جلس فيكس وجينكس على حافة أحد المباني المدمرة، ينظران إلى الزون السفلي الممتد أمامهما كلوحة فوضوية مليئة بالضباب والألوان المتداخلة. الجو كان ساكنًا، لكن التوتر غير المرئي بينهما كان يضفي على اللحظة شعورًا غريبًا.

"أتعرف، يا ساحر، أحيانًا أتساءل: لماذا لا تبتعد؟" قالت جينكس وهي تلعب بقنبلة صغيرة، تديرها بين أصابعها بخفة كعادتها.

"ابتعد؟" قال فيكس بابتسامة خفيفة. "لماذا أبتعد؟"

"لأنني... كما تراني. مجرد فوضى."

---

الفوضى داخلنا

نظر إليها فيكس بصمت للحظة، ثم قال: "الفوضى ليست سيئة دائمًا، جينكس. لكنها نوعان: هناك الفوضى التي تعيد بناءك، تلك التي تدفعك للتغيير والتطور، وهناك الفوضى التي تمزقك من الداخل، دون أن تدرك ذلك."

جينكس توقفت عن اللعب بالقنبلة، ونظرت إليه بعيون مليئة بالتساؤل. "وما الذي يجعلني، برأيك؟"

"أنتِ..." تردد للحظة، لكنه استجمع كلماته وقال: "أنتِ خليط منهما. لديك فوضى مفيدة، تلك التي تجعل منك شخصًا قويًا، شخصًا لا يتبع القواعد ويصنع طريقه الخاص. لكنك دمجتها دون وعي مع الفوضى التي تدمر، تلك التي تتركك وحيدة، وتستهلك كل شيء جميل بداخلك."

تجمدت ملامح جينكس للحظة، وكأن كلماته اخترقت درعها المعتاد. لكنها سرعان ما ضحكت، ضحكة تحمل لمسة من التوتر. "أوه، تبدو كأنك تعرفني أكثر مما أعرف نفسي!"

"ربما." قال فيكس بهدوء. "أو ربما أنا فقط أعرف ذلك الشعور."

---

امتصاص الفوضى

"وما الذي تعرفه عن الفوضى؟" قالت وهي تعيد نظرها إلى الأفق.

"أعرف أنها ليست سهلة." قال فيكس، ثم تابع بصوت أهدأ: "أعرف أنني أمتص مشاعر الآخرين، حتى الفوضى التي يحملونها. عندما أرى أحدهم يتألم، لا أستطيع أن أتجاهله. أتحمل كل شيء: الغضب، الحزن، وحتى الأخطاء. أساعدهم، أحيانًا دون أن يفهموا، وأغفر لهم أكثر مما يجب. لكن المشكلة..." توقف فجأة.

نظرت إليه جينكس، فضولها واضح على وجهها. "المشكلة؟"

"المشكلة أنني أحيانًا أنسى أن أساعد نفسي."

كان الصمت ثقيلًا للحظة، وكأن الهواء نفسه أصبح أكثر كثافة.

---

الفراغ الداخلي

"أتعلمين، جينكس؟" قال فيكس وهو ينظر إلى القفازات في يديه. "السحر جعلني مميزًا، منحني القوة التي لم أكن أمتلكها من قبل. لكنه لم يملأ الفراغ في داخلي. هناك دائمًا شعور بأنني لست كافيًا، بأنني مهما فعلت، هناك شيء مفقود."

جينكس، التي عادةً ما تكون ممتلئة بالردود السريعة والضحكات، ظلت صامتة. لم تكن تعرف كيف ترد على هذا الاعتراف.

"أحيانًا أشعر أنني أحاول إصلاح الآخرين لأنني لا أستطيع إصلاح نفسي." تابع فيكس، صوته مليء بالصدق.

"هذا... سخيف." قالت جينكس فجأة، لكنها لم تبدو واثقة من كلماتها. "لماذا تهتم بإصلاح الآخرين؟ إذا كان العالم يريدك أن تنكسر، اكسره أولًا."

ابتسم فيكس بخفة وقال: "لأنني لا أريد أن أكون مثله. ولا أريد أن أكون شخصًا آخر يترك كل شيء يتحطم."

---

رسالة بين السطور

وضعت جينكس القنبلة جانبًا، ونظرت إليه بعيون مليئة بالغموض. "أنت تعرف يا فيكس، أنك غريب جدًا."

"غريب؟"

"أجل. أنت تتحدث عن الفوضى وكأنها شيء يمكنك التحكم فيه. وكأنك تستطيع فهمها. لكن الحقيقة هي أن الفوضى لا تُفهم. هي فقط تحدث."

"ربما. لكنني أعتقد أن هناك دائمًا طريقة للتعامل معها. حتى لو كانت فوضى لا يمكن السيطرة عليها بالكامل، يمكننا أن نجد طريقة للتعايش معها."

توقفت للحظة، ثم قالت: "وإذا كانت الفوضى هي أنا؟"

"حينها سأتعلم كيف أتعايش معكِ." قال بهدوء، وعينيه تلتقيان بعينيها.

---

لحظة من التفاهم

ضحكت جينكس، لكنها هذه المرة لم تكن ضحكتها المعتادة. كان هناك شيء أعمق، شيء أقرب إلى الحقيقية. "أتعلم؟ ربما هذا ما يجعلني أسمح لك بالبقاء. أنت لا تحاول تغييري. فقط تحاول أن تفهمني."

"وهذا كل ما أريد."

"لكن تذكر." قالت وهي تقف، تأخذ قنبلتها مجددًا. "إذا كنت تعتقد أنك تستطيع إنقاذي، فأنت أكثر جنونًا مما أعتقد."

"أنا لا أحاول إنقاذك." قال بابتسامة خفيفة. "أنا فقط أريد أن أكون هنا."

---

النهاية المؤقتة

بينما غادرت جينكس، شعرت بشيء مختلف. ربما لأول مرة منذ فترة طويلة، شعرت أن هناك شخصًا لا يريد أن يأخذ منها شيئًا، بل فقط يريد أن يكون جزءًا من عالمها.

أما فيكس، فقد أدرك أن الفوضى التي تحيط بجينكس ليست سوى انعكاس لجزء منه، جزء لم يكن قد واجهه بعد.

النظام تحدث في عقله:

"أنت تعرف أن هذه العلاقة معقدة للغاية، أليس كذلك؟"

"أعلم."

قال فيكس بهدوء.

"وماذا ستفعل إذا أصبحت الأمور أكثر تعقيدًا؟"

"سأفعل ما أفعله دائمًا. سأحاول."

2024/11/20 · 18 مشاهدة · 645 كلمة
Brawleyad
نادي الروايات - 2025