الصمت الرهيب الذي خيم على المخيم، بعد أن انشطر "سيد الغابة المتحول" إلى نصفين بتلك السرعة المذهلة، كان أقوى من أي صرخة.

الطلاب كانوا متجمدين في مكانهم، عيونهم شاخصة على الدماء الخضراء المتناثرة والجسد المدمر للوحش.

أما أنا، فكانت صدمتي أعمق من أي يأس شعرت به. هذا لم يحدث في الرواية!

الجنرال ڤاليريوس، ذراع الإمبراطور اليمنى، الرجل الأقوى بعد والدي والإمبراطور نفسه، والرتبة السادسة التي لم أتخيل رؤيتها هنا، يقف أمامي الآن. وجوده هنا كان كفيلًا بقلب كل ما أعرفه رأسًا على عقب.

المطر كان لا يزال يهطل بغزارة، يغسل الدم، ويجعل كل شيء يبدو أكثر كآبة.

الجنرال ڤاليريوس، بهالته الأرجوانية الداكنة التي كانت تصرخ بالقوة المطلقة، بقي واقفًا لثوانٍ، سيفه الأسود الضخم لا يزال يقطر. ثم، وبحركة مفاجئة، مد يده الحرة إلى جيبه.

لم يخرج سيفًا آخر، ولا تعويذة. بل أخرج قطعة أثرية صغيرة، لامعة، تشبه بلورة مصقولة تنبعث منها ومضات خفيفة من الضوء الأزرق.

كانت قطعة فخمة، غريبة الأطوار في هذا الجحيم الدموي. "عين الحقيقة" كشفت لي أن هذه القطعة كانت تشع بطاقة سحرية هائلة، مخصصة للتواصل بعيد المدى، نوع من الاتصال الفائق، لم أره إلا في صفحات الرواية، لكن لم تكن قطعة أثرية عامة بل كانت من القطع النادرة جدًا.

رفع ڤاليريوس القطعة الأثرية نحو وجهه، ووجه خوذته المغلقة إلى الأمام. ثم، وبصوت عميق، جهوري، اخترق ضجيج المطر والرعد، قال:

"اللعنة على هذا... هيا، اشتغلي أسرع!"

فجأة، انبعث من القطعة الأثرية صوتٌ قوي، رنان، صوت أعرفه جيدًا: صوت الإمبراطور!

"أوه، مرحبًا أيها الإمبراطور، يبدو أن الأمور تحدث حقًا ومات الكثير من الطلاب والمعلمين وأنت في مكتبك اللعين هذا تتكئ على عرشك المريح!"

قال ڤاليريوس بنبرة لاذعة، وكأنما يتحدث إلى رفيق قديم، وليس إلى حاكم أعظم إمبراطورية.

كانت نبرته تحمل مزيجًا غريبًا من السخرية الخفيفة والملل، تمامًا كما وصفته الرواية في علاقتهما.

شعر الطلاب، الذين كانوا ما زالوا يصارعون للنهوض من ركوعهم، بالرعب المطلق.

عيونهم اتسعت، وبعضهم كاد أن يغمى عليه. الإمبراطور؟ يتحدث بهذه الطريقة؟ الجنرال ڤاليريوس يتحدث للإمبراطور بهذه الجرأة؟ كان الأمر صادمًا، ومضحكًا بشكل غريب، في نفس الوقت.

"تحرك أيها الكسول!" تابع ڤاليريوس، صوته يرتفع قليلًا، وكأنما يوبخ طفلًا.

جاء رد الإمبراطور، ممتلئًا بالاستغراب: "هاه؟ وجودك ألا يكفي؟ لقد أرسلتك هناك، أليس كذلك؟ هذا أكثر مما فعلت في آخر خمسة أحداث كارثية!"

"ما الذي تقوله بحق الجحيم؟" صرخ ڤاليريوس، والدهشة واضحة في نبرته.

"ماذا عن الوحش من الرتبة السابعة الذي سيظهر؟ كيف تعتقد أنني قد أتعامل معه؟ هل تعتقد أنني آلة قتل لا تتأثر بشيء؟ أنا لستُ ساميا جلالة الإمبراطور!"

تراجعت خطوة إلى الوراء. الوحش من الرتبة السابعة! الكيمايرا ناسج الفراغ! هل يعلمون بوجودها؟ هذا الجنرال... كيف؟ الرواية لم تذكر أنهم كانوا يعلمون!

يا إلهي، ألا يمكنك إجلائهم فقط؟ لماذا قد تنتظر الوحش ليأتي؟"

"ألم تمل من قصرك ومكتبك؟ فقط تحرك من كرسيك اللعين! وكيف تريد مني أن أُنقذ كل هذا العدد الهائل من الطلاب بمفردي؟"

رد ڤاليريوس بحدة، وكأنما يشتكي من عبء ثقيل أُلقي على عاتقه، وتجاهل تمامًا سؤال الإمبراطور الأخير.

التفتت عيون الطلاب، ثم عيون الإمبراطور الذي كان صوته ما يزال يتردد من القطعة الأثرية، نحو ڤاليريوس. كانت وجوه الطلاب مليئة بالدهشة والخوف.

"إذا رأيناها من الجانب المشرق، فلقد أصبح لدينا متنبئ صادق!" جاء صوت الإمبراطور من القطعة الأثرية، بنبرة غريبة من التهكم والجدية. "كانت التوقعات دقيقة تمامًا.

"يا إلهي، سأصاب بالجنون!" صرخ ڤاليريوس، متجاهلاً كلام الإمبراطور للحظة، ثم نظر إلى الفضاء أمامه بنظرة لا أستطيع تفسيرها من خلف خوذته.

لكن الإمبراطور لم يمنحه فرصة للرد. "أيها الجنرال، لا تتذمر. وجودك هناك هو الضمانة الكافية. رتبة سادسة ليست مزحة. أما عن الوحش السابع... حسنًا، سنرى. ربما قد أمدك ببعض الدعم إذا تطلب الأمر. الآن، حافظ على سلامة ولي العهد و...الأميرة سيرافينا."

قطع الاتصال. انطفأت البلورة الأثرية.

وقف ڤاليريوس صامتًا للحظة، ثم خفض البلورة. التفت بوجه خوذته نحو الطلاب الذين كانوا ينظرون إليه بخوف وذهول.

ثم حوّل نظره إلى الأمير ثيرون، الذي كان لا يزال جاثمًا، وإلى الأميرة سيرافينا التي كانت تراقب المشهد بهدوء غريب. وأخيرًا، استقرت نظراته، من خلف الخوذة، عليّ.

الدم كان يغطي الأرض، والمطر لم يتوقف عن الهطول. كانت هذه اللحظة، التي تجاوزت كل توقعات الرواية، مجنونة، كوميدية بشكل بائس، ومخيفة بشكل لا يصدق في نفس الوقت.

علاقة ڤاليريوس والإمبراطور كانت بالضبط كما وصفتها الرواية:

علاقة قديمة، مريحة، تتخللها السخرية والجدية في آن واحد.

لكن كيف علموا بشأن الوحش من الرتبة السابعة؟ ولماذا لم يتحرك الإمبراطور بنفسه بعد؟

كانت هذه التساؤلات تدور في رأسي، بينما شعرت بأن الواقع قد انحرف عن مساره تمامًا.

لم أعد مجرد شخصية في رواية، بل كنت جزءًا من فوضى عارمة، فوضى لم تُكتب بعد.

---

---

الصمت المخيف الذي خيم على المخيم، بعد تلك المحادثة الغريبة بين الجنرال ڤاليريوس والإمبراطور، كان يمزقه فقط صوت المطر الغزير الذي يجلد الأرض، وصوت أنفاسي المتسارعة.

كانت عيناي مثبتتين على ڤاليريوس، الذي كان يقف بهدوئه المخيف، هالته الأرجوانية الداكنة تشع بقوة مرعبة. هذا الرجل، رتبة سادسة، لم يكن في خطة الرواية.

موقفه تجاه الإمبراطور كان كما وصفت الرواية، لكن وجوده هنا، ومعرفته بالوحش من الرتبة السابعة، كل هذا كان يصرخ بأن الواقع قد انحرف عن مساره المحدد.

كان الخوف يتسلل إلى عظامي. ليس الخوف من الموت الذي اعتدت عليه في كابوس هذه الرواية، بل خوف من المجهول.

إذا كانت الرواية قد بدأت تتغير، فماذا يعني ذلك بالنسبة لي؟ هل ما زلت مقيدًا بقدري المظلم، أم أن هناك بصيص أمل جديد، أو ربما... شكلًا جديدًا من الجحيم؟

فجأة، وبدون سابق إنذار، دوى صوت رعد لم يكن كأي رعد سمعته من قبل.

لم يكن مجرد صوت قصف في السماء، بل كان هديرًا عميقًا، مدويًا، وكأنه انشقاق في صميم الكون. اهتزت الأرض تحت أقدامنا بعنف، وتطاير الطين والماء الممزوج بالدماء في الهواء.

رفعت رأسي نحو السماء الملبدة بالغيوم السوداء التي كانت تصرخ بالمطر والبرق. وفي تلك اللحظة، تجمد دمي في عروقي.

انشقت السماء.

لم يكن مجرد وميض برق. لم تكن مجرد سحابة تتبدد. بل انفتحت السماء وكأنها بوابة عملاقة، بوابة ذات شق هائل، ينبعث منها ضوء بنفسجي قاتم، ضوء لم أره في حياتي، ضوء يوحي بالهلاك والفراغ.

كان الضوء ينبض، كأنه قلب كوني ينزف، يكشف عن هوة مظلمة لا نهاية لها خلفه. الهواء حول البوابة البنفسجية كان يتموج، يتشوه، وكأن نسيج الواقع نفسه يتمزق أمام أعيننا.

هل من الممكن أن هذه هي الكيمايرا؟ تساءلت في رعب مطلق. لكن ظهورها في الرواية لم يكن هكذا مطلقًا! في الرواية، كانت تظهر من العدم، تتجسد من الظلال، وليس من بوابة سماوية بهذه الهيئة المروعة. هذا التغيير كان أكبر من أي شيء توقعته.

الطلاب، الأساتذة، وحتى الجنرال ڤاليريوس، تجمدوا في مكانهم. أصوات صرخات الخوف المكتومة بدأت ترتفع من الطلاب، أصوات تحمل اليأس المطلق.

هالاتهم، التي كانت قد استعادت جزءًا من ألوانها بعد موت "سيد الغابة المتحول"، انكمشت مرة أخرى، وتلاشى لمعانها تحت تأثير هذا المشهد المرعب.

حتى ڤاليريوس، الذي كان يبدو كعملاق لا يتزعزع، شعرت بهالته تتأرجح للحظة، ورأسه يرتفع ببطء نحو السماء، وكأنه لا يصدق ما يراه.

ثم، من قلب تلك البوابة البنفسجية المتوهجة، بدأ شيء عملاق يسقط.

كان يسقط ببطء مؤلم، وبصمت مخيف، وكأن كائنًا ضخمًا يغوص في بحر من الفراغ.

كل ثانية كانت تبدو كأنها دهر. كل وميض برق كان يكشف عن أجزاء من هذا الشيء، يزيد من الرعب الذي يجتاحني. كان ضخمًا، ضخمًا بشكل لا يمكن تخيله، أكبر بكثير من "سيد الغابة المتحول" الذي كان ملقى أشلاءً على الأرض.

وبينما كان يقترب أكثر فأكثر، على الرغم من المسافة الكبيرة بيننا وبين السماء، فإن "عين الحقيقة" قد أوضحتها لي. لقد أظهرت لي هالته، أو بالأحرى، عدم وجود هالته.

لقد كانت الكيمايرا ناسج الفراغ.

لكنها كانت ميتة.

يا له من مشهد مروع! جثة عملاقة، تتساقط من السماء كجبل من اللحم المتشوه.

كانت جسدًا ضخمًا يمتد لعشرات الأمتار، مغطى بقشور سوداء لامعة، وله أجنحة ممزقة تبدو كأشرعة محطمة، وعيون عديدة كانت مغلقة، مظلمة، بلا حياة.

كانت أطرافها الهائلة، التي كانت في الرواية تلتف لتمزق كل شيء، متدلية بلا حراك، وكأنها مجرد فروع شجرية ضخمة.

الدم الأسود، كثيف كزيت المحركات، كان يتسرب من شقوق في قشورها، ويمتزج بقطرات المطر، ويرسم خطوطًا داكنة على جسدها الميت.

الكيمايرا ناسج الفراغ، وحش الرتبة السابعة، سيد الفراغ نفسه، الذي كان من المفترض أن يدمر كل شيء، كان الآن مجرد جثة هامدة تسقط من السماء.

صدمة عميقة أخرى اجتاحتني، أشد بكثير من صدمة موت "سيد الغابة المتحول".

هذه ليست الرواية. هذه ليست الخطة. الكيمايرا، قلب هذه الكارثة، الموت المحقق، كانت... ميتة.

الطلاب، الذين كانوا قد رفعوا رؤوسهم ليشهدوا هذا المنظر الأسطوري، بدأت أصوات صرخاتهم ترتفع، ليس من الخوف فقط، بل من ذهول لا يصدق.

بعضهم سقط على الأرض من الصدمة، والبعض الآخر كان يرتجف بعنف، وعيونه شاخصة على الجثة العملاقة التي كانت تقترب ببطء من سطح الأرض.

حتى الجنرال ڤاليريوس، الذي كان يقف كالصخر، رأيته يتراجع خطوة واحدة، وسيفه لا يزال في يده، وكأنما لا يصدق ما تراه عيناه الخفيتان خلف الخوذة. هالته الأرجوانية كانت تومض بعنف، تعكس ذهوله.

ارتطمت الكيمايرا بالأرض.

لم يكن ارتطامًا عاديًا. كان زلزالًا. اهتزت الغابة بأكملها، وتطايرت الأشجار من جذورها، وتحولت الأرض إلى بحر من الطين والدماء.

صوت الارتطام كان مدويًا، أصم آذاننا، وكأن الأرض قد صرخت بألم.

ارتفع عمود ضخم من التراب والطين والدماء، غطى السماء للحظات، قبل أن يتلاشى ببطء، كاشفًا عن حفرة ضخمة، وفي قلبها، الجثة الهائلة للكيمايرا ناسج الفراغ.

الرائحة التي انبعثت منها كانت لا تطاق. رائحة الموت، رائحة العفن، رائحة الفراغ نفسه. رائحة قذرة، تجعلك تشعر بالغثيان حتى النخاع.

نظر الجميع إلى الجثة، الصمت يعود ليخيم على المكان، صمت ثقيل، محمل بالذهول والرعب.

الكيمايرا ناسج الفراغ... ميتة. هذا لم يحدث. هذا لم يكن ليحدث أبدًا.

بينما كنت أحدق في الوحش الميت، شعرت بأن روحي قد انشطرت إلى نصفين، تمامًا كـ "سيد الغابة المتحول".

نصف يصرخ بالارتياح لأن الموت الوشيك قد تأجل، ونصف آخر يرتجف من الرعب من المجهول الذي ينتظرني. لقد انحرفت الرواية تمامًا. والآن، لم أعد أعرف ما هو مصيري.

2025/07/03 · 12 مشاهدة · 1538 كلمة
Vicker
نادي الروايات - 2025