[منظور ثيودور ڤاليراك]
الصمت الذي هبط على الشرفة الملكية لم يكن صمت احترام، بل كان صمت صدمة مطلقة. الهواء نفسه بدا متجمدًا، ثقيلاً، كأن الكلمتين اللتين دوتا في الساحة قد سرقتا كل الأكسجين.
"المشارك الأول... نير ڤيرتون!"
اتسعت عيناي الأرجوانيتان رغماً عني. الكأس الكريستالي في يدي توقف في منتصف طريقه إلى شفتي. نظرت إلى البلورة العائمة أمامي، التي كانت تعرض الآن صورة نير وهو يلمس "جوهر السكينة" الأبيض المتوهج في قمة البرج.
كان يقف بهدوء، لا يبدو عليه أي أثر للإرهاق، أو الصدمة، أو حتى الارتياح. كان مجرد... هناك. كأنه كان في نزهة صباحية.
استغرق الأمر من عقلي ثانية كاملة ليعالج المستحيل. الأول؟ نير ڤيرتون؟ الفتى الذي كان بالكاد يستطيع هزيمة كايلين في مبارزة تدريبية؟ الفتى الذي كان أداؤه في المرحلة الأولى دموياً ويائساً؟ لقد اجتاز أصعب اختبار نفسي في الإمبراطورية، والذي حطم عقول محاربين متمرسين، وخرج منه أولاً، وفي وقت قياسي؟
ثم تذكرت. تلك الهالة.
التفت ببطء نحو الظل الجالس بجانبي. "تلك الهالة... تلك الطاقة البنفسجية الشيطانية التي أحاطت به عند دخوله..." بدأت، وصوتي كان يحمل نبرة من الفضول الحقيقي الذي لم أشعر به منذ سنوات.
"ماذا كانت تلك القوة، ڤاليدور؟"
دوق الظلال، ڤاليدور ڤيرتون، الذي كان يجلس كتمثال منحوت من ليل متجمد، أدار رأسه نحوي ببطء شديد، حركة كانت تبدو وكأنها تستغرق دهرًا. لم أستطع رؤية عينيه، كالعادة، لكنني شعرت بنظراته تخترقني من عمق ذلك الظلام.
ثم، تكلم. صوته كان هادئًا، عميقًا، كصوت احتكاك القارات في قاع محيط منسي.
"توقع أي شيء من ڤيرتون."
هذا كل ما قاله.
كلمات قليلة، بسيطة، لكنها كانت تحمل في طياتها غطرسة كونية، وثقة مطلقة لا حدود لها. كأنه يقول "بالطبع فعل ذلك، فهو ابني. ماذا كنت تتوقع؟"
اللعنة عليك، أيها الوغد المتعجرف! صرخت في عقلي، وشعرت برغبة طفولية في رمي الكأس في وجهه. كيف؟ كيف تفعلها دائمًا؟ كيف تقول أروع وأكثر الجمل إثارة للغضب بهذا الهدوء المميت؟ أنا الإمبراطور! أنا من المفترض أن أمتلك الكلمات الرنانة! أراهن أنه يتدرب على هذه الجمل أمام المرآة في قلعته المظلمة!
أخذت رشفة من نبيذي، وأجبرت نفسي على استعادة رباطة جأشي الإمبراطورية. الغضب من برود ڤاليدور كان شيئًا، لكن اللغز الذي أمامي كان شيئًا آخر تمامًا.
عقلي عاد إلى البلورة، يعيد تشغيل الأحداث التي رأيناها.
صعود نير لم يكن طبيعيًا. البلورة كانت تظهر صورته الرمزية وهي تقفز من طابق إلى آخر بسرعة مذهلة. لم تكن هناك وقفات، لم يكن هناك تردد. كان يصعد كأنه في مصعد.
لكن...
"لماذا انعطف في الطابق السابع عشر؟" فكرت، والفضول تحول إلى شك عميق. لقد رأيته. صورته الرمزية توقفت عن الصعود، وتحركت بشكل جانبي، واختفت عن شاشة البلورة الرئيسية لبضع دقائق طويلة، قبل أن تعود وتستأنف صعودها الصاروخي.
ماذا يوجد في الطابق السابع عشر؟
الذاكرة عادت إليّ، باردة وحادة.
ذكرى يوم مشؤوم، منذ أكثر من عشرين عامًا. كنت لا أزال أميرًا شابًا، وكان ڤاليريوس لا يزال قائدًا صاعدًا. قررنا، بحماقة الشباب، أن نستكشف البرج الحقيقي. ليس هذه النسخة الضعيفة التي تستخدمها الأكاديمية، بل القطعة الأثرية الأصلية، التي تقبع في أعمق قبو في القصر الإمبراطوري، مقيدة بآلاف الطلاسم.
لقد دخلنا.
الرعب الذي شعرت به في ذلك اليوم... لم أنسه أبدًا. لم تكن أوهامًا بسيطة. البرج الحقيقي لم يكن يقرأ مخاوفك، بل كان يريك حقيقة الوجود المروعة. رأيت ولادة النجوم وموتها في ثانية. رأيت حضارات لا حصر لها تتحول إلى غبار. شعرت بوزن الأبدية يسحق روحي. لقد كاد أن يحطمنا.
لكننا رأينا النقوش.
في كل طابق، على كل جدار من تلك المادة السوداء التي لا اسم لها، كانت هناك تلك الأحرف الرونية. كانت حية، تتلوى كأفاعٍ من ضوء سائل، وتهمس بلغة تجعل العقل ينزف. حاولنا فهمها.
استدعينا أعظم علماء الرموز في الإمبراطورية. لا أحد استطاع أن يفك شفرة حرف واحد. كانت مكررة في جميع الطوابق، نفس الرسالة الغامضة، الميؤوس منها.
ومن المستحيل على نير أن يقرأها.
مستحيل تمامًا.
إذًا، ماذا كان يفعل هناك؟ هل شعر بشيء؟ هل وجد شيئًا مختلفًا؟
"جلالتك؟"
صوت الجنرال ڤاليريوس الهادئ قاطع أفكاري. "الطلاب الآخرون... يبدو أنهم يستأنفون تقدمهم."
نظرت إلى البلورات الأخرى. بالفعل، بعد صدمة فوز نير، عاد الآخرون إلى صراعهم. كايلين كان قد وصل إلى الطابق الثلاثين. سيرافينا كانت تلحقه بسرعة.
ساد نقاش حذر بين النبلاء الحاضرين.
"تلك القوة... لم تكن سحر ظل نقي،" تمتم ماركيز عجوز. "كانت أقتم، وأكثر فوضوية. شيطانية تقريبًا."
"هل يعقل أن دوق الظلال قد سمح لابنه بتعلم الفنون المحرمة؟" تساءل بارون بقلق.
"ڤيرتون هو ڤيرتون،" قال دوق عجوز آخر بحكمة متعبة. "قوتهم دائمًا ما كانت تسير على حافة الهاوية. لكن لا يمكنك إنكار النتيجة. لقد سحق المنافسة."
كانوا خائفين. ومُعجبين. مزيج خطير.
نظرت إلى ڤاليدور مرة أخرى. كان لا يزال صامتًا، يراقب البلورة التي تعرض الآن قاعة المنتصرين الفارغة، في انتظار ابنه.
وكنت أعرف شيئًا واحدًا بيقين.
هذا الصبي، نير ڤيرتون... لم يعد مجرد بيدق في لعبة السلطة.
لقد أصبح هو اللعبة نفسها.
[منظور نير ڤيرتون]
الضوء الأبيض تلاشى، وحل محله الضوء الطبيعي لقاعة المنتصرين. الصمت المطبق للبرج استُبدل بصوت همهمات المعالجين القلقة، والهمسات المذهولة للمسؤولين الذين كانوا ينتظرون.
كنت أقف على المنصة الحجرية، وأشعر بالسكينة التي منحني إياها "جوهر السكينة" تتلاشى ببطء، ويحل محلها الإرهاق الذهني الهائل، والصداع المكتوم الذي خلفته تلك النقوش الملعونة.
اندفع نحوي فريق من الأطباء على الفور، يرتدون أردية بيضاء، وأجهزتهم السحرية التشخيصية تتوهج في أيديهم.
"سيدي الشاب ڤيرتون! هل أنت بخير؟"
"هل تشعر بأي دوار؟ أي فقدان للذاكرة؟"
"حالتك الروحية تبدو مستقرة، لكن... هذا غريب جدًا!"
رفعت يدي ببطء، وأوقفتهم. "أنا بخير." قلت، وصوتي كان هادئًا بشكل مدهش. "جسديًا، على الأقل."
نظروا إليّ بشك، لكنهم تراجعوا عندما رأوا النظرة في عيني.
نظرت حولي. القاعة كانت فارغة إلا من المسؤولين والأطباء. كنت الأول. الوحيد.
وهذا يعني... أن لدي وقت.
وقت قبل أن يبدأ الجحيم الاجتماعي. وقت قبل أن يخرج الآخرون، ويبدأون في طرح الأسئلة.
ابتسامة صغيرة، حقيقية، نادرة، ارتسمت على شفتي.
"طعام." فكرت، وشعرت بموجة من السعادة البسيطة، الطفولية، تغمرني. "وشراب. وسرير ناعم. دون أي إزعاج! يا لها من فكرة رائعة!"
لقد نجوت من جحيمين متتاليين. لقد واجهت الموت، والجنون، والحقائق الكونية. أعتقد أنني أستحق استراحة. أستحق أن أستمتع بكوني ابن دوق ثري بشكل فاحش لبعض الوقت.
"ما هي جائزة المركز الأول للمرحلة الثانية؟" تساءلت، وأنا أبدأ في السير مبتعدًا عن المنصة، متجاهلاً نظرات المسؤولين المذهولة.
الرواية لم تذكرها بوضوح، لكنها لمحت إلى أنها "مفتاح". مفتاح لشيء ثمين جدًا داخل الأكاديمية.
"حسنًا، سأكتشف ذلك لاحقًا." فكرت. "الآن، عليّ أن أستغل هذا الوقت. سأفعل كل الأشياء الرائعة."
عقلي بدأ في صنع قائمة.
أولاً، سأطلب من مطابخ الأكاديمية إعداد وليمة كاملة، وإرسالها إلى جناحي. وليمة تليق بانتصاري. سأطلب لحم تنين مشوي، وفطيرة فطر الكمأة السوداء، وتلك الكعكة الإسفنجية بالكريمة التي رأيتها مرة ولم أجرؤ على طلبها.
ثانيًا، سأستحم لأطول فترة ممكنة في حمام مليء بالماء الساخن والزيوت العطرية، حتى تذوب كل عقدة في عضلاتي، وحتى أغسل عني رائحة الفراغ الرمادي للبرج.
ثالثًا، سأقرأ. ليس كتبًا عن السحر المظلم أو تاريخ الإمبراطورية. سأقرأ روايات مغامرات تافهة، وقصصًا عن أبطال شجعان وتنانين شريرة. أريد شيئًا بسيطًا، شيئًا غبيًا، شيئًا يذكرني بأن العالم يمكن أن يكون مكانًا أقل تعقيدًا.
رابعًا، سأنام. سأنام لمدة يوم كامل إذا استطعت. نوم عميق، بلا أحلام، بلا كوابيس.
كنت غارقًا في هذه الأفكار السعيدة، وأنا أسير عبر الممرات الصامتة عائدًا إلى جناحي، لدرجة أنني لم ألاحظ في البداية أنني لم أعد وحيدًا.
"لقد كان أداءً... مذهلاً."
صوت هادئ، جليدي، جاء من جانبي.
التفت، وتجمدت.
كانت الأميرة سيرافينا تسير بجانبي، بنفس خطواتها الصامتة، الشبحية. لم أسمعها تقترب.
لقد خرجت. لا بد أنها كانت الثانية.
"صاحبة السمو." قلت، وأنا أنحني انحناءة خفيفة، وقناعي البارد يعود إلى مكانه على الفور.
"لا داعي للرسميات، نير ڤيرتون." قالت، وهي تنظر إلى الأمام. "لقد تجاوزنا ذلك الآن، أليس كذلك؟"
لم أرد.
"أخبرني،" قالت، وعيناها الرماديتان تحدقان فيّ. "كيف فعلتها؟ البرج... لم يؤثر عليك على الإطلاق. لقد شاهدت بلورتك. كنت تصعد كأنك في نزهة."
"ربما عقلي فارغ جدًا لدرجة أنه لم يجد شيئًا ليستخدمه ضدي."
قلت بسخرية، مستخدمًا نفس المنطق الذي فكرت به عن آيلا.
ابتسمت ابتسامة خفيفة.
"لا أظن ذلك. لقد رأيت ما في عينيك. إنهما ليستا فارغتين على الإطلاق."
توقفت، وتوقفت أنا معها. كنا في ممر فارغ، والضوء الخافت القادم من النوافذ يرسم ظلالاً طويلة على الأرض.
"ما رأيته اليوم..." قالت، وصوتها انخفض إلى همس. "لقد غير الكثير من الأشياء. موازين القوى التي كنت أعتقد أنني أفهمها... أصبحت الآن موضع شك."
حدقت فيّ بتمعن. "أنت لغز، نير ڤيرتون. لغز خطير جدًا. وأنا... أحب الألغاز."
ثم، ودون كلمة أخرى، استدارت، وواصلت طريقها، تاركة إياي واقفًا وحدي في الممر، وشعور بالقلق البارد يحل محل كل أفكاري السعيدة عن الطعام والنوم.
لقد فزت بالمركز الأول.
لكنني في المقابل، حصلت على الاهتمام الكامل والمقلق من أخطر شخص في هذه الأكاديمية.
تنهدت.
يبدو أن وليمتي الهادئة... سيتعين عليها الانتظار.
...
...
مشيت عبر الممر الحجري الطويل، وظل الأميرة سيرافينا يسبقني، كطيف من الظلام الأنيق ينساب على الرخام البارد. كلماتها الأخيرة كانت لا تزال تتردد في ذهني، ليس كهمس، بل كصدى جليدي يحفر في روحي.
"أنت لغز، نير ڤيرتون. لغز خطير جدًا. وأنا... أحب الألغاز."
وصلت إلى جناحي، وأغلقت الباب خلفي. الصمت والظلال رحبا بي كصديقين قديمين، لكنهما لم يجلبا أي راحة هذه الممرة. أسندت ظهري إلى خشب الباب الثقيل، وشعرت بساقي ترتجفان بشكل طفيف. الإرهاق الذهني من البرج، ممتزجًا بالتوتر الحاد من هذه المواجهة، كان عبئًا لا يطاق.
كل أفكاري السعيدة عن وليمة هادئة ونوم عميق تبخرت كأنها لم تكن. لقد أفسدت كل شيء. تلك الشيطانة... لقد أفسدت حتى لحظة انتصاري النادرة.
لكن وسط هذا الانزعاج، كان هناك شيء آخر، شيء بدأ يتشكل في مؤخرة عقلي. بذرة من الارتباك، من عدم التصديق، نمت بسرعة لتصبح شجرة هائلة من الرعب المنطقي.
"انتظر..."
الكلمة خرجت مني كهمس أجش، مذهول.
"كيف...؟"
تجمدت في مكاني. عقلي، الذي كان يعمل ببطء بسبب الإرهاق، بدأ الآن يدور بسرعة محمومة، يعيد تشغيل كل ثانية من محادثتنا القصيرة.
"لقد شاهدت بلورتك."
هذه هي الكلمات التي قالتها. "لقد شاهدت بلورتك. كنت تصعد كأنك في نزهة."
"شاهدت بلورتي؟" كررت بصوت عالٍ هذه المرة، وعيناي تتسعان في رعب خالص. "كيف بحق كل الشياطين شاهدت بلورتي؟! ألم تكن هي أيضًا... في البرج؟!"
شعرت بأن الأرض تميد من تحتي. لقد كانت مشاركة. لقد رأيتها بنفسي وهي تتقدم نحو المسلة السوداء، تلمسها، وتختفي. لقد كانت في نفس الاختبار الذي كنت فيه، في نفس الجحيم النفسي.
لكي تشاهد بلورتي، كان يجب عليها أن... أن تخرج أولاً.
"لقد كنتُ أنا الأول." تمتمت، وأنا أحاول التشبث بهذه الحقيقة. "لقد أُعلن اسمي أولاً. لا يمكن أن تكون قد خرجت قبلي."
إذًا... ماذا يعني هذا؟
هل كانت تكذب؟ هل كانت مجرد خدعة نفسية أخرى، محاولة لزعزعتي؟
لا. لم تكن هناك أي لمحة من الكذب في عينيها. "عين الحقيقة"، رغم أنها لم تستطع قراءة هالتها، كانت لا تزال قادرة على رصد التناقضات الصارخة. وكلماتها كانت تحمل ثقل الحقيقة الباردة.
إذًا، إذا لم تكن تكذب، وإذا كانت قد شاهدت صعودي، فهذا لا يترك سوى احتمال واحد، احتمال مستحيل، ومروع.
أنها دخلت البرج، واجهت جحيمها الشخصي، تغلبت عليه،
وخرجت... كل هذا في الدقائق، أو ربما الثواني، القليلة التي فصلت بين دخولي وخروجي.
"مستحيل..."
سقطت على أقرب مقعد، وشعرت بالدم يهرب من وجهي.
لم أكن أعلم كم من الوقت مر حقًا وأنا في الداخل. بالنسبة لي، بدت التجربة وكأنها دهر من العذاب النفسي، حتى لو كان صامتًا.
لكن في العالم الحقيقي... كم استغرقت؟ ساعة؟ ساعتان؟
تذكرت آيلا في الرواية. لقد استغرقت عشر ساعات. وهذا كان يعتبر إنجازًا أسطوريًا. وأنا... لا بد أنني كنت أسرع.
لكن سيرافينا... أن تنهي الاختبار في نفس الإطار الزمني تقريبًا، وتخرج في المركز الثاني مباشرة بعدي... هذا لم يكن مجرد تحطيم للرقم القياسي. هذا كان سحقًا لمفهوم الصعوبة نفسه.
هذا يعني أن برج الأوهام، ذلك الكيان القديم الذي حطم عقول محاربين أسطوريين، كان بالنسبة لها... مجرد لعبة طفولية. مجرد إزعاج بسيط في طريقها.
ما مدى قوة إرادتها؟ ما مدى برودة روحها؟ ما هو الرعب الذي يكمن في أعماقها لدرجة أن برج الأوهام نفسه لم يجد شيئًا يستخدمه ضدها؟
شعرت بقشعريرة باردة، حقيقية، تسري في عمودي الفقري.
لقد كنت أتعامل معها كأميرة متلاعبة، كخصم سياسي ذكي. لكنني كنت مخطئًا. مخطئًا بشكل مميت.
هي لم تكن مجرد لاعبة في هذه اللعبة.
كانت... وحشًا.
وحش يرتدي وجه ملاك، ويتحدث بصوت الحرير.
لقد كشفت عن جزء من غموضي، عن وجود قوة غير طبيعية في داخلي. وفي المقابل، كشفت هي عن لمحة صغيرة من هاويتها التي لا قرار لها.
وكانت هاويتها... أعمق وأكثر رعبًا من أي ظلام يمكنني استدعاؤه.
---
---
على الشرفة الملكية، كانت موجات الصدمة لا تزال تتردد في الهواء. فوز نير ڤيرتون الساحق والمقلق كان لا يزال هو حديث الساعة. النبلاء كانوا يتهامسون بقلق، وعيونهم تنتقل بين البلورة التي تعرض الآن قاعة المنتصرين الفارغة، وبين الظل الصامت الذي هو دوق الظلال.
"قوة شيطانية..."
"هل رأيت كيف أن البرج لم يؤثر فيه؟"
"عائلة ڤيرتون... دائمًا ما كانوا على حافة الهاوية."
الإمبراطور ثيودور كان قد استعاد هدوءه الظاهري، لكن عينيه الأرجوانيتين كانتا لا تزالان تحملان ذلك البريق الحاد من التحليل. كان ينظر إلى ڤاليدور، ينتظر أي ردة فعل، أي تفسير. لكن الدوق كان صامتًا كقبر.
ثم، في خضم هذا التوتر، دوى الصوت السحري مرة أخرى، واضحًا، وقاطعًا.
"المشاركة الثانية التي اجتازت المرحلة هي... الأميرة سيرافينا ڤاليراك!"
إذا كان فوز نير قد أحدث صدمة، فإن هذا الإعلان أحدث زلزالاً.
ساد صمت مطبق للحظة، صمت الذهول المطلق. ثم، انفجرت الشرفة. ليس بالهمسات هذه المرة، بل بصيحات الإعجاب والدهشة.
"مستحيل!"
"بعده مباشرة؟!"
"يا لها من قوة! يا لها من إرادة!"
النبلاء، الذين كانوا قبل لحظات يتملقون دوق الظلال بخوفهم، استداروا الآن نحو الإمبراطور، وجوههم تحمل مزيجًا من الرهبة والولاء المطلق.
وجه الإمبراطور ثيودور، الذي كان جادًا، انفرج عن أوسع ابتسامة رآها أي شخص على وجهه منذ سنوات. لم تكن ابتسامة سياسية، ولا ابتسامة متعجرفة. كانت ابتسامة أب، مليئة بالفخر الصافي، الذي لا تشوبه شائبة.
وقف، وضحك. ضحكة قوية، مدوية، تردد صداها في جميع أنحاء الشرفة، وطردت كل التوتر.
"هل رأيتم ذلك؟!" صاح، وصوته كان يزأر بالبهجة. "هل رأيتم جميعًا ذلك؟! تلك هي ابنتي! تلك هي دماء آل ڤاليراك!"
رفع كأسه عاليًا.
"نخب سيرافينا! نخب مستقبل الإمبراطورية!"
"نخب الأميرة!" ردد النبلاء بصوت واحد، ورفعوا كؤوسهم.
الأجواء تحولت تمامًا. الخوف من ظلام ڤيرتون تبدد، وحل محله الاحتفال بقوة السلالة الإمبراطورية.
التفت الإمبراطور نحو دوق الظلال، وابتسامته الفخورة لا تزال على وجهه، لكن عينيه كانتا تحملان تحديًا واضحًا.
"ابنك وحش، يا ڤاليدور، أعترف بذلك." قال، وصوته كان يحمل نبرة من الانتصار. "لكن ابنتي... ابنتي من الساميّين."
دوق الظلال بقي صامتًا. لم يتحرك. لكن في تلك اللحظة، حدث شيء لاحظه فقط الإمبراطور، والجنرال ڤاليريوس، وأليستر.
لقد أدار الدوق رأسه، ببطء شديد، من البلورة التي كانت لا تزال تعرض قاعة المنتصرين حيث كنت أقف، إلى البلورة التي عرضت للتو صورة سيرافينا وهي تخرج، هادئة، أنيقة، وكأنها لم تفعل شيئًا خارقًا للعادة.
لم يومئ. لم يتكلم.
لكن الصمت الذي انبعث منه تغير. لم يعد صمتًا غامضًا فحسب. بل أصبح صمتًا يحمل في طياته... تقييمًا.
كأنه رأى للتو قطعة شطرنج جديدة، وخطيرة، على الرقعة، والآن يعيد حساب كل خطواته المستقبلية.
أليستر، الذي كان يقف خلف والده، كان وجهه قناعًا من الجليد. لكن عينيه الرماديتين كانتا تلمعان ببريق تحليلي بارد. لم يكن يفكر في الفخر أو الخزي. كان يعالج البيانات. الأميرة سيرافينا أقوى بكثير مما كانت تظهره كل التقارير.
هذا يغير كل شيء. التحالفات المستقبلية، المنافسات، وحتى احتمالية الصراع... كل هذه المتغيرات كانت تدور في عقله المعقد.
"يا له من يوم،" قال الإمبراطور، وهو يجلس مرة أخرى، ويبدو مرتاحًا تمامًا. "يبدو أن هذا الجيل... سيكون الأكثر إثارة للاهتمام منذ عقود."