[منظور ثيودور ڤاليراك]

الصمت الذي هبط على الشرفة الملكية لم يكن صمت رهبة، بل كان صمتًا تحليليًا، باردًا. انتهى عرض القوة الغاشمة، وبدأت لعبة الشطرنج الحقيقية.

كنت أحدق في البلورة التي تعرض المستنقع المظلم، حيث كان اثنا عشر طفلاً يقفون على حافة الهلاك، وشعرت بومضة خفيفة من شيء كاد أن يكون تسلية.

"مثير للاهتمام." تمتمت، وأخذت رشفة من نبيذ الجليد. "لقد أزالوا فريقًا كاملاً بضربة واحدة. يا له من كفاءة."

بجانبي، شعرت بالتوتر يتصاعد من أليستر ڤيرتون. كان الشاب يقف خلف والده كظل، لكنني استطعت رؤية قبضتيه المشدودتين. كان يحسب، يحلل، ويقيم الضرر الذي لحق بسمعة أخيه الأصغر.

"لم يمت ذلك الرجل من الفريق الثاني عشر، أليس كذلك؟"

سأل أليستر، وصوته كان هادئًا، لكنه كان يحمل حدة سؤال موجه إلى شاهد في محاكمة. لم يكن يسألني أنا، بل كان يختبر معرفتي، يتحداني.

ابتسمت ابتسامة خفيفة. رفعت رأسي، ونظرت إليه مباشرة.

"بالتأكيد لم يمت. لا تستخف بقوة الرونية يا لورد أليستر." قلت، متعمدًا استخدام لقبه الرسمي. "'رون الحياة' الذي يوضع على كل طالب هو تحفة من السحر الإمبراطوري. يمكنه أن يعيد بناء جسد تم تمزيقه بالكامل تقريبًا في لحظة. الفتى الآن على الأرجح يصرخ في جناح الشفاء، لكنه حي. أما روحه... فتلك قصة أخرى."

عاد أليستر إلى صمته، لكنني كنت أعرف أن عقله لم يتوقف عن العمل.

"جلالتك."

صوت الجنرال ڤاليريوس العميق، الهادئ، قاطع الصمت. كان لا يزال واقفًا كتمثال من الفولاذ الأسود، لكن رأسه المغطى بالخوذة كان مائلاً قليلاً وهو يدرس المخلوق على البلورة. "هذا المخلوق... 'الناحب الشاحب'."

أومأت برأسه. "إذًا، أنت تعرفه."

"الأساطير القديمة تتحدث عنه." قال ڤاليريوس. "إنه من الرتبة الثالثة، ومستواه مرتفع، أليس كذلك؟"

"نعم." قلت ببساطة. "أعلى مستوى يمكن لوحش من الرتبة الثالثة الوصول إليه. كائن لم يره أحد في هذه القارة منذ خمسمائة عام. يبدو أن الأرخبيل قرر أن يقدم لنا عرضًا خاصًا اليوم."

في تلك اللحظة، سمعت صوتًا طفوليًا متحمسًا بجانبي.

"واو! عينه كبيرة جدًا!"

كانت سيريس، تلك الإضافة الغريبة والمقلقة إلى عائلة ڤيرتون.

كانت لا تزال تجلس على حضن والدها، وتتكئ إلى الأمام بفضول، وتشير بإصبعها الصغير نحو البلورة.

"أبي، أبي! هل يمكننا الحصول على واحد مثله؟"

ساد صمت مذهول على الشرفة. النبلاء الذين كانوا يتهامسون بخوف، تجمدوا في مكانهم، وعيونهم اتسعت في رعب خالص وهم ينظرون إلى الطفلة التي تجرأت على التحدث بهذه الطريقة، وإلى الدوق الذي لم يتحرك.

في حماسها، كانت يدها الصغيرة تضرب وجه الدوق بالخطأ وهي تشير. صفعة خفيفة، بريئة، على الظلام الذي يلف وجهه. ثم صفعة أخرى.

"انظر! انظر! إنه يتحرك!"

شعرت بأن ماركيز عجوز بجانبي على وشك أن يصاب بسكتة قلبية.

لكن ڤاليدور... لم يفعل شيئًا. بقي جالسًا، صامتًا، كأن يد ابنته الصغيرة مجرد هبة نسيم.

هذا المشهد وحده كان أشد رعبًا من أي وحش.

ابتسمت. يا لها من عائلة مسلية.

"استعدوا." قلت لـڤاليريوس، وعادت الجدية إلى صوتي. "جهزوا فريق الاستخراج. لكن لا تتدخلوا إلا بأمر مباشر مني. فلنرى... ممّ صُنع مستقبل إمبراطوريتنا حقًا."

[منظور نير ڤيرتون]

لم يعد هناك وقت للتفكير. لم يعد هناك وقت للخوف.

في اللحظة التي اختفى فيها الفريق الثاني عشر، تحول اليأس المطلق إلى شيء آخر. إلى حقيقة باردة، قاسية، كحقيقة السيف في يدي. نحن اثنا عشر شخصًا. ضد كائن من الجحيم. وقاعدة واحدة فقط: آخر فريق يبقى واقفًا يفوز. أو بالأحرى، ينجو.

"الناحب الشاحب". هكذا سماه ڤاليريوس. الاسم كان مناسبًا. لأنه عندما تحرك، لم يصدر هديرًا، أو زئيرًا.

بل بكى.

صوت نحيب حاد، عالٍ، خرج من وجهه الفارغ، صوت لم يكن حزينًا، بل كان مليئًا بالكراهية، واليأس المطلق. صوت كان يتلاعب بأعصابك، يجعلك تريد أن تمزق أذنيك.

ثم هاجم.

لم يندفع. لم يقفز.

لقد... انزلق. تحرك عبر المستنقع بسرعة شبحية، غير طبيعية، جسده الطويل النحيل يتمايل كأنه شجرة صفصاف في مهب ريح عاتية.

"انتشروا!" صرخت، وكانت هذه أول كلمة منطقية تخرج من فم أي شخص.

الفوضى التي تلت ذلك كانت رقصة دموية، يائسة.

لم نعد فريقين. أصبحنا مجرد اثني عشر يائسًا يحاولون البقاء على قيد الحياة.

قائدة الفريق الحادي عشر، الفتاة ذات الشعر الأخضر، صرخت أوامر لفريقها. "ابقوا متفرقين! استهدفوا ساقيه! السحرة، استعدوا بحواجزكم!"

الناحب الشاحب تجاهلهم تمامًا. كان يتجه... نحونا. نحو فريقي.

أو بالأحرى، نحو ديغون.

ربما لأن ديغون كان الأكبر، والأكثر تهديدًا في المظهر. أو ربما لسبب آخر، أكثر خبثًا.

العين الحمراء الواحدة ركزت على ديغون، وبدأت تتوهج.

"ديغون! تحرك!" صرخ كايلين.

لكن ديغون لم يتحرك. بل أطلق هديرًا خاصًا به، ورفع بقايا درع محطم من الأرض، ووضعه أمامه.

"أنا الدرع." تمتم، والكلمات كانت موجهة لنفسه أكثر من أي شخص آخر.

انطلق الشعاع.

تلك الموجة من طاقة المحو.

اصطدمت بالدرع. للحظة، صمد الدرع. ثم، رأيت المعدن يصبح شفافًا، ثم يتلاشى إلى غبار.

واصل الشعاع طريقه، ولامس كتف ديغون.

صرخ ديغون. صرخة لم تكن من الألم فقط، بل من الغضب المطلق.

رأيت درعه الجلدي السميك، ثم لحمه، ثم عظمه، يبدأ في التلاشي ببطء، كأنه يذوب في الهواء. لم يكن نزيفًا، بل كان محوًا، طبقة بعد طبقة.

"آيلا!" صرخت، والخوف في صوتي كان حقيقيًا.

ركضت آيلا، والدموع تنهمر على وجهها، لكن عينيها كانتا تلمعان بضوء أخضر عنيد. وضعت يديها على كتف ديغون، وأطلقت العنان لكل قوتها الشفائية.

رأيت مشهدًا مستحيلاً. الضوء الأخضر الدافئ كان يصارع طاقة المحو الباردة. رأيت الأنسجة تتشكل، ثم تتلاشى، ثم تتشكل مرة أخرى، في صراع مرعب على جسد ديغون الذي كان يزأر ويتألم.

هذا الإلهاء... منحنا فرصة.

"هاجموا!" صرخ كايلين.

انطلقنا، نحن العشرة المتبقون، نحو هذا الكابوس.

كانت مذبحة.

كايلين وأنا وصلنا أولاً. أهوينا بسيفينا على ساقيه النحيلتين.

سيفي، المغطى بالظلام، ترك خدشًا أسود، محترقًا، على اللحاء الأبيض. سيف كايلين أحدث شرارات، وترك جرحًا أعمق قليلاً.

لكن المخلوق... بالكاد شعر به.

استدارت رقبته الطويلة بزاوية مستحيلة، ونظر إلينا من الأعلى. ثم، ضرب بذراعه الطويلة.

لم تكن ضربة. كانت سوطًا.

طرت أنا وكايلين في الهواء، وارتطمنا بالأرض الموحلة بقوة أخرجت الهواء من رئتينا.

سيلين والفتاة ذات الشعر الأخضر أطلقتا تعاويذهما. وابل من الرماح الجليدية، وشفرات الرياح الحادة، ضربت جسد الناحب.

اخترقت بعضها لحاءه، وغاصت فيه.

لكنه لم ينزف دمًا. بل نزف ظلامًا سائلًا، أسود، سرعان ما تجمد وأغلق الجروح.

"هذا لا يجدي نفعًا!" صرخت قائدة الفريق الحادي عشر.

الناحب الشاحب بكى مرة أخرى، وذلك الصوت الحاد جعلنا نغطي آذاننا بألم. ثم، قفز.

قفزة هائلة، غير طبيعية، هبط بها في وسط مجموعة السحرة.

أهوى بذراعيه في حركة دائرية.

شاهدت في رعب ساحرًا من الفريق الحادي.

رأيت أحشاءه تتناثر للحظة، قبل أن يتوهج سواره ويختفي.

"الفريق الحادي عشر قد تم استبعاده."

الصوت الآلي البارد كان كالمسمار الأخير في نعشنا.

لم يتبق سوى فريقي.

ستة ضد واحد.

لكن الفارق في القوة كان... كونيًا.

نهضت على قدمي المرتجفتين، والدماء تسيل من شفتي.

ديغون كان لا يزال يصارع، وآيلا لا تزال تعالجه.

كايلين كان ينهض، وساقه مصابة.

سيلين كانت شاحبة، وطاقتها على وشك النفاد.

وسيرافينا... كانت تقف، وتراقب، وعيناها تحدقان في الناحب بتركيز غريب، كأنها تحاول أن تفهم شيئًا.

الناحب الشاحب استدار نحونا ببطء.

العين الحمراء استقرت عليّ.

شعرت بالبرد يغمرني.

عرفت أنني التالي.

رفع ذراعه، التي كانت أطول من أي رمح.

انطلق نحوي.

لم يكن هناك وقت للمراوغة. لم يكن هناك وقت للدفاع.

أغمضت عيني، واستدعيت السيف الأسود الحقيقي.

إذا كنت سأموت... فسأموت وأنا أقاتل بسلاح أسطوري.

لكن الضربة لم تأتِ.

فتحت عيني.

ورأيت مشهدًا لن أنساه ما حييت.

ديغون.

لقد تحرك.

بسرعة لا تصدق، ركض ووقف أمامي، وظهره العريض يواجه المخلوق.

لقد أصبح... درعي البشري.

اخترقته المخالب الحادة للناحب الشاحب.

اخترقت ظهره، وخرجت من صدره، تقطر دمًا.

اتسعت عينا ديغون في صدمة وألم.

نظر إلى الأسفل، إلى تلك المخالب البيضاء التي تخترق جسده.

ثم، رفع رأسه، ونظر إليّ.

وابتسم.

"أنا... الدرع."

تمتم، قبل أن يتوهج سواره بضوء أبيض مبهر.

واختفى.

"الفريق السابع عشر... قد تم استبعاده."

....

....

....

الصوت.

الصوت الآلي، البارد، الخالي من أي عاطفة، الذي تردد في المستنقع الموحل، كان أقسى من أي ضربة، وأشد إيلامًا من أي جرح.

"الفريق السابع عشر... قد تم استبعاده."

اختفى ديغون في وميض من الضوء الأبيض، تاركًا وراءه فراغًا، ورائحة الأوزون، وصورة ابتسامته الدامية محفورة في ذاكرتي إلى الأبد. لقد ضحى بنفسه من أجلي. الدرع... قد حمى السيف.

لكننا لم نختفِ.

القاعدة كانت واضحة. يتم استبعاد الفريق بأكمله. فلماذا بقينا نحن الخمسة؟ أنا، وكايلين، وسيلين، وسيرافينا، وآيلا... كنا لا نزال هناك، عالقين في هذا الجحيم، وجوهنا أقنعة من الصدمة واليأس.

ثم فهمت.

وفهمي جلب معه موجة جديدة من الرعب البارد.

لقد انتهت المنافسة.

لم يعد هناك فرق أخرى لنهزمها، أو لتهزمنا. لم يعد هناك قواعد تحكم هذه اللعبة. لقد تم إعلان هزيمتنا، لكن السحر الذي كان من المفترض أن ينقذنا لم يعد يعتبر هذا "اختبارًا".

لقد أصبح هذا... مجرد إعدامًا.

"الناحب الشاحب" لم يهتم بالإعلان. لم يهتم بالقواعد. كان يقف هناك، والمخالب البيضاء الطويلة التي اخترقت ديغون قبل لحظات كانت تقطر دمًا ببطء على الطين. سحب ذراعه من الهواء الفارغ، ونظر إلى مخالبه، ثم إلينا.

العين الحمراء الواحدة، الكبيرة، استقرت عليّ مرة أخرى.

لقد كنت التالي في قائمته.

رفعت سيفي الأسود الحقيقي. كان ثقيلاً في يدي المرتجفة. شعرت ببرودته المطلقة تتسرب إلى عروقي، لكنها لم تكن كافية لإطفاء نار الخوف التي كانت تلتهم روحي.

بجانبي، نهض كايلين على ركبة واحدة، وسيفه مكسور، لكنه كان يمسك بالنصل الحاد بيده، مستعدًا للقتال حتى النها-

قبل أن يتمكن الناحب من اتخاذ خطوته التالية، تمزق الهواء.

لم يكن صوت رعد، ولا صوت بوابة سحرية. كان صوتًا حادًا، عنيفًا، كأن نسيج الواقع نفسه يتمزق بمخالب غير مرئية.

شق أسود، مشوب بومضات أرجوانية داكنة، انفتح في السماء فوقنا.

ومن هذا الشق، سقط هو.

لم يسقط، بل هبط. هبط برشاقة وقوة لا تنتمي إلى هذا العالم.

الجنرال ڤاليريوس.

ارتطم بالأرض الموحلة، لكنه لم يثر أي طين. هبط بصمت، كظل اكتسب وزنًا. درعه الأسود اللامع كان يمتص الضوء الأخضر المريض للمستنقع، وهالته من الرتبة السادسة انفجرت منه كعاصفة صامتة، دفعت بالضباب واليأس إلى الوراء.

الناحب الشاحب، الذي كان يبدو ك سامي الموت قبل لحظات، تردد لأول مرة. رقبته الطويلة التفتت ببطء نحو هذا الدخيل الجديد. العين الحمراء الواحدة ضاقت.

أطلق الناحب صرخته الحادة، التي تمزق العقل. وفي نفس اللحظة، أطلق شعاع المحو من عينه، ليس نحونا، بل نحو ڤاليريوس.

لم يتحرك الجنرال. لم يرفع درعًا. لم يراوغ.

فقط... وقف.

والهالة الأرجوانية الداكنة حوله تكثفت للحظة. اصطدم شعاع المحو بالهالة، وتلاشى. لم يترك خدشًا. لم يترك أثرًا. كأنك ترمي بحصاة على محيط.

ثم تحرك ڤاليريوس.

لم أره يتحرك. في لحظة، كان يقف أمامي. وفي اللحظة التالية، كان خلف الناحب الشاحب.

كل ما رأيته هو خط رفيع من الضوء الأرجواني الداكن، رسم قوسًا في الهواء.

ساد صمت للحظة.

ثم، رأس الناحب الشاحب، ذلك الوجه الفارغ المرعب، انزلق ببطء عن رقبته الطويلة، وسقط في الماء الأسود بصوت "بلوب" مقزز.

جسده الهائل بقي واقفًا لثانية، ثم انهار كدمية قُطعت خيوطها، وتحول إلى كومة من اللحاء الأبيض المحطم.

بضربة واحدة.

وقف الجنرال ڤاليريوس فوق الجثة، ونفض قطرة من السائل الأسود عن نصل سيفه الضخم.

ثم تمتم، وصوته العميق كان يحمل نبرة من الإرهاق والملل، كأن كل هذا مجرد إزعاج في يومه الطويل.

"الرتبة الثالثة، ومستواه مرتفع."

نظر إلى بقايا المخلوق. "لقد حدثت مرتين من قبل، وجميعها كانت خارج إطار الاختبار."

ثم، استدار نحونا. لم أستطع رؤية وجهه خلف الخوذة، لكنني شعرت بنظراته تخترقنا، تقيم جروحنا، ويأسنا.

"أنتم جميعًا ستغادرون هذه المنطقة. التفاصيل اللاحقة سنتحدث عنها لاحقًا."

لم يكن أمرًا، بل كان حقيقة مطلقة. لوح بيده، وظهرت بوابة دوارة من الضوء الأبيض بجانبنا.

كان الخلاص.

لكنني لم أشعر بالارتياح. شعرت فقط بالبرودة. برودة الحقيقة التي كشفها هذا التدخل. نحن لم نكن سوى دمى في مسرحية أكبر بكثير، وعندما تتعطل الدمى، يأتي صاحب المسرح لإصلاحها.

[منظور ثيرون ڤاليراك]

"لقد نجحنا!"

زئير كاستر المنتصر تردد في أنقاض المدينة الصامتة. لقد حطمنا الحارس السبجي، وتناثرت أشلاؤه السوداء حولنا كأنها بقايا نيزك. كنا منهكين، ومصابين، لكننا كنا منتصرين.

كنت أقف، ألهث، وأتكئ على سيفي "أشعة الشمس"، الذي كان وهجه الذهبي قد خفت. شعرت بألم حاد في صدري حيث ضربني الحارس. درعي، فخر الإمبراطورية، كان قد انبعج. إهانة. لكننا انتصرنا. وهذا هو المهم.

"حسنًا." قلت، وأنا أحاول استعادة أنفاسي الملكية. "استراحة لمدة عشر دقائق. آ... "

قبل أن أكمل جملتي، دوى الصوت.

الصوت الآلي، البارد، الذي تردد عبر كل جزيرة في هذا الأرخبيل اللعين.

"الفريق السابع عشر... قد تم استبعاده."

تجمدت.

الهواء في رئتي تحول إلى جليد.

"ماذا...؟" تمتمت، وعقلي يرفض أن يصدق الكلمات.

"مستحيل... "

التفت فريقي نحوي، والصدمة المطلقة مرسومة على وجوههم.

"الفريق السابع عشر؟" قال كاسيان، وابتسامته الساحرة قد اختفت تمامًا. "تقصد فريق سيرافينا؟"

لم يكن الأمر منطقيًا. ذلك الفريق... كان فريقًا من الوحوش. نير، بقوته المظلمة الغامضة. كايلين، بمهارته التي لا تضاهى. ديغون، بقوته التي تشبه قوة جبل. سيلين، بسحرها الجليدي المدمر. وأختي... سيرافينا.

فكرة أن يتم استبعادهم، وبهذه السرعة... كانت سخيفة. كانت مستحيلة.

"لا بد أنه خطأ." قالت ليرا، وهي تمسح الدماء من أنفها. "ربما تعطل النظام."

لكنني كنت أعرف أن النظام لا يتعطل.

هذا يعني أنهم واجهوا شيئًا. شيئًا أسوأ بكثير من حارسنا الحجري. شيئًا كان قويًا لدرجة أنه أطاح بخمسة من أقوى المنافسين في لحظة واحدة.

شعرت بقشعريرة باردة تسري في جسدي، لا علاقة لها بالإرهاق.

"مالذي يحدث بحق الجحيم في هذه المنافسة؟!" لعنت بصوت عالٍ، وضربت بقدمي قطعة من الحارس المحطم.

"صاحب السمو؟" قال أوريون بقلق.

نظرت إليهم. إلى وجوههم المتعبة، والقلقة. لم يكن هناك وقت للصدمة. لم يكن هناك وقت للارتباك.

إذا كان هناك شيء في هذه الغابة قادر على الإطاحة بفريق كهذا، فهذا يعني أننا لسنا آمنين.

هذا يعني أن علينا أن نتحرك. بسرعة.

"لا يهم." قلت، وصوتي كان قاسيًا، وحاسمًا. "هذا أفضل لنا. منافس خطير قد خرج من الطريق. الآن، علينا أن نستغل هذه الفرصة."

نهضت، متجاهلاً الألم في صدري. "أوريون! ابحث عن أقرب فريق! لا يهمني من هم! أريد قمتهم الآن!"

تحرك أوريون بصمت، وقفز إلى قمة أحد الأبراج المنهارة.

"كاسيان، إلارا، عالجا كاستر. ليرا، استعدي طاقتك. لدينا عمل لننجزه."

بعد دقائق، عاد صوت أوريون. "وجدتها! الفريق التاسع! على بعد نصف ميل إلى الشرق، يحاولون فتح صندوق أثري بالقرب من برج الساعة القديم!"

"ممتاز."

"هيا!" صرخت، وبدأنا نركض عبر الشوارع المدمرة.

الغضب والخوف والارتباك... حولت كل هذه المشاعر إلى وقود. إذا كان هذا العالم قد جن، فسأكون أنا الملك على هذا الجنون.

وجدناهم كما وصف أوريون. الفريق التاسع، ستة طلاب، متجمعون حول صندوق حجري قديم، يحاولون فك الرونية التي تغلقه.

قمتهم القرمزية كانت مع قائدهم، شاب نحيل ذو شعر فضي، وكان يقف للحراسة، لكن انتباهه كان مشتتًا.

لم نمنحهم أي فرصة.

كان كمينًا مثاليًا.

"إلارا، ابدئي." تمتمت.

أغمضت إلارا عينيها، ووضعت يديها على الأرض. في مخيم الفريق التاسع، اهتزت الأرض فجأة، وخرج منها حارس قبور وهمي، تمامًا مثل تلك التي قاتلناها.

صرخوا وبدأوا في اتخاذ وضعية دفاعية.

"الآن!"

انطلقنا.

كانت مذبحة.

كاستر، الذي كان قد استعاد وعيه وغضبه، اندفع إلى الأمام كأنه قذيفة مدفع، وفأسه أطاح باثنين منهم قبل أن يعرفوا حتى ما الذي يضربهم.

لم يقتلهما، لكن قوة الضربة كانت كافية لتحطيم دروعهم وعظامهم، وتفعيل رون الحياة الخاص بهم على الفور.

اثنان خرجا.

ليرا أطلقت سلسلة من الصواعق الأرجوانية من الأعلى، وشكلت قفصًا من الكهرباء حول ساحرهم، وشلّت حركته.

أوريون أسقط راميهم بسهم مخدر أصابه في رقبته بدقة لا تصدق.

انقض كاسيان على مبارزهم، وسيفه الرفيع كان يرقص، ويوجه طعنات سريعة نحو نقاط الضغط، مما أجبر خصمه على التراجع والدفاع بيأس.

وبقيت أنا... مع القائد.

الشاب ذو الشعر الفضي استدار، ورأى فريقه ينهار. رأيت الرعب في عينيه، ثم حل محله العزم. استل سيفين قصيرين، واستعد للقتال.

"الأمير ثيرون!" صرخ. "هذا ليس شرفًا!"

ضحكت. "الشرف يربحه المنتصرون، يا فتى."

هاجمت.

كان سريعًا. ماهرًا. لكنه كان خائفًا. وأنا... كنت غاضبًا.

سيفي المشتعل كان يواجه نصليه الفضيين. كانت معركة من اللهب والجليد. كل ضربة مني كانت تدفعه إلى الوراء. كل هجوم له كنت أصده بسهولة.

رأيت فتحة.

راوغت تحت إحدى ضرباته، ووجهت لكمة قوية بدرعي إلى معدته.

شهق، وانحنى إلى الأمام.

استدرت، وضربته بمقبض سيفي على مؤخرة رأسه.

سقط على الأرض، فاقدًا للوعي.

انتهى الأمر في أقل من دقيقة.

وقفت ألهث، وأنا أنظر إلى الفريق التاسع المنهزم. اثنان تم استبعادهما، وأربعة فاقدون للوعي أو مصابون.

تقدمت، وأخذت القمة القرمزية من حزام قائدهم. شعرت بدفئها.

القمة الثانية.

نحن الآن في الصدارة.

"جيد." قلت لفريقي. "ألقوا بقممهم في أعمق صدع تجدونه. لا أريد أن يجدهم أي شخص آخر."

نظرت من قمة البرج المتهالك حيث كنا نقف، إلى الأنقاض التي تمتد تحتي.

لقد انتصرنا.

لكن الشعور بالرضا لم يأتِ.

صورة ذلك الفريق القوي، فريق ڤيرتون، وهو يُسحق، كانت لا تزال تطاردني.

ما هو الشيء الذي يسكن هذه الغابة؟

وما إذا... كنا نحن التاليين؟

لأول مرة في حياتي، شعرت بشيء لم أعهده من قبل.

الشك.

2025/08/13 · 44 مشاهدة · 2580 كلمة
Vicker
نادي الروايات - 2025