[منظور ثيرون ڤاليراك]

الازدراء.

كان هذا هو الشعور الوحيد الذي استطعت تحديده وأنا أراقب المشهد المثير للشفقة للفريق السابع عشر. ستة من أقوى الطلاب الواعدين في جيلهم، يقفون متجمدين أمام بوابة النقل كقطيع من الأغنام الضائعة، عاجزين حتى عن اختيار شخص واحد ليحمل قطعة بلور سخيفة.

"يا لها من فوضى." تمتمت بصوت خفيض، وابتسامة ساخرة ارتسمت على شفتي.

رأيت أختي، سيرافينا، وهي تتقدم وتتلاعب بهم بكلماتها كأنهم دمى. رأيت ذلك العملاق الصامت، ديغون، يتقدم أخيرًا ليأخذ العبء، ليس كقائد، بل كبغل.

ورأيت نير ڤيرتون... ذلك اللغز المزعج. كان يقف هناك، صامتًا، وهالته بالكاد محسوسة، لكن كانت هناك نظرة في عينيه، نظرة رأيتها في المرآة من قبل. نظرة شخص يرى العالم كله كمسرحية، وهو ينتظر اللحظة المناسبة ليحرق المسرح بمن فيه.

"مثير للشفقة، لكنه خطير." فكرت. "مثل فأر مصاب بالطاعون."

"صاحب السمو."

صوت كاستر المفتول العضلات قاطع أفكاري. "دورنا."

استدرت، ووجهت نظري نحو فريقي. فريقي أنا. لم يكن هناك تردد. لم يكن هناك شك. كانوا يقفون خلفي، في تشكيل مثالي، ينتظرون أمري. كاستر، بقوته الغاشمة. ليرا، بجنونها السحري. كاسيان، بدهائه الماكر. إلارا، بصمتها الفعال. وأوريون، بعينيه الحادتين.

كانوا أفضل الأدوات التي يمكن لأمير أن يطلبها.

"هيا." قلت بكلمة واحدة.

تقدمت بخطى واثقة نحو الحارس الإمبراطوري. لم أنتظر منه أن يقدم لي الوسادة. أخذت القمة القرمزية المتوهجة من فوقها بيدي مباشرة. شعرت بدفئها الخفيف، وبقوتها الكامنة. لم تكن مجرد هدف. كانت رمزًا. رمزًا لانتصاري القادم.

"الفريق ألفا، جاهز للانتقال." أعلنت بصوت عالٍ، وواثق، تردد في الساحة.

دخلنا بوابتنا، التي كانت تتوهج بضوء ذهبي، يليق بملوك.

الانتقال كان مزعجًا كالعادة. شعور بالضغط، بالتشوه، ثم... هبطنا.

الهواء كان جافًا، باردًا، ويحمل رائحة غبار عمره ألف عام، ورائحة خافتة للأوزون، كأنه بقايا سحر قديم تلاشى منذ زمن طويل.

وجدنا أنفسنا في مدينة. أو ما تبقى منها.

"أنقاض المدينة الصامتة." قلت، وأنا أتعرف على المكان من الخرائط التي درستها.

كان المشهد مهيبًا، وكئيبًا. أبراج من حجر السبج الأسود، متصدعة ومحطمة، كانت ترتفع نحو سماء ذات لون بنفسجي باهت، كأصابع هيكل عظمي تحاول الإمساك بشيء لم يعد موجودًا.

الشوارع المرصوفة بالحجارة كانت متشققة، وتنمو من بين شقوقها طحالب تتوهج بضوء فضي خافت، تلقي بظلال غريبة، راقصة.

الصمت كان مطبقًا، صمتًا غير طبيعي، لا يقطعه سوى حفيف الريح الخفيف وهو يمر عبر النوافذ الفارغة للأبنية المنهارة.

لم يكن هناك وقت للتأمل.

"أوريون،" أمرت بصوت حاد. "استطلع المحيط. أريد معرفة كل نقاط الدخول والخروج، وأي علامات على وجود وحوش أو فرق أخرى. جد لنا موقعًا دفاعيًا مرتفعًا. لديك خمس دقائق."

أومأ أوريون برأسه إيماءة سريعة، وتحرك بصمت، وذاب في الظلال كشبح.

"إلارا،" التفت نحو الساحرة الهادئة. "جهزّي حواجز وهمية عند المداخل الرئيسية لهذه الساحة. اجعليها تبدو كأنها منهارة تمامًا. لا أريد أي زوار غير مرغوب فيهم."

"كاسيان،" نظرت إلى ابن عم سيلين الماكر. "حلل التضاريس. أريد أفضل مواقع الكمائن، وأفضل طرق الهروب إذا لزم الأمر."

"ليرا، كاستر، معي." أنهيت أوامري. "نحن سنكون رأس الحربة. استعدوا للقتال."

لم يكن هناك أي جدال. لم يكن هناك أي تردد. فقط طاعة فورية، فعالة. هذا هو ما يعنيه أن تقود فريقًا من النبلاء الحقيقيين، وليس مجموعة من المنبوذين والمختلين.

في أقل من دقيقة، عاد أوريون. "معبد قديم في الجهة الشمالية للساحة، يا صاحب السمو." قال بهدوء. "مرتفع، وله مدخل واحد فقط. موقع مثالي."

"جيد. تحركوا!"

وصلنا إلى المعبد المتهالك في لحظات. كان مصنوعًا من نفس حجر السبج الأسود، وأعمدته الضخمة كانت متصدعة، لكنها لا تزال قائمة. صعدنا درجاته المتآكلة، ووجدنا أنفسنا في قاعة رئيسية واسعة، سقفها قد انهار جزئيًا، مما سمح للضوء البنفسجي الباهت بالتسلل إلى الداخل.

في اللحظة التي اتخذنا فيها مواقعنا، بدأ الهجوم.

لم يأتِ من الشوارع. لقد أتى من الحجارة نفسها.

الأرض المرصوفة بالحصى أمام المعبد بدأت تهتز، وتتجمع، وتشكل هيئات بشرية بدائية. أجساد من الصخر والحصى المكسور، تتوهج عيونها الفارغة بضوء أحمر خبيث.

"حراس القبور!" صرخت ليرا بحماس مجنون. "من الرتبة الأولى! يا لهم من مخلوقات مملة!"

"لا تستهيني بهم!" صرخت عليها، وأنا أستل سيفي. "هاجموا!"

اندفع كاستر إلى الأمام بهدير وحشي، وفأسه الضخم يصدر أزيزًا في الهواء. كانت أول ضربة له مدوية. اصطدم الفأس بصدر أحد الحراس، وحطمه إلى وابل من الحصى والغبار.

"أضعف مما توقعت!" ضحك كاستر.

لكن الحصى المتناثر لم يسقط على الأرض. بل بدأ يتجمع مرة أخرى، ويعيد تشكيل الحارس ببطء.

"إنهم يتجددون!" صاح أوريون من الأعلى، حيث كان قد اتخذ موقعًا على أحد الجدران المنهارة. "لا بد أن هناك نواة في مكان ما!"

"الرأس!" صرخت إلارا، وهي تشير بيدها. "الضوء الأحمر في رؤوسهم!"

القتال تحول إلى سيمفونية من الفوضى المنظمة.

كاستر كان المطرقة. كان يندفع في صفوف الحراس، وفأسه يحطمهم إلى أشلاء، تاركًا لنا الفرصة لتدمير النوى الحمراء المتوهجة قبل أن يتمكنوا من التجدد.

ليرا كانت المدفعية. كانت تطفو في الهواء قليلاً، وتطلق صواعق من الطاقة الأرجوانية التي كانت تبخر الحراس تمامًا، لكنها كانت تستهلك طاقتها بسرعة، وكانت أحيانًا تخطئ الهدف وتفجر جزءًا من عمود قديم، مما أدى إلى تساقط الحجارة بشكل خطير.

كاسيان وإلارا كانا يعملان معًا كثنائي مميت. كانت إلارا تخلق نسخًا وهمية منا، تجري في اتجاهات مختلفة، مما يربك الحراس ويشتت انتباههم.

وفي خضم هذه الفوضى، كان كاسيان ينساب بين الأعداء بسيفه الرفيع، ويطعن النوى بدقة قاتلة، ثم يختفي مرة أخرى في الظلال.

أما أنا، فكنت القائد. كنت قلب المعركة. سيفي، "أشعة الشمس"، كان يشتعل بلهب ذهبي. لم أكن أقاتل بضراوة كاستر، ولا بدهاء كاسيان.

كنت أقاتل بقوة ملكية، ساحقة. كل ضربة من ضرباتي كانت ترسل موجة من اللهب، لا تحطم الحارس فحسب، بل تذيب نواته في نفس الوقت.

"هذا هو القتال الحقيقي!" صرخت، وشعرت بالأدرينالين يتدفق في عروقي. "هذه هي القوة!"

لكنني كنت أعرف أن هذا مجرد تسخين.

وفجأة، صرخ أوريون من الأعلى. "احذروا! من الظلال!"

قبل أن نتمكن من الرد، انطلقت شبكات سوداء لزجة من أعلى المباني المنهارة حول الساحة. لم تكن شبكات عادية. كانت مصنوعة من ظلال صلبة، وكانت تتحرك بسرعة لا تصدق.

تمكنت من قطع الشبكة التي كانت تستهدفني بضربة من سيفي المشتعل. لكن كاستر لم يكن محظوظًا. التفت الشبكة حول ذراعه وفأسه، وشلّت حركته.

"ما هذا بحق الجحيم؟!" زأر، وهو يحاول تمزيقها.

ومن الظلال، نزلت هي.

"ناسجات الظل." وحوش من الرتبة الثانية. كانت تشبه العناكب، لكن أجسادها كانت رفيعة، سوداء، ومصنوعة من ظلام شبه سائل. كانت تتحرك على ثمانية أرجل حادة كالشفرات، ليس على الجدران فقط، بل في الهواء نفسه، وكأنها تسبح في الظل.

تغيرت المعركة على الفور. لم نعد نواجه مجرد جنود مشاة أغبياء. أصبح لدينا الآن قناصة، وصيادون ماكرون.

"ليرا! أضيئي المكان!" صرخت.

ضحكت ليرا ضحكة عالية. "بكل سرور!"

رفعت يديها إلى السماء، وبدأت تتلو تعويذة بلغة غريبة. تشكلت كرة ضخمة من الضوء الأبيض الساطع فوقنا، كشمس صغيرة، وطردت كل الظلال من الساحة.

صرخت ناسجات الظل صرخات حادة، مؤلمة، عندما لامسها الضوء، وأصبحت أجسادها الشبحية الآن مرئية تمامًا.

"الآن!"

انقسمنا. بقيت أنا وكاستر نتعامل مع بقايا حراس القبور، بينما انطلق كاسيان وأوريون وإلارا لمطاردة ناسجات الظل المضعفة.

كانت مذبحة. دماء الوحوش السوداء كانت تتناثر على حجارة السبج، وصوت تحطم الصخر وصرخات الوحوش كان يتردد في المدينة الصامتة.

أصبت بخدش. إحدى ناسجات الظل، في يأسها الأخير قبل أن يقتلها أوريون بسهم متوهج، تمكنت من خدش درعي عند الكتف بمخلبها الحاد.

لم يكن جرحًا خطيرًا. لكنه كان... إهانة.

أنا، ثيرون ڤاليراك، ولي عهد الإمبراطورية، أُجرح من قبل حشرة ظل مقرفة؟

شعرت بالغضب يغلي في داخلي.

"كفى من هذا اللعب!" زأرت.

رفعت سيفي "أشعة الشمس" بكلتا يدي. بدأت الشعلة الذهبية عليه تنمو، وتتضخم، حتى أصبحت كعمود من نار الشمس.

"شعلة الشمس الإمبراطورية!"

أهويت بسيفي إلى الأمام. لم تكن ضربة، بل كانت إطلاقًا لموجة هائلة من اللهب الذهبي، اجتاحت الساحة بأكملها.

تحولت بقايا حراس القبور إلى رماد. وناسجات الظل التي كانت لا تزال على قيد الحياة صرخت صرخة أخيرة قبل أن تتبخر في الضوء المقدس.

عندما هدأ اللهب، كنت أقف في وسط ساحة نظيفة تمامًا، لكنها محترقة. الدخان كان يتصاعد من الحجارة، ورائحة الأوزون تملأ الهواء.

كان فريقي يحدق فيّ بصدمة وإعجاب.

"حسنًا،" قلت، وأنا ألهث قليلاً. "أعتقد أن هذا يكفي كتسخين."

كنت على وشك أن أعلن عن استراحة قصيرة، عندما صرخ أوريون مرة أخرى من موقعه المرتفع، وصوته هذه المرة كان يحمل نبرة من القلق الحقيقي.

"صاحب السمو! شيء ما يستيقظ في القلعة المركزية! شيء... كبير!"

التفتنا جميعًا نحو مركز المدينة، حيث كان ينتصب برج ضخم، محطم، أعلى من كل الأبراج الأخرى.

ومن أعلى البرج، بدأت هالة أرجوانية داكنة، كثيفة، تتشكل، وتنمو، كأن كابوسًا قد قرر أن يستيقظ من سباته الذي دام ألف عام.

الابتسامة الشرسة التي ارتسمت على وجهي تجمدت، واستبدلت بعبوس من التركيز الحاد. الهالة الأرجوانية الداكنة التي كانت تتصاعد من القلعة المحطمة لم تكن مجرد عرض للقوة.

كانت إعلانًا. إعلانًا بأن شيئًا قديمًا، ونائمًا، وغاضبًا... قد استيقظ للتو.

"استعدوا!" صرخت، وصوتي كان كصوت السوط، يقطع الهواء المشحون. "مهما كان هذا الشيء، فإنه هدفنا التالي. نقاطه لا بد أنها ستضعنا في صدارة لا يمكن لأحد أن ينازعنا عليها."

كان فريقي قد بدأ بالفعل في التحرك، ردود أفعالهم كانت سريعة ومنضبطة. كاستر ضرب بقبضته على صدره، وفأسه الضخم يصدر صوتًا معدنيًا عميقًا.

ليرا كانت تضحك بخفة، وكرات من الطاقة الأرجوانية بدأت تتشكل بين يديها. كاسيان وإلارا تراجعا إلى الظل، وأوريون ثبت سهمه في قوسه، وعيناه مثبتتان على مصدر الخطر.

ثم، خرج من بوابة القلعة المنهارة.

لم يكن يمشي، بل كان يخطو. كل خطوة كانت ثقيلة، محسوبة، وتزلزل الأرض تحت أقدامنا. لم يكن وحشًا من لحم ودم. كان كابوسًا من حجر ورونيات.

كان ضخمًا، يبلغ ارتفاعه أربعة أمتار على الأقل، وهيئة جسده تشبه هيئة محارب قديم مدرع. لكنه كان مصنوعًا بالكامل من نفس حجر السبج الأسود اللامع الذي بُنيت منه هذه المدينة الملعونة. سطحه كان أملسًا في بعض الأماكن، وخشنًا ومتشققًا في أماكن أخرى، كأنه نُحت من قلب بركان متجمد.

لم يكن له رأس. بدلاً من ذلك، كانت هناك كتلة حجرية ملساء، وفي وسط صدره، كانت هناك رونية واحدة، كبيرة، تتوهج بضوء أرجواني نابض، كعين شيطانية عملاقة، تراقب العالم بصمت وكراهية.

رونيات أصغر، لكنها معقدة بنفس القدر، كانت محفورة على ذراعيه وساقيه، وتنبض بنفس الضوء الخبيث. في يده اليمنى، كان يحمل مطرقة حربية هائلة، مصنوعة من نفس حجر السبج، ورأسها بحجم جسد كاستر.

"يا إلهي..." تمتمت إلارا، وصوتها الهادئ كان يحمل لمسة من الرهبة الأكاديمية. "إنه... حارس القلعة السبجي."

"هل تعرفينه؟" سألتها، وعيناي لم تفارقا الوحش الذي كان يقترب ببطء.

"قرأت عنه في بعض النصوص المحظورة." قالت بسرعة، وعيناها تتسعان وهي تحلل الوحش. "إنه من الرتبة الثانية. لكن..." ترددت، كأنها لا تصدق ما تراه. "هذا مستحيل. هالة الطاقة التي تنبعث منه... أقوى بكثير. إنها أقوى من كل مخلوقات الرتبة الثانية التي درستها!"

وفي تلك اللحظة، ضربتني الذاكرة. ذاكرة محاضرة مملة، في يوم ممطر، للأستاذة إيلارا.

...كانت تقف أمام اللوح الأثيري، الذي كان يعرض صورًا لعدة وحوش من نفس الفصيلة، لكنها مختلفة في الحجم والقوة.

"الرتب التي تعرفونها،" قالت بصوتها الهادئ، الحاد، "ليست سوى تصنيف عام. إطار لفهم الخطر. لكن الحقيقة، أيها الطلاب، دائمًا ما تكون أكثر تعقيدًا. الطبيعة، والسحر، لا تحب التصنيفات البسيطة."

أشارت بعصاها الرفيعة إلى الصور. "خذوا 'الغرفين' كمثال. جميعهم من الرتبة الثالثة، 'مفترس'. لكن هل الغرفين اليافع، الذي بالكاد يستطيع الطيران، بنفس قوة الغرفين الملكي، الذي عاش مئة عام ويحكم قمة جبل كاملة؟ بالطبع لا."

"كل رتبة للوحوش تتقسم إلى ثلاثة مستويات داخلية." أعلنت، والكلمات ظهرت على اللوح الأثيري. "المستوى الأول < منخفض >، وهو يمثل الأفراد العاديين أو اليافعين من تلك الرتبة.

المستوى الثاني < متوسط >، وهم الأفراد الأقوى، والأكثر خبرة. والمستوى الثالث < مرتفع>، وهم نخبة تلك الرتبة. وحوش وصلت إلى أقصى حدود إمكاناتها ضمن رتبتها، وغالبًا ما تكون قوتها تقترب من الحد الأدنى للرتبة التي تليها."

"وحش من المستوى المرتفع في الرتبة الثانية،" أنهت كلامها، وعيناها الحادتان نظرتا إلينا. "قد يكون أكثر خطورة من وحش من المستوى المنخفض في الرتبة الثالثة. لا تنسوا هذا أبدًا. الاستهانة بخصمكم بناءً على تصنيفه العام فقط... هي أسرع طريقة للموت."

"إنه من المستوى المرتفع." تمتمت، والكلمات خرجت مني كحقيقة باردة. "هذا الشيء هو وحش من الرتبة الثانية، ناقل خطر، ومستواه الثالث."

التفت فريقي نحوي، وفهموا على الفور ما أعنيه. هذا ليس مجرد وحش من الرتبة الثانية. هذا هو ملك وحوش الرتبة الثانية.

الابتسامة الشرسة عادت إلى وجهي.

"جيد. كنت قد بدأت أشعر بالملل."

لم يكن هناك وقت لوضع خطة مفصلة. كان علينا أن نتصرف.

"الخطة بسيطة!" صرخت، وصوتي كان يزأر بالسلطة.

"كاستر، أنت وأنا سنكون في المقدمة! مهمتنا هي صد ضرباته، وجذب انتباهه! لا تحاولا إلحاق الضرر به، فقط ابقيا على قيد الحياة!"

"ليرا! أريدك أن تطلقي أقوى ما لديكِ على تلك الرونية اللعينة في صدره! لا تتوقفي!"

"كاسيان! أوريون! أنتما الأسرع! أريدكما أن تهاجما المفاصل! الركبتان، المرفقان! أي مكان يبدو أقل صلابة! أزعجاه، أبطئاه، لا تمنحاه فرصة للتركيز علينا!"

"إلارا! أنتِ أهم قطعة على الرقعة! أريد أوهامًا! أوهامًا مستمرة! اجعلينا نبدو في كل مكان! شتتي انتباهه! اخلقي لنا الفرص التي نحتاجها!"

"الآن، هاجموا!"

انفجرت المعركة.

اندفع كاستر أولاً، بهديره المعتاد، وفأسه مرفوع. "من أجل مجد بيتي!"

الحارس لم يتحرك حتى أصبح كاستر على بعد خطوات قليلة منه. ثم، تحركت مطرقته.

لم تكن حركة سريعة. كانت بطيئة، ثقيلة، لكنها كانت تحمل قوة الجبل نفسه.

ضرب كاستر بفأسه على ساق الحارس. سمعت صوت ارتطام مدوٍ، وتناثرت شرارات. لم يتأثر الحارس.

ثم، هبطت المطرقة.

لم تضرب كاستر مباشرة. ضربت الأرض أمامه.

بوووووم!

انفجرت الأرضية الحجرية. موجة صدمة عنيفة اجتاحت الساحة، وألقت بكاستر، الذي يزن أكثر من مئة كيلو من العضلات والصلب، إلى الوراء كأنه دمية من قماش. ارتطم بجدار معبد متهالك، وسقط على الأرض، وهو يسعل دمًا.

"أحمق." تمتمت، ثم هاجمت أنا. لم أهاجم بقوة غاشمة. بل بسرعة. اندفعت نحو جانبه الأيسر، وسيفي المشتعل يهدف إلى الفجوة عند خصره.

العين الرونية في صدره تتبعتني. تحرك جسده الضخم بسرعة مدهشة، واستخدم ذراعه الحرة ليصفعني.

قفزت إلى الوراء، وتفاديت الضربة بالكاد. شعرت بالريح التي أحدثتها وهي تمزق الهواء بجانب وجهي.

في تلك اللحظة، بدأ الجحيم الحقيقي.

"جرب هذا، أيها الكومة الحجرية القبيحة!"

صرخت ليرا، وأطلقت شعاعًا سميكًا من الطاقة الأرجوانية المدمرة.

اصطدم الشعاع مباشرة بالرونية في صدر الحارس.

توهجت الرونية بضوء أشد، وامتصت الشعاع بأكمله. ثم، أطلقت الشعاع مرة أخرى، ليس نحو ليرا، بل في كل الاتجاهات، كأنه انفجار من الشظايا الأرجوانية.

"اللعنة!" صرخت، ورفعت درعًا من اللهب لأحمي نفسي. تناثرت الشظايا على درعي بصوت هسهسة.

كانت المعركة فوضى مطلقة.

كاستر، الذي كان قد نهض، والدماء تسيل من فمه، عاد إلى الهجوم بغضب أعمى. كان يضرب ويضرب، لكن كل ضرباته كانت كضربات بعوضة على جلد وحيد قرن.

ليرا كانت تطلق تعاويذها، لكن الحارس كان يعكسها أو يمتصها.

لكن خطتي بدأت تؤتي ثمارها.

"هنا!"

ظهرت نسخة وهمية مني، من صنع إلارا، وهي تهاجم الحارس من الخلف. استدار الحارس ليواجهها.

وفي تلك اللحظة، انقض كاسيان وأوريون.

أسهم أوريون، التي كانت رؤوسها من الكريستال المسحور، ضربت المفصل خلف ركبة الحارس. تشققت البلورات، لكنها تمكنت من إحداث صدع صغير في حجر السبج.

وفي نفس الثانية، انقض كاسيان بسيفه الرفيع، وغرسه في ذلك الصدع.

أطلق الحارس هديرًا صامتًا، اهتزازًا عميقًا شعرت به في أسناني. ركبته اليسرى تجمدت للحظة.

"الآن!" صرخت

هاجمت أنا وكاستر معًا، بكل قوتنا، على نفس الساق المصابة.

سمعنا صوت تكسر عميق، مدوٍ.

انهار الحارس على ركبة واحدة.

"لقد فعلناها!" صرخ كاستر بانتصار.

لكن الانتصار كان قصير العمر.

الرونية في صدر الحارس توهجت بضوء أحمر غاضب. والرونيات على ذراعيه وساقيه بدأت تتوهج بنفس اللون.

نهض على قدميه ببطء، والشقوق في درعه السبجي بدأت تلتئم، وتغلق نفسها.

ثم، رفع مطرقته بكلتا يديه، وضربها على الأرض بقوة لا تصدق.

موجة صدمة هائلة، مرئية، من الطاقة الأرجوانية، انتشرت في كل اتجاه.

طرت في الهواء. شعرت بأن كل عظمة في جسدي ترتج. ارتطمت بجدار، وانزلقت على الأرض، وأنا أشعر بطعم الدم في فمي.

نظرت حولي. فريقي كان متناثرًا. كاستر كان فاقدًا للوعي. أوريون كان ينزف من أذنه وأنفه. كاسيان وإلارا كانا يحاولان النهوض.

وحدها ليرا كانت لا تزال تطفو في الهواء، تحميها فقاعة من الطاقة، لكن وجهها كان شاحبًا من الإرهاق.

الحارس كان يقف، سليمًا تمامًا، والعين الرونية في صدره تحدق فينا، وكأنها تقول "هل انتهيتم من اللعب؟"

"اللعنة..." تمتمت، وأنا أحاول النهوض. درعي الإمبراطوري الذهبي كان مخدوشًا، ومتسخًا. كبريائي... كان مجروحًا.

"أنت..." زأرت، ووجهت إصبعي نحو الحارس. "أنت تجرؤ... على إهانة أمير؟"

شعرت باللهب يغلي في داخلي، ليس لهبًا سحريًا، بل لهب الغضب الملكي.

"سأريك... معنى أن تتحدى سلالة ڤاليراك."

نهضت، وسيفي "أشعة الشمس" بدأ يتوهج بضوء أبيض، مبهر، كأنه قلب نجم.

لم تكن هذه معركة من أجل النقاط بعد الآن.

لقد أصبحت... شخصية.

الحارس رفع مطرقته مرة أخرى.

"تعال إذن، أيها الكومة الحجرية." تمتمت. "فلننهِ هذا."

لكن في أعماق قلبي، كنت أعرف أن هذا القتال... أبعد ما يكون عن نهايته.

هذا الوحش... كان أقوى مما تخيلت.

وكنا... على وشك أن نخسر.

2025/08/10 · 60 مشاهدة · 2598 كلمة
Vicker
نادي الروايات - 2025