81 - نير ڤيرتون vs ديغون ستونهاند

[منظور نير ڤيرتون]

​"نير ڤيرتون ضد ديغون ستونهاند ."

​سمعت صوت الحكم يدوي من الخارج. نهض ديغون أولاً، بحركته البطيئة، الثقيلة، التي كانت تشبه حركة قارة.

لم ينظر إليّ، فقط مشى نحو الممر المظلم، ظهره العريض كجدار قلعة.

​نهضت أنا. شعرت بأن كل خطوة كانت تتطلب جهدًا هائلاً. لم يكن جسدي هو المنهك، بل كانت روحي.

​مشيت في ذلك الممر الطويل، المظلم، الذي أصبح الآن مألوفًا بشكل مقيت.

كل خطوة كانت تردد صدى الحرب التي كانت تدور في داخلي، حرب أعنف من أي معركة بالسيوف.

فكرت في انتصاراتي. المتاهة. البرج. كاستر. ماذا جلبت لي؟ خوفًا من الآخرين. اهتمامًا لم أكن أريده. والمزيد من الألم.

​"الانتقام."

همس صوت مظلم في عقلي. "أنت تقاتل من أجل الانتقام. الانتقام من النظام الذي وصفك بـ 'الفاشل'.

الانتقام من هذه الرواية التي سجنتك. عليك أن تفوز. عليك أن تسحقهم. عليك أن تثبت أنك لست ضحية."

​كان هذا هو الدافع الذي تشبثت به، الوقود الذي حرك جسدي المنهك. يجب أن أفوز. يجب أن أمحو وصمة العار.

​لكن بينما كنت أخطو آخر خطواتي في الظلام، قبل أن أخرج إلى ضوء الساحة الساطع، تسلل إلى عقلي فكر آخر.

فكر هادئ، خبيث، ومغري بشكل لا يصدق.

​"ولكن... لماذا لا تخسر؟"

​تجمدت للحظة، يدي على حافة الممر.

​الخسارة؟

الفكرة كانت غريبة، كأنها من عالم آخر.

​"لماذا لا تخسر؟" كرر الصوت الهادئ في عقلي.

"أنت تعرف هذه القصة. أنت تعرف حبكتها. نير ڤيرتون لا يخسر. إنه البطل. إنه يتقدم، ويتغلب على الصعاب، وينتصر في النهاية. هذا هو قدره المكتوب."

"لكنك... لست مجبرًا على اتباع قدره."

​"أليس هكذا سوف تكسر أحداث الرواية؟"

​الفكرة انفجرت في عقلي كشمس سوداء.

إذا خسرت... إذا سقطت هنا، أمام الجميع، أمام الإمبراطورية بأكملها... فسأكون قد حطمت أكبر توقع في هذه القصة.

سأكون قد مزقت صفحة مهمة من كتاب القدر. سأكون قد أعلنت، بطريقة مدمرة للذات، أنني لست دميتها. أنني حر.

​حر... حتى في اختيار طريقة موتي.

​خرجت إلى ضوء الساحة، وعقلي ساحة معركة حقيقية. رغبتان كانتا تمزقاني.

الرغبة الحارقة في الانتصار، للانتقام، لمحو ماضيي وحاضري من الفشل.

والرغبة الباردة، المتمردة، في الخسارة، لتحطيم قيودي، لأصرخ في وجه هذه الكاتبة المعتوهة

"أنا لست بطلك!".

​ديغون كان يقف في الطرف الآخر من الساحة، كجبل ينتظر بصمت.

عندما التقت أعيننا، أومأ برأسه إيماءة خفيفة. إيماءة احترام.

إيماءة حزن. كأنه كان يعرف أن هذه المعركة... ستكون مؤلمة لكلينا.

​"ابتدآ!"

​لم يندفع ديغون. بل تقدم ببطء، وكل خطوة كانت محسوبة، وثقيلة.

سيفه الكلايمور كان يستريح على كتفه، وعيناه لم تفارقاني.

وأنا... تحركت.

​جسدي تصرف من تلقاء نفسه، مدفوعًا بغريزة البقاء.

انزلقت عبر الرمال، ظلًا أسود يتحرك بسرعة، أحاول أن أجد زاوية، أي ثغرة.

لكن عقلي كان لا يزال في حالة حرب.

​اقتله! صرخ صوت الانتقام في داخلي. أرِهم قوة الظلام! أرِهم معنى أن تكون ڤيرتون!

اخسر! همس صوت التمرد. اسقط. كن حرًا. انهِ هذه المهزلة.

​كان قتالاً فصاميًا. كنت أهاجم، ثم أتردد. كنت أراوغ، ثم أترك فتحة في دفاعي عن عمد.

كنت أقاتل كشخص يحاول أن يقتل نفسه ويمنع نفسه من الموت في نفس الوقت.

​ديغون، المحارب الذي يقرأ لغة الجسد كما يقرأ كتابًا مفتوحًا، كان مرتبكًا تمامًا.

"أنت لا تقاتل،" قال فجأة، وتوقف في مكانه، وصوته كان يحمل نبرة من الحيرة والغضب.

"أنت تلعب. ما الذي تخاف منه، ڤيرتون؟"

​كلماته كانت كصفعة.

"أنا لا أخاف!" صرخت، وهذه المرة، هاجمت بجدية.

أطلقت العنان للظلام. تدفق في سيفي، وحوله إلى نصل من ليل متجمد.

وهاجمت. ليس فقط بسيفي، بل بخيوط من الظل انطلقت من الأرض، محاولة تقييد ساقيه.

ديغون زأر. لم يحاول تفادي الخيوط. بل ضرب بقدمه الأرض بقوة.

"درع الأرض!"

ارتفع جدار من الصخر والرمال من الأرض أمامه، واعترض خيوطي، وحطّمها.

ثم، اندفع هو من خلال الجدار المحطم، وسيفه الكلايمور مرفوع.

​لم أكن مستعدًا.

ضربني مباشرة.

ليس بالنصل، بل بالجانب المسطح للسيف. لكن قوة الضربة... كانت كأن جبلاً قد سقط عليّ.

طرت في الهواء.

شعرت بأضلاعي تتكسر. مرة أخرى.

العالم دار حولي.

وارتطمت بالأرض بقوة أخرجت كل الهواء من رئتي.

سعلت دمًا، وتذوقت طعم الهزيمة المألوف.

​"هذا هو؟" فكرت، والظلام يزحف على حواف رؤيتي.

"هل سأخسر هكذا؟ كأحمق متردد؟"

رأيت ديغون يتقدم نحوي ببطء، وسيفه مرفوع، مستعدًا لإنهاء الأمر.

لا.

لا.

إذا كنت سأخسر... فسأخسر بشروطي أنا.

وإذا كنت سأفوز... فسيكون فوزًا سيحفر في ذاكرة هذا العالم إلى الأبد.

​"اللعنة على الرواية،" تمتمت، والدماء تسيل من شفتي. "واللعنة على القدر."

"واللعنة... على التردد."

أجبرت جسدي على النهوض، وأنا أتكئ على سيفي.

رفعت رأسي، ونظرت إلى ديغون.

لم تعد هناك أي شكوك في عيني. لم يعد هناك أي تردد.

فقط... فراغ بارد.

وقرار.

​"أنت تريد قتالاً حقيقيًا، يا ستونهاند؟" قلت، وصوتي كان هادئًا بشكل مرعب.

"حسنًا. سأمنحك قتالاً... لن تنساه ما حييت."

أطلقت العنان لكل شيء.

لم يعد الظلام مجرد غطاء لسيفي.

لقد انفجر مني، كبركان أسود.

الهالة البنفسجية الشيطانية، التي كنت أكبحها، انفجرت مني، وشكلت دوامة من الرياح السوداء حولي.

عيناي... بدأتا تتوهجان بنفس الضوء الأرجواني الخبيث.

​"ما هذا...؟" تمتم ديغون، وتراجع خطوة إلى الوراء لأول مرة، والحذر يحل محل الثقة في عينيه.

لم أجب.

فقط ابتسمت. ابتسامة لم تكن لي، ولم تكن لنير. كانت ابتسامة شيء آخر. شيء أقدم، وأكثر جوعًا.

​واندفعت.

لم تكن هذه معركة بين طالبين بعد الآن.

لقد أصبحت... وليمة لوحش.

​كانت حركاتي أسرع، وقوتي أكبر. لم أعد أفكر. كنت أتحرك بقوة الغريزة، غريزة الظلام الذي يسكنني.

سيفي الأسود كان يغني أغنية الموت، يقطع الهواء بصوت هسهسة حاد.

​ديغون كان يصد، ويتراجع. لأول مرة، رأيت العملاق الذي لا يهتز، يتراجع.

هالته الصخرية كانت تتشقق تحت وطأة هجماتي الشيطانية.

​جرحته. خدش بسيط على ذراعه، لكنه كان كافيًا. الدم الأحمر تناقض بشكل صارخ مع جلده الذي يشبه الصخر.

زأر، ليس من الألم، بل من الغضب، والإهانة.

وأطلق العنان لقوته الحقيقية.

ضرب بقدميه الأرض، وصرخ بلغة قديمة، لم أفهمها.

​الأرض كلها اهتزت. الرمال الذهبية للساحة بدأت تتحرك، ترتفع، وتلتف حول جسده.

تشكلت حوله درع من الصخر والرمال، درع ضخم، جعله يبدو كغولم قديم.

"هذا هو شكلك الحقيقي، إذن،" تمتمت، والابتسامة المتوحشة لم تفارق وجهي.

​اصطدمنا.

الظلام ضد الأرض.

الفوضى ضد النظام.

كان انفجارًا من الطاقة، أعمى الحشود، وجعل البلورات السحرية تهتز بعنف.

تطايرت شظايا الصخر والظل في كل مكان.

​كنت أطعن، وهو يسحق. كنت أراوغ، وهو يدمر.

كل ضربة منه كانت تترك حفرة في الساحة.

وكل ضربة مني كانت تترك خدشًا أسود، لا يلتئم، على درعه الصخري.

​كنا ندمر بعضنا البعض، وندمر العالم من حولنا.

لم يكن هناك فائز واضح.

لم يكن هناك خاسر واضح.

كانت حركاتي سريعة، غير متوقعة، فوضوية. كنت أهاجم من كل زاوية، أستخدم الظلام لأخلق ومضات تعمي، وبركًا من الظل اللزج لتعيق حركته.

سيفي، المغطى بالظلام، كان يضرب درعه الصخري، ويترك خدوشًا سوداء، عميقة، كانت تبدو وكأنها تحرق الحجر نفسه.

​لكن ديغون كان... جبلًا.

كل هجوم لي كان كضرب موجة على صخرة صماء. كان يمتص ضرباتي، ويزأر، ويرد بهجمات ساحقة.

سيفه الكلايمور كان يهوي بقوة كافية لشق الأرض. كنت أراوغ في آخر جزء من الثانية، وأشعر بالريح التي تحدثها الضربة وهي تمزق ملابسي، وبشظايا الحجر المتطاير وهي تجرح جلدي.

​كانت معركة استنزاف وحشية. كل ضربة أصدها كانت ترسل اهتزازًا مؤلمًا عبر عظامي.

وكل هجوم أقوم به كان يلتهم جزءًا من طاقتي الروحية، ويتركني ألهث، وأشعر بذلك الفراغ البارد يتسع في روحي.

​لكنني كنت أتقدم. كنت أدفعه إلى الخلف، خطوة تلو الأخرى. غضبي، حُقدي، كانا وقودًا لا ينضب.

​"هل هذا كل ما لديك، يا درع الأكاديمية؟" صرخت، وصوتي كان مشوهًا، شيطانيًا، بسبب الظلام الذي يلفني.

"أرني القوة التي أنقذتني بها!"

​زأر ديغون زئيرًا لم يكن بشريًا. رأيت عينيه البنيتين تتوهجان بضوء أحمر غاضب.

"أنت طلبت هذا، ڤيرتون!"

​ضرب بقدمه الأرض بقوة هائلة. "سجن الأرض!"

اهتزت الساحة بأكملها. من الأرض الصخرية تحتي، ارتفعت أربعة جدران ضخمة من الحجر والرمال، وأغلقت علينا، مشكلة غرفة مربعة، لا مخرج منها.

ثم، من الجدران، برزت أيدٍ حجرية، عشرات منها، وبدأت تتحرك نحوي، تحاول الإمساك بي، سحقي.

​"لعبة أطفال!" صرخت، وأطلقت العنان لموجة من الظلام، شكلت عشرات الشفرات السوداء التي انطلقت وقطعت الأيدي الحجرية كأنها أغصان جافة.

​لكن ذلك كان فخًا.

بينما كنت مشغولاً بالأيدي، كان ديغون قد ركض على أحد الجدران التي خلقها، وقفز في الهواء، وكان الآن يهوي نحوي من الأعلى مباشرة، وسيفه الكلايمور مستعد لشقي إلى نصفين.

لم يكن هناك وقت للمراوغة.

​رفعت سيفي بكلتا يدي، وصببت فيه كل ما تبقى من ظلامي.

اصطدم السيفان.

​انفجار.

​الضوء الأبيض الذي نتج عن الصدام أعمى الكولوسيوم بأكمله للحظة.

شعرت بذراعي على وشك أن تنخلعا من مكانهما.

شعرت بعظامي تصرخ تحت الضغط الهائل.

تكسر سيفي.

لا، لم ينكسر. لقد تشقق. السيف الفولاذي العادي لم يستطع تحمل هذا القدر من القوة.

وتمزق درع ديغون الصخري عند صدره، كاشفًا عن درعه الجلدي تحته.

​طرت أنا وهو في اتجاهين متعاكسين، وارتطمنا بالجدران الحجرية للسجن الذي خلقه.

انهار الجدار خلفي. سقطت على الرمال خارجًا، وأنا أسعل دمًا، وأنظر إلى شظايا سيفي المتناثرة.

​نهض ديغون من بين الأنقاض، وكان ينزف من جرح في صدره، ودرعه الصخري محطم.

لقد كنا متساويين.

​لكن في تلك اللحظة، حدث ذلك.

الخيانة.

​الظلام الشيطاني، الذي كان يطيعني، الذي كان سلاحي، تمرد فجأة.

شعرت به يرتد. القوة التي كنت أطلقها، عادت لتهاجمني أنا.

التف الظلام حولي، ليس كدرع، بل كقيود. شعرت بآلاف الإبر الجليدية تخترق روحي.

صرخت صرخة ألم، ليس من جسدي، بل من جوهر وجودي.

​"لا... ليس الآن!"

توقفت القوة عن الاستجابة لي. أصبحت فوضوية، متوحشة.

خيوط من الظل كانت تضرب الأرض حولي بشكل عشوائي، وأحيانًا تهاجمني، تاركة حروقًا باردة على جلدي.

​رأى ديغون ما حدث. رأى ضعفي المفاجئ.

لم يتردد.

​اندفع نحوي، وهذه المرة، لم يكن هناك أي شيء لأوقفه.

ضربني بسيفه الكلايمور.

صددته بما تبقى من سيفي المكسور.

تحطم النصل إلى شظايا.

واصل السيف الضخم طريقه، وضرب صدري.

سمعت صوت تكسر عظام مكتوم، وشعرت بألم حارق، أبيض، يطغى على كل شيء.

طرت في الهواء مرة أخرى، وارتطمت بالأرض بقوة.

​كنت ممددًا على الرمال، والدم يتدفق من فمي، ومن الجرح الجديد في صدري.

لم أستطع التحرك. الظلام كان لا يزال يلتف حولي، لكنه الآن كان يسخر مني، يرقص حول جسدي المحطم.

​وقفت ديغون فوقي، وظله يغطيني.

رفع سيفه الكلايمور بكلتا يديه، مستعدًا للضربة القاضية.

نظرت إلى عينيه. لم يكن هناك انتصار فيهما. فقط... حزن. حزن على محارب سقط.

"أخسر أم أفوز؟"

السؤال تردد في عقلي المحتضر.

​" إذا خسرت هل سأنجو من والدي؟"

تخيلت وجهه، ذلك الظل الذي لا يرحم. تذكرت قصة ذلك القريب الذي تم محوه.

لا. الخسارة هنا، بهذا الشكل المذل، تعني الموت على يده.

موت أبطأ، وأكثر إيلامًا.

"أم أن أمي لن تسمح بذلك؟ ربما... تقتلني بنفسها؟"

الفكرة كانت مرعبة. أمي، وذلك الجوع في عينيها. هل سترى في ضعفي مجرد... وليمة؟

الألم كان يمزقني. الظلام كان يخنقني.

"لماذا لا أموت فقط؟"

الفكرة كانت مغرية كهمس حورية بحر. أن ينتهي كل شيء. أن أجد السلام في العدم.

لكنني... كنت أخشى ذلك.

"أنا أريد الموت، لكنني أخشاه."

أخشى ذلك الفراغ الذي رأيته.

أنا محاصر.

محاصر بين موت وموت آخر.

​في تلك اللحظة من اليأس المطلق، حدث شيء ما.

توقفت عن المقاومة.

توقفت عن محاولة السيطرة على الظلام.

توقفت عن محاولة فهم أي شيء.

واستسلمت.

ليس للموت.

بل... لنفسي.

لذلك الوحش الذي يكمن في داخلي. لذلك الظلام الفوضوي.

قلت له في صمت روحي، "حسنًا. أنت على حق. أنا ضعيف. أنا خائف. أنا فوضوي. أنا... أنت."

​وفي اللحظة التي قبلت فيها ذلك، هدأ الظلام.

لم يختفِ. بل تدفق عائدًا إليّ، ليس كقوة خارجية، بل كجزء مني.

لم يعد هناك صراع. أصبح هناك... تناغم.

تناغم مرعب، وشيطاني.

​نهضت على قدمي ببطء.

الجروح كانت لا تزال هناك. الألم كان لا يزال هناك.

لكن شيئًا ما كان مختلفًا.

لم أعد أقاتل وحدي.

​نظر إليّ ديغون بصدمة. رأى التغيير في عيني.

لم تعودا تتوهجان بضوء بنفسجي فوضوي.

بل أصبحتا سوداوين تمامًا، كالسيف الذي استدعيته للتو في يدي.

السيف الأسود الحقيقي.

​"ديغون،" قلت، وصوتي كان هادئًا، وعميقًا، ومزدوجًا، كأنه صوتي وصوت الظل يتحدثان في آن واحد.

"المعركة الحقيقية... ستبدأ الآن."

​لم أكن أعرف ما إذا كنت سأفوز أم سأخسر.

لم أعد أهتم.

كل ما عرفته هو أنني لن أكون الشخص الذي يسقط أولاً.

واندفعت.

والظلام... اندفع معي.

...

...

...

​لم تكن هناك كلمات. لم يعد هناك وقت للتفكير، ولا مساحة للتردد. الحرب الداخلية التي كانت تمزق روحي، بين رغبة الانتقام ورغبة تحطيم القدر، قد وجدت أخيرًا حلاً لها في بوتقة الألم واليأس.

لقد اندمجتا. اندمجتا في شيء واحد، نقي، ومطلق.

​إرادة التدمير.

​تلك الابتسامة التي ارتسمت على شفتي لم تكن لي، ولم تكن لنير.

كانت ابتسامة الظلام نفسه، الذي وجد أخيرًا وعاءً مثاليًا لغضبه.

​الهالة البنفسجية الشيطانية التي كانت تدور حولي بعنف، هدأت.

لم تختفِ، بل تكثفت، والتصقت بجسدي كجلد ثانٍ، وأصبحت عيناي بئرين من ليل أرجواني، لا قرار لهما، تنظران إلى العالم ليس كأشياء، بل كأهداف.

​ديغون، ذلك الجبل البشري، شعر بهذا التغير. رأيته في هالته البنية التي كانت تنبض بالقوة، والتي ظهر فيها الآن وميض خافت من الحذر، من القلق.

لقد أدرك أن الشيء الذي يواجهه لم يعد مجرد فتى غاضب.

​"تعال إذن،" همس صوته العميق، كصوت احتكاك الصخور، وهو يغرس قدميه في الرمال، ويستعد لتلقي الصدمة.

​واندفعت.

​لم أركض. لم أنزلق. لقد عبرت المسافة التي تفصلنا في ومضة من الظل، كأنني لم أتحرك عبر الفضاء، بل طويت الفضاء نفسه.

ظهرت أمامه مباشرة، قريبًا جدًا لدرجة أنني استطعت رؤية انعكاسي المشوه في عينيه البنيتين الواسعتين.

​لم يكن لديه وقت ليرفع سيفه الكلايمور الضخم بالكامل. لقد رفعه بشكل غريزي، أفقيًا، في حركة صد يائسة.

في تلك اللحظة، كنت قد أهويت بسيفي أنا.

​السيف الأسود الحقيقي.

​لم تكن ضربة عنيفة. كانت حركة هادئة، انسيابية، كأنني أرسم خطًا في الهواء.

لم يكن هناك أي وزن خلفها، ولا أي قوة عضلية. فقط... حقيقة مطلقة.

​الزمن تباطأ إلى زحف جليدي.

​شاهدت، كأنني مراقب خارجي، النصل الأسود الذي يمتص الضوء وهو يقترب من الفولاذ السميك لسيف ديغون.

لم يكن هناك أي توقع لصوت اصطدام. عقلي كان يعرف أن هذا لن يحدث.

لامس النصل الأسود الفولاذ.

​لجزء من الثانية، لم يحدث شيء.

ثم، وبصمت تام، مر سيفي من خلاله.

​لم يكن هناك صوت "كلانغ". لم يكن هناك صوت احتكاك.

كان هناك فقط... صمت. صمت غير طبيعي، كأن الصوت نفسه يخشى أن يقترب من هذا الفعل الذي ينتهك قوانين الوجود.

انقطع سيف ديغون الكلايمور، تلك القطعة الهائلة من الفولاذ المسحور التي كانت تستطيع صد ضربات الوحوش، انقطع إلى نصفين.

لم يكن قطعًا، بل كان... انفصالاً. كان القطع نظيفًا، مثاليًا، وحوافه لم تكن حادة، بل كانت... لا شيء.

كأن المادة نفسها قد توقفت عن الوجود في ذلك الخط الرفيع.

​كان أسهل من قطع السكين للكعكة.

​اتسعت عينا ديغون في صدمة مطلقة. نظر إلى النصفين المحطمين لسلاحه، سلاح عائلته، الذي كان من المفترض أن يكون غير قابل للكسر تقريبًا.

​لكنني لم أتوقف.

​جسدي لم يتوقف.

​واصل السيف الأسود مساره، متجهًا نحو رقبة ديغون المكشوفة.

لكن في تلك اللحظة، شعرت بأنني لست أنا من يتحكم.

" لم أكن أفهم هذا السيف مطلقاً. "

​الفكرة ومضت في عقلي كبرق أسود. شعرت بأنني راكب في جسدي، والسيف، أو الظلام، هو من يقود.

إرادة قديمة، متعطشة للتدمير، كانت تستخدم يدي كأداة.

​ربما بسبب هذا الصراع الداخلي، أو ربما لأن تلك القوة كانت تريد أن تستمتع باللحظة، انحرف مسار السيف قليلاً في آخر جزء من الثانية.

​بدلاً من أن يقطع رأسه، ضربت يدي اليسرى، التي كانت الآن مغطاة بالظلام الشيطاني المتجسد، صدر ديغون مباشرة.

لم تكن لكمة. كانت موجة صدمة من الظلام الخالص.

​انفجر الدرع الجلدي السميك الذي كان يرتديه ديغون إلى الداخل. سمعت صوت تكسر عظام مكتوم، كصوت تحطم صخور تحت ضغط هائل.

​طـار ديغون إلى الخلف، ليس كأنه دُفع، بل كأنه قُذف من فوهة مدفع.

ارتطم بالأرض الرملية على بعد عشرين مترًا، وانزلق، تاركًا وراءه خندقًا عميقًا، قبل أن يتوقف تمامًا، وجسده الضخم ساكن، والدماء تتفجر من فمه.

لقد سقط.

​ساد صمت مطبق على الكولوسيوم. مئة ألف شخص حبسوا أنفاسهم في نفس اللحظة.

لقد انتهت المعركة. لقد فزت.

​لكنني لم أتوقف.

الوحش في داخلي... لم يكن قد شبع بعد.

​نظرت إلى جسد ديغون الملقى، وإلى الدم الذي كان يلون الرمال الذهبية. ولم أشعر بالانتصار.

شعرت... بالجوع.

​رغبة قوية، وحشية، لا يمكن السيطرة عليها، اجتاحتني. رغبة في تقطيع أبطال هذه الرواية اللعينة، واحدًا تلو الآخر.

​تخيلت نفسي أقطع ذراع ديغون. ثم ساقه. تخيلت نفسي أتوجه نحو قاعة الانتظار، وأجر كايلين إلى الساحة، وأحطم سيفه، وأكسر كبرياءه.

تخيلت نفسي أجد آيلا، وأمزق تلك البراءة السخيفة من وجهها.

​كانت رغبة في التدمير. رغبة في إحراق هذه القصة، ومحو شخصياتها من الوجود، حتى لو كان ذلك يعني أنني سأحترق معهم.

​رفعت السيف الأسود. بريقه العدمي كان يبدو وكأنه يبتسم.

بدأت أسير ببطء نحو ديغون.

خطوة. خطوتان.

الحشود كانت تصرخ الآن. صرخات من الرعب، من عدم التصديق.

الحكم كان يحاول أن يصرخ شيئًا عن انتهاء المباراة، لكن صوته ضاع في الفوضى.

​كنت على وشك أن أصل إليه. كنت على وشك أن أبدأ في تقطيع هذا الجبل البشري، وأن أرسل رسالتي الدموية إلى هذه الرواية.

​وفجأة، في الشرفة الإمبراطورية، رأيت حركة.

الإمبراطور ثيودور، الذي كان وجهه قناعًا من الجليد والغضب، أشار ببطء، بإصبعه، نحو الجنرال ڤاليريوس.

​لم أهتم. ماذا يمكنهم أن يفعلوا؟

​لكن قبل أن أتمكن من إكمال خطوتي التالية، قبل أن أهوي بسيفي، شعرت بها.

قوة عملاقة، هائلة، لا يمكن تصورها، هبطت عليّ من الخلف.

​لم تكن هجومًا. كانت حضورًا. حضورًا مطلقًا، كأن جبلًا من الفولاذ والليل قد تجسد خلفي بصمت.

الهواء من حولي تجمد. الظلام الشيطاني الذي كان يلتف حولي تراجع، انكمش، ككلب خائف واجه سيده الحقيقي.

​تجمدت في مكاني. لم أستطع التحرك. لم أستطع التنفس.

أدرت رأسي ببطء شديد، كأن عضلات رقبتي قد تحولت إلى حجر.

ونظرت إلى الوراء.

​كان يقف هناك. الجنرال ڤاليريوس.

لم يكن في الشرفة. كان هنا. في الساحة. خلفي مباشرة. كيف؟ متى؟

لم يكن هناك أي صوت. لم يكن هناك أي وميض. لقد ظهر ببساطة.

​درعه الأسود كان يمتص كل الضوء، وهالته الأرجوانية الداكنة كانت تضغط عليّ، تسحقني، تذكرني بمدى ضآلتي.

​لم ينظر إلى وجهي. لم ينظر إلى ديغون.

كانت نظراته، من خلف خوذته المغلقة، مثبتة على شيء واحد فقط.

السيف الأسود الذي في يدي.

​ثم، تكلم.

صوته كان عميقًا، وهادئًا، وخاليًا من أي عاطفة. لكن كل كلمة كانت كحكم إعدام.

​"السيف الأسود الذي بيدك،" قال، وأشار بيده ذات القفاز المعدني. "قوانين الأكاديمية واضحة. إحضار سيوف خاصة بك... ممنوع."

​صمت للحظة، ثم رفع رأسه لينظر إليّ.

"المعركة... انتهت بالفعل."

​الكلمات، والسلطة المطلقة التي كانت تحملها، اخترقت ضباب جنوني، ووصلت إلى ذلك الجزء الصغير، الخائف، الذي لا يزال أنا.

​الضوء الأرجواني في عيني خفت. الظلام تراجع إلى أعماق روحي.

نظرت إلى السيف الأسود في يدي، كأنني أراه لأول مرة.

ثم نظرت إلى جسد ديغون المحطم.

ثم نظرت إلى الجنرال ڤاليريوس، الذي كان يقف كقاضٍ، وهيئة محلفين، وجلاد، في آن واحد.

​وأدركت.

أدركت حجم الكارثة التي أحدثتها.

لقد فزت.

لكنني... كنت قد خسرت كل شيء.

...

...

...

الشخصية الثالثة: سيرافينا ڤاليراك

​سيرافينا ڤاليراك: شيطانة بوجه ملاك

​الأميرة سيرافينا هي الخطر الحقيقي الذي يتربص في قلب الإمبراطورية.

تحت واجهة من البراءة الملائكية والجمال الأثيري، يكمن عقل بارد، متلاعب، وقاسٍ بشكل لا يصدق.

هي ليست مجرد أميرة، بل هي لاعبة شطرنج كونية ترى العالم كله كرقعة لعب، والناس من حولها ليسوا سوى بيادق في خططها المعقدة.

سلاحها ليس السيف أو السحر المدمر، بل هو العقل نفسه، وقدرتها على تفكيك أرواح خصومها بابتسامة هادئة.

​معلومات أساسية

​العمر: 16 عامًا.

​الرتبة: الرتبة الأولى (مُستنير). (هذا التصنيف هو الإهانة الأكبر لقوتها الحقيقية، التي لا تكمن في مستوى الطاقة الخام، بل في السيطرة المطلقة على العقل).

​القدرات والمهارات

​قوة سيرافينا الحقيقية تكمن في هيمنتها النفسية المطلقة، مدعومة بذكاء شيطاني وإرادة لا يمكن كسرها.

​سيدة العقل والأوهام:

​الحرب النفسية: سيرافينا هي أستاذة في السحر العقلي. هي لا تخلق مجرد صور وهمية، بل تغوص في عقل خصمها، وتقرأ أعمق مخاوفه وشكوكه ونقاط ضعفه، ثم تستخدمها كسلاح ضده.

مبارزتها ضد كاسيان كانت عرضًا مرعبة لهذه القدرة، حيث حطمت روحه من الداخل دون الحاجة إلى قتال جسدي حقيقي.

​الدفاع العقلي المنيع: قوتها العقلية ليست هجومية فقط.

هي تمتلك دفاعًا نفسيًا لا يمكن اختراقه. قدرة نير الفريدة، "عين الحقيقة"، فشلت تمامًا في قراءة هالتها، التي ظهرت كضباب مشوش وغير قابل للتحليل.

هذا يعني أنها إما تحمي عقلها ببراعة تفوق الخيال، أو أن طبيعة روحها غريبة لدرجة أنها خارج نطاق الإدراك العادي.

​سحر الضوء القاتل: بشكل مثير للسخرية، عندما تستخدم سحرًا هجوميًا مباشرًا، فإنه يأخذ شكل الضوء.

لقد قتلت وحوشًا بأشواك ذهبية من الضوء السحري، مما يعزز طبيعتها المزدوجة ككيان يستخدم رموز النقاء والبراءة لتنفيذ أفعال مظلمة.

​العبقرية السياسية والتلاعب:

​سيدة الكلمات: كل كلمة تنطق بها سيرافينا محسوبة. هي تستخدم الحوار كسلاح، قادرة على تحويل أي موقف لصالحها.

"الفخ اللغوي" الذي نصبته لنير في جناح الشفاء هو المثال الأبرز، حيث حولت انفجاره العاطفي إلى إعلان خيانة محتمل للإمبراطورية بكلمات قليلة وبريئة.

​فهم ديناميكيات القوة: هي تفهم السلطة بشكل فطري. تعرف متى تضغط، ومتى تتراجع، وكيف تستخدم مكانة الآخرين وطموحاتهم ضدهم.

سيطرتها على اجتماع الفريق السابع عشر الأول أثبتت أنها القائدة الحقيقية، حتى لو لم تحمل اللقب رسميًا.

​إرادة مطلقة لا تُكسر:

​إنجازها في برج الأوهام هو الدليل الأكبر على قوتها. لقد اجتازت أصعب اختبار نفسي في العالم، والذي حطم سبعين طالبًا، في غضون دقائق معدودة، وخرجت في المركز الثاني.

هذا يثبت أن إرادتها صلبة كالألماس، وأن عقلها إما خالٍ من أي ضعف يمكن استغلاله، أو أنها تمتلك سيطرة مطلقة على شياطينها الداخلية لدرجة أنها تستطيع تجاهلها تمامًا.

​نظرتها لنير ڤيرتون

​علاقة سيرافينا بنير ليست علاقة منافسة بالمعنى التقليدي، بل هي علاقة مفترس بظاهرة غريبة ومثيرة للاهتمام.

​اللغز الأكثر إثارة:

​نير هو اللعبة الأكثر تسلية التي وجدتها سيرافينا في الأكاديمية.

هي أول من لاحظ "الضباب" الذي يحيط به، وأول من أدرك أن قوته المظلمة ليست سحر ظل عادي.

هو لغز، وهي تعشق حل الألغاز، خاصة تلك التي تنطوي على تحطيمها في النهاية.

​القطة والفأر المظلم:

​هي لا ترى نير كعدو يجب القضاء عليه، بل كفأر تجارب مثير للاهتمام.

كل استفزاز، كل فخ لغوي، كل نظرة تحليلية، هي مجرد تجربة.

هي تدفعه، وتستفزه، وتضعه تحت الضغط، ليس لهزيمته بالضرورة، بل لجمع البيانات عنه، لفهم طبيعة قوته، ولكشف نقاط ضعفه الحقيقية.

​الهدف النهائي: الفهم والهيمنة:

​هدف سيرافينا النهائي ليس الفوز عليه في مبارزة، بل الهيمنة عليه نفسيًا.

انتصارها الحقيقي سيأتي في اليوم الذي تفك فيه شفرة لغزه بالكامل، وتفهم كل سر من أسراره، وتصبح قادرة على التحكم به كدمية.

هي لا تريد قتله؛ هي تريد امتلاكه عقليًا. بالنسبة لها، نير ڤيرتون ليس خصمًا، بل هو أعظم جائزة في هذه المنافسة.

2025/09/14 · 55 مشاهدة · 3496 كلمة
Ashveil
نادي الروايات - 2025