[منظور نير ڤيرتون]
الظلام الذي ابتلعني بعد سماع كل تلك الذكريات الممزقة لم يكن فراغًا مريحًا.
كان عاصفة صامتة من المشاعر التي لا اسم لها، فيضًا من حزن لم يكن ملكي، وغضب ورثته عن أب لم يكن أبي الحقيقي.
شعرت بأن روحي تُغمر، تُعاد صياغتها، في بوتقة من مأساة عمرها عقود.
عندما عاد وعيي إليّ، لم تكن عودة لطيفة. كانت كغريق يُقذف به الموج على شاطئ من زجاج محطم.
فتحت عيني ببطء، وأول ما رأيته هو ذلك الضوء الأرجواني الخافت، الذي ينبض بهدوء من جدران الغرفة البلورية.
كنت لا أزال هناك، في ذلك المكان الذي يتجاوز الواقع، راكعًا على الأرضية الباردة.
لكن العالم... لم يعد هو نفسه.
لقد كان الأمر صادمًا لدرجة أنه لم يستطع استيعاب كل هذه المعلومات.
المعلومات التي سردها سايلس على مدى ساعات طويلة، بصوته المكسور، الهادئ، كانت قد حطمت كل ما كنت أظنه حقيقة.
قصة والدته، ليليث، وقوتها المرعبة، ولعنتها. قصة خالته، كاسديا، وجنونها ويأسها.
قصة جده، سايلس، وسقوطه. كل هذه معلومات لم تُذكر في الفصول الـ 421 التي قرأها.
الرواية التي كانت دليلي الوحيد في هذا العالم الملعون، أصبحت الآن مجرد قصة أطفال، نسخة مبسطة، ومضللة، لحقيقة أشد رعبًا وظلامًا.
نظرت إلى مورنا. كانت تجلس على الأرض، على بعد أمتار قليلة مني، وذراعاها تلتفان حول ركبتيها.
التوهج في عينيها البنفسجيتين كان باهتًا، ضائعًا.
كانت تحدق في الفراغ، ووجهها قناع من الصدمة المطلقة.
"هل... هل هذا الوغد... قريب لي؟"
صوتها خرج كهمس مكسور، مليء بالارتباك والاشمئزاز.
كانت تنظر إليّ، ليس كشخص، بل كفكرة مستحيلة.
"لحظة... إذا كانت كاسديا هي أمي... وليليث هي أمك... وهما أختان... فهذا يعني..." اهتز صوتها.
"هل أنا... من آل ڤيرتون؟ وأنت أيضًا... نحن...؟"
حتى مورنا لم تستطع أن تستوعب مطلقًا.
فكرة أنها تنتمي إلى هذه السلالة الملعونة، وأن هذا الفتى الذي كانت تراه مجرد أداة أو متغير مزعج، هو الآن... ابن خالتها.
لقد انهارت كل أسس عالمها الصغير، الذي كان يدور فقط حولها وحول سايلس.
"لم أقل هذا لأجل أن تشفقوا عليّ."
صوت سايلس، الهادئ، والمتعب، قطع الفوضى الصامتة التي كانت تعصف بعقولنا.
كان لا يزال جالسًا على عرشه المكسور، جسده محطم، وشبحًا لما كان عليه.
القماش الأسود كان لا يزال يغطي خراب عينيه، وذراعه اليسرى كانت لا تزال مفقودة.
"لقد قلت هذا..." تابع، و"نظر" في اتجاهنا.
"...لأجعلكما تريان. لتريا خطورة هذا العالم. ولتتعلما عدم البحث عن شيء لا يجب عليكما البحث عنه."
صمت للحظة، ثم أضاف، كأنه يجيب على سؤال لم نطرحه.
"أنتم لم تنسيا ما قلته لكم، لم تنسيا وجودي، كما فعلت ليليث... هو بسبب أنكم لا تملكون ذكريات حقيقية عني.
أنتما لم تكبرا بما يكفي لتتذكراني قبل أن يتم محوي.
ذاكرتكما عني حديثة، خام، لم تتشكل بالكامل بعد، ولذلك، لم يستطع ذلك الكائن أن يقطعها تمامًا."
لم أفهم تمامًا منطقه الملتوي، لكنني فهمت الجوهر.
كنا نحن الاثنين، بطريقة ما، خارج نطاق تلك اللعنة التي أصابت العالم.
"وأيضًا،" توقف أمامنا، وظله يغطينا.
"الشيء الثاني الذي أريد أن أخبركما به... هو السبب الحقيقي الذي أتيت بكما إلى هنا من أجله."
صمت للحظة، وترك كلماته تكتسب وزنًا مرعبًا.
"عليكم أن تعثروا... على إرث ڤيرتون."
"إرث؟" تمتمت، وشعرت بأن فمي جاف.
"ماذا تقصد؟ أليس الإرث هو الدوقية، القوة، الاسم؟"
ابتسم سايلس ابتسامة باهتة، حزينة، من خلف قماشه الأسود.
"تلك مجرد واجهة، يا فتى. قشور خارجية. الإرث الحقيقي... هو شيء آخر. شيء أقدم، وأكثر خطورة."
"لا أستطيع أن أخبر سواكما بهذا الشيء،"
قال، وصوته انخفض إلى همس.
"أنا لا أمتلك الكثير من الوقت، ولا القدرة، لأكمل بحثي عنه.
فأنا، كما أخبرتكما، رجل غريب، وخاطف لفتاة من آل ڤيرتون بالنسبة لليليث وڤاليدور من منظورهم.
أنا أشكل خطرًا. لذلك، أنتما الوحيدون الذين أستطيع أن أخبركم بهذا."
نظر من "وجهه" الفارغ، نحوي، ثم نحو مورنا.
"كل ما أعرفه... هو أنه بسبب هذا الإرث، ستشتعل نيران لا يمكن إخمادها."
"إرث يطمع إليه من هم في الأعلى." تمتم، وكأن الكلمات نفسها خطيرة.
"إرث تطمع إليه أشياء تستطيع أن تقتلنا جميعًا دون أن تحرك إصبعًا واحدا."
تذكرت ذلك الرجل العادي على قمة الجبل. وذلك المخلوق ذي المنجل.
"والشيء الذي أعرفه أيضًا..." تابع سايلس، وصوته أصبح الآن أبعد، كأنه يتحدث عن لغز لا يفهمه هو نفسه.
"هو أن هناك شيئًا ربما يكون أعظم من الإرث نفسه. شيء... لا أعرفه حتى أنا."
كنا نحدق في سايلس بصمت، وعقولنا تحاول عبثًا أن تستوعب حجم هذه المؤامرة الكونية التي ألقى بها على أكتافنا.
ثم، وجه سايلس "نظراته" إليّ.
"نير، أنت ضعيف."
الكلمات كانت كصفعة. باردة، وحقيقية.
"ضعيف جدًا. رجل من الرتبة الأولى، يمتلك ظلامًا لا يعرف عنه شيئًا. أنت كطفل يلعب بقنبلة موقوته."
رفع يده اليمنى الوحيدة. ظهر في راحة يده، من العدم، خاتمان.
لم يكونا فخمين. كانا بسيطين، مصنوعين من معدن رمادي باهت.
رماهما نحوي. التقطتهما في الهواء. كانا باردين الملمس.
"انظر."
نظرت إلى الخاتم في يدي. كان يمتلك شاشة بلورية صغيرة، سوداء، وفي وسطها، كانت هناك ثلاث نقاط بيضاء، تتوهج بضوء خافت.
"هذا خاتم الحياة،" شرح سايلس. "النقاط الثلاث هي مؤشر لروحك.
إذا أوشكت على الموت، سيتحول اللون إلى أحمر قاتم. وإذا مت... ستصبح سوداء."
نظرت إلى مورنا. لاحظت أنها تمتلك بالفعل خاتمًا مشابهًا على إصبعها، لكنها كانت تخفيه بمهارة.
"أنا سأنقلكما الآن،" قال سايلس، وصوته أصبح حاسمًا.
"إلى مكان للتدريب. مكان سيجبركما على أن تصبحا أقوى، أو أن تموتا وأنتم تحاولان."
"سأنقلكما... إلى جزيرة الموت."
تجمد دمي. جزيرة الموت؟ لم أقرأ عن هذا المكان في الرواية.
"عليكما أن تنجوا منها،" قال ببرود. "وإذا كان موتكما محتومًا، فكل ما عليكما هو الضغط بإصبعكما على الشاشة. ستعودان إلى هنا. لكن لا يمكن استعماله إلا مرة واحدة في الأسبوع."
"ستذهبان معًا. ستتعلمان كيف تثقان ببعضكما البعض، أو كيف تقتلان بعضكما البعض. لا يهم. المهم هو أن تصبحا أقوى."
ثم، "نظر" إلى مورنا. "وأيضًا، يا مورنا... 'قاتل الخلود'... قريبًا سيصبح ملككِ."
اتسعت عينا مورنا البنفسجيتان.
"حقًا؟"
ثم ضاقت عيناها بذكاء. "أشكرك على كرمك. لكن... لماذا لا تعطيني إياه الآن فقط؟"
ابتسم سايلس ابتسامة باهتة تحت قماشه.
"لأنني... لا زلت لم أنتهِ من مهامي."
لم يقل المزيد.
رفع يده.
وشعرت بأن العالم يتمزق مرة أخرى.
...
...
...
العودة إلى الوعي كانت كالصعود من قبر. لم يكن هناك ضوء أبيض، ولا شعور بالدفء.
بل كان هناك إحساس بالبرودة المطلقة، وبوجود ثقل هائل على روحي.
آخر ما تذكرته هو يد جدي المحطمة على كتفي، وذلك الإحساس بالواقع وهو يتمزق.
والآن... أنا هنا.
"هنا" كانت كلمة لا معنى لها.
فتحت عيني ببطء، وكل عصب في جسدي كان يصرخ احتجاجًا على هذا الواقع الجديد، المريض.
لم تكن هناك غرفة أرجوانية، ولا قاعة عرش منسية.
كنا في الخارج. تحت سماء لم تكن سماءً.
قمر. قمر قرمزي هائل، كان يملأ نصف الأفق، كعين دامية لسامي ميت، يحدق فينا بلا رمش.
ضوؤه لم يكن فضيًا، بل كان أحمر، لزجًا، يغمر كل شيء بلون الدم الجاف، ويجعل الظلال طويلة، سوداء، وحية بشكل مقلق.
كنت أقف على شاطئ. لكن الرمال تحت قدمي لم تكن رمالاً.
كانت رمادية، ناعمة كالغبار، وباردة الملمس كرماد جثة احترقت منذ دهور.
عندما تحركت، أثارت قدمي سحابة صغيرة من هذا الغبار، الذي تلألأ ببريق فضي باهت في الضوء القرمزي.
والبحر... لم يكن هناك بحر. كانت الجزيرة التي نقف عليها تطفو في فراغ، فوق محيط لا نهاية له من السحب الأرجوانية الداكنة، التي كانت تتموج ببطء شديد، كأنها أنفاس كائن كوني نائم.
خلفي، كانت تمتد غابة. لم تكن غابة بالمعنى الحرفي. كانت مقبرة لأشجار.
جذوعها كانت بيضاء، ملساء، كأنها عظام مصقولة لعمالقة قدامى.
وأوراقها... لم تكن أوراقًا. كانت شظايا فضية، رقيقة، حادة، تصدر حفيفًا موسيقيًا، حزينًا، مع كل هبة ريح باردة، كأنها آلاف الأجراس الزجاجية الصغيرة ترن لحن جنازة العالم.
الصمت.
كان الصمت هو الرعب الأكبر. لا صوت أمواج، لا صراخ طيور، لا طنين حشرات.
فقط ذلك الحفيف المعدني، الحزين، للأوراق الفضية، وصوت دقات قلبي المذعورة في أذني.
"أين... نحن؟" تمتمت، والصوت خرج أجشًا، ضعيفًا، ابتلعه الصمت على الفور.
التفت، ورأيتها.
مورنا.
كانت تقف على بعد أمتار قليلة، وظهرها لي.
كانت تحدق في هذا المشهد المستحيل، وهذا القمر القرمزي، وجسدها الصغير متجمد، صامت.
معطفها الداكن كان يرفرف قليلاً مع النسيم، مما جعلها تبدو كغراب صغير، وحيد، على حافة الهاوية.
للحظة، شعرت بشيء غريب. شفقة؟ ربما. لقد تم اقتلاعها من عالمها الوحيد، عالم ذلك الكهف المظلم، وأُلقي بها في هذا الكابوس، تمامًا مثلي.
لكن هذه اللحظة من التعاطف... تلاشت بسرعة.
استدارت نحوي فجأة، وبسرعة أفعى.
والصدمة والارتباك على وجهها قد اختفيا.
وحل محلهما... غضب.
غضب نقي، بارد، ومطلق
التوهج في عينيها البنفسجيتين، الذي كان باهتًا قبل لحظات، انفجر الآن كشمسين أرجوانيتين.
هالتها المرعبة، التي كنت قد شعرت بها في غرفتي، بدأت تتسرب منها، وتجعل الهواء من حولها يهتز، ويبرد أكثر.
"أنت." قالت، وصوتها كان هسهسة حادة، كصوت احتكاك الجليد بالزجاج.
خطت نحوي خطوة. ثم أخرى.
"كيف بحق كل شياطين الجحيم يجعلني مع فتى من الرتبة الأولى؟!"
لم تكن تسألني. كانت تصرخ في وجه الكون، في وجه سايلس، في وجه هذا القدر الملعون.
توقفت أمامي مباشرة، ورفعت رأسها لتنظر إليّ بازدراء مطلق.
"أنت! رتبة أولى! بالكاد تستطيع السيطرة على ذلك الظلام المسروق الذي يسكنك! كيف يفترض بي أن أنجو في هذا المكان، وأنا مسؤولة عن مجالسة طفل مثلك؟!"
"مجالسة...؟" تمتمت، والصدمة بدأت تفسح المجال للانزعاج.
"نعم، مجالسة!" صرخت، وبدأت تسير ذهابًا وإيابًا أمامي على الشاطئ الرمادي، كنمر محبوس في قفص.
"هذا سخيف! هذا إهانة! إنه أشبه بدجاجة تم جمعها مع تمساح، ثم ألقي بهما في مستنقع مليء بالوحوش، وقيل لهما 'اعملا معًا'! أنا التمساح، بالطبع!"
توقفت فجأة، ونظرت إليّ من رأسي إلى قدمي، ببطء، وبتقييم قاسٍ.
"وأنت... أنت لست حتى دجاجة مثيرة للإعجاب."
كنت منهكًا. كنت مرعوبًا.
وآخر شيء كنت أحتاجه هو محاضرة من فتاة مراهقة ذات قوة كونية ومشاكل في التحكم في الغضب.
تنهدت. تنهيدة عميقة، متعبة، خرجت من أعماق روحي.
"أولاً،" قلت بصوت هادئ، ومستوٍ بشكل مقصود، "أنا لست دجاجة.
أنا أمتلك سيفًا أسطوريًا لا ينكسر، وقطعة أثرية ملعونة من مستوى SSS. ربما يجب أن تقرئي ملفي قبل أن تبدئي في إطلاق الأحكام."
توقفت عن السير، وحدقت فيّ، والتوهج في عينيها ازداد.
"أوه، أعتذر يا 'لورد' ڤيرتون. هل جرحت كبرياءك الهش؟"
"ثانيًا،" واصلت، متجاهلاً سخريتها. "إذا كنتِ أنتِ التمساح، فهذا يعني أنكِ تستطيعين التعامل مع الأمور بنفسكِ، صحيح؟ جيد.
أنا سأذهب لأجد شجرة عظام جميلة، وآخذ قيلولة. أيقظيني عندما تنتهين من إنقاذ العالم."
استدرت، وبدأت أسير مبتعدًا نحو الغابة البيضاء.
"إلى أين تظن أنك ذاهب، أيها الوغد؟!"
"إلى النوم."
"عد إلى هنا فورًا!"
"لماذا؟ هل تحتاجين الدجاجة لتكون طُعمًا لكِ؟"
شعرت بارتجاج في الهواء خلفي. استدرت في آخر لحظة.
كانت قد استلت أحد سيفيها، وكانت تهوي به نحوي.
لم يكن هجومًا حقيقيًا. كانت تهديدًا.
توقف النصل على بعد شعرة من رقبتي.
"لا تختبر صبري، يا ڤيرتون." قالت، وصوتها كان هسهسة جليدية.
نظرت إلى النصل، ثم إلى عينيها البنفسجيتين المشتعلتين.
لم أشعر بالخوف. شعرت فقط... بالإرهاق.
"وماذا ستفعلين؟" سألت بهدوء. "ستقتليني؟ سايلس أرسلنا إلى هنا معًا لسبب ما. إذا قتلتني، فربما لن يعجبك ما سيحدث بعد ذلك. هل أنتِ مستعدة للمخاطرة؟"
ضاقت عيناها. لم تكن قد فكرت في ذلك.
"وأيضًا،" أضفت، "إذا كنتِ تريدين ذلك السيف، 'قاتل الخلود'، فربما من الأفضل أن تبقيني على قيد الحياة. فأنا الوحيد الذي يعرف أين هو."
كانت هذه كذبة. لم أكن أعرف أين هو سايلس الآن. لكنها لم تكن تعرف ذلك.
تراجعت ببطء، وسحبت سيفها. الغضب في وجهها كان لا يزال هناك، لكن الشك بدأ يتسلل إليه.
"أنت... مزعج."
"وأنتِ... صاخبة."
وقفنا هناك، نحدق في بعضنا البعض، في صمت عدائي، على شاطئ من الرماد، تحت قمر من الدم.
ثم، قاطع صمتنا صوت.
لم يكن صوتًا منا.
كان صوتًا قادمًا من الغابة.
صوت طويل، حزين، وموسيقي. كأنه صوت بكاء آلة تشيلو عملاقة.
تجمدنا كلانا.
"ما... هذا؟" تمتمت مورنا، والغضب في عينيها تحول إلى حذر.
"لا أعرف." قلت بصدق.
كان صوتًا جميلاً. ومرعبًا.
جميلاً لأنه كان أول علامة على وجود حياة أخرى في هذه الجزيرة.
ومرعبًا... لأنه كان يبكي.
نظرت إلى مورنا. نظرت إليّ.
انتهى الشجار. على الأقل، في الوقت الحالي.
لقد ذكرنا الواقع المرعب بوجوده.
"وأين... نحن بالضبط؟" سألت مورنا، وصوتها كان أهدأ الآن، ويحمل لمسة من القلق الحقيقي.
تنهدت. "الشيء الوحيد الذي أعرفه هو أن الغابة... هي الطريق الوحيد إلى الأمام.
نحتاج إلى ماء، وإلى ملجأ حقيقي. البقاء هنا على الشاطئ انتحار."
نظرت مورنا نحو الغابة البيضاء، التي كانت أشجارها تبدو كأصابع هياكل عظمية تمتد نحو السماء القرمزية.
رأيت التردد في عينيها.
"هل أنتِ خائفة؟" سألت، ولم أستطع منع لمسة من السخرية من التسرب إلى صوتي.
حدقت فيّ بنظرة قاتلة. "التمساح لا يخاف."
ثم، استدارت، وبدأت تسير نحو الغابة.
"فقط... لا تكن عبئًا، يا دجاجة."
ضحكت بسخرية، وتبعتها.
خطونا أولى خطواتنا معًا، ليس كعائلة، ولا كحلفاء، بل كخصمين أجبرهما القدر على السير في نفس الطريق.
دخلنا غابة العظام، تحت ضوء القمر القرمزي، وصوت البكاء الحزين يزداد قوة مع كل خطوة نخطوها.
والظلال بين الأشجار... بدأت تتحرك.
الجحيم... كان يرحب بنا.