مرت ثلاثة أيام. ثلاثة أيام طويلة، كأنها دهر من المراقبة الصامتة والروتين الممل.

المحاضرات كانت عبارة عن استعراض لتاريخ العائلات النبيلة، تبجيل للإمبراطور، وتذكير دائم بواجباتنا كأبناء للنخبة.

كنت أجلس في مقعدي في الزاوية، أتظاهر بالاستماع، بينما كانت "عين الحقيقة" تمسح القاعة، تحلل هالات زملائي، وتجمع معلومات أكثر قيمة من أي كتاب.

كنت أعود كل مساء إلى غرفتي الخاصة، ذلك الملاذ الآمن، وأشعر بالإرهاق.

ليس إرهاقًا جسديًا، بل إرهاقًا ذهنيًا من فرط التمثيل، من ارتداء قناع "نير ڤيرتون" البارد، الغامض، طوال اليوم. كانت لعبة متعبة، لكنها ضرورية.

في اليوم الرابع، تغير كل شيء.

بدأ المطر.

في البداية، كان مجرد قطرات خفيفة، متناثرة، تنقر بلطف على زجاج نافذتي الضخمة.

ثم، كأن السماء قد قررت أن تفرغ كل حزنها دفعة واحدة، انهمر المطر بغزارة.

سيول من الماء كانت تجلد جدران الأكاديمية الحجرية، وصوت الرعد البعيد كان يتردد كأنه دقات قلب عملاق نائم.

شاهدت من نافذتي الطلاب وهم يركضون، يضحكون، يصرخون، ويبحثون عن ملجأ من هذا الطوفان المفاجئ.

في غضون دقائق، أصبحت الساحات الشاسعة، التي كانت تعج بالحياة قبل قليل، فارغة تمامًا.

لم يتبق سوى صوت المطر، وذلك المشهد الرمادي، الكئيب، الذي غسل كل الألوان الزاهية والمزعجة للأكاديمية.

ابتسمت.

"أنا حقًا أحب المطر،" تتمتمت لنفسي، وشعرت بشعور غريب بالراحة يغمرني.

في حياتي السابقة على الأرض، كان المطر دائمًا صديقي. كان هو العذر المثالي للبقاء في شقتي الحقيرة، بعيدًا عن العالم الخارجي البائس.

كان صوته على النافذة موسيقى تصويرية لوحدتي. وهنا، في هذا العالم الجديد، كان المطر يمثل شيئًا آخر.

كان يمثل تطهيرًا. كان يغسل الغطرسة، والبهرجة، والنفاق الذي يملأ هذا المكان، ويتركه على حقيقته: مجرد كومة من الحجارة الباردة.

بشكل مفاجئ، شعرت برغبة لا تقاوم في الخروج. ليس للمشي، أو للذهاب إلى مكان ما. فقط... لأشعر به.

ارتديت ملابسي التدريبية السوداء البسيطة، وخرجت من غرفتي. الممرات كانت فارغة وهادئة، لا يتردد فيها سوى صدى خطواتي وصوت المطر القادم من النوافذ العالية.

خرجت إلى إحدى الساحات الداخلية، تلك التي كانت بها شجرة الصفصاف العملاقة. ووقفت في وسط الساحة، تحت السماء المفتوحة.

في لحظة، غمرني المطر. شعرت ببرودته على وجهي، في شعري، وهو يتسلل تحت ياقة قميصي، ويلصق ملابسي بجسدي.

لم يكن بردًا مؤلمًا كبرد القطب الجنوبي، بل كان بردًا منعشًا، حيًا.

أغلقت عيني، ورفعت وجهي نحو السماء الرمادية، وتركت قطرات المطر تغسل عني ليس فقط غبار اليوم، بل غبار الأيام، والأسابيع، والأرواح التي مررت بها.

للحظة، لم أكن نير ڤيرتون، ابن الدوق. ولم أكن ذلك الشاب البائس من الأرض. كنت مجرد... كيان، واقف في قلب العاصفة، يشعر بالحياة والموت في كل قطرة ماء.

تعبير غريب، غير واضح، ارتسم على وجهي. لم يكن حزنًا خالصًا، ولم يكن سلامًا خالصًا.

كان شيئًا بينهما، شيئًا يحمل حزنًا عميقًا على كل ما فقدته، وهدوءًا غريبًا في تقبل ما أصبحت عليه.

فتحت عيني، وخفضت رأسي.

ووجدتها تقف هناك.

لم تكن تحت رواق، ولم تكن تحمل مظلة. كانت تقف في وسط الساحة أيضًا، على بعد عشرين خطوة مني، والمطر الغزير يهطل عليها بنفس القوة.

كانت تقف بصمت، كتمثال من رخام شاحب، وتراقبني.

الأميرة سيرافينا ڤاليراك.

كان المطر قد بلل شعرها الذهبي بالكامل، وألصقه بوجهها ورقبتها. زيها الرسمي الأنيق كان ملتصقًا بجسدها، والماء يقطر من أطرافه.

لكنها لم تبد عليها أي علامة من علامات الانزعاج أو البرد. كانت تقف بثبات، كأن هذه العاصفة العنيفة لا تعني لها شيئًا، كأنها جزء من طبيعتها.

"اللعنة! ماهذا بحق الجحيم؟"

صرخة صامتة دوت في عقلي، وشعرت بذلك الهدوء الذي كنت أعيشه يتكسر كزجاج رقيق.

موجة من القلق البارد اجتاحتني. من بين كل الناس في هذه الأكاديمية اللعينة، كان يجب أن تكون هي من تجدني في هذه اللحظة النادرة من الضعف.

والأسوأ، أنها كانت تفعل نفس الشيء الغريب الذي أفعله. هل هذا مصادفة؟ أم شيء آخر؟

كانت تنظر إليّ بنظرة باردة. عيناها، اللتان كانتا تبدوان كالسماء الصافية، كانتا الآن بلون رمادي، كغيوم العاصفة، ولا تحملان أي تعبير، سوى ذلك الفضول البارد، التحليلي، كعالم يراقب حشرة غريبة.

ثم، تكلمت. صوتها كان ناعمًا، موسيقيًا، لكنه اخترق صوت المطر بسهولة، ووصل إليّ باردًا كصوت الريح على الجليد.

"ما الذي تفعله هنا، نير؟"

اسم عائلتي... لم تستخدمه. فقط اسمي الأول. كان ذلك حميميًا بشكل مقلق، ومهينًا في نفس الوقت.

أجبرت نفسي على استعادة قناعي الجليدي. أدرت رأسي نحوها ببطء، وتركت قطرات المطر تنساب على وجهي، كأنها دموع شفافة.

"وما علاقتك بهذا؟" قلت، وصوتي خرج أهدأ وأكثر برودة مما توقعت.

رأيت وميضًا خفيفًا في عينيها. لم يكن مفاجأة، بل... شيئًا آخر. ربما تسلية؟ حركت رأسها قليلاً إلى الجانب، كقطة تدرس فريستها.

"هاه؟" قالت، والصوت كان ناعمًا، شبه بريء، لكنه كان يحمل في طياته ثقل السلطة الإمبراطورية، سؤالاً صامتًا عن جرأتي.

لم أنظر حولها بحثًا عن حراس. كانت وحدها. وهذا جعل الموقف أكثر غرابة، وأكثر خطورة.

"ليس وكأنني أهتم،" قلت ببطء، والكلمات تخرج كقطع من ثلج، متحدية إياها مباشرة.

"سواء كنتِ أنتِ، أو أخاكِ ولي العهد... فلا أهتم مطلقًا."

شعرت بالكلمات تخرج مني، وشعرت بالخطر الذي تحمله. "اللعنة! اللعنة! يجب أن أهدأ!"

صرخ صوت في عقلي. "هذه هي ابنة الإمبراطور! كلمة واحدة منها يمكن أن تجعل حياتي جحيمًا!"

لكنني لم أستطع التراجع. شيء ما في داخلي، شيء ولد من رحم المعاناة واليأس، رفض أن ينحني.

ابتسامة خافتة، بالكاد مرئية، لعبت على شفتيها المبللتين بالمطر. كانت ابتسامة لا تحمل أي دفء، بل كانت ابتسامة شخص وجد لعبة جديدة، مثيرة للاهتمام.

"لا ألومك على غطرستك،" قالت بهدوء، وصوتها ينساب مع صوت المطر.

"فأبوك هو دوق الظلال. يقال إن الأسود لا تلد إلا أسودًا."

أثناء حديثها، كنت أحاول يائسًا أن أستخدم "عين الحقيقة" عليها، أن أقرأ هالتها، أن أفهم نواياها. لكن ما رأيته زاد من قلقي.

"لماذا 'عين الحقيقة' مشوشة هكذا؟" فكرت برعب.

هالتها، التي كانت في السابق مزيجًا من الوردي والأسود، أصبحت الآن كضباب دوار، كشاشة تلفاز قديم فقد إشارته. لم

أستطع رؤية أي شيء واضح. كأن هناك درعًا نفسيًا أو سحريًا قويًا يحيط بها، يمنع أي محاولة لكشف حقيقتها. وهذا جعلها أكثر رعبًا.

"إذا كنتِ تعرفين ذلك،" قلت، محاولاً إنهاء هذه المواجهة المجهدة، "فتنحي جانبًا."

كانت وقاحة مطلقة. أمر مباشر لأميرة إمبراطورية، تقف أمامي في قلب عاصفة.

لكن سيرافينا لم تتحرك. الابتسامة اختفت من وجهها. ونظرت إليّ.

يا إلهي، تلك النظرة.

لم تكن نظرة باردة فحسب. كانت نظرة قاتلة، قوية، فارغة من أي عاطفة.

تحولت عيناها الرماديتان إلى قطعتين من فولاذ مصقول، ووعدتا بعذاب لا يمكن وصفه.

"عين الحقيقة" لم توضح أي شيء في تلك اللحظة، لم أرَ أي هالة، أي طاقة، فقط هذا الفراغ المطلق، الذي كان أشد رعبًا من أي وحش.

شعرت بالرعب الشديد.

رعب بدائي، حقيقي، لم أشعر به إلاّ عندما كنت أواجه الموت.

هذا الكيان الذي أمامي... لم يكن مجرد فتاة نبيلة متلاعبة. كانت شيئًا آخر. شيئًا أقدم، وأكثر خطورة.

أجبرت نفسي على الحفاظ على تعابير وجهي الباردة، على عدم إظهار أي أثر للخوف الذي كان يجمد دمي.

"حسنًا،" فكرت، والكلمات كانت درعي الوحيد ضد نظراتها القاتلة.

"ليس وكأنني أهتم."

بعد ما بدا وكأنه دهر، رمشت سيرافينا ببطء. وكأنها قد رأت ما يكفي.

استدارت بهدوء، وبدأت تسير مبتعدة، والمطر الغزير يهطل عليها، لكن خطواتها كانت ثابتة، رشيقة، كأنها تسير في قاعة رقص وليس في ساحة غارقة بالمياه.

بقيت واقفًا هناك، تحت المطر الغزير، الذي أصبح الآن باردًا بشكل لا يطاق.

كنت أرتجف، ليس من البرد، بل من بقايا ذلك الرعب الذي شعرت به.

لقد ارتكبت خطأً فادحًا. لقد استهنت بها. ولقد أظهرت لها جزءًا من تحدي.

والآن... أصبحت على رادارها.

نظرت إلى السماء الرمادية، وشعرت بأن المطر الذي كنت أحبه قبل دقائق، أصبح الآن كدموع باردة، تبكي على غبائي، وعلى المصير المظلم الذي ينتظرني.

لم أدرك أنني أحبس أنفاسي إلا بعد أن اختفت تمامًا في ستارة المطر الرمادية.

أطلقت زفيرًا حادًا، متقطعًا، والبخار الأبيض الذي خرج من فمي امتزج ببرودة الهواء.

وقفت هناك للحظات أخرى، لا أتحرك، والمطر الغزير لا يزال يجلدني بلا رحمة.

لكنني لم أعد أشعر ببرودته المنعشة، ولا بلمسته المطهرة. كل قطرة كانت الآن باردة، ثقيلة، كأنها تحمل صدى نظرتها القاتلة.

ذلك الهدوء، تلك اللحظة النادرة من السلام الحزين التي وجدتها في قلب العاصفة، قد تمزقت، تحطمت، ودنستها ذكراها.

استدرت ببطء، وبدأت أسير عائدًا نحو مبنى السكن، خطواتي كانت ثقيلة، كأنني أسير في وحل عميق.

كل حاسة في جسدي كانت تصرخ بالخطر. لم أعد أرى جمالًا كئيبًا في الأكاديمية تحت المطر، بل رأيت أفخاخًا وظلالاً.

الأعمدة الرخامية بدت كأنها شواهد قبور، والتماثيل الصامتة كانت تحدق فيّ بعيون حجرية، كأنها تشهد على غبائي، على خطئي الفادح.

شعرت بالضعف. شعرت بأنني مكشوف. تلك المواجهة القصيرة استنزفتني أكثر من أي تدريب بدني، وأكثر من أي صراع نفسي خضته وحدي.

لأنها كانت حقيقية، وغير متوقعة، ولأنها أظهرت لي مدى ضآلة معرفتي، ومدى هشاشة خطتي للبقاء.

وصلت أخيرًا إلى جناحي السكني، وأغلقت الباب الخشبي الثقيل خلفي.

صوت القفل وهو يستقر في مكانه كان كأنه تنهيدة ارتياح. لكن الأمان كان وهمًا.

شعرت بأن نظرتها قد تبعتني، اخترقت الجدران، ولا تزال مثبتة عليّ.

ملابسي كانت ملتصقة بجسدي، تقطر ماءً على السجاد الفاخر، مشكلة بركة صغيرة داكنة حول قدمي.

كنت أرتجف، رعشة عميقة، لا يمكن السيطرة عليها، لم تكن من البرد، بل من بقايا ذلك الرعب البدائي.

نظرت إلى نفسي في المرآة الطويلة بجانب الباب. الصورة التي رأيتها كانت مثيرة للشفقة.

شاب شاحب، شعره الأسود ملتصق بجبهته، وزيه الرسمي غارق في الماء، وعيناه... كانتا تحملان ذلك المزيج من التحدي الميت والخوف الحي.

"أحمق،" تمتمت لانعكاسي. "أحمق مغفل."

سحبت جسدي المنهك نحو الحمام. كل ما أردته هو أن أغمر نفسي في ماء ساخن، أن أغسل عني ليس فقط برودة المطر، بل برودة نظرتها التي شعرت بأنها قد جمدت دمي.

الحمام، بكل ما فيه من رخام أسود ورفاهية صامتة، بدا وكأنه من عالم آخر. أ

درت المقابض النحاسية المصقولة، وتدفق الماء الساخن في حوض الاستحمام الضخم، والبخار بدأ يملأ المكان، يغطي المرايا، ويخلق ضبابًا كثيفًا، كأنه يحاول أن يخفي عني حقيقة ما حدث.

خلعت ملابسي المبللة، ورميتها على الأرض بلامبالاة، كأنها جلد أفعى قديم لم أعد أريده.

ثم، انغمست في الماء الساخن.

للحظة، شعرت بالراحة. الماء كان يلسع جلدي البارد، والحرارة بدأت تتسلل ببطء إلى عضلاتي المتوترة.

أغمضت عيني، وأسندت رأسي إلى حافة الحوض، وتركت صوت الماء يملأ أذني.

حاولت أن أفرغ عقلي، أن أجد ذلك الهدوء مرة أخرى.

لكن صورتها، صورتها وهي تقف في المطر، لم تفارقني. وجهها الملائكي، وعيناها اللتان تحولتا إلى فراغ قاتل.

وبدأ السؤال يتردد في ذهني، كطنين حشرة مزعجة، يرفض أن يختفي.

"هل... هل قد تحاول أن تعاديني؟"

فتحت عيني، وحدقت في البخار الذي كان يتصاعد من الماء. بدأت أحلل الموقف، تلك الدقائق القليلة، بكل تفاصيلها الدقيقة، كأنني أحلل ساحة معركة بعد انتهاء القتال.

أولاً، وجودها هناك. في المطر الغزير. وحدها. هذا بحد ذاته كان خرقًا لكل الأعراف.

الأميرات لا يقفن تحت المطر حتى تبتل ملابسهن. لديهن خدم، مظلات، سحر يحميهن. فعلتها كانت متعمدة.

لكن لماذا؟ هل كانت تستمتع بالمطر مثلي؟ أم أنها كانت هناك لسبب آخر؟ هل كانت تتابعني؟ الفكرة وحدها أرسلت قشعريرة باردة في عمودي الفقري.

ثانيًا، ردة فعلها على وقاحتي. أي نبيل آخر، حتى أخيها ولي العهد، كان سيستشيط غضبًا. كان سيأمر حراسه بمعاقبتي فورًا.

لكنها... كانت هادئة. هادئة بشكل مرعب. ابتسامتها الباردة، وكلماتها التي كانت كضربات سكين ملفوفة بالحرير...

"لا ألومك على غطرستك، فأبوك هو دوق الظلال." لم تكن ترد على إهانتي، بل كانت تحللني، تصنفني، وتضعني في صندوق.

ثالثًا، وهو الأهم. فشل "عين الحقيقة". هذه هي المرة الأولى التي تفشل فيها قدرتي بهذه الطريقة.

أمام والدي، كانت هالته مجرد ظلام لا يمكن اختراقه. لكن أمامها، كانت هالته ضبابًا مشوشًا، متقلبًا، كأنها ترتدي درعًا نفسيًا لا يمكن لـ "إدراكي الأولي" أن يفهمه أو يتجاوزه.

هذا يعني أنها تمتلك قوة، أو تقنية، أو حماية تتجاوز المألوف. إنها ليست مجرد أميرة ذات سلطة سياسية.

إنها كيان خطير بحد ذاتها.

إذًا، نعود إلى السؤال. هل ستعاديني؟

"عداوة..." تمتمت للماء الساخن.

"لا، الكلمة خاطئة."

العداوة تتطلب غضبًا، كراهية. وما رأيته في عينيها لم يكن غضبًا. كان شيئًا أبرد، وأكثر حيادية.

كان... اهتمامًا. اهتمامًا علميًا، مفترسًا.

هي لن تعاديني بالطريقة التقليدية. لن ترسل قتلة خلفي، ولن تتحداني في مبارزة.

هذا أسلوب غبي، ومباشر جدًا بالنسبة لشخص مثلها.

لا. ما ستفعله سيكون أسوأ بكثير.

لقد كنت لغزًا بالنسبة لها. ابن الدوق الغامض، الذي يفضل الوقوف تحت المطر على الاختلاط بالنبلاء.

الذي يجرؤ على تحدي أميرة إمبراطورية ببرود. الذي يمتلك في عينيه حزنًا وظلامًا لا يليق بسنه.

لقد أثرت فضولها.

وهي، كقطة وجدت فأرًا مثيرًا للاهتمام، لن تقتله على الفور. بل ستبدأ باللعب به.

ستراقبني. ستختبرني. ستضعني في مواقف صعبة، فقط لترى كيف سأتصرف.

ستحاول أن تفككني، قطعة قطعة، لتكتشف أسراري، ونقاط ضعفي. ستستمتع برؤيتي وأنا أتعثر، وأنا أصارع.

لن تكون عدوة. ستكون... كابوسي الشخصي.

شعرت بالماء الساخن يصبح باردًا فجأة. خطتي... خطتي البسيطة بالبقاء في الظل، بتجنب الشخصيات الرئيسية، قد تحطمت تمامًا في اليوم الرابع.

وتصرفي، الذي ظننت أنه يعكس قوتي الجديدة وتحدي، كان في الحقيقة أكبر خطأ ارتكبته. لقد لوحت بعلم أحمر أمام أخطر ثور في الحلبة.

خرجت من حوض الاستحمام، وجسدي لا يزال يرتجف. جففت نفسي بسرعة، وارتديت ملابس نوم نظيفة.

وقفت أمام النافذة مرة أخرى. المطر كان قد توقف، والغيوم بدأت تنقشع، كاشفة عن قمر فضي، بارد، يلقي بضوئه الشاحب على الأراضي المبتلة للأكاديمية.

بدا كل شيء هادئًا، سلميًا.

لكنني كنت أعرف الحقيقة. لم يعد هناك أي سلام بالنسبة لي.

لقد لفت انتباهها.

والآن، عليّ أن أعيش مع العواقب. عليّ أن أكون أكثر حذرًا، أكثر دهاءً، وأكثر قسوة.

لأنني أعرف أن لعبة القط والفأر بيني وبين الأميرة سيرافينا ڤاليراك قد بدأت للتو.

وفي هذه اللعبة، كنت أنا، بكل تأكيد، الفأر.

2025/06/24 · 44 مشاهدة · 2100 كلمة
Vicker
نادي الروايات - 2025