كانت جينكس تسير عبر الأزقة المظلمة للزون السفلي، حقيبتها ممتلئة بالقنابل الصغيرة التي كانت دائمًا مصدر تسليتها. لكن هذه المرة، لم تكن خطواتها تحمل خفة المعتادة.
هناك شيء ثقيل يضغط على عقلها، شيء لم تعتد عليه. وجه فيكس، وكلماته التي تردد صداها في ذهنها.
"ربما لأنك تذكرينني بذلك العالم..."
توقفت فجأة بجانب جدار مهدم، وضعت حقيبتها على الأرض وجلست، عيناها مثبتتان على أنقاض المكان.
"لماذا أتركه يقترب؟" تمتمت لنفسها.
---
داخل عقل جينكس
منذ لقائها الأول مع فيكس، شعرت بشيء غريب. ليس كأي شخص آخر قابلته. عادة، الناس إما يخافون منها أو يحاولون استغلالها. كانت دائمًا قادرة على قراءة نواياهم. لكن فيكس؟ كان مختلفًا.
"إنه لا يخاف." فكرت، وعيناها تتجولان عبر الأفق المظلم. "لكنه أيضًا لا يحاول السيطرة. فقط... يبقى هناك، ينظر إلي وكأنه يرى شيئًا لا أراه."
لم تكن معتادة على هذا النوع من الاهتمام. ليس اهتمامًا نابعًا من الخوف أو الإعجاب الأعمى، بل فضول حقيقي. شيء لم تعرف كيف تتعامل معه.
---
ذكريات الماضي
بينما كانت تجلس في الظلام، بدأت ذكريات ماضيها تتسلل إلى عقلها، ذكريات لطالما حاولت دفنها تحت ضحكاتها وصخب قنابلها.
رأت نفسها كطفلة صغيرة، تركض في شوارع الزون برفقة أختها الكبرى. كانت حياتهما صعبة، لكنهما كانتا تملكان بعضهما البعض.
"أختي كانت قوية." فكرت، وابتسامة خفيفة ظهرت على وجهها. "كانت تعرف كيف تواجه العالم، بينما كنت أنا مجرد طفلة خائفة، أختبئ خلفها."
لكن ذلك اليوم المشؤوم، اليوم الذي فقدت فيه أختها وكل شيء آخر، غير كل شيء.
"أصبحت وحدي. لا أحد ليمسك بيدي، لا أحد ليقول لي إن الأمور ستكون بخير. كنت أحتاج لأن أكون قوية، لكنني لم أكن أعرف كيف."
لذلك، صنعت جينكس شخصيتها الجديدة. القنابل، الضحكات المجنونة، والانفجارات كانت طريقتها في الصراخ في وجه العالم: "أنا هنا، ولن يتم تجاهلي."
---
التفكير في فيكس
لكن الآن، كان هناك شخص يقترب. شخص لم تهرب منه ولم تحاول تفجيره (حتى الآن).
"فيكس..." تمتمت باسمه وهي تنظر إلى قنبلة صغيرة تدور بين أصابعها.
"لماذا أشعر وكأنه يفهمني؟ وكأنه يرى كل ذلك الألم الذي أحاول إخفاءه؟"
توقفت عن اللعب بالقنبلة، ووضعتها جانبًا.
"لكنه لا يحاول تغييري." فكرت. "لا يقول لي إنني مخطئة، أو إنني بحاجة لأن أكون شخصًا آخر. فقط... يريد أن يفهم. وكأنه يعرف ما يعنيه أن تكون ضائعًا."
هذا الجزء بالتحديد هو ما جعلها تشعر بالقلق. فيكس كان يذكرها بنفسها. ليس شخصها الحالي، بل الشخص الذي كانت عليه قبل أن تصبح "جنون الزون".
"ذلك الطفل الخائف، الذي يبحث عن مكان في العالم."
---
الصراع الداخلي
لكن فكرة أن ترى نفسها في فيكس كانت مرعبة.
"إذا كان يشبهني، فهذا يعني أنه قد ينتهي مثلي. وحيدًا، يركض بلا هدف، يحاول العثور على معنى في فوضى بلا معنى."
رفعت رأسها، وابتسمت ابتسامة خفيفة مليئة بالحزن. "لكنه ليس أنا. إنه أقوى مما كنت عليه."
تذكرت كيف واجهها في التدريب. لم يتراجع، لم يظهر أي خوف. تذكرت كيف قال إنه يريد أن يفهمها.
"ربما... ربما هو ليس مثلي تمامًا." فكرت وهي تنهض من مكانها.
---
لحظة من القرار
وقفت جينكس ونظرت إلى السماء الملبدة بالأبخرة الداكنة.
"إذا كان يريد أن يفهمني، فسأسمح له." قالت بصوت خافت. "لكن هذا لا يعني أنه سيحب ما يكتشفه."
جمعت حقيبتها وبدأت تمشي نحو الظلال مرة أخرى.
"لن أجعل الأمر سهلاً عليه."
لكن في أعماقها، شعرت بشيء جديد. شيء لم تعتد عليه: أمل ضعيف، لكنه حقيقي. ربما، فقط ربما، هذا الساحر الغريب قد يكون مختلفًا عن الجميع.
---
النهاية المؤقتة
بينما ا
ختفت في الظلام، كانت كلمات فيكس لا تزال تردد صداها في عقلها:
"لأنك تذكرينني بذلك العالم..."