ الفاخر كانت تذكرني بالماء المعدني من النبع المشبوه.

بدأت نظامًا تدريبيًا خفيفًا وسريًا في حديقة جناحي الخاصة، تلك المساحة المنعزلة التي لا يجرؤ أحد على دخولها دون إذن.

كنت أمارس حركات السيف الأساسية التي استطعت استعادتها من ذاكرة نير الأصلية، مستخدمًا سيفًا تدريبيًا ثقيلاً وجدته في مستودع الأسلحة الخاص بالجناح.

جسدي كان لا يزال يتعافى، والندبة الفضية على صدري كانت تؤلمني أحيانًا، خاصة عندما كنت أدفع بنفسي بقوة. لكن الألم كان تذكيرًا. تذكيرًا بأنني نجوت، وبأن عليّ أن أصبح أقوى.

كنت أحاول أيضًا فهم "عين الحقيقة" بشكل أفضل. لم تعد مجرد ومضات من الإدراك. أصبحت أستطيع تفعيلها بشكل أكثر وعيًا، رغم أن ذلك كان لا يزال يسبب لي صداعًا خفيفًا وشعورًا بالإرهاق الذهني.

بدأت أرى هالات الطاقة حول الأشخاص والأشياء بشكل أوضح. هالة أليستر، عندما رأيته عن طريق الخطأ في أحد الممرات، كانت رمادية باردة، كجليد الشتاء، ومليئة بخيوط حادة من الحسابات والتخطيط. أما الخدم، فكانت هالاتهم باهتة، رمادية، ومليئة بالخوف.

السحر... لا يزال لغزًا. "الرتبة السحرية: مقيّدة" كانت كجدار صلب لا أستطيع اختراقه.

كل محاولاتي لاستدعاء أي نوع من الطاقة السحرية، حتى ذلك التقارب المزعوم مع سحر الظل، باءت بالفشل.

شعرت بأن هناك شيئًا ما مكبوتًا في داخلي، قوة هائلة تنتظر أن يتم تحريرها، لكنني لم أكن أملك المفتاح.

الغموض الأكبر كان لا يزال يلف حادثة شفائي وعودتي. الشجرة ذات شعار ڤيرتون... من أو ما الذي كان مسؤولاً عن ذلك؟ لم أجد أي إجابات.

كلما حاولت أن أسأل الخدم بشكل غير مباشر، كانوا يتظاهرون بالجهل، أو يغيرون الموضوع بسرعة. كأن هناك أمرًا بالتزام الصمت.

مرت الأسابيع، ودخلنا في منتصف شهر يوليو. حرارة الصيف بدأت تشتد، لكنها لم تكن بقسوة البرد القارس الذي شعرت به في الغابة السوداء.

كنت قد استعدت جزءًا كبيرًا من قوتي الجسدية، وأصبحت حركاتي بالسيف أكثر رشاقة وثقة. لكن عقلي كان لا يزال يعاني من آثار ما مررت به. الكوابيس لم تتوقف، وصور تلك المناطق المرعبة في الغابة كانت لا تزال تطاردني في صحوي ومنامي.

في إحدى الليالي، بينما كنت جالسًا على شرفة جناحي، أتأمل القمر الفضي الباهت الذي كان يطل من بين الغيوم الداكنة، تذكرت شيئًا. الأكاديمية.

"تبقى للأكاديمية ما يقارب ثلاثة أشهر..." همست لنفسي. "نهاية سبتمبر، أو بداية أكتوبر، هذا هو الموعد المعتاد لبدء العام الدراسي."

ثلاثة أشهر. فترة ليست بالطويلة، وليست بالقصيرة. فترة كافية للاستعداد، أو للوقوع في المزيد من المشاكل.

ثم، وكالعادة، عادت إليّ ذكريات تلك الرواية اللعينة. "في الفترة الحالية من الرواية،" فكرت بسخرية مريرة، "كانت الكاتبة المعتوهة تقوي العلاقة بين نير الأصلي وآيلا.

فصول كاملة من الحوارات التافهة، والنظرات الخجولة، واللقاءات "الصدفوية" التي كانت واضحة الترتيب بشكل يثير الغثيان.

كل ذلك بينما كان العالم لا يزال يلعق جراحه من هجوم الوحش الطاغية. بحق الجحيم، كيف تحملت قراءة مثل هذه الرواية؟ تباً لك يا صديقي عديم الفائدة، لين، على إقحامي في هذا الجحيم الوردي!"

تنهدت بعمق، وشعرت بذلك الغضب القديم يتجدد في داخلي. لكن فجأة، تغير شيء ما في تعابير وجهي. زاوية فمي ارتفعت قليلاً، وابتسامة غريبة، شريرة بعض الشيء، بدأت تتشكل.

"حسنًا،" فكرت، والابتسامة تتسع. "في هذا الوقت تقريبًا... هيهي... حان وقت ظهور شخص آخر. شخص مثير للاهتمام أكثر بكثير من هذين الحبيبين المزعومين."

الجوكر.

قاتل النبلاء.

الشخصية الغامضة التي ظهرت في الرواية بشكل مفاجئ، وبدأت في بث الرعب في قلوب النبلاء الفاسدين في العاصمة. لم يكن يسرق، ولم يكن يسعى للسلطة. كان يقتل. يقتل ببرود، وبفن، ويترك وراءه دائمًا علامته المميزة – ورقة لعب جوكر ملطخة بالدم.

"سيكون معنا في الأكاديمية،" تذكرت، وشعور غريب بالإثارة بدأ يدغدغني. "ولا أحد سيعرف هويته الحقيقية. سيتحرك بينهم كشبح، كذئب في ثياب حملان. لكنني... أنا قرأت الرواية. وأنا أعرف من هو."

تلك الشخصية... الجوكر. كان هو الاستثناء الوحيد في تلك الرواية المليئة بالشخصيات السطحية والمواقف المبتذلة. كان غامضًا، خطيرًا، ولديه دوافع غير واضحة تمامًا، لكنها بالتأكيد لم تكن رومانسية.

أتذكر جيدًا وصف قناعه في الرواية. كان وصفًا دقيقًا، مفصلاً، كأن الكاتبة قد صبت كل ما لديها من إبداع (ضئيل) في هذا القناع وحده.

"القناع،" تمتمت لنفسي، وأنا أسترجع الكلمات من ذاكرتي، "يتميز بتصميم معقد ومهيب، يلتف حول الوجه بأشكال حادة ومتداخلة تضفي عليه طابعًا غامضًا ومثيرًا. اللون الأساسي للقناع هو الأسود العميق، مما يعزز الشعور بالقوة والجلال، بينما تتخلله تفاصيل دقيقة من خطوط زرقاء غامقة متوهجة تضيف لمسة من الفخامة والرعب في آنٍ واحد."

نعم، هكذا كان. قناع ليس مجرد غطاء للوجه، بل عمل فني مرعب.

"ملامح القناع تبدو منحوتة بدقة، حيث تغطي الوجه بشكل متناسق دون إخفاء تعابير العينين، مما يترك مساحة للتعبير بينما يحافظ على هالة الغموض. الحواف مدببة أو مزخرفة بزخارف هندسية متقنة، وكأنها جزء من طقوس أو إرث قديم يمتلك رمزية خفية."

أغمضت عيني، وتخيلت ذلك القناع. الأسود العميق كليل بلا نجوم، والخطوط الزرقاء تتوهج كأوردة من السحر المظلم. العيون، تلك النافذتين الوحيدتين على الروح، تطل من خلف هذا التصميم المهيب، تحمل نظرة لا يمكن قراءتها.

"هكذا كان وصف الرواية على الأقل،" فكرت، وابتسامتي الشريرة عادت لتتسع. "ربما هي الشخصية الوحيدة التي تقبلتها في الرواية كاملة. الوحيدة التي أثارت اهتمامي حقًا."

الجوكر. وجوده في الأكاديمية سيجعل الأمور أكثر إثارة بالتأكيد. هل سأحاول التفاعل معه؟ هل سأستخدم معرفتي المسبقة بهويته لصالحي؟ أم أنني سأكتفي بالمراقبة من بعيد، مستمتعًا بالفوضى التي سيحدثها؟

فكرة وجود شخص آخر، شخص قوي وغامض، يتحرك في الظل وله أجندته الخاصة، كانت تريحني بشكل غريب. لم أعد أشعر بأنني الوحيد الذي يرى سخافة هذا العالم ونفاقه.

أما عن ردود فعل عائلتي على غيابي وعودتي... فكانت كما توقعت. أليستر، كما علمت من همسات الخدم ونظراتهم القلقة، كان لا يزال غاضبًا بشأن "الإسراف غير المبرر" الذي قمت به قبل اختفائي.

يبدو أن فاتورة تلك الوليمة الأسطورية، وتكاليف تجديد ملابسي وجناحي، كانت قد وصلت إليه، وأثارت حفيظته. لم أره وجهًا لوجه بعد، وكنت أتجنب ذلك عمدًا. لا أريد أن أفسد مزاجي الجيد (نسبيًا) بالاستماع إلى توبيخاته الباردة.

أما دوق الظلال... فكما هو متوقع، لم يعطِ أي ردة فعل على الإطلاق. لا سؤال، لا استدعاء، لا شيء. كأن ابنه الوحيد لم يختفِ لمدة شهر كامل في غابة ملعونة، ولم يعد بندبة غامضة على صدره. هذا الصمت... كان أثقل من أي غضب. هل كان يعرف ما حدث لي؟

هل كان له يد في إنقاذي؟ أم أنه ببساطة لا يكترث؟ أسئلة أخرى تضاف إلى القائمة الطويلة من الألغاز التي تحيط بهذا الرجل.

نظرت إلى السماء مرة أخرى. القمر كان لا يزال هناك، يراقبني بصمته الفضي.

"ثلاثة أشهر،" فكرت. "ثلاثة أشهر للاستعداد للأكاديمية. ثلاثة أشهر قبل أن ألتقي بآيلا، وسيلين، و... الجوكر."

شعرت بأن اللعبة الحقيقية على وشك أن تبدأ. وأن الغابة السوداء، بكل ما فيها من رعب، لم تكن سوى مقدمة. مقدمة لما هو أشد قسوة، وأكثر تعقيدًا.

لكن هذه المرة، لن أكون مجرد متفرج سلبي. لدي "عين الحقيقة". ولدي معرفة مسبقة بالأحداث. ولدي... تصميم جديد. تصميم على البقاء، وعلى تغيير قواعد هذه اللعبة اللعينة.

ابتسمت مرة أخرى، تلك الابتسامة الشريرة التي أصبحت تظهر على وجهي بشكل متزايد. "فلتأتِ الأكاديمية. فليأتِ الجوكر. أنا مستعد."

لكن في أعماقي، كنت أعرف أن الاستعداد الحقيقي يتطلب أكثر من مجرد كلمات. يتطلب قوة. ويتطلب فهمًا أعمق لهذا النظام الغامض الذي لا يزال يرفض أن يكشف عن أسراره.

الرحلة لا تزال طويلة. والمخاطر لا تزال كامنة في كل زاوية. لكن على الأقل الآن، لم أعد أشعر بأنني وحيد تمامًا في سخريتي من هذا العالم. هناك "جوكر" آخر في اللعبة. وهذا يجعل الأمور أكثر إثارة للاهتمام.

2025/06/09 · 105 مشاهدة · 1312 كلمة
Vicker
نادي الروايات - 2025