[منظور ثيرون ڤاليراك]
الغضب...
لم يكن مجرد شعور، بل كان وقودًا. لهبًا ذهبيًا نقيًا، يشتعل في عروقي، يغلي في دمي، ويزأر في روحي.
وقفت في وسط الخراب الذي أحدثته، وسيفي "أشعة الشمس" ينبض بضوء أبيض مبهر، كقلب نجم مصغر.
جسدي كان يؤلمني، ودرعي الإمبراطوري الذهبي، فخر حرفيي العاصمة، كان الآن مخدوشًا ومتسخًا. إهانة.
والأمر الأكثر إهانة... هو أن ذلك الكوم الحجري اللعين كان لا يزال واقفًا.
بل أسوأ من ذلك، كان يزداد قوة.
الرونية الأرجوانية في صدره، التي كانت قبل لحظات مجرد عين شيطانية، أصبحت الآن دوامة من الطاقة المظلمة، تسحب الغبار والحصى من الأنقاض حولنا، وتعيد بناء جسده المحطم.
الشقوق في حجره السبجي كانت تلتئم، والرونيات الأصغر على أطرافه، التي كنا قد حطمناها بجهد جهيد، كانت تتوهج مرة أخرى، أكثر إشراقًا، وأكثر خبثًا من ذي قبل.
لقد استعاد كامل قوته. لا، لقد أصبح أقوى. كأنه كان يتغذى على هجماتنا، على يأسنا.
"تعال إذن، أيها الكومة الحجرية." تمتمت، واللهب الذي يلف سيفي ارتفع أعلى. "فلننهِ هذا."
كنت على وشك أن أندفع مرة أخرى، أن أطلق العنان لموجة أخرى من الشعلة الإمبراطورية، أن أحرق هذا المخلوق من الوجود.
لكن في تلك اللحظة، وسط غضبي الأعمى، اخترق صوت العقل البارد درع كبريائي.
نظرة سريعة على فريقي كانت كصفعة من الماء الجليدي. كاستر كان بالكاد ينهض، يتكئ على فأسه، والدماء تسيل من شفتيه. ليرا كانت تلهث، ووجهها شاحب كالشمع، وهالتها الأرجوانية أصبحت باهتة ومتقطعة. كاسيان وأوريون وإلارا كانوا مصابين بخدوش وجروح، ويتنفسون بصعوبة.
كنا منهكين. مصابين. وطاقتنا على وشك النفاد. وهذا الوحش... قد عاد للتو إلى كامل قوته، وربما أكثر.
وهنا، ضربني السؤال كصاعقة.
"لماذا لم نهرب من الأساس؟"
الفكرة كانت صادمة في بساطتها، في منطقها القاسي. نحن فريق من ستة من أذكى وأقوى طلاب الأكاديمية. لسنا مجرد قتلة أغبياء. البقاء على قيد الحياة، وتحقيق الهدف النهائي، هو الأهم.
"صحيح... من أجل النقاط."
الإجابة أتت على الفور، لكنها بدت الآن جوفاء، وسخيفة. نقاط؟ كنا نقامر بكل شيء من أجل نقاط وحش واحد؟
"نقاط؟ أي نقاط! نحن في المرحلة الثالثة!"
كنت أعرف أن لا أحد يموت من الطلاب هنا، لكنهم سيُستبعدون إذا أصيبوا بجروح خطيرة جدًا. وروني الحياة الذي كان على أجسادنا كان بمثابة سيف ذي حدين.
إنه ينقذ حياتنا، لكنه يعلن عن هزيمتنا أمام الإمبراطورية بأكملها. إذا سقط كاستر الآن، أو ليرا، فسينتهي الأمر. سيتم استبعادنا جميعًا. أنا، ولي عهد الإمبراطورية، سأُقصى من المرحلة الثالثة بسبب وحش لعين من الرتبة الثانية.
الإذلال... سيكون أسوأ من الموت.
اتخذت قراري. كان مرًا، وصعبًا، كابتلاع الزجاج المحطم. لكنه كان القرار الصحيح الوحيد.
"انسحاب!"
صرخت، وصوتي كان يحمل سلطة لا تقبل الجدال، سلطة أمير أجبر على تقبل حقيقة مرة. "الجميع، تراجعوا الآن! أوريون، غطنا! كاسيان، إلارا، أخرجا كاستر من هنا! ليرا، حاجز ناري! تحركوا!"
للحظة، بدا وكأنهم لم يصدقوا ما سمعوه. أنا، ثيرون ڤاليراك، آمر بالانسحاب؟
لكنهم أطاعوا. بدأوا في التراجع ببطء، وبشكل منظم، نحو مخرج الساحة.
لكن حارس القلعة السبجي لم يعطهم أي فرصة!
لم يهاجمنا. لم يلاحقنا.
فعل شيئًا أسوأ بكثير.
رفع مطرقته الهائلة، ليس ليضربنا، بل ليضرب الأرض عند مدخل المعبد، حيث كنا قد دخلنا.
توهجت الرونية في صدره، والرونيات على مطرقته، بضوء أرجواني كثيف.
ثم، هبطت المطرقة.
بووووووووووم!
لم تكن مجرد موجة صدمة هذه المرة.
انفجرت الأرض. ومن الشقوق، ارتفعت أعمدة ضخمة من حجر السبج الأسود، حادة كأنياب التنين، متشابكة مع بعضها البعض، لتشكل جدارًا، قفصًا، يغلق المخرج الوحيد.
كنا محاصرين.
استدار الحارس نحونا ببطء. العين الرونية في صدره كانت تتوهج ببرود، وكأنها تقول "إلى أين تظنون أنكم ذاهبون؟"
"ذلك الوغد..." تمتم كاستر، وهو يبصق دمًا. "لقد حاصرنا."
الخوف. لأول مرة في هذه المعركة، شعرت به. ليس خوفًا على حياتي، بل خوفًا من الفشل المطلق، من الإذلال الذي لا مفر منه.
بدأت المعركة الأخيرة. معركة يائسة من أجل البقاء.
الحارس كان يتقدم نحونا ببطء، وكل خطوة كانت كقرع ناقوس الموت. مطرقته كانت تجر على الأرض، وتصدر صوت احتكاك مرعب.
"لا يمكننا اختراق درعه، ولا يمكننا الهروب!" صرخت ليرا، والذعر بدأ يتسلل إلى صوتها. "ماذا نفعل؟"
كنت أفكر بسرعة، عقلي يعمل بأقصى طاقته، يبحث عن أي ثغرة، أي أمل.
الرونية. كانت تمتص سحرها. كانت تعكسه. لكنها لم تكن منيعة تمامًا. لقد تشققت قليلاً عندما ضربها شعاع ليرا في المرة الأولى.
فكرة مجنونة، يائسة، لمعت في ذهني.
"ليرا!" صرخت، ونظرت إليها. "هل لا يزال لديكِ ما يكفي من الطاقة لهجوم واحد؟ هجوم واحد فقط، بكل ما تملكين؟"
نظرت إليّ، وعيناها الأرجوانيتان متسعتان. "ربما... لكنه سيستنزفني تمامًا! وقد يعكسه مرة أخرى!"
"لن يفعل إذا كان مشغولاً!" قلت، والأدرينالين بدأ يضخ في عروقي مرة أخرى. "سأمنحكِ الفرصة التي تحتاجينها. سأواجهه وجهًا لوجه. البقية، ادعموني! أوريون، استهدف عينيه! كاسيان، ساقيه! إلارا، شتتيه! كاستر، عندما أصرخ... اضرب بكل ما لديك!"
كانت خطة انتحارية.
لكنها كانت الخطة الوحيدة التي لدينا.
نظرت إليهم. رأيت الخوف في عيونهم. لكنني رأيت أيضًا شيئًا آخر. تصميمًا. لقد أوصلتهم إلى هذا الجحيم، وكان عليّ أن أخرجهم منه.
"من أجل الإمبراطورية!" زأرت، واندفعت.
لم تكن معركة. كانت رقصة مع الموت.
الحارس أهوى بمطرقته. لم أحاول صدها. تدحرجت تحتها، وشعرت بالريح وهي تمزق الهواء فوق رأسي.
وصلت أمامه مباشرة. وجهًا لوجه مع تلك العين الرونية.
سيفي المشتعل كان يضرب درعه السبجي، مطلقًا وابلًا من الشرارات واللهب. لم أكن ألحق به أي ضرر حقيقي، لكنني كنت... مزعجًا. كنت أصرخ، وأستفزه، وأجبره على التركيز عليّ وحدي.
بدأت السهام تتطاير. سهام أوريون كانت تضرب حول العين الرونية، محاولة إيجاد أي شق.
كاسيان كان ينساب حول ساقيه، وسيفه الرفيع يطعن في المفاصل.
والأوهام كانت تتراقص. نسخ مني، ومن كاستر، كانت تظهر وتختفي، مما جعل الحارس يتردد للحظة.
لكنه كان ذكيًا. تجاهل كل شيء آخر، وركز عليّ.
ضربني بذراعه الحرة. طرت في الهواء، وارتطمت بأحد الأعمدة الحجرية للمعبد بقوة جعلتني أرى النجوم.
سقطت على الأرض، وأنا أشعر بأن شيئًا ما قد انكسر في صدري.
"الآن!" صرخت ليرا. "إنه مكشوف!"
نظرت إلى الأعلى من خلال ضباب الألم. رأيتها.
كانت تطفو في الهواء، وكل طاقتها السحرية المتبقية تتجمع في كرة أرجوانية دوارة فوق رأسها. كانت الكرة تنبض، وتكبر، وتصدر صوت أزيز عنيف. شعرها كان يتطاير بعنف، والدماء تسيل من أنفها من فرط الإجهاد.
الحارس استدار نحوها، وشعر بالخطر الحقيقي. رفع مطرقته، وكان على وشك أن يقذفها نحوها.
"كاستر!!!" صرخت بكل ما تبقى من هواء في رئتي.
زأر كاستر، واندفع كالثور الهائج، وتجاهل كل إصاباته. قفز، وأهوى بفأسه بكل قوة على ركبة الحارس، نفس الركبة التي أصبناها من قبل.
سمعنا صوت تكسر مدوٍ.
انهار الحارس على ركبة واحدة مرة أخرى.
"اذهبي إلى الجحيم!!!.
صرخت ليرا، وأطلقت العنان لكل شيء.
انطلق شعاع الطاقة الأرجوانية، ليس كشعاع، بل كشمس أرجوانية صغيرة، واصطدم مباشرة بالعين الرونية في صدر الحارس.
لم يكن هناك انفجار.
بل كان هناك... صمت.
للحظة، امتصت الرونية كل الضوء، كل الطاقة.
ثم، بدأت تتشقق.
شقوق بيضاء رفيعة، كخيوط العنكبوت، بدأت تنتشر من مركزها.
ثم، وبصوت طقطقة خافتة، تحطمت.
انطفأ كل الضوء الأرجواني في جسد الحارس في لحظة واحدة.
تجمد في مكانه لثانية، ثم انهار إلى الأمام، وتحول إلى كومة هائلة من حجر السبج المحطم، والغبار.
ساد صمت مطبق في الساحة المدمرة.
لم يتبق سوى صوت أنفاسنا المتقطعة، وصوت حفيف الريح وهو يمر عبر الأنقاض.
نجونا.
لكننا كنا محطمين.
استلقيت على ظهري، وأنا أنظر إلى السماء البنفسجية، وشعرت بالإرهاق يغمرني.
لم يكن هذا انتصارًا.
كان مجرد... تأجيل للهزيمة.
----
----
----
[منظور نير ڤيرتون]
الصمت الذي أعقب ظهور ذلك الكابوس المتجسد لم يكن صمتًا عاديًا. كان صمتًا لزجًا، ثقيلاً، كأنه مادة فيزيائية تملأ الهواء، تضغط على طبلة الأذن، وتخنق الأنفاس في الصدور.
الثمانية عشر شخصًا المتبقون على قيد الحياة في ساحة المعركة الموحلة هذه - فريقي المتهالك، والفريقان اللذان نصبا لنا الكمين - كنا جميعًا متجمدين، موحدين لأول مرة، ليس في تحالف، بل في رعب مطلق ومشترك.
المعركة السابقة، بكل دمائها وفوضاها، بدت الآن كلعبة أطفال تافهة. السيوف التي كانت مرفوعة، والتعاويذ التي كانت تتشكل، كلها تلاشت. لم يعد هناك فريق 17، أو 11، أو 12. لم يعد هناك أعداء أو حلفاء. كان هناك فقط... نحن، وذلك الشيء.
كنت أحدق فيه، وعقلي يرفض أن يعالج ما تراه عيناي. كان طويلًا، طويلًا بشكل غير طبيعي، كنصب تذكاري للموت نحتته يد سامي مجنون.
جسده النحيل، المغطى بلحاء أبيض شاحب، كان يبدو هشًا، لكنني شعرت بالقوة البدائية، القديمة، التي تكمن تحته. رقبته الطويلة، التي كانت تتحرك ببطء، بانسيابية الأفعى، كانت تتحدى كل قوانين علم التشريح. ووجهه... ذلك الفراغ الأملس، كان أشد رعبًا من أي وجه مليء بالأنياب والمخالب.
استخدمت "عين الحقيقة" بيأس، محاولاً أن أجد أي معنى، أي معلومة، في هذا الكابوس.
النتيجة كانت ألمًا.
ألمًا حارقًا، فوريًا، انفجر في عقلي. لم أرَ هالة. لم أرَ لونًا، ولا مستوى، ولا رتبة. ما رأيته كان... ضغطًا. ضغطًا روحيًا هائلاً، أسود، لا شكل له، كان ينبعث من المخلوق، ليس كطاقة، بل كحضور.
كان وجوده وحده كافيًا لسحق الهالات، لتمزيق شبكة الطاقة من حوله. شعرت بأن "عين الحقيقة" نفسها، قدرتي الموروثة، تتراجع، ترتجف، كحيوان خائف واجه مفترسًا لا يمكن فهمه.
هذا الشيء... كان خارج التصنيف.
أو ربما... كان هو التصنيف نفسه.
نقلت نظري ببطء، تفحصت وجوه الآخرين. كانوا جميعًا في حالة من الشلل. قائدة الفريق الحادي عشر، ذات الشعر الأخضر، التي كانت تبتسم بانتصار قبل لحظات، كان فمها الآن مفتوحًا في صرخة صامتة، وعيناها تحدقان في المخلوق برعب مطلق.
كايلين، الذي لم يهتز أبدًا، كانت يده التي تمسك بسيفه ترتجف بشكل واضح. وديغون، جبل الصخر، كان جبينه مغطى بطبقة من العرق البارد.
ثم رأيت الأميرة سيرافينا.
كانت تقف بثبات، لكن وجهها كان شاحبًا كشبح. وفي زاوية فمها الملائكي، رأيت شيئًا لم ألاحظه في خضم المعركة. خيط رفيع من الدم القرمزي.
لم تكن مصابة بجرح خارجي واضح. هذا الدم... كان قادمًا من الداخل. هل كان بسبب الضغط الروحي الهائل لهذا المخلوق الجديد؟ هل كانت قوتها النفسية، التي بدت لا تقهر، قد تصدعت أخيرًا؟
سعلت.
سعلة خفيفة، رقيقة، لكنها كانت مدوية في هذا الصمت المطبق. قطرة أخرى من الدم ظهرت على شفتيها. مسحتها بظهر قفازها الأبيض، تاركة أثرًا قرمزيًا باهتًا.
ثم، فعلت شيئًا لم أتوقعه أبدًا. شيئًا حطم كل صورة كونتها عنها، عن الشيطانة المتلاعبة، الواثقة من نفسها.
لقد تحدثت، وصوتها كان همسًا مرتجفًا، بالكاد مسموعًا، لكن كل واحد منا سمعه بوضوح تام.
"أقترح... أن نهرب."
الكلمتان سقطتا كحكم إعدام.
إذا كانت الأميرة سيرافينا ڤاليراك، التي تستمتع بالفوضى وتلعب بالآخرين كأنهم دمى، تقترح الهروب... فهذا يعني أن الموقف ليس مجرد ميؤوس منه. بل إنه نهاية العالم بالنسبة لنا.
كلماتها كسرت حالة الشلل.
لم تكن هناك حاجة لأوامر. لم تكن هناك حاجة لخطة. غريزة البقاء البدائية، التي كانت مكبوتة تحت طبقات من الكبرياء والتدريب، انفجرت في الجميع في نفس اللحظة.
تحولت الساحة إلى فوضى من الأجساد المذعورة.
استدار الطلاب، وبدأوا في الركض. الركض بشكل أعمى، يائس، في الاتجاه المعاكس للمخلوق. كانوا يتعثرون في الطين، يصطدمون ببعضهم البعض، ويسقطون، ثم ينهضون ويواصلون الركض.
لم يعد هناك فرق بين الفرق. أصبحنا مجرد قطيع من الفرائس الهاربة.
استدرت أنا أيضًا، وبدأت في التراجع ببطء، وعيناي لم تفارقا ذلك الكابوس الأبيض.
هل سيتركنا نذهب؟ هل هو بطيء؟
كانت تلك هي الأمنية اليائسة التي دارت في عقولنا جميعًا.
أمنية لم تتحقق.
المخلوق، الذي كان صامتًا وثابتًا حتى الآن، تحرك.
لم يركض. لم يقفز.
رقبته الطويلة، التي تشبه الأفعى، التفتت ببطء، بانسيابية مرعبة. ووجهه الفارغ، استدار ليواجه مسار هروبنا الرئيسي – ذلك الممر الضيق من الأرض الصلبة الذي كان يقود خارج هذا المستنقع الملعون.
والعين الحمراء الواحدة، الكبيرة، التي كانت في وسط وجهه... ركزت.
لم تطلق شعاعًا من الضوء، أو كرة من النار.
أطلقت... تشوهًا.
رأيت الهواء فوق الممر يرتجف، يتموج، كأنه انعكاس في ماء حار. ثم، انطلق منه شعاع غير مرئي، شعاع من قوة نقية، مدمرة.
لم يكن هناك انفجار.
كان هناك... محو.
الممر الحجري، الأشجار على جانبيه، الطين، كل شيء في مسار الشعاع... تبخر.
لم يتحول إلى غبار أو رماد. لقد اختفى تمامًا من الوجود، تاركًا وراءه خندقًا بعرض عشرة أمتار، أملس، وجدرانه تتوهج بحرارة غير مرئية، والهواء فوقه لا يزال يتموج بشكل خطير.
لقد قطع طريق هروبنا.
لقد حاصرنا.
الطلاب الذين كانوا في مقدمة الهاربين توقفوا فجأة على حافة الخندق الجديد، وجوههم أقنعة من الرعب المطلق.
لكن الكارثة لم تنتهِ عند هذا الحد.
أحد طلاب الفريق الثاني عشر، شاب ذو شعر أشقر، كان قد وصل تقريبًا إلى نهاية الممر عندما أطلق المخلوق هجومه. لم يصبه الشعاع مباشرة، لكنه كان قريبًا جدًا. لقد لامسته حافة منطقة المحو.
شاهدنا جميعًا، في رعب صامت، ما حدث له.
صرخ صرخة حادة، تمزق الحلق. لم تكن صرخة ألم، بل صرخة رعب وجودي.
بدأ جسده يصبح شفافًا. رأيت، بوضوح مؤلم بفضل "عين الحقيقة"، هيكله العظمي، وأعضاءه الداخلية، للحظة، قبل أن تبدأ هي الأخرى في التلاشي. هالته الحيوية كانت تُمتص، تُسحب بعنف نحو الخندق، كأنها دخان ينجذب نحو مكنسة كهربائية كونية.
لم يمت. كان يتم محوه من الوجود.
في آخر جزء من الثانية، قبل أن يختفي تمامًا، توهج سواره الفضي بضوء أبيض مبهر.
لكن الأوان كان قد فات.
اختفى في وميض من الضوء، لكن صرخته المرعبة بقيت تتردد في آذاننا.
ثم، حدث شيء آخر.
أساور الأعضاء الخمسة المتبقين من الفريق الثاني عشر، الذين كانوا متجمدين في مكانهم، بدأت تتوهج بنفس الضوء الأبيض.
واحدًا تلو الآخر، صرخوا بيأس وغضب، قبل أن يبتلعهم الضوء ويختفوا من ساحة المعركة.
صوت سحري، بارد، وخالٍ من أي عاطفة، تردد في جميع أنحاء المستنقع:
"الفريق الثاني عشر قد تم استبعاده."
ساد صمت مطبق مرة أخرى. صمت أعمق، وأكثر يأسًا.
اثنا عشر طالبًا متبقين. فريقان. محاصرون.
مع كائن من الجحيم.
استدار المخلوق نحونا ببطء. لم يكن في عجلة من أمره. العين الحمراء الواحدة كانت تتجول بيننا، تختار فريستها التالية.
كنا في وضع يأس مطلق. الخوف من الموت كان حقيقيًا، لكن الخوف من ذلك المصير، من الإقصاء المهين الذي سيشاهده العالم كله... كان أسوأ.
شعرت بالدم ينسحب من وجهي. نظرت إلى وجوه الآخرين.
قائدة الفريق الحادي عشر كانت ترتجف، ومجموعتها كانت تتجمع خلفها كأفراخ مذعورة.
وفريقي... كان كل واحد منا وحيدًا في رعبه.
الخطة... لم تعد هناك خطة.
الغطرسة... لم يعد لها مكان.
الكبرياء... تحول إلى غبار.
لم يتبق سوى حقيقة واحدة، بسيطة، ومرعبة.
نحن التاليون.