الأيام السبعة الأخيرة التي قضيتها في قصر ڤيرتون قبل التوجه إلى الأكاديمية لم تكن أيام راحة، بل كانت أشبه بالهدوء المشحون الذي يسبق انفجار بركان.
كل ساعة كانت تمر، كنت أشعر بضغط الوقت يزداد، كجدار جليدي يزحف نحوي ببطء، يهدد بسحقي.
كنت أقسم وقتي بين التدريب البدني المكثف في حديقة جناحي المعزولة، وبين جلسات التأمل الطويلة والمحبطة التي كنت أحاول فيها عبثًا أن أجد أي صدع، أي ثغرة، في ذلك القيد اللعين الذي يكبل سحري.
جسدي كان قد تعافى تمامًا بفضل تلك المعجزة الغامضة، لكن روحي كانت لا تزال تحمل ندوبًا أعمق بكثير من تلك الندبة الفضية الباردة على صدري.
ذكريات الجحيم الأبيض، وذلك الرجل العجوز الذي لا يعرف القدر، كانت تطاردني في صحوي ومنامي، لتذكرني بأن العالم الذي أعيش فيه أكبر وأكثر رعبًا من أي رواية، وأن القواعد التي كنت أظن أنني أفهمها ليست سوى وهم.
في إحدى الأماْسِي، بينما كنت جالسًا على مكتبي المصنوع من خشب الأبنوس، وأمامي وثائق القبول الرسمية من أكاديمية "سيلفانوس" الملكية،
بدأت أرتب أفكاري، أو بالأحرى، أحاول أن أرسم خريطة للجحيم الجديد الذي أنا على وشك دخوله.
"أكاديمية سيلفانوس الملكية..." تمتمت، وأنا أمرر أصابعي على الشعار الملكي المنقوش بالذهب على رأس الوثيقة.
"مكان لا يسمح إلا للنبلاء بالدخول إليه." كان هذا هو القانون غير المكتوب.
كانت الأكاديمية في جوهرها ليست مكانًا للتعليم بقدر ما هي ساحة مصغرة للعبة السلطة الكبرى.
مكان يلتقي فيه ورثة العائلات النبيلة، يشكلون تحالفات، يقيسون قوة بعضهم البعض، ويتعلمون فنون الدبلوماسية والقتال التي ستساعدهم على تمزيق بعضهم البعض في المستقبل.
"بإستثناء آيلا، بالطبع،" فكرت بسخرية لاذعة، وشعرت بذلك الغضب القديم تجاه الكاتبة يتجدد.
"ويال السيناريو التي كتبته تلك الكاتبة المعتوهة! الفتاة اليتيمة، القروية البسيطة، التي لا تملك أي نسب أو مال، يتم قبولها فجأة في أرقى وأكثر أكاديمية حصرية في الإمبراطورية.
"والسبب؟"
ضحكت بصوت خافت، خالٍ من أي مرح.
"لأنها تمتلك قدرة شفائية 'نادرة'. يا للسخافة! كان العالم يعج بالسحرة والمعالجين، لكنهم كانوا ينتظرون هذه الفتاة تحديدًا لتظهر بقدرتها 'الفريدة'!" كان الأمر واضحًا كالشمس.
لم يكن سوى دافع قصصي رخيص، حيلة مبتذلة لإلقاء البطلة في نفس الحلبة مع كل الشخصيات الرئيسية الأخرى، لتتمكن من التفاعل معهم، ولتقع في حب نير الأصلي.
ثم، شعرت بالبرد يسري في عروقي وأنا أفكر في قائمة الشخصيات التي ستكون معي.
ليس فقط في الأكاديمية، بل في نفس الفصل الدراسي.
"تلك الأكاديمية اللعينة لا تسمح لأي أحد بأن يغير فصله،" تذكرت بغضب. النظام كان صارمًا.
يتم توزيع الطلاب حسب أعمارهم وقوة عائلاتهم الأولية، ويبقون معًا طوال سنوات الدراسة.
وهذا يعني أنني سأكون محبوسًا في غرفة واحدة، يومًا بعد يوم،
مع...
أولاً، سيلين دي فالوا. أميرة الجليد، ابنة دوق الرياح الشمالية، وحب نير الأصلي الأول الذي لم يُكتب له النجاح.
جميلة، باردة، طموحة، وذكية. ستكون هناك لتمثل مصالح عائلتها، ولتثبت تفوقها.
ثانيًا، الجوكر. القاتل المقنع الذي يرعب العاصمة. سيكون هناك، متخفيًا تحت هويته النبيلة، يدرس، يبتسم، وربما يشارك في الأنشطة الطلابية، بينما يخطط لجريمته الدموية التالية.
وأنا الوحيد الذي سيعرف حقيقته. هذه الفكرة وحدها كانت تثير في نفسي مزيجًا من الإثارة والرهبة.
ثالثًا، ولي العهد، الأمير ثيرون ڤاليراك. ابن الإمبراطور نفسه. تذكرته من الرواية كشخصية متغطرسة، مدللة، لكنه يمتلك تحت تلك الواجهة ذكاءً حادًا وقوة لا يستهان بها.
وجوده يعني أن كل الأنظار، كل الضغوط السياسية، ستكون مسلطة على فصلنا.
رابعًا، أخته. الأميرة سيرافينا ڤاليراك.
"تلك..." همست لنفسي، وشعرت بقشعريرة حقيقية.
"إنها مرعبة، وجميلة جدًا." الرواية وصفتها كملاك ذي شعر ذهبي وعينين كالسماء الصافية، كنت قد التقطت ومضات من شخصيتها الحقيقية من خلال سطور الرواية
. كانت باردة، متلاعبة، وقاسية بشكل لا يصدق. كانت تستمتع بتحطيم الآخرين نفسيًا، وتجد لذة في رؤية الضعفاء يتألمون.
كانت شيطانًا يرتدي وجه ملاك، وربما كانت أخطر من أخيها بكثير.
خامسًا، آيلا. بطلة الرواية.
الفتاة "البريئة" التي ستكون محور كل الدراما الرومانسية، والتي ستجذب المشاكل كالمغناطيس. وجودها كان يعني أن الفوضى قادمة لا محالة.
وأخيرًا، أنا. نير ڤيرتون. الابن الغامض والمقيّد لأقوى دوق في الإمبراطورية، والذي يحمل في داخله أسرارًا من عوالم أخرى، وأسلحة من حكام منسيين.
"جميعهم سيكونون معي في الفصل!" صرخت في عقلي، وشعرت بصداع يبدأ في النبض خلف جبهتي.
"كل هؤلاء... في مكان واحد!
إلى الجحيم مع هذا! هذا ليس فصلاً دراسيًا، بل قنبلة موقوتة على وشك الانفجار!"
"وهناك تقام أشياء لعينة،" فكرت، وأنا أتذكر تفاصيل الحياة الأكاديمية من الرواية.
"رحلات ميدانية إلى مناطق موبوءة بالوحوش، مسابقات سحرية لاختبار المهارات، منافسات بين فرق تمثل العائلات النبيلة، وقتالات ومبارزات قد تنتهي بإصابات خطيرة أو حتى الموت."
كيف سأنجو من كل هذا؟ كيف سأشارك في هذه الأنشطة وأنا لا أستطيع استخدام أي سحر؟ كيف سأحافظ على هيبة عائلة ڤيرتون وأنا في أضعف حالاتي؟
كانت هذه هي الأسئلة التي تطاردني طوال الأسبوع الأخير. كنت أضع الخطط، ثم أمزقها. أبحث عن استراتيجيات، ثم أكتشف ثغراتها.
قررت أخيرًا أن استراتيجيتي الوحيدة المتاحة الآن هي المراقبة، والغموض، والخداع. سأكون الظل الصامت في زاوية الغرفة.
سأستخدم "عين الحقيقة" كسلاحي الأساسي، ليس للهجوم، بل للدفاع.
سأقرأ نوايا الآخرين، سأحلل هالات قوتهم، سأكشف أكاذيبهم، وسأبحث عن نقاط ضعفهم.
سأكون اللغز الذي لا يمكن لأحد حله. نير ڤيرتون الهادئ، الذي لا يمكن التنبؤ بردود أفعاله، والذي قد يكون ضعيفًا، أو قد يكون يخفي قوة مرعبة. هذا الغموض... سيكون درعي.
أما السيف الأسود والقناع المرعب، فسيبقيان سري الأكبر، قوتي الكامنة التي لن أستخدمها إلا عندما أكون على وشك الموت، أو عندما تأتي اللحظة المناسبة لتغيير قواعد اللعبة تمامًا.
في اليوم الأخير، جاء الخدم ليحزموا أمتعتي. لم يكن هناك الكثير. بعض الملابس الرسمية التي تحمل شعار ڤيرتون، بعض الكتب، وأدواتي الشخصية.
كل شيء آخر كنت أحتاجه كان مخبأً في خاتم الأبعاد.
قبل أن أغادر، ظهر أليستر. لم يقل الكثير. فقط وقف عند باب جناحي، ونظر إليّ بعينيه الباردتين.
"لا تسبب أي مشاكل، نير،" قال، وصوته كان كتحذير. "سمعة العائلة على المحك."
"لا تقلق، يا أخي،" أجبته بابتسامة خالية من أي تعابير. "سأكون... مثالياً."
لم يأتِ والدي ليودعني. كالعادة. صمته كان رسالته الأقوى.
ركبت العربة الفاخرة، ذات اللون الأسود اللامع، والتي كانت تحمل شعار ڤيرتون.
انطلقت العربة، تاركة وراءها ظلال القصر القاتمة.
كنت في طريقي إلى جحيم جديد. جحيم مليء بالوجوه الشابة، الطموحة، والخطيرة.
جحيم اسمه أكاديمية سيلفانوس الملكية.
أغمضت عيني، وشعرت ببرودة السيف الأسود وقناع الرعب في وعيي.
"فلتُفتح ستائر المسرح،" همست للظلال في العربة. "فأنا مستعد للعرض."
...
...
عجلات العربة المدرعة لعائلة ڤيرتون كانت تدور على الطريق المرصوف بالحصى بإيقاع منتظم، كدقات قلب وحش حجري عملاق.
كل دورة كانت تبعدني أكثر عن الظلال القاتمة لقصر ڤيرتون، وتقربني أكثر من جحيم من نوع مختلف، جحيم مضاء بأشعة الشمس والمؤامرات الشابة.
كنت جالسًا وحدي في المقصورة الفسيحة، التي كانت في حد ذاتها تحفة فنية من القوة المظلمة.
المقاعد كانت مكسوة بجلد أسود، ناعم وبارد الملمس، قيل إنه جلد "باسيليسك الظل".
الجدران كانت مبطنة بخشب الأبنوس المصقول، الذي يعكس وجهي الشاحب كمرآة داكنة.
لم تكن هناك نوافذ زجاجية عادية، بل كانت ألواحًا من الكريستال المسحور، الذي يجعل العالم الخارجي يبدو باهتًا، مشوهًا قليلاً، كأنه ذكرى بعيدة، بينما يعزلني تمامًا عن أصواته.
الصمت في الداخل كان مطبقًا، لا يقطعه سوى ذلك الإيقاع المنتظم للعجلات، وهمهمة خافتة من الطاقة السحرية التي تحمي العربة.
كان هذا الصمت مسرحي المثالي. مسرح لأفكاري التي كانت تتصارع في رأسي كأسراب من الغربان الجائعة.
أسبوع واحد. سبعة أيام فقط مرت منذ عودتي المستحيلة من ذلك الجحيم المتجمد.
سبعة أيام قضيتها في عزلة شبه تامة، أستعيد قوتي الجسدية، وأحاول عبثًا أن أستوعب الألغاز التي ألقاها القدر أو شيء آخر في طريقي.
والآن، أنا هنا، في طريقي إلى أكاديمية "سيلفانوس" الملكية.
تنهدت بعمق، وأسندت رأسي إلى الجلد البارد للمقعد. الأكاديمية. يا لها من كلمة مثيرة للسخرية.
بالنسبة للنبلاء الآخرين، كانت فرصة للمجد، للشهرة، لتكوين التحالفات.
لكن بالنسبة لي، كانت مجرد حلبة جديدة، أكثر تعقيدًا، وأكثر خطورة.
"الخطة..." همست في صمت المقصورة. "يجب أن تكون هناك خطة."
أغمضت عيني، وبدأت أرسم خريطة للمستقبل، ليس بناءً على الطموح أو الرغبة، بل على الحقيقة الوحيدة التي تعلمتها من تجاربي المروعة:
حقيقة أن البقاء على قيد الحياة هو الانتصار الوحيد الذي يهم.
"الخطة الأفضل لأي كارثة قد تحدث هي الهرو..." نعم، هذه هي الحقيقة العارية.
قد تبدو جبانة، قد تبدو مثيرة للشفقة في عيون أولئك الذين لم يتذوقوا طعم الموت الحقيقي.
لكنني تذوقته. شعرت به وهو يغمرني، يسحقني، يدفنني. وأنا لست مستعدًا لتكرار تلك التجربة.
"لست مستعدًا لأموت، على الأقل ليس الآن."
هذا هو الفرق الجوهري بيني وبين نير الأصلي، ذلك الأحمق الرومانسي الذي كان يسكن هذا الجسد قبلي.
"أنا لست مثل نير الذي قد يخاطر بحياته من أجل الحب،" فكرت بسخرية لاذعة.
أتذكره في الرواية، كيف كان يلقي بنفسه في مواقف مميتة، كيف كان يواجه وحوشًا تفوقه قوة، ليس من أجل مبدأ أو واجب، بل من أجل نظرة من عيني آيلا، من أجل فرصة ليكون "بطلها".
يا للسخافة! لقد كان مجرد دمية تحركها خيوط الحب التي نسجتها له الكاتبة.
"صحيح..." ارتسمت ابتسامة باردة، فلسفية، على شفتي. "الحب كان هو السلاح الأخطر."
توقفت للحظة، أتأمل هذه الفكرة.
"في كل المآسي الكبرى، سواء في عالمي القديم أو في صفحات هذه الرواية الملعونة، لم تكن السيوف هي التي حركت الجيوش، ولا الذهب هو الذي بنى الخيانات... بل كان الحب.
الحب، ذلك الداء المقدس، هو أخطر سلاح على الإطلاق، لأنه السلاح الوحيد الذي يجعل حامله يوجهه نحو صدره أولاً، طواعية."
نعم، نير الأصلي كان قد قتل نفسه من أجل الحب، حتى قبل أن يقتله أي عدو. وأنا... أنا لن أرتكب نفس الخطأ.
إذًا، الخطة هي البقاء. والوسيلة هي الهروب، والتجنب، والمراقبة.
"ليس عليّ أن أواجه أي أحد!" قررت، وشعرت بأن جزءًا من التوتر يغادر كتفي.
"لست مضطرًا لأن أكون البطل. لست مضطرًا لأن أكون الأقوى. عليّ فقط أن أكون... الأخير الذي يبقى واقفًا."
بدأت أستعرض قائمة الأخطار، قائمة الشخصيات التي يجب أن أتجنبها كأنها الطاعون.
الأمير ثيرون ڤاليراك والأميرة سيرافينا ڤاليراك. أبناء الإمبراطور. وجودهما يعني أن الأكاديمية ستكون تحت المجهر.
ثيرون، بصفته ولي العهد، يمثل السلطة المطلقة، أي احتكاك به قد يكون له عواقب وخيمة.
أما سيرافينا... تلك الشيطانة ذات الوجه الملائكي. كانت أخطر بكثير. كانت تستمتع بالألعاب النفسية، بتحطيم الآخرين من أجل المتعة.
مواجهتها تعني الدخول في حرب أعصاب لا يمكن الفوز بها، فقط النجاة منها. يجب أن أبقى بعيدًا عن مدارهما قدر الإمكان.
الجوكر. الخطر المجهول. القاتل الذي يتحرك في الظل. أنا أعرف هويته، وهذا يمنحني ميزة... ومسؤولية مرعبة.
مواجهته مباشرة تعني الموت. كشف هويته قد يقلب العالم رأسًا على عقب، وقد يضعني في مركز العاصفة.
لا، أفضل طريقة للتعامل معه هي مراقبته من بعيد، فهم دوافعه الحقيقية، وربما... استخدام أفعاله لصالحي بطريقة غير مباشرة.
آيلا. الكارثة المتنقلة. بطلة الرواية الساذجة. وجودها يجذب المشاكل، والمؤامرات، والدراما الرومانسية التي أحتقرها.
الاقتراب منها يعني أن أصبح جزءًا من قصتها، جزءًا من تلك الأحداث التي ستقودني حتمًا إلى المخاطر التي لا أريدها.
يجب أن أتجنبها، أن أكون باردًا، بعيدًا، حتى لو بدا ذلك غريبًا بالنسبة لشخصية "نير" التي من المفترض أن تقع في حبها.
سيلين دي فالوا. أميرة الجليد. منافسة سياسية، باردة، وحسابية. لا تشكل خطرًا جسديًا مباشرًا، لكنها تمثل شبكة معقدة من المصالح والطموحات.
أي تفاعل معها سيكون لعبة شطرنج، وأنا لا أملك حاليًا القطع الكافية للعب.
"تجنب الجميع..." فكرت. "هل هذا ممكن حتى؟"
ثم، تذكرت أن الأمر أسوأ من ذلك. لم يكن هؤلاء هم اللاعبين الوحيدين على الساحة.
الرواية كانت مليئة بشخصيات أخرى، شخصيات قوية، ومهمة، ورئيسية، شخصيات ستكون أيضًا في نفس الفصل الدراسي اللعين.
تذكرت ثلاثة منهم على وجه الخصوص، ثلاثة كانوا دائمًا يمثلون تحديًا أو خطرًا في الرواية.
الأول، كايلين من بيت "الخشب الحديدي". سليل عائلة شمالية عريقة، معروفة بتخريج أقوى المبارزين في الإمبراطورية.
كان كايلين نفسه معجزة في فن السيف. طويل، صامت، ذو نظرة حادة كالنصل.
في الرواية، كان المنافس المباشر لمهارة نير الأصلية في المبارزة، وفي كل بطولة أو قتال، كانا دائمًا في النهائي.
كان يمثل القوة الجسدية المطلقة، خطرًا مباشرًا، واضحًا، لا يمكن الاستهانة به.
الثانية، ليرا فيكس. ساحرة عبقرية من عائلة غريبة الأطوار، مكرسة لأبحاث السحر المنسي والمحرم.
كانت ليرا مهووسة بالمعرفة، بالقطع الأثرية، بالتعاويذ القديمة. لم تكن شريرة، لكن فضولها الذي لا حدود له كان غالبًا ما يتسبب في كوارث سحرية، إطلاق وحوش من أبعاد أخرى، أو تفعيل فخاخ قديمة.
كانت تمثل القوة السحرية الخام، الفوضوية، خطرًا غير متوقع يمكن أن ينفجر في أي لحظة.
والثالث، كاسيان دي فالوا. ابن عم سيلين. على عكسها، لم يكن باردًا، بل كان ساحرًا، جذابًا، محبوبًا من الجميع.
لكن تحت تلك الواجهة اللامعة، كان يكمن عقل متآمر، ماكر، لا يقل عن عقل أليستر.
سلاحه لم يكن السيف أو السحر، بل الكلمات، الشائعات،
المعلومات، والابتزاز. كان هو المحرك الخفي للكثير من المؤامرات السياسية في الأكاديمية، يلعب بالجميع كأنهم بيادق على رقعته الخاصة.
كان يمثل خطرًا من النوع الذي أحترمه وأخشاه أكثر من غيره، خطر العقل المتآمر.
"كايلين، ليرا، كاسيان..." تمتمت، وشعرت بالصداع يعود إليّ. "كل هؤلاء... في نفس المكان."
الأكاديمية لم تكن مجرد حلبة، بل كانت مستنقعًا مليئًا بالتماسيح، وأسماك القرش، والأفاعي السامة.
وخطتي... خطة الهروب والتجنب... بدت الآن ساذجة، ومستحيلة التطبيق.
لكن ماذا كان بإمكاني أن أفعل غير ذلك؟ سحري مقيد. قوتي الحقيقية – السيف والقناع – يجب أن تبقى سرًا مطلقًا.
"سألتزم بالخطة،" قررت، وعضضت على شفتي بتصميم.
"سأكون الظل. سأراقب. سأحلل. سأنتظر فرصتي. لن أكون البطل، ولن أكون الشرير. سأكون... الناجي."
العربة بدأت تبطئ من سرعتها. من خلال الكريستال المسحور، رأيت أسوار العاصمة الشاهقة تلوح في الأفق، وبعدها، على تلة مرتفعة، رأيت أبراج أكاديمية سيلفانوس الملكية.
كانت مبنى ضخمًا، مهيبًا، مصنوعًا من حجر أبيض لامع، وأبراجها الرفيعة كانت تخترق السماء كأصابع من رخام.
كانت تبدو جميلة، نبيلة، كأنها مكان للمعرفة والنور.
لكنني كنت أعرف الحقيقة.
كانت مجرد قفص ذهبي، مصمم بعناية، ليجمع كل الوحوش الشابة معًا، ليروا من منهم سيلتهم الآخر أولاً.
تنهدت، وأسندت رأسي إلى الخلف. العربة مرت عبر بوابات الأكاديمية الضخمة.
لقد وصلت.
والعرض... على وشك أن يبدأ.