[منظور سايلس]

الكون كان يصرخ.

لم يكن صراخًا مسموعًا، بل كان ارتجاجًا عميقًا، أبديًا، في عظام الوجود. شعرت به في كل ذرة من كياني، في كل فكرة في عقلي.

كانت الغيوم السوداء تغطي المكان ليس كسحب، بل كجرح مفتوح في السماء، ينزف ليلًا لا ينتهي.

والمطر لم يكن ينزل، بل كان يهوي، قطرات سوداء، زيتية، تحمل في طياتها رائحة الحزن والنسيان، كانت تجلد الأرض وتغسل الدماء التي لا تعد ولا تحصى عن الجثث المتراكمة تحتي.

صوت الرعد لم يكن يدوي، بل كان يتشقق، كأنه صوت عظام عملاق سماوي تتكسر تحت وطأة ثقل لا يمكن فهمه.

والبرق لم يكن يضيء السماء، بل كان يمزقها، يفتح جروحًا بيضاء حارقة في الظلام المطلق، كاشفًا للحظات خاطفة، أبدية، عن مشهد من الجحيم الذي لا يوصف.

كنت أتقدم فوق وحوش لا تُعد ولا تحصى. جبل من الكوابيس الميتة التي قتلتها بيدي. كانت أجسادها ملتوية، مشوهة، مزيجًا مقززًا من الكايتين واللحم والظلال المتجمدة.

وجوههم كانت لا تزال تحمل تعابير الرعب الأخير، صرخات صامتة تجمدت في اللحظة التي لمسهم فيها نصلي. الدماء السوداء كانت قد شكلت أنهارًا صغيرة، لزجة، تتدفق بين الجثث، وتلتقي في برك داكنة تعكس وميض البرق المرعب.

وعندما وصلت لأعلى مكان بين الجثث المتراكمة، توقفت. كنت أقف على قمة هرم من الموت، والمطر الأسود يغسل الدماء عن وجهي وملابسي البسيطة، التي كانت ممزقة.

شعرت بالإرهاق، ليس في جسدي الذي يبلغ من العمر واحدًا وثمانين عامًا، بل في روحي التي شهدت الكثير جدًا.

في يدي، كنت أحمل سيفًا أسود به نقوشات باللون الأحمر. "قاتل الخلود". لم يكن مجرد سلاح، بل كان رفيقي، ولعنتي. نصله كان مصنوعًا من مادة أقتم من الفراغ بين النجوم، تمتص الضوء ولا تعكسه.

والنقوش الرونية الحمراء التي كانت محفورة على طول النصل لم تكن مجرد زينة. كانت تنبض ببطء، بانتظام، كقلب شيطان نائم، وتصدر وهجًا خافتًا، حارقًا، في الظلام.

وعندها رأيت شيئًا لم أره إلا مرتان.

واحدة منها عندما كنت أراقب نير في غابة خشب الفضة.

من قلب العاصفة، من بين ومضات البرق، هبط بصمت.

كان أمامي شيطان يطير وينظر إليّ. لم يكن يرفرف بجناحيه، بل كان يطفو، كأنه ثقب في الواقع اكتسب شكلاً. عيونه كانت سوداء، وبؤبؤها أحمر متوهج، كجمرتين مشتعلتين في بئر من الحبر.

جسده كان نحيلاً، رشيقًا بشكل مرعب، ومغطى بدرع أسود عضوي يبدو وكأنه جزء من جلده. وكان يمتلك ستة قرون، ثلاثة على كل جانب من رأسه، ملتفة، وحادة كشظايا زجاج السبج.

جناحاه الأسودان، اللذان كانا يشبهان جناحي خفاش جلديين، كانا مطويين خلف ظهره بأناقة ملكية.

توقف أمامي، على بعد عشرين مترًا، والمطر يتبخر إلى بخار أسود قبل أن يلامس جسده. لم يكن ينظر إليّ كعدو، بل كفضول. كعالم حشرات يدرس نوعًا جديدًا وغريبًا.

ثم تكلم، وصوته كان كصوت احتكاك آلاف الشظايا الزجاجية، حادًا، وباردًا.

"بشري؟"

الكلمة كانت تحمل في طياتها دهشة وازدراء لا حدود لهما.

رفعت سيفي ببطء، واستقر طرفه على قمة جبل الجثث. وجهي كان مليئًا بالجدية والبرود، بينما كان المطر يهطل عليّ بغزارة.

"من أنت؟"

صوتي كان هادئًا، لكنه كان يحمل ثقل كل المعارك التي خضتها، كل الأسرار التي أحملها.

ابتسم الشيطان. لم تكن ابتسامة، بل كان وجهه يتمزق ليكشف عن صفوف من الأسنان الحادة.

"أنا أزاريال. خادم الظل، وسوط-"

قاطعته، وصوتي أصبح أشد حدة.

"لا أقصد اسمك. بل أقصد، من أنت! ومع من أتيت؟ وكيف أتيت؟!"

تلاشت الابتسامة من وجه الشيطان. بدا متفاجئًا من جرأتي. ثم، رأيت شيئًا غريبًا في عينيه. وميضًا خافتًا، كأنه يجبر على الكلام. النقوش الحمراء على سيفي كانت قد توهجت للحظة.

"يمكنك أن تناديني الشيطان الخامس." قال، وصوته كان يحمل الآن نبرة من الغضب المكبوت. "لقد أتيت مع تسعة آخرين. وكيف أتيت... أتيت عن طريق سيدي."

عشرة. عشرة من هؤلاء. وسيد.

الوضع كان أسوأ مما تصورت.

"سيدك..." بدأت أسأل، لكني لم أكمل.

"يكفي أسئلة، أيها البشري الفاني!" صرخ الشيطان الخامس، والغضب يسيطر عليه. رفع إصبعه النحيل، الذي ينتهي بمخلب حاد. تجمعت في طرف إصبعه كرة صغيرة من الطاقة الحمراء، التي كانت تصدر أزيزًا عنيفًا.

قبل أن أكمل كلامي، هاجمني الشيطان بطاقة حمراء من إصبعه.

انطلق الشعاع نحوي كأنه مذنب من الجحيم، يتبخر المطر في طريقه، ويترك أثرًا من البخار الحارق.

لم أتحرك.

فقط رفعت سيفي.

بحركة بسيطة، سلسة، قطعت الشعاع بسيفي.

لم يكن هناك اصطدام. كان هناك... محو. مر النصل الأسود عبر الشعاع، وقسمه إلى نصفين، تباعدا عني.

واصلا طريقهما. بسرعة الضوء.

أحد الشعاعين ضرب أحد الجبال السوداء الشاهقة في الأفق البعيد.

لم يكن هناك انفجار. لم يكن هناك صوت.

الجبل... انهار على نفسه. لم يسقط، بل انكمش، تحول إلى غبار أسود ناعم في لحظة، وابتلعته العاصفة، كأنه لم يكن موجودًا قط.

حدق الشيطان الخامس في سيفي، ولأول مرة، رأيت الصدمة الحقيقية، والذهول، وشيئًا يشبه... المفاجئة في عينيه.

"ذلك السيف..." تمتم، وصوته كان يرتجف. "قاتل الخلود؟ معك... أنت؟"

تجاهلت سؤاله. لم يكن هناك وقت للتباهي. كنت بحاجة إلى معلومات.

"هل تمتلكون أرقامًا تدل على قوتكم؟" سألت، والنقوش على سيفي توهجت مرة أخرى بضوء أحمر خافت.

زأر الشيطان بغضب ويأس. كأنه يصارع قوة تجبره على الإجابة.

"صحيح!" صرخ.

"ممتاز."

"سأقتلك أيها البشري!" زأر الشيطان الخامس، وهذه المرة، لم يطلق شعاعًا. بل اندفع نحوي، وجناحاه الأسودان انفردا بالكامل، دافعين الهواء والمطر بعنف. تحول إلى شهاب أسود، وفي يده تشكل رمح من ظلام أحمر.

رفعت سيفي أنا أيضًا.

"فلنرَ ذلك."

تصادمنا.

لم يكن اصطدام سيفين. كان اصطدام عالمين.

في اللحظة التي لامس فيها سيفي رمحه، انفجر الواقع. موجة صدمة صامتة، بيضاء، مبهرة، انتشرت من نقطة اصطدامنا.

لم تكن مجرد قوة جسدية أو سحرية. كانت قوة تتلاعب بقوانين الوجود نفسها، تمحو كل شيء في طريقها. المكان تدمر بالكامل.

جبل الجثث، الأرض الصخرية، حتى المطر والهواء... كل شيء في دائرة قطرها ميل تبخر، تحول إلى فراغ أبيض، أملس، لا شيء فيه.

[على الشرفة الملكية، في الأكاديمية]

الكأس الكريستالي لم يتحول إلى غبار. لقد انفجر. انفجر في يد الإمبراطور ثيودور، وتناثرت شظاياه الحادة. لم يهتم. لقد دُفع هو وعرشه الذهبي إلى الخلف عدة أقدام بفعل قوة الصدمة غير المرئية.

بجانبه، ڤاليدور ڤيرتون وقف، والظلال المحيطة به كانت تلتف وتدور كإعصار أسود.

"هذه الطاقة..." تمتم، وصوته كان يحمل نبرة من عدم التصديق. "إنها... تتجاوز الرتبة السابعة."

----

----

----

[منظور سايلس]

لم يتضرر الشيطان. بقي يطفو في الهواء، محميًا بهالة من الظلام الأحمر.

أما أنا، فقد ارتطمت بالشيء الوحيد الذي تبقى.

لقد طرت للخلف عبر الفراغ الذي خلقناه، لأرتطم بالحدود بين "الواقع" و "اللاواقع". شعرت بأن ظهري يضرب جدارًا غير مرئي، جدارًا مصنوعًا من لا شيء، لكنه صلب كالأبدية.

سقطت على أرضية من الفراغ، ألهث، وأشعر بأن كل عظمة في جسدي قد تشققت.

نظرنا إلى بعضنا البعض عبر الفراغ الأبيض الصامت.

لم تكن هذه معركة.

كانت هذه... محادثة. بلغة لا تعرفها سوى السامين والشياطين.

والكلمة التالية... ستحدد مصير العالم.

[منظور نير ڤيرتون]

مر يومان.

يومان قضيتها كشبح يطوف بين عالمين. عالم اليقظة، الذي كان عبارة عن غرفة بيضاء معقمة في جناح الشفاء الخاص، حيث رائحة الأعشاب المطهرة والضوء الدافئ المنبعث من البلورات العلاجية كانا يحاولان عبثًا إصلاح جسد ممزق.

وعالم النوم، الذي لم يكن نومًا، بل كان سقوطًا متكررًا في بئر مظلمة، أرى فيها عينًا حمراء واحدة تتوهج، وأسمع صوت ارتطام جسد ديغون وهو يتلقى الضربة بدلاً مني.

كنا جميعًا في نفس الجناح، لكننا كنا في سجون منفصلة من الألم والصمت. تم وضعنا، نحن الستة، في غرفة خاصة وواسعة، على عكس الفريقين الحادي عشر والثاني عشر الذين تم وضعهم في غرف جماعية أخرى.

ربما كان هذا امتيازًا لكوننا فريق "النخبة"، أو ربما... كانوا يخشون من أن نبدأ في قتل بعضنا البعض إذا لم يكن لدينا مساحة كافية.

كانت إصابة ديغون هي الأخطر. كان يرقد على سرير سحري خاص في وسط الغرفة، وجسده الضخم مغطى بشبكة معقدة من الرونيات الخضراء المتوهجة التي كانت تعيد نسج عضلاته الممزقة وأعضائه المثقوبة ببطء مؤلم.

كان واعيًا، لكنه كان صامتًا، عيناه البنيتان تحدقان في السقف، ضائعتان في بحر من الألم الذي لم يكن ليشتكي منه أبدًا. آيلا كانت نادرًا ما تفارق جانبه، يداها الصغيرتان تتوهجان باستمرار بضوء الشفاء، ووجهها شاحب من الإرهاق.

كايلين كان على السرير المجاور لي. ذراعه كانت مثبتة في جبيرة، وجروح أخرى كانت تغطي جسده، لكنه كان يتعافى بصمت وانضباط. كان يقضي معظم وقته في التأمل، وجهه هادئ كبحيرة متجمدة، وكأنه يحاول أن يطرد شياطين الهزيمة من روحه.

سيلين كانت تجلس على سريرها بجانب النافذة، تحدق في الخارج، في السماء الزرقاء الصافية، كأنها تحاول أن تجد في هدوئها بعد ما فقدته في ذلك المستنقع الملعون.

كتفها كان مضمدًا، والجرح على خدها بدأ يلتئم، لكنه سيترك ندبة باهتة، تذكيرًا دائمًا بهذا الإذلال.

أما الشيطانة، سيرافينا، فكانت تجلس على سريرها بأناقة لا تشوبها شائبة، كأنها في قاعة استقبال ملكية وليست في مستشفى.

كانت تقرأ في كتاب ذي غلاف جلدي داكن، وتقلب صفحاته ببطء، ولم يظهر على وجهها الملائكي أي أثر للمعركة، باستثناء ذلك البريق البارد، الحاد، في عينيها.

ساد هذا الصمت المطبق ليومين كاملين. صمت أثقل من أي صراخ. صمت الهزيمة، واللوم المكبوت.

لكن في ظهر اليوم الثاني، انكسر الصمت.

لقد كنت أنا من كسره.

لم أعد أحتمل. صورة ديغون وهو يسقط، وصوت الإعلان البارد وهو يعلن استبعادنا، وذلك الشعور الحارق بالظلم... كل هذا كان يغلي في داخلي.

جلست في سريري، ونظرت إليهم. نظرت إلى وجوههم المتعبة، الصامتة.

"لو أنكم فقط استمعتم لي."

الكلمات خرجت مني، ليس كصراخ، بل كهمس بارد، حاد، مليء بالمرارة.

رفعت كل الرؤوس. حتى ديغون أدار رأسه ببطء نحوي.

"عفواً؟"

صوت سيرافينا الناعم كان أول من رد، وهي تخفض كتابها ببطء، لكن عينيها كانتا لا تزالان مثبتتين على الصفحة.

"قلت، لو أنكم استمعتم إليّ، لما كنا هنا الآن." كررت، وصوتي اكتسب حدة. "لقد أخبرتكم أنه فخ!. لقد صرخت بذلك. لكن لا... غطرستكم، وشكوككم، كانت أهم من المنطق."

"المنطق؟" ردت سيرافينا أخيرًا، ورفعت عينيها الرماديتين نحوي.

لم يكن فيهما غضب، بل تسلية باردة.

"هل تسمي ذلك 'منطقًا'، لورد ڤيرتون؟ كل ما سمعته كان صرخة ذعر، وتحذيرًا غامضًا لا أساس له. القائد الحقيقي لا يكتفي بالتحذير من الخطر، بل يقدم خطة بديلة. هل كانت لديك خطة؟ أم أنك كنت تنوي فقط أن نختبئ في الطين بينما يفوز الآخرون؟"

شعرت بالدم يندفع إلى وجهي. لقد طعنتني في أكثر نقطة تؤلم.

"ظلامك... قد أعاقني عدة مرات."

صوت سيلين الجليدي قاطع قبل أن أرد. كانت لا تزال تنظر من النافذة، لكن كلماتها كانت موجهة إليّ كشظايا من الصقيع.

"لقد خلقت فوضى غير ضرورية. برك الظل التي خلقتها أعاقت حركتي، وحجبت رؤيتي. كنت تقاتل لنفسك، وليس للفريق."

"وذلك الضباب الجليدي الذي أطلقتيه؟!" انفجرت غاضبًا، ولم أعد أهتم. "بسببه لم أتمكن من رؤية المهاجم الذي كان على يميني! بسببه أصبت في ساقي!"

"كان ذلك ضروريًا لإنقاذ كايلين!" ردت بحدة، والتفتت نحوي أخيرًا، وعيناها الياقوتيتان تشتعلان بغضب بارد.

"وكان ظلامي ضروريًا لإنقاذه هو الآخر في المتاهة!" رددت، ووقفت على قدمي، متجاهلاً الألم الخفيف في جسدي.

"النقاش طويل ولن ينتهي."

صوت كايلين الهادئ، العميق، كان كصخرة سقطت في بحر هائج. كان قد فتح عينيه، وكان ينظر إلينا بهدوء مخيف.

"اللوم لن يغير حقيقة أننا فشلنا. فشلنا لأننا لم نكن فريقًا. كنا ستة أفراد أنانيين، كل منا يظن أنه الأذكى، والأقوى. هذه هي الحقيقة. تقبلوها."

"أرجوكم، توقفوا!" صوت آيلا المرتجف كان كأنه بكاء. "اللقد بذلنا جميعًا قصارى جهدنا! القتال... كان صعبًا جدًا..."

"قصارى جهدنا لم يكن كافيًا!" صرخت فيها، وفقدت السيطرة. "لأن 'قصارى جهدنا' كان فوضوياً، وغبياً!"

كنت على وشك أن أقول المزيد، أن أفرغ كل إحباطي، كل غضبي.

وقبل أن نكمل، حدث ذلك.

لم يكن صوتًا. لم يكن اهتزازًا.

كان... شعورًا.

قوة مرعبة، كانت خفيفة، لكنها مرعبة جدًا.

بدأ الأمر كضغط خفيف، غير محسوس، على صدري. ثم، انتشر في كل كياني. شعور مفاجئ بالدوار، كأن العالم قد مال قليلاً عن محوره. الهواء في الغرفة أصبح ثقيلاً فجأة، وباردًا بشكل لا يصدق.

البلورات العلاجية فوق أسرتنا، التي كانت تتوهج بضوء دافئ، ومضت بعنف، ثم خفت ضوؤها ليصبح كشعلة شمعة واهنة.

الأكواب الزجاجية على الطاولة بجانب سرير ديغون ارتجفت، وأصدرت صوت أنين خافت، عالي التردد.

"ما... هذا؟" تمتمت سيلين، وهي تنظر حولها بقلق.

أمسكت برأسي. "عين الحقيقة" كانت تصاب بالجنون. لم تكن تريني هالات، بل كانت تريني ضجيجًا أبيض، ستاتيك، كأن نسيج الواقع نفسه يتعرض لتداخل عنيف. وشعرت به. ضغط روحي هائل، بعيد، لكنه قوي بشكل لا يصدق.

كان كالشعور الذي تحس به قبل أن يضرب البرق بجانبك مباشرة، لكنه مضروب في مليون.

كان إحساسًا بالرهبة المطلقة. إحساس بوجود كائنات، قوى، في هذا العالم، تجعل صراعاتنا، ومنافساتنا، تبدو تافهة كشجار أطفال في ساحة اللعب.

استمر الأمر لخمس ثوانٍ فقط. خمس ثوانٍ بدت كأنها أبدية.

ثم، اختفى.

عاد الهواء إلى طبيعته. عادت البلورات لتتوهج بقوة. توقفت الأكواب عن الاهتزاز.

لكننا... لم نعد إلى طبيعتنا.

ساد صمت مطبق في الغرفة. صمت مختلف تمامًا. لم يعد صمت غضب أو لوم. بل كان صمت الرهبة، والصدمة المشتركة.

نظرنا إلى بعضنا البعض. لأول مرة، رأيت الخوف الحقيقي في عيني سيرافينا. رأيت الذهول في وجه كايلين. رأيت الرعب النقي في عيني آيلا.

لقد شعرنا به جميعًا.

لقد لمسنا، للحظة خاطفة، حافة هاوية لم نكن نعرف بوجودها.

"ماذا... ماذا كان ذلك بحق الجحيم؟" تمتم كايلين، وصوته كان يحمل نبرة من الرهبة لم أسمعها فيه من قبل.

لم يكن لدى أحد إجابة.

لكنني كنت أعرف شيئًا واحدًا.

خلافاتنا، هزيمتنا، هذه الأكاديمية بأكملها... كل هذا لم يعد مهمًا.

هناك لعبة أكبر بكثير تُلعب في الظل.

ونحن... لسنا حتى بيادق فيها.

نحن مجرد الغبار... الذي يتطاير عندما تتحرك القطع الحقيقية.

2025/08/14 · 57 مشاهدة · 2073 كلمة
Vicker
نادي الروايات - 2025