السيف الأسود في يدي كان حقيقة باردة، ثقيلة، ومطلقة. كان صمته أعمق من صمت القبر، ولونه أشد سوادًا من الفراغ بين النجوم.

لم يكن مجرد سلاح، بل كان قطعة من العدم، متجسدة على هيئة نصل.

الرجل العجوز، ذلك الكيان الذي لا يمكن فهمه، كان قد اختفى كأنه لم يكن سوى هلوسة ولدها البرد واليأس، ولم يترك وراءه سوى هذا اللغز القاتل، وهذه الأسطورة التي أصبحت الآن ملكي.

العاصفة في الخارج، التي كانت تزمجر كأنها نهاية العالم، بدأت تهدأ تدريجيًا.

عواء الرياح الوحشي تحول إلى أنين حزين، ثم إلى همس خافت، وأخيرًا... حل الصمت.

صمت القطب الجنوبي.

لم يكن صمتًا مريحًا. لم يكن غيابًا للضوضاء. بل كان حضورًا طاغيًا، صمتًا له وزن، يضغط على طبلة الأذن، على الروح.

صمت الأماكن الميتة، الأماكن التي نسيها الحكام والشياطين على حد سواء.

شعرت بأن كل صوت أصدره – صوت تنفسي الذي كان لا يزال متقطعًا، صوت حفيف ملابسي السميكة، صوت احتكاك حذائي بالجليد – كان تدنيسًا لهذا الصمت المقدس، أو ربما الملعون.

وقفت في مدخل الكهف للحظات طويلة، والسيف في يدي، أتأمل المشهد في الخارج.

عالم من الجليد الأسود والصخر الحاد، مغطى بطبقة رقيقة من الثلج حديث الهطول، يتلألأ ببرودة قاسية تحت ضوء الشفق الأبدي الباهت.

لم يكن هناك أي أثر للحياة. لا وحوش، لا نباتات، لا شيء. فقط هذا الجمال المرعب، القاتل.

"عليّ أن أعرف أين أنا،" فكرت، وعقلي لا يزال يحاول استيعاب ما حدث.

"وهذا الكهف... لماذا كان هو هنا؟ في هذا المكان؟"

قررت أن أستكشف الكهف قبل أن أغادر. كان قرارًا مدفوعًا بمزيج من الحذر والفضول المرضي. قد يكون هناك شيء آخر، دليل آخر، أو ربما... خطر آخر.

أمسكت بالسيف الأسود بقوة. شعرت بالبرودة الغريبة التي تنبعث من مقبضه، برودة لا تشبه برد الجليد، بل برودة الفراغ المطلق.

كان خفيفًا بشكل مخادع في يدي، لكنه كان يحمل في طياته إحساسًا بالقوة النهائية، قوة لا يمكن كسرها.

"عين الحقيقة"، التي كانت قد هدأت قليلاً مع هدوء العاصفة، أصبحت الآن أكثر وضوحًا. الصداع تحول إلى ألم مكتوم، محتمل.

استخدمتها لفحص السيف مرة أخرى. الهالة... لم تكن هناك هالة بالمعنى التقليدي.

كان السيف يظهر في رؤيتي كفجوة، كصدع في نسيج الطاقة المحيطة.

كان يمتص كل أثر للطاقة حوله، لا يعكس شيئًا، لا يصدر شيئًا. كان مجرد... نهاية.

تذكرت ما قيل في الرواية عن بعض الأسلحة الأسطورية، قدرتها على الاندماج مع إرادة حاملها. ركزت، وتخيلت السيف يختفي.

ولدهشتي، حدث ذلك. لم يذب، لم يتلاشَ، بل انكمش ببساطة إلى العدم، كأن بُعده الخاص قد انطوى على نفسه.

لم أشعر به في خاتم الأبعاد، بل شعرت به كجزء مني، كقوة كامنة تنتظر أن يتم استدعاؤها.

أغمضت عيني، وتخيلته يعود. وفي لحظة، شعرت بذلك الثقل البارد، المألوف، في يدي مرة أخرى.

ابتسامة خافتة، متعبة، ارتسمت على شفتي. على الأقل، أصبحت أمتلك شيئًا واحدًا يمكنني التحكم فيه.

بدأت رحلتي داخل الكهف. كان أعمق مما ظننت. ممراته كانت واسعة، وجدرانه مصقولة، كأنها نُحتت بيد عملاق، أو كأن مياه نهر جليدي قديم قد شكلتها عبر آلاف السنين.

الصمت هنا كان أعمق، أثقل. صوت خطواتي كان يتردد بشكل غريب، كأنه يأتي من مكان بعيد.

"الكهف كان خاليًا من أي شيء،" فكرت، والدهشة تمتزج بالقلق.

"لانقوش، لا وحوش، لا شيء مريب أو مرعب... سوى هذا الهدوء القاتل."

كل كهف، كل صدع دخلته في الغابة السوداء كان يحمل آثارًا: نقوشًا غريبة، بقايا مخلوقات، طاقة مظلمة عالقة.

لكن هذا المكان... كان نظيفًا بشكل مخيف. كأنه قد تم تطهيره، أو كأنه لم تمسه الحياة أو الموت أبدًا.

"عين الحقيقة" كانت تؤكد ذلك. لم تكن هناك أي هالات طاقة خفية، لا فخاخ سحرية، لا أبواب سرية. فقط حجر وجليد، صامتان، قديمان.

هذا النقاء، هذا الفراغ، كان بحد ذاته مصدرًا للرعب. لماذا كان ذلك الرجل العجوز في مكان كهذا؟ هل كان يحرس هذا الفراغ؟ أم أن هذا الفراغ هو ما يحميه؟

واصلت السير، وتعمقت أكثر في الكهف. الممر كان يتسع ويضيق، يرتفع وينخفض.

في بعض الأماكن، كنت أرى بلورات جليدية ضخمة تتدلى من السقف، تتلألأ بألوان الشفق القطبي الخافتة التي كانت تتسلل من بعض الفتحات العالية. كان مشهدًا جميلاً بشكل مؤلم، جمالًا باردًا، لا حياة فيه.

بعد ما بدا وكأنه ساعة من السير في هذا الصمت المطبق، وصلت إلى قاعة ضخمة، دائرية الشكل.

كانت أكبر قاعة رأيتها حتى الآن، وسقفها كان يرتفع ليختفي في الظلام، كأنه سماء ليلية بلا نجوم.

وفي وسط القاعة، كان هناك عمود جليدي ضخم، يمتد من الأرض إلى السقف، ويتوهج بضوء أزرق باهت، خافت جدًا، كأنه قلب الكهف النابض.

اقتربت بحذر، والسيف الأسود في يدي، مستعد لأي شيء. لكن لم يكن هناك أي شيء.

العمود الجليدي كان مجرد عمود جليدي. لم تكن عليه أي نقوش، ولم تنبعث منه أي طاقة خطيرة. كان مجرد... هناك.

شعرت بخيبة الأمل والإحباط يبدآن في التسلل إليّ مرة أخرى.

هل هذا كل شيء؟ هل أتيت إلى هنا، وخاطرت بحياتي، فقط لأحصل على سيف، وأجد كهفًا فارغًا وعمودًا جليديًا؟ أين القطعة الأثرية النادرة؟ هل كانت مجرد أسطورة؟ أم أنني أبحث في المكان الخطأ؟

استدرت، وقررت أن أعود. لا فائدة من البقاء هنا. عليّ أن أجد تلك المدينة المهجورة. ربما يكون الكنز الثاني هناك.

وبينما كنت أستدير لأغادر القاعة، لفت انتباهي شيء ما.

وميض خفيف، انعكاس ضوء على شيء ما في زاوية معتمة من القاعة، زاوية لم أكن قد تفحصتها جيدًا.

تجمدت. رفعت السيف أمامي، وتقدمت ببطء شديد نحو مصدر الضوء. كان خافتًا جدًا، بالكاد يمكن ملاحظته.

اقتربت أكثر... وأكثر...

ثم رأيته.

كان يرقد على نتوء صخري صغير، كأنه معروض على مذبح قديم.

قناع.

لم يكن كأي قناع رأيته أو تخيلته. كان تحفة فنية من الكوابيس.

قناعًا مرعبًا.

كان مصنوعًا من مادة سوداء لامعة، تشبه العظم المصقول أو الكيتين الخاص بحشرة من عالم آخر.

تصميمه كان معقدًا، يلتف حول شكل الوجه بطريقة عضوية، لكن بأشكال حادة، عدوانية.

كانت عليه نتوءات ومنحنيات تبدو وكأنها تنمو منه بشكل طبيعي، وفي نفس الوقت، كأنها منحوتة بدقة شيطانية.

لم يكن مجرد قناع يغطي الوجه. كان يبدو وكأنه وجه ثانٍ، وجه كائن من أبعاد أخرى، مليء بالخبث والقوة القديمة.

تجويفا العينين كانا فارغين، عميقين، كأنهما يطلان على العدم، لكنني شعرت بأنهما... يراقبانني.

شعرت بالبرد يسري في عروقي، برد لا علاقة له بالجو المحيط.

"عين الحقيقة" كانت تصرخ بالتحذيرات. هالة القناع كانت... لا يمكن وصفها.

كانت مزيجًا من الظلام المطلق، والفوضى، والطاقة الكامنة التي كانت تجعل الهواء حوله يهتز.

تراجعت خطوة إلى الوراء، وشعرت بأن أنفاسي تنقطع.

"هذا..." تمتمت، والصوت بالكاد خرج من حلقي الجاف. "مستحيل!"

كنت أعرف هذا القناع. لقد قرأت عنه. لقد تخيلته. هذا التصميم... هذه الهالة... لا يمكن أن يكون هناك قناعان مثله في العالم.

"القناع الذي حصل عليه أليستر..." تمتمت، وعقلي يدور في حلقة مفرغة من عدم التصديق.

"القناع الذي حصل عليه بطريقة لم تذكرها الرواية في الـ 400 فصل التي قرأتها... كيف... كيف يمكن أن يكون هنا؟"

هل كانت هذه هي القطعة الأثرية الثانية التي كنت أبحث عنها؟ هل قادني القدر، أو ذلك الرجل العجوز الغامض، إلى هذا المكان ليس فقط من أجل السيف، بل من أجل هذا القناع أيضًا؟

تذكرت وصف الرواية لقدرات هذا القناع المرعب.

"هذا القناع، كما وصفته الرواية، يستطيع أن يخفي مرتديه تمامًا، يجعله شبحًا، ظلًا، لا يمكن لأي عين أو سحر أن يكشفه... ولكنه يسنزف قوة حياة مستخدمه بشكل كبير.

" فكرت، وشعرت بمزيج من الإثارة والرعب. "وأيضًا... إذا حصل عليه، يستطيع بمجرد التفكير في اختفائه أن يجعله يختفي، وبمجرد التفكير في استدعائه، سوف يُستدعى فورًا، تمامًا مثل السيف الأسود."

هذا... هذا كان سلاحًا بقوة السيف الأسود نفسها، إن لم يكن أقوى في بعض النواحي.

سلاح للاغتيال، للتسلل، للخداع. سلاح يناسب الجوكر... أو يناسبني أنا.

لكن لماذا هو هنا؟ وكيف حصل عليه أليستر في الرواية الأصلية؟ هل سرقه من هذا المكان؟ هل كان يعلم بوجوده؟ أم أن وجودي هنا قد غير مجرى الأحداث تمامًا؟

الأسئلة كانت تتصارع في ذهني، لكن شيئًا واحدًا كان واضحًا. هذا القناع أمامي.

وهذه فرصة قد لا تتكرر. فرصة لأحصل على قوة لم أكن أحلم بها.

قوة قد تساعدني على مواجهة أليستر، على النجاة في الأكاديمية، على فهم أسرار هذا العالم.

لكن المخاطرة... كانت هائلة. هذا القناع لم يكن يبدو كقطعة أثرية عادية.

كان يبدو ككيان حي، خبيث، ينتظر فريسة.

ترددت لدقائق طويلة، وأنا أقف هناك، أحدق في القناع، وهو يحدق فيّ بصمته المرعب.

العاصفة في الخارج كانت قد هدأت تمامًا، والصمت في الكهف أصبح الآن أثقل، مشحونًا بالترقب.

"اللعنة على التردد،" قلت لنفسي أخيرًا، وقبضت على السيف الأسود بقوة.

"لقد أتيت إلى هنا من أجل القوة. ولن أعود خالي الوفاض."

تقدمت ببطء نحو النتوء الصخري. كل خطوة كانت تبدو وكأنها تستغرق دهرًا.

عندما وصلت أخيرًا أمام القناع، مددت يدي المرتجفة نحوه.

ما إن لامست أطراف أصابعي سطحه البارد، المصقول، حتى شعرت بصدمة عنيفة، ليست كهربائية، بل نفسية.

ومضات من صور مرعبة، عنيفة، اجتاحت عقلي: عوالم تموت، حضارات تنهار، مخلوقات تصرخ في عذاب أبدي.

وهمسات... آلاف الهمسات بلغات منسية، تتحدث عن القوة، عن الفوضى، عن الظلام.

صرخت، وتراجعت إلى الوراء، وسقطت على الأرض. القناع كان لا يزال هناك، يرقد بصمت، وكأنه يسخر من ضعفي.

لكنني لم أستسلم. نهضت مرة أخرى، والتصميم يملأ عيني.

"أنت... ستكون ملكي،" همست، وهذه المرة، كان صوتي ثابتًا، باردًا.

تقدمت مرة أخرى، وأمسكت بالقناع بكلتا يدي، وتحملت موجة الألم والصور المرعبة التي اجتاحت عقلي.

شعرت به يقاوم، كأنه حيوان بري. لكنني تمسكت به بقوة، وصببت كل ما لدي من إرادة، من غضب، من يأس، فيه.

وفجأة، توقف كل شيء.

الصور اختفت. الهمسات صمتت. والصدمة النفسية تلاشت، تاركة وراءها صداعًا خفيفًا، وإحساسًا غريبًا بالاتصال.

القناع في يدي أصبح هادئًا، باردًا. كأنه... قد قبلني.

نظرت إليه. كان لا يزال مرعبًا، لكنه لم يعد يبدو خبيثًا. بل أصبح كأنه... امتداد لإرادتي.

ركزت، وتخيلته يختفي. وفي لحظة، تلاشى من بين يدي، كأنه لم يكن موجودًا أبدًا. شعرت به يستقر في مكان ما في وعيي، بجانب السيف الأسود، كقوة مظلمة أخرى تنتظر أمري.

الآن... أصبح لدي سيف لا ينكسر، وقناع يجعلني شبحًا.

شعرت بأنني لم أعد نفس الشخص الذي دخل هذا الكهف. لقد أصبحت شيئًا آخر. شيئًا أقوى. وشيئًا... أكثر خطورة.

"حان وقت العودة،" قلت، وابتسامة باردة، واثقة، ارتسمت على شفتي.

"الأكاديمية تنتظر. واللعبة... على وشك أن تصبح أكثر إثارة للاهتمام."

...

...

أخرجت من خاتم الأبعاد القطعة الأثرية الثانية للانتقال الآني، تلك الشظية المعدنية الرمادية التي كانت تنبض بقوة مكبوتة.

أمسكت بها، وشعرت بأن هذه المرة، سيكون الأمر مختلفًا. لم أكن أهرب. بل كنت أعود. أعود كلاعب جديد في اللعبة، لاعب يحمل في جعبته أسرارًا وأسلحة لم يكن أحد يتوقعها.

"لم أكن أحتاج إلى أن أخرج،" فكرت، وأنا أنظر حول القاعة الجليدية الفارغة.

"يمكنني أن أستخدم الانتقال الآني في أي مكان. هنا، في هذا الصمت، في هذا الأمان المؤقت..."

رفعت القطعة الأثرية، وبدأت أركز. صورة قصر ڤيرتون، جناحي الخاص، ذلك المكان الفاخر الذي كان سجني، بدأت تتشكل في ذهني.

شعرت بالطاقة تبدأ في التدفق، والهواء حولي يهتز.

كنت على وشك تفعيل البوابة. على وشك العودة. على وشك بدء الفصل التالي من حياتي الملعونة.

وفجأة، سمعت صوتًا.

صوتًا لم أكن أتوقع أن أسمعه أبدًا.

صوتًا لم يكن عواء رياح، ولا همس أشباح.

كان صوتًا عميقًا، مدويًا، كأنه أنين جبل يحتضر.

صوت... تكسر الجليد.

نظرت إلى الأعلى، نحو سقف القاعة الذي كان يختفي في الظلام.

ورأيت... رأيت شقًا. شقًا رفيعًا، كخيط من شعر، يظهر في الظلام. ثم شقًا آخر. وآخر.

الهمهمة الخافتة التي كنت أسمعها من العمود الجليدي في وسط القاعة، أصبحت الآن أعلى، وأكثر توترًا.

الضوء الأزرق الباهت الذي كان ينبعث منه بدأ يومض بعنف، كقلب على وشك التوقف.

"عين الحقيقة" صرخت في عقلي، وأظهرت لي رؤية من الجحيم.

الكهف كله، هذا الجبل الجليدي الضخم، كان ينهار.

ليس ببطء، بل بسرعة كارثية. شبكة من الشقوق، تتوهج بطاقة فوضوية، كانت تنتشر عبر الجدران والسقف والأرضية.

"لا..." تمتمت، وعيناي متسعتان من الرعب المطلق.

"ليس الآن... ليس بعد أن..."

لم يكن هناك وقت لإكمال جملتي. لم يكن هناك وقت لفعل أي شيء.

الصوت أصبح الآن صراخًا يصم الآذان، صراخ ملايين الأطنان من الجليد وهي تستسلم لوزنها، لقدرها.

الأرض تحت قدمي اهتزت بعنف، وأفقدتني توازني. سقطت القطعة الأثرية للانتقال الآني من يدي، وانزلقت بعيدًا في الظلام.

حاولت أن أنهض، أن أزحف نحوها، لكن الأوان كان قد فات.

السقف... بدأ يتساقط.

لم تكن حجارة صغيرة، أو قطع جليد. كانت كتل هائلة، بحجم عربات، بحجم منازل، تتساقط من الظلام، وتضرب الأرض بقوة زلزال، محولة كل شيء إلى غبار جليدي.

العمود الجليدي في الوسط انفجر، مطلقًا موجة من الطاقة الباردة التي جمدت الهواء نفسه للحظة.

رفعت رأسي، وفي تلك اللحظة الأخيرة من الرعب الخالص، رأيت ظلًا هائلاً يملأ كل مجال رؤيتي.

قطعة من سقف الكهف، بحجم القصر نفسه، كانت تهوي نحوي مباشرة.

لم يكن هناك وقت للصراخ. لم يكن هناك وقت للتفكير. لم يكن هناك وقت للندم.

فقط... الظلام.

والضغط.

ضغط لا يمكن تصوره، يسحق كل عظمة في جسدي، يطرد كل ذرة هواء من رئتي.

شعرت بأنني أتحول إلى مجرد عجينة من اللحم والدم والعظام المكسورة.

ثم، دفنت.

دفنت تحت جبل من الجليد والصخر، في قاع هذا العالم الملعون.

الألم... كان مطلقًا.

كان هو كل كياني. كل خلية في جسدي كانت تصرخ في عذاب لا يوصف. شعرت بأضلاعي المكسورة تخترق رئتي، وبساقي قد سُحقت تمامًا.

كنت أختنق، أغرق في دمي، وفي الظلام المطلق.

"يا للمأساة..." فكرت، وضحكة دامية، صامتة، ارتجفت في روحي المحتضرة.

"يا للسخرية الكونية... لقد حصلت على القوة... فقط لأموت بها، قبل أن أتمكن حتى من استخدامها."

السيف الأسود، ذلك السلاح الذي لا ينكسر. القناع المرعب، الذي يجعلني شبحًا.

كلاهما كانا الآن مجرد فكرتين، طاقتين كامنتين، محبوستين معي في هذا القبر الجليدي.

عديمي الفائدة. مثيرين للشفقة. مثلي تمامًا.

البرد القارس، الذي لم أعد أشعر به بسبب الألم، بدأ يعود الآن، يخترق جسدي المكسور، ينهش ما تبقى من حياتي.

بدأ وعيي يخفت، ينجرف بعيدًا في تيار من الألم والبرد والظلام.

"عين الحقيقة" ومضت للمرة الأخيرة، وأظهرت لي رؤية واحدة، أخيرة، ومرعبة:

هالتي الحيوية، التي كانت في السابق شعلة عنيدة، أصبحت الآن مجرد وميض باهت، صغير، على وشك أن ينطفئ إلى الأبد، محاطًا بكتلة لا نهائية من الظلام والضغط.

هذه هي النهاية، إذن.

ليست في معركة بطولية. وليست في مواجهة مع عدو قوي.

بل هنا.

مدفونًا.

محطومًا.

وحيدًا.

في صمت الجليد الأبدي.

يا لها من... نهاية... تليق بهذه الرواية اللعينة.

2025/06/17 · 52 مشاهدة · 2209 كلمة
Vicker
نادي الروايات - 2025