[منظور نير ڤيرتون]

قاعة الانتظار، ذلك القفص الذهبي الفاخر الذي أصبح الآن مسرحًا للناجين.

الهواء كان لا يزال مشحونًا بصدى المعارك التي انتهت للتو.

رائحة الأوزون الحارق من سحر ليرا، والبرودة الخفيفة التي خلفتها سيلين، والغبار الذهبي للساحة الذي تعلق بملابس الجميع.

​جلست في زاويتي، وأسندت رأسي إلى الجدار الحجري البارد، وأغلقت عيني.

جسدي كان يصرخ من الإرهاق. معركتي مع كاستر، رغم أنها انتهت بانتصاري، إلا أنها استنزفتني. ذلك الظلام الشيطاني الذي أطلقته، لم يكن مجرد سحر أستدعيه وأصرفه.

كان يأخذ قطعة مني مع كل استخدام، قطعة من طاقتي، من روحي، ويترك وراءه فراغًا باردًا، مؤلمًا.

​الأطباء كانوا قد عالجوا جروحي السطحية، لكن الإرها-ق العميق، وذلك الألم المكتوم في عضلاتي، كانا لا يزالان هناك.

​فتحت عيني، ونظرت إلى شاشة البلورة العملاقة. كانت تعرض الآن إعادة لانسحاب آيلا المحيّر.

الحشود في المدرجات كانت لا تزال تتهامس، والنظرات التي كانت تُلقى على آيلا، التي كانت تجلس في زاوية بعيدة في القاعة، كانت مزيجًا من الازدراء والارتباك.

تجاهلتها. لم تعد تهمني. لقد أدت دورها في الرواية، وخرجت من طريقي. وهذا كل ما يهم.

​تذكير من الراوي: لقد خسرت ليرا فيكس وآيلا ولم يتأهلا للدور ربع النهائي.

الناجون الثمانية هم: كايلين، سيرافينا، نير، سيلين، ديغون، ثيرون، بالإضافة إلى فائزين آخرين من مباريات لم يتم عرضها بالتفصيل.

​"المباراة التالية!" دوى صوت الحكم مرة أخرى، قاطعًا ضجيج الهمسات.

"أوريون من بيت 'الصقر الليلي'! ضد... السير جريجور من بيت 'القبضة الحديدية'!"

​انحنيت إلى الأمام قليلاً، والاهتمام بدأ يتسلل عبر ضباب إرهاقي. أوريون، ذلك القناص الصامت الذي كان جزءًا من فريق ثيرون.

والسير جريجور، مبارز ضخم، معروف بدرعه الثقيل وقوته الغاشمة، يشبه نسخة أقل قوة من ديغون.

​كانت معركة كلاسيكية. السرعة ضد القوة. المسافة ضد القرب.

​بدأت المبارزة.

اندفع جريجور إلى الأمام كالثور الهائج، ومطرقته الحربية الضخمة تترك أثرًا مشوشًا في الهواء. لكن أوريون لم يكن هناك.

كان يتحرك برشاقة، كراقص شبحي، يطلق سهمًا تلو الآخر من قوسه الطويل المصنوع من خشب الأبنوس.

​لم تكن سهامًا عادية. بعضها كان ينفجر في سحابة من الدخان الكثيف، يحجب رؤية جريجور.

وبعضها كان يطلق شبكة من الطاقة اللزجة، تبطئ حركته. وبعضها الآخر كان يحمل رؤوسًا حادة، تستهدف الفجوات الصغيرة في درعه الثقيل.

​كانت معركة صبر، ودقة. استمرت لعشر دقائق طويلة، مرهقة.

جريجور كان يزأر بغضب، ويحطم الأرض من حوله، لكنه لم يستطع أبدًا الاقتراب من أوريون، الذي كان ينهكه ببطء، كأنه صياد يطارد فريسة ضخمة.

​أخيرًا، ارتكب جريجور خطأً. في نوبة من الغضب، أهوى بمطرقته في ضربة يائسة، تركته مكشوفًا لجزء من الثانية.

​وفي تلك اللحظة، كان سهم أوريون جاهزًا. لم يكن سهمًا عاديًا. كان يتوهج بضوء أزرق باهت.

انطلق السهم بصمت، واخترق الفجوة في خوذة جريجور، وأصابه في كتفه. لم يكن جرحًا مميتًا، لكن السهم انفجر في موجة من الطاقة المخدرة.

​انهار السير جريجور على الأرض، فاقدًا للوعي.

"الفائز... هو أوريون!"

​فوز هادئ، ومحسوب، وفعال. نظرت إلى أوريون وهو يغادر الساحة، ووجهه لا يزال خاليًا من أي تعبير.

لقد أضفته إلى قائمتي الذهنية للأشخاص الذين يجب الحذر منهم.

​المباراة الأخيرة في الدور الأول كانت بين امرأتين. برينا من "الحرس الحجري"، وهي مبارزة ذات درع ثقيل وسيف ضخم، تشبه نسخة أنثوية من كاستر.

وخصمتها كانت ساحرة عنصرية من بيت "العاصفة"، فتاة صغيرة، حماسية، تدعى ليليان.

​كانت معركة أخرى من التناقضات. ليليان كانت تطلق العنان لوابل من الصواعق، وكرات النار، وشفرات الرياح. وبرينا... كانت تقف.

​كانت تقف خلف درعها البرجي الضخم، وتتلقى كل الهجمات. كان درعها مسحورًا، يمتص جزءًا كبيرًا من طاقة التعاويذ.

وكل ما كان يخترق الدرع، كانت تتلقاه بجسدها، دون أن تتزحزح. كانت صخرة. جدارًا لا يمكن تحريكه.

​استمرت ليليان في هجومها لدقائق طويلة، حتى بدأت طاقتها السحرية تنفد. وجهها أصبح شاحبًا، وتعويذاتها أصبحت أضعف.

​وعندما كانت تلهث، وتستعد لإلقاء آخر تعويذة لديها... تحركت برينا.

​بخطوة واحدة، ثقيلة، إلى الأمام.

ثم أخرى.

كانت تتقدم ببطء، وثبات، ودرعها مرفوع، كأنها آلة حصار.

​أطلقت ليليان آخر كرة نارية لديها. اصطدمت بالدرع، وتلاشت.

وصلت برينا إليها.

لم تستخدم سيفها.

بل ضربتها بدرعها.

طارت ليليان في الهواء، وسقطت خارج حدود الساحة، فاقدة للوعي.

​"الفائزة... هي برينا!"

​انتهى الدور الأول.

ثمانية فائزين. ثمانية ناجين.

كايلين، سيرافينا، أنا، سيلين، ديغون، ثيرون، أوريون، وبرينا.

​ظهرت لوحة القرعة مرة أخرى.

بدأت الأسماء تتراقص. قلبي كان يدق بقوة. من سيكون خصمي التالي؟

​توقفت الأسماء.

نظرت إلى اللوحة. وشعرت بالدم يهرب من وجهي.

​نير ڤيرتون ضد ديغون ستونهاند.

​اللعنة.

اللعنة على حظي الأسود.

​من بين كل الخصوم المحتملين... كان عليّ أن أواجه الجبل. الدرع البشري.

الرجل الذي رأيته يقاتل ماغنوس أيرونجو بأيديه العاريتين وينتصر.

الرجل الذي تلقى ضربة مباشرة من "الناحب الشاحب" ونجا.

​نظرت عبر القاعة. كان ديغون يجلس في زاويته، وظهره مستقيم كالعادة.

لم يكن ينظر إليّ. كان ينظر إلى اللوحة، وعيناه البنيتان هادئتان. ثم، أدار رأسه ببطء، والتقيت بنظراته.

لم تكن نظرة عدائية. كانت نظرة... حتمية. إقرار صامت بأن أحدنا سيقصي الآخر.

أومأ برأسه إيماءة خفيفة، ثم عاد لينظر إلى الأمام.

​شعرت بموجة من اليأس، باردة، ولزجة، تغمرني. كيف؟ كيف بحق الجحيم سأهزم هذا الشيء؟ قوتي البدنية لا شيء مقارنة به.

سحري الظلامي فوضوي وغير موثوق. وسيفي... سيفي العادي سيتحطم على جسده الذي يشبه الصخر.

​كل حيل التسلل والمراوغة التي استخدمتها ضد كاستر... هل ستجدي نفعًا ضد رجل يستطيع أن يشعر باهتزازات الأرض نفسها؟

​"لا..." تمتمت. "لا يمكنني الفوز."

​شعرت برغبة عارمة في الهروب. ليس فقط من المباراة، بل من كل شيء. من هذه الأكاديمية، من هذا العالم، من هذا الجسد.

​"أتمنى لو أنني أستطيع أن أرتاح،" فكرت، واليأس كان يلتهم روحي.

"أتمنى لو أستطيع أن أرتدي القناع وأختفي فقط. أن أصبح شبحًا، وأراقب كل هذا من بعيد، دون أن أضطر للمشاركة."

​فكرة القناع كانت مغرية كأغنية حورية بحر. أن أختفي. أن أتلاشى. أن أضع حدًا لهذه المعاناة التي لا تنتهي.

​"لكن ذلك القناع سيقتلني قبل أي شيء آخر."

​الحقيقة الباردة، القاسية، صفعتني كريح جليدية. تذكرت ذلك الإحساس.

إحساس روحي وهي تُمتص، تُستنزف. القناع لم يكن مخرجًا. كان مجرد نوع آخر من الموت، أبطأ، وأكثر تعذيبًا.

​أنا محاصر.

محاصر بين جبل لا يمكن تحريكه، ومصير لا يمكن الهروب منه.

​نظرت إلى اللوحة مرة أخرى، إلى اسمي بجانب اسمه.

ديغون... الرجل الذي ضحى بنفسه من أجلي. الرجل الذي أدين له بحياتي.

والآن... عليّ أن أقاتله.

​يا لها من سخرية مريضة. يا لها من حبكة ملتوية.

​أغمضت عيني، وأسندت رأسي إلى الجدار، وشعرت بأنني أغرق في محيط من اليأس.

لم تكن هناك أي خطة. لم يكن هناك أي أمل.

​فقط... حقيقة أنني سأدخل تلك الساحة مرة أخرى.

وأنني، على الأغلب... لن أخرج منها منتصرًا.

...

...

...

​مرت ليلة، ويوم، وليلة أخرى.

​كنت حبيس جناحي، حبيس عقلي، حبيس هذا الصمت الذي تلا العاصفة.

لم يأتِ أحد ليزورني. لم يسأل أحد عني.

الناجون الثمانية، الذين كانوا قبل أيام خصومًا على نفس الرقعة، انسحب كل منهم إلى زاويته الخاصة، يلعق جراحه، ويستعد للجولة التالية من هذه المسرحية الدموية.

​جسدي كان يتعافى. المعالجون كانوا قد فعلوا ما بوسعهم، وقوة الحياة العنيدة لهذا الجسد الشاب كانت تصلح ما تبقى من تمزقات وكدمات. لكن روحي... روحي كانت تنزف.

كانت تنزف في صمت، نزيفًا داخليًا، باردًا، لم يكن بإمكان أي تعويذة شفاء أن توقفه.

​كنت أجلس لساعات طويلة على الأرضية الباردة، وظهري مسنود إلى النافذة الزجاجية الضخمة، أحدق في الخارج دون أن أرى شيئًا.

كنت أرى الطلاب الآخرين، أولئك الذين فشلوا، وهم يمارسون حياتهم اليومية في الأكاديمية.

يذهبون إلى المكتبة، يتحدثون في الساحات، يضحكون. كانوا يعيشون في عالم مختلف، عالم لم يعد بإمكاني العودة إليه.

لقد رأيت ما وراء الستار، وهذا ما فصلني عنهم إلى الأبد.

​في خضم هذا الفراغ، في قلب هذه الكآبة التي أصبحت وطني، بدأ السؤال ينمو، كزهرة سامة، سوداء، تتفتح ببطء في تربة روحي المنهكة.

​"لماذا؟"

​الكلمة كانت همسًا في البداية، فكرة عابرة. لكنها سرعان ما أصبحت صرخة، زئيرًا يصم الآذان في صمت عقلي.

​"صحيح... لماذا أقاتل من الأساس؟ لماذا أريد الفوز بهذه المرحلة، أو أي مرحلة سابقة؟ ما هو السبب؟"

​حاولت أن أجد إجابة. إجابة منطقية، تبرر كل هذا الألم، كل هذا الرعب، كل هذا اليأس.

​"الكبرياء."

​الكلمة ظهرت في ذهني، لامعة، وجوفاء. كبرياء؟

"كبرياء ماذا؟" سألت نفسي بسخرية لاذعة، وضحكة خافتة، مكسورة، خرجت من حلقي.

"ألم أكن مجرد رجل عادي، فاشل، يجلس في شقة حقيرة، ويتابع روايات سخيفة مع صديقه الأحمق؟

ألم تكن حياتي كلها سلسلة من الهزائم الصامتة والتنازلات المرة؟

أي كبرياء أحمله معي من ذلك العالم؟ كبرياء 'نير ڤيرتون'؟ هذا ليس كبريائي.

إنه قناع مستعار، درع ورثته، وأنا لا أستحقه."

​كل انتصار حققته هنا كان ملطخًا. انتصاري في المتاهة كان بفضل معرفتي المسبقة، وبفضل جنون دفعني وزميلي إلى حافة الموت.

انتصاري في البرج كان مهزلة، لقد طردني البرج خوفًا من الظلام الذي يسكنني.

وانتصاري على كاستر... كان انتصارًا للظل، وليس لي.

​لم يكن هناك أي كبرياء.

​إذًا، ما هو السبب؟

​وفجأة، ودون سابق إنذار، ظهرت صورة في ذهني.

صورة ليست من هذا العالم. صورة شقتي القديمة.

​لم تكن مجرد ذكرى. كانت... إحساسًا.

​شعرت فجأة بذلك الهواء الراكد، المليء برائحة الغبار والقهوة الباردة.

شعرت بملمس الأريكة القديمة، الممزقة، تحت جسدي.

سمعت صوت المطر وهو يضرب النافذة المتسخة، وصوت هدير حركة المرور البعيد.

رأيت الضوء الرمادي، الكئيب، ليوم آخر بلا شمس، يملأ الغرفة.

​تلك الحياة... تلك الحياة التي كنت أحتقرها، التي كنت أهرب منها إلى عوالم الخيال.

الآن... بدت كأنها الجنة.

​"فكرة العودة إلى شقتي المتواضعة... أصبحت أعظم فكرة، وأشدها فتكًا في روحي."

​يا إلهي، كم كنت أتوق إلى ذلك البؤس المألوف! كم كنت أتوق إلى أن أستيقظ على صوت المنبه المزعج، وأن أشرب قهوتي الرخيصة، وأن أقضي يومي أحدق في شاشة حاسوب، دون خوف من أن يمزقني وحش، أو أن يطعنني نبيل متغطرس، أو أن يسحق روحي كيان كوني.

​كم كنت أتوق إلى أن أكون... لا شيء.

مجرد رجل عادي، فاشل، في عالم عادي، وممل.

​ذلك الشوق... كان ألمًا. ألمًا حارقًا، أعمق من أي جرح جسدي. لأنه كان أملًا مستحيلاً، حلمًا لا يمكن الوصول إليه.

​"إذًا، هل هذا هو السبب؟" سألت نفسي، والدموع بدأت تحرق عيني.

"هل أقاتل لأنني أريد أن أصبح أقوى، أن أصل إلى المستوى السابع، لأحصل على تلك الإجابة اللعينة من النظام؟"

​الجواب كان "نعم". لكنه كان جوابًا هشًا، زائفًا.

​"هل كنت أعطي نفسي أملًا زائفًا؟ كيف؟ كيف بحق الجحيم سأصل إلى الرتبة السابعة؟"

​نظرت إلى حالتي. أنا في الرتبة الأولى. "مستنير". بالكاد أستطيع التحكم في قوتي الجديدة.

والدي، والإمبراطور، كلاهما وحشان عاشا لعقود، وصقلا قوتهما عبر حروب لا تحصى.

الوصول إلى مستواهما... لم يكن مجرد تحدٍ صعب. كان مستحيلاً.

​"هل عليّ أن أنتظر سنوات، وسنوات، لأجل هذا؟ أن أعيش هذه الحياة المليئة بالرعب، والدم، والمؤامرات، لعقود، من أجل مجرد فرصة، مجرد احتمال ضئيل، بأنني قد أجد طريقة للعودة؟"

​"لماذا لا أموت فقط؟"

​السؤال هبط في روحي كحجر أسود، ثقيل.

لماذا لا أستسلم؟ لماذا لا أدع ديغون يسحقني في المباراة القادمة؟

سيكون الأمر سريعًا. سينتهي كل شيء. سينتهي هذا الألم، هذا الصراع، هذا اليأس.

​سأجد السلام أخيرًا. في العدم.

​في الرواية، كان نير الأصلي يمتلك سببًا. سببًا قويًا، وإن كان سخيفًا.

"في الرواية، كان نير هو الذي فاز بقوة تشجيع آيلا!" تذكرت

بمرارة. لقد قاتل من أجلها. لقد أصبح أقوى من أجلها. حبه لها كان هو وقوده، هو درعه، هو مبرر وجوده.

​"لكن أنا؟ أنا لا أمتلك سببًا حقيقيًا لأجل الفوز."

​أنا لا أحب أحدًا في هذا العالم. أنا أكره هذا العالم. كل انتصار أحققه لا يجلب لي سوى المزيد من الانتباه، المزيد من الأعداء، والمزيد من المسؤوليات التي لا أريدها.

الفوز لا يقرّبني من هدفي المستحيل، بل يبعدني عنه، يرسخني أعمق في طين هذا الواقع الملعون.

​إذًا، لماذا أستمر؟

​انهرت.

​انزلقت على الأرض بجانب النافذة، وانحنيت إلى الأمام، ودفنت وجهي في يدي.

ولأول مرة منذ أن كنت طفلاً في حياتي السابقة، بكيت بحرقة كهذه.

​لم يكن بكاءً صاخبًا. كان بكاءً صامتًا، عنيفًا، يهز كل جسدي. دموع حارة، مالحة، كانت تنهمر من عيني، وتتسرب من بين أصابعي، وتسقط على السجادة الفاخرة.

​بكيت على الرجل الذي كنته، وعلى حياته البائسة التي أصبحت الآن حلمًا بعيد المنال.

بكيت على نير، هذا الفتى الذي سرقت جسده، والذي كان على الأقل يمتلك شيئًا يقاتل من أجله.

بكيت على أمي، التي وجدتها وفقدتها في نفس اليوم.

بكيت على وحدتي المطلقة، في عالم لا أنتمي إليه، ولا ينتمي إليّ.

​بكيت حتى جفت دموعي، وحتى لم يتبقَ في روحي سوى فراغ بارد، وهادئ.

​استلقيت على الأرض، وحدقت في السقف المظلم.

لقد انتهى الأمر.

لقد وصلت إلى القاع.

لم يعد هناك أي شيء لأقاتل من أجله.

​لكن...

في أعماق ذلك الفراغ، في قلب ذلك اليأس المطلق، ومض شيء ما.

شرارة صغيرة، باهتة، لكنها عنيدة.

لم تكن أملًا. ولم تكن شجاعة.

كانت... حقدًا.

حقدًا نقيًا، باردًا، ومطلقًا.

​حقد على هذه الرواية، على هذه الكاتبة، على هذا القدر الذي يلعب بي كدمية.

إذا كانت هذه قصة، إذا كان هذا مسرحًا...

وإذا لم أكن أستطيع تغيير النهاية...

فيمكنني على الأقل... أن أحرق المسرح.

​نهضت ببطء على قدمي.

لم أعد أبكي. لم أعد أشعر بالحزن.

لم أعد أشعر بأي شيء.

فقط ذلك البرود القاتل، وذلك التصميم الجديد، الذي ولد من رماد يأسي.

​إذا لم يكن هناك سبب للفوز...

فسأجد سببًا في الهيمنة.

إذا لم يكن بإمكاني العودة إلى عالمي...

فسأجعل هذا العالم يندم على اليوم الذي أتيت فيه إليه.

سأفوز، ليس من أجل الكبرياء، ولا من أجل القوة، ولا من أجل العودة.

سأفوز... فقط لأرى تعابير الصدمة على وجوههم.

سأفوز... لأثبت لهذه الكاتبة المعتوهة أن شخصيتها، حتى عندما يتم تجريدها من كل شيء، لا تزال قادرة على تمزيق صفحات قصتها.

​سأفوز... بدافع من الحقد الخالص.

​مشيت نحو المرآة مرة أخرى.

الوجه الذي حدق فيّ لم يكن وجهي، ولم يكن وجه نير.

كان وجه وحش... وجد أخيرًا سببًا للعيش.

وهو... الانتقام.

...

...

...

اليوم الثاني من تعريف الشخصيات:

كايلين من بيت الخشب الحديدي – نصل الفراغ الصامت

شاب في السادسة عشرة، مبارز عبقري برتبة "مستنير" (الرتبة الأولى)

لكن قوته الحقيقية تتجاوز بكثير تصنيفه. يجسد فلسفة السيف المطلقة؛ هادئ، منضبط، وتحليلي كجليد الشمال. يرى المبارزة كحوار صامت بين إرادتين، والكمال هو هدفه الأسمى.

قدراته: لا يعتمد على السحر بل على إتقان مطلق لفن السيف وصل به إلى مستوى روحي. يتميز بعبقرية مبارزة مطلقة:

دقة قاتلة بلا حركات ضائعة، تفكيك الخصوم الأقوى منه بالتوقيت، وقراءة لغة الجسد والتنفس والنوايا.

في قتاله ضد فاليريوس من بيت حارس الشمس تفوق بالدقة وحدها.

فلسفة الفراغ: حالته الذهنية الخاصة، حيث يفرغ عقله من المشاعر فيبلغ إدراكًا فائقًا، يرى فيه النوايا قبل الأفعال ويشعر بالاضطراب في الهواء. بهذا واجه "غريفين الضباب المجنح" مغمض العينين،

إرادته: لقبه "الخشب الحديدي" يرمز لمرونة الخشب وصلابة الحديد؛

علاقته بنير ڤيرتون:

قبل الأكاديمية: كان يراه الندّ الوحيد الجدير بالاحترام، مبارزاتهما كانت حوارًا صامتًا بين نصلين. أصيب بخيبة أمل حين وجد نير الجديد مترددًا وضعيفًا.

أثناء المراحل: في "متاهة الهمسات" شاهد قوة نير "الظلام الشيطاني"، فتحولت خيبته إلى ارتباك وفضول.

لم يعد نير خصمًا ضعيفًا، بل لغزًا خطيرًا. تحالفه معه كان بدافع فهم هذا التغيير والرغبة في مواجهته بقوته الكاملة في المرحلة النهائية.

...

...

من هي الشخصية الثالثة التي تريدون أن أعرف عنها، بشرط أن تكون من الشخصيات الرئيسية في القصة؟

2025/09/13 · 52 مشاهدة · 2341 كلمة
Ashveil
نادي الروايات - 2025