[منظور كايلين]
الصمت كان أول ما استقبلني، لكنه لم يكن صمتًا فارغًا. كان صمتًا رنانًا، موسيقيًا. صوت آلاف الأجراس الزجاجية الصغيرة وهي ترن بلطف مع نسيم لا يمكن الشعور به.
فتحت عيني. لم أكن على شاطئ أسود، ولا في أنقاض صامتة.
كنت أقف في قلب حلم من الكريستال.
"غابة الأبراج البلورية".
الاسم تردد في ذهني، من ذاكرة دراسة قديمة. إحدى المناطق الأسطورية في جزيرة السيادة.
كان المشهد... جميلاً بشكل يخطف الأنفاس. ومرعبًا بشكل مطلق.
لم تكن هناك أشجار بالمعنى الحرفي. بدلاً منها، كانت ترتفع من الأرض أبراج شاهقة، رفيعة، مصنوعة من كريستال صافٍ وشفاف، تتلألأ وتعكس ضوء السماء الرمادية الباهتة في آلاف الألوان المتراقصة.
كانت الأرض تحت قدمي ليست ترابًا، بل كانت طبقة سميكة من شظايا الكريستال المكسور، التي كانت تطقطق تحت حذائي مع كل خطوة، كأنني أمشي على عظام زجاجية.
الهواء كان باردًا، وحادًا، ويحمل رائحة نظيفة، معدنية، كرائحة الأوزون بعد عاصفة رعدية عنيفة.
هذا المكان... لم يكن غابة. كان فخًا. فخًا جميلاً ومميتًا. كل سطح كان مرآة. كل شظية على الأرض كانت شفرة. كل هبة ريح كانت تعزف لحنًا يشتت الحواس. التحرك هنا بتهور كان يعني تمزيق جسدك إلى أشلاء.
وقفت في مكاني لدقائق طويلة، لا أتحرك. لم أكن خائفًا. كنت أدرس. أحلل.
عقلي، الذي تم تدريبه لسنوات على قراءة لغة القتال، كان يقرأ الآن لغة هذا المكان. رأيت مسارات آمنة بين الشظايا. رأيت الزوايا التي يمكن استخدامها للاختباء، والأسطح التي يمكن استخدامها لخداع الخصم بالانعكاسات.
هذا المكان لم يكن مصممًا للمقاتلين الذين يعتمدون على القوة الغاشمة مثل ديغون، ولا للسحرة الذين يحتاجون إلى مساحة لإطلاق العنان لقواهم مثل سيلين.
هذا المكان... كان مصممًا للمبارزين.
كان ملعبي.
بدأت في التحرك. لم تكن خطوات، بل كانت انسيابًا. جسدي كان يتحرك برشاقة منضبطة، قدمي تلامسان الأرض بخفة، أتجنب الشظايا الحادة، وأستخدم الأبراج البلورية كغطاء. كنت كشبح رمادي، ينساب عبر عالم من الضوء المحطم.
لم أكن أبحث عن الوحوش. كنت أعرف أنها ستجدني. في مكان كهذا، المفترس الحقيقي هو من يتقن فن الصبر.
بدأت تدريبي.
لكنه لم يكن تدريبًا بالمعنى التقليدي.
وقفت في فسحة صغيرة، محاطًا بثلاثة أبراج بلورية ضخمة. أغمضت عيني.
عدت إلى ذلك الفراغ.
تلك الصحراء السوداء في برج الأوهام. تذكرت هزيمتي. تذكرت ذلك "الأنا" الفارغ الذي سحقني، ليس بالقوة، بل بالكمال.
"جوهر السيف... هو في الفراغ."
كنت أحاول أن أجد ذلك الفراغ مرة أخرى. أن أفرغ عقلي من كل شيء. من المنافسة، من النقاط، من نير، من والدي.
أن أصبح... مجرد سيف.
لم يكن الأمر سهلاً. كلما حاولت إفراغ عقلي، كانت الأفكار تتسلل. صورة وجه نير وهو يطلق ذلك الظلام الفوضوي. صورة سيلين وهي تقاتل. صورة والدي، وذلك التعبير الخائب الذي لا يفارق ذاكرتي.
"التركيز."
أمرت نفسي.
تنفس. شهيق. زفير.
ببطء، بدأ ضجيج العالم الداخلي يخفت.
لم يتبق سوى... صوت الرنين.
رنين البلورات من حولي. لم أعد أسمعه بأذني، بل شعرت به. اهتزاز نقي، واضح، يتردد في الهواء، في الأرض، وفي عظامي.
أصبحت جزءًا من اللحن.
عندما فتحت عيني، كان العالم مختلفًا.
لم أعد أرى مجرد أبراج بلورية. كنت أرى شبكة من الضوء والانعكاسات. كنت أرى كل زاوية، كل شق، كل شظية، ليس كأشياء منفصلة، بل كجزء من كل واحد متناغم.
ورأيته.
كان هناك، على بعد عشرين مترًا، يلتصق بأحد الأبراج. كان غير مرئي تقريبًا. جسده كان مصنوعًا من نفس الكريستال الشفاف، يعكس ويحرف الضوء من حوله كأنه مجرد تشوه في الهواء. لولا تلك الحالة من "الفراغ" التي وصلت إليها، لما لاحظته أبدًا.
كان "المتسلل البلوري". مخلوق من الرتبة الثانية.
كان يشبه فرس النبي، لكن بحجم إنسان، وذراعاه الأماميتان كانتا منجلين ضخمين، مصنوعين من كريستال حاد كشفرات الحلاقة. كان يقف بلا حراك، ينتظر فريسة غافلة.
لم أتحرك.
انتظرت.
هو كان صيادًا. وأنا كنت صيادًا.
كانت لعبة صبر.
مرت عشر دقائق. عشرون.
لم يرمش أي منا.
ثم، ارتكب هو الخطأ الأول.
تحرك قليلاً، ربما بسبب نفاد الصبر. حركة صغيرة جدًا، تغيير طفيف في الانعكاس.
لكنها كانت كافية.
اندفعت.
لم يكن اندفاعًا صاخبًا. كنت كريح صامتة.
في اللحظة التي تحركت فيها، شعر بي. استدار بسرعة لا تصدق، ومنجلاه البلوريان أهويا نحوي.
بدأت الرقصة.
كانت معركة من الضوء والسرعة.
كلااانغ!
اصطدم سيفي بمنجله. لم تكن هناك شرارات فولاذية، بل انفجار من الضوء المتشظي، وصوت رنين حاد، مؤلم، كسر زجاج كاتدرائية.
كان سريعًا وقويًا. كل ضربة كانت تهدف إلى قطع رأسي، أو شق صدري.
لكنني... كنت في حالة الفراغ.
جسدي كان يتحرك من تلقاء نفسه. لم أكن أفكر. "صد. راوغ. اقطع."
كنت أرى هجماته ليس فقط بعيني، بل من خلال الانعكاسات التي لا تعد ولا تحصى على الأبراج من حولنا. كنت أراه من كل زاوية في نفس الوقت.
كانت معركة سريالية، تدور في غابة من المرايا.
جرحني.
في خضم إحدى المراوغات، خدش منجله درعي الجلدي عند الضلوع. شعرت بألم حارق، حاد. نظرت إلى الأسفل، ورأيت جرحًا نظيفًا، عميقًا، والدم بدأ يسيل، أحمر قانياً، على الكريستال الشفاف تحت قدمي.
كانت الدماء تبدو كأزهار قرمزية تتفتح على جليد نقي.
الألم... أعادني إلى الواقع للحظة.
استغل المتسلل تلك اللحظة. ضغط بهجومه، وأجبرني على التراجع.
ضربة تلو الأخرى، كنت أصدها بصعوبة.
"اللعنة!" صرخت في عقلي. "لقد فقدت الفراغ!"
كنت أقاتل الآن بمهارتي فقط. وكانت بالكاد كافية.
حاصرني أمام جدار بلوري ضخم. لم يعد هناك مكان للمراوغة.
رفع منجليه معًا، ليوجه الضربة القاضية.
أغمضت عيني.
"الفراغ..."
تخليت عن كل شيء. عن الخوف. عن الألم. عن الرغبة في الفوز.
عدت إلى ذلك الصمت.
عندما فتحت عيني، كان المنجلان على بعد بوصة واحدة من وجهي.
لم أحاول صدهما.
انحنيت إلى الخلف، حركة مستحيلة، كأن عمودي الفقري قد اختفى.
مر المنجلان من فوقي، واصطدما بالجدار البلوري خلفي.
تشقق الجدار.
وفي تلك الثانية التي كان فيها ذراعاه عالقين في الكريستال، هاجمت.
لم أستهدف رأسه، أو صدره.
استهدفت ساقيه الرفيعتين، الهشتين.
بحركة أفقية واحدة، سريعة وصامتة، قطعت ساقيه الست.
انهار على الأرض، عاجزًا، وهو يطلق صريرًا حادًا من الألم والغضب.
وقفت فوقه، وأنا ألهث.
نظرت في عينيه المركبتين، اللتين كانتا تعكسان صورتي آلاف المرات.
لم أرَ فيهما كراهية.
رأيت فقط... فراغًا.
فراغًا يشبه فراغي.
"شكرًا لك." تمتمت. "لقد علمتني شيئًا."
وأنهيت معاناته بضربة واحدة، نظيفة، في رأسه.
تحطم جسده إلى آلاف الشظايا البلورية، التي تناثرت على الأرض كغبار من الماس.
لم يتبق منه سوى... قلبه.
جوهرة سوداء صغيرة، بحجم قبضة اليد، كانت تنبض بضوء خافت. لم تكن جوهرة روحية. كانت شيئًا آخر. مادة خام، تستخدم لصنع أسلحة سحرية.
التقطتها، ووضعتها في حقيبتي.
نظرت إلى ساعة النقاط. كانت لا تزال صامتة.
"أربع نقاط." تمتمت. "بداية جيدة."
نظرت إلى الجرح في خاصرتي. كان لا يزال ينزف.
مزقت قطعة من ردائي، وضمدته.
الألم كان حادًا، لكنه كان ألمًا جيدًا.
كان تذكيرًا.
تذكيرًا بأنني حي.
وأنني... قد بدأت للتو.
استدرت، ونظرت أعمق في غابة المرايا.
لم أعد أرى فخًا.
رأيت... دوجو.
أعظم دوجو تدريبي في العالم.
وكنت أنا... تلميذه الوحيد.
وابتسمت.
ابتسامة هادئة، باردة، كسطح بحيرة متجمدة في ليلة بلا قمر.
الصيد... كان ممتعًا.
....
....
....
في مكان ما تحت الأرض
الهواء كان ثقيلاً، حارًا، ومشبعًا برائحة الفولاذ المحترق، والأوزون الحارق، والهمسات المكتومة لآلاف التعاويذ. لم يكن هذا قبوًا بسيطًا، بل كان عالمًا سفليًا، شريانًا صناعيًا ينبض في أحشاء الأرض.
كانت قاعة هائلة، تمتد لأميال في كل اتجاه، سقفها يختفي في ظلام لا تخترقه إلا الأضواء الساطعة المنبعثة من الأسفل. كانت هناك مجموعة كبيرة من السحرة والبشر الذين يعملون بلا كلل.
سحرة يرتدون أردية سوداء واقية، وجوههم مغطاة بأقنعة من زجاج داكن، كانوا يقفون فوق منصات حجرية، ويرسمون في الهواء رونيات معقدة كانت تتوهج بضوء أرجواني وأخضر، ثم تنزل لتستقر على شفرات سيوف ضخمة، أو دروع غريبة الشكل.
بجانبهم، كان هناك عمال مفتولو العضلات، أجسادهم مغطاة بالعرق والرماد، يطرقون بمطارقهم على معادن لم تكن موجودة في الطبيعة، معادن سوداء كليل لا قمر فيه، وحمراء كدم متخثر. كل ضربة مطرقة كانت تطلق وابلًا من الشرارات التي كانت تتراقص في الهواء المظلم وتموت.
كان المكان سيمفونية من الجحيم الصناعي. صوت صرير المعادن، وهمهمة الطاقة السحرية المركزة، وصراخ المشرفين، كلها امتزجت لتخلق ضجيجًا يصم الآذان، ضجيجًا يوحي بأن شيئًا هائلاً، ومرعبًا، يتم بناؤه هنا، في سرية تامة.
فجأة، في خضم هذه الفوضى المنظمة، انطلق صوت أعلى من كل الأصوات الأخرى. صوت مليء بالهلع والاحترام المطلق.
رجل مغطى بعباءة سوداء كان يركض بين العمال، ويتعثر في الكابلات السحرية المتوهجة على الأرض.
"افسحوا الطريق! افسحوا الطريق!" صرخ. "إن اللورد مالاكور قادم!"
تجمد كل شيء.
في لحظة واحدة، توقف صوت المطارق. خفت همهمة الرونيات. صمتت الصرخات.
انحنى كل ساحر، وكل عامل، على ركبهم، ورؤوسهم مطأطئة نحو الأرض، كأنهم سجادة من العبيد تنتظر مرور سيدها.
ساد صمت مطبق، أثقل وأشد رعبًا من أي ضجيج.
ومن البوابة الضخمة في أقصى نهاية القاعة، بوابة مصنوعة من حجر البازلت الأسود، دخل هو.
اللورد مالاكور.
كان حضوره يملأ الفراغ. لم يكن مجرد رجل، بل كان تجسيدًا للحرب.
كان يرتدي درعًا معدنيًا أسود لامعًا يُغطي كامل الجسم، مع تصميم معقد يتضمن تفاصيل حادة وزخارف تبرز القوة والصلابة. كل صفيحة درع كانت مصقولة كمرآة سوداء، تعكس أضواء القاعة المتوهجة بشكل مشوه، كأنها تبتلع الضوء نفسه.
على رأسه، كانت هناك خوذة تغطي الوجه بالكامل، وتتمتع بسطح معدني لامع، مع مظهر غامض يبرز من خلال عيون مضيئة باللون البنفسجي، التي كانت تتوهج بشكل غامض ومخيف.
خطواته كانت ثقيلة، وموزونة. مع كل خطوة، كان صوت احتكاك معدن بمعدن يتردد في الصمت، كأنه قرع طبول حرب قادمة. يده اليمنى كانت تمسك بسيف ضخم، كان مسندًا على كتفه.
لم يكن مجرد سيف، بل كان قطعة من ليلة مرصعة بالنجوم. كان السيف ذا نصل عريض حاد مع لامع معدني، يبدو كأنه مصنوع من مادة غير عادية، ويعكس الألوان البنفسجية والزرقاء بشكل مذهل مع كل حركة.
سار عبر الممر الذي أفسحه له العمال الراكعون. لم ينظر إليهم. لم يعترف بوجودهم حتى.
عندما وصل إلى المنصة المركزية المرتفعة، توقف. وفي تلك اللحظة، أطلق طاقة من الإيترا، طاقة رجل من الرتبة السابعة.
لم تكن انفجارًا. كانت ضغطًا. ضغطًا هائلاً، غير مرئي، هبط على القاعة بأكملها، جعل الهواء أثقل، وجعل حتى ظلال الأعمدة تبدو وكأنها ترتجف من الخوف. كل من في القاعة كان قد حبس أنفاسه، خوفًا من أن يجذب انتباهه.
تكلم، وصوته كان عميقًا، ومعدنيًا، مشوهًا بسبب الخوذة، كأنه صوت غولم يتحدث من أعماق الأرض.
"لقد وصلتني رسالة." قال، والكلمات كانت موجهة إلى الظلام، وإلى الجميع، وإلى لا أحد. "'السادس' قد أرسل قائمة جديدة."
سرت رعشة جماعية بين السحرة الراكعين.
"أربعة أهداف. أربعة شذوذات يجب التعامل معها."
صمت للحظة، كأنه يقرأ من قائمة غير مرئية.
"أقواهم، وأخطرهم، والذي حذرنا 'السادس' من الاقتراب منه بأي طريقة إلا بأمر مباشر... رجل عجوز يدعى سايلس."
لم يكن هناك أي رد فعل من العمال. لم يعرفوا هذا الاسم. ولكن كان هنالك بعض السحرة الكبار يرتجفون بشكل واضح.
"'السادس' أطلق عليه لقبًا." تابع مالاكور، وصوته المعدني كان يحمل لمسة من شيء يشبه... الفضول الحذر. "'عمود البشرية'."
الاسم هبط في الصمت كنيزك. عمود البشرية؟ ماذا يعني هذا بحق الجحيم؟
"الهدف الثاني..." أكمل مالاكور. "نير ڤيرتون."
هذه المرة، كانت هناك همهمة مكتومة. اسم معروف. وريث دوقية الظلال. الفائز المفاجئ في برج الأوهام.
"مجرد فتى. لكن 'السادس' يراه تهديدًا محتملاً. سيتم مراقبته."
وقبل أن يذكر الثالث، قاطعه صوت.
لم يكن صوتًا عاليًا. كان صوتًا ناعمًا، موسيقيًا، لكنه قطع ضجيج الصمت كشفرة من الحرير.
"أوه، مالاكور. دائمًا ما تكون جادًا جدًا في اجتماعاتك."
التفت الجميع، بمن فيهم أنا، نحو مصدر الصوت.
لم تكن هناك. ثم، أصبحت هناك.
في زاوية من المنصة، حيث لم يكن هناك سوى ظل عميق، تكثف الظل، ونسج نفسه، وخطت منه امرأة.
كانت تحفة فنية من الرعب والفخامة.
كانت ترتدي قناعًا عبارة عن هيكل عظمي مميز، يتسم بقالب من الجمجمة البيضاء يتخلله نقوش وتفاصيل ذهبية معقدة تتشابك وتلتف حول العظام، مما يمنحها مظهرًا فنيًا فخمًا ومرعبًا في آنٍ واحد.
العين اليمنى تتوهج بضوء أزرق سماوي ساطع، في حين أن العين اليسرى كانت مجرد فجوة سوداء، فارغة، تمتص الضوء.
فوق رأسها، كانت ترتدي قبعة سوداء واسعة الحجم، مزينة بنفس النقوش الذهبية المعقدة. وكانت ترتدي رداءً فخمًا من الدانتيل الأسود ينساب بشكل أنيق، مع تفاصيل ذهبية تزين الأكتاف والصدر. كانت تتزين بأقراط طويلة من اللؤلؤ الأسود، وقلادة ذهبية تحمل حجر ياقوت أزرق ضخمًا، يتناسب مع لون عينها المتوهجة.
كانت ليدي فيسبيريا.
استدار لورد مالاكور ببطء ليواجهها. جسده الضخم، مقارنة بجسدها النحيل، كان كجبل بجانب شجرة صفصاف.
"فيسبيريا." قال، وصوته كان يحمل نبرة من الانزعاج الواضح. "ما الذي أتى بكِ إلى مصهري؟"
ضحكت فيسبيريا ضحكة خفيفة، رنانة، لكنها كانت باردة كضحكة شبح. "مصادفة فقط، يا عزيزي مالاكور. مصادفة بحتة." قالت، وهي تتجول على المنصة، وتمرر أصابعها ذات القفاز الدانتيل على أحد أعمدة التحكم الرونية.
"كنت في جولة تفقدية لأنفاقي السفلية، وسمعت صوتك الجهوري. لم أستطع مقاومة إلقاء التحية."
"لا توجد مصادفات في عالمنا، فيسبيريا. وأنتِ تعرفين ذلك جيدًا."
"ربما." قالت، وتوقفت، ونظرت إليه من خلال قناعها. "وربما 'السادس' لديه خطط لا تعرفها حتى أنت. ألم يذكر لك الهدفين الثالث والرابع؟ أنا متأكدة من أنهما سيكونان مثيرين للاهتمام."
ساد صمت متوتر بينهما. كان صراع إرادات بين قوتين عظيمتين. المحارب المطلق، والمتآمرة المطلقة.