كان الليل في الزون السفلي مختلفًا، دائمًا مشحونًا بشعور من الترقب، كأن المدينة تنتظر أن ينفجر شيء ما. كان فيكس جالسًا وحده على سطح أحد المباني المهجورة، يراقب الأضواء الخافتة والدخان الذي يتصاعد من المصانع البعيدة.
القفازات الهيكستيكية كانت على الأرض بجانبه، وعيناه تحدقان في الظلام. عقله مشغول بخطة لم يخبر بها أحدًا، حتى جينكس.
"لن تفهم." قال لنفسه بصوت خافت، وكأن الكلمات تهدئ التوتر الذي يعتصره.
---
الصراع الداخلي
منذ أن تعرف على جينكس، كان يعلم أنها ليست مثل أي شخص آخر قابله. لم تكن مجرد ضحية أو مقاتلة. كانت شيئًا بينهما، خليطًا من الفوضى والبراءة الممزقة.
لكنها ليست وحدها في هذا العالم. هناك شخص آخر يقف في الظل، يحكم قبضته على الزون السفلي ويدفع جينكس إلى أعماق الفوضى: سيلكو.
"هو ليس مجرد تهديد لها." فكر فيكس. "إنه جزء من السبب الذي يجعلها لا ترى العالم كما يجب. جزء من السبب الذي يجعلها ترى نفسها مجرد أداة للفوضى."
لكنه يعلم أن المواجهة مع سيلكو لن تكون سهلة. ليس بسبب قوته أو نفوذه، بل بسبب علاقته بجينكس. بالنسبة لها، سيلكو كان بمثابة الأب، الشخص الذي أعاد بناءها بعد أن فقدت كل شيء.
"كيف يمكنك إنقاذ شخص من نفسه ومن الشخص الذي يعتبره عائلته؟" تساءل فيكس بصوت منخفض.
---
القرار الصعب
أخذ نفسًا عميقًا، ثم نهض من مكانه. أمسك بالقفازات وارتداها بحركة بطيئة، كأنها طقوس لتجهيز نفسه.
"لن أقول لها." قال بهدوء، وعيناه مثبتتان على الأفق.
"إذا عرفت، لن تفهم. ستعتقد أنني أحاول تغييرها، أو أنني أعتقد أنها ضعيفة. لكن الحقيقة... أنني أرى قوتها. أرى الفوضى التي بداخلها، وأعلم أنها جزء مما يجعلها على قيد الحياة."
توقف للحظة، ثم أضاف: "لكن إذا استمر الأمر هكذا، إذا بقيت تحت سيطرة سيلكو وفوضى نفسها، ستُدمر. ولن أسمح بذلك."
---
ظهور الخطر: بداية الحديث عن سيلكو
بينما كان يفكر في خطوته التالية، سمع صوتًا مألوفًا.
"تتحدث إلى نفسك كثيرًا، يا ساحر."
التفت بسرعة ليجد كيرا تقف خلفه، ذراعيها معقودتين على صدرها.
"ماذا تريدين، كيرا؟"
"أريد أن أعرف ما الذي تخطط له."
"لا شيء يخصك."
"أوه، بل يخصني. أنت تلعب لعبة خطيرة، يا فيكس. تلك الفتاة ليست مجرد مشكلة لنفسها، إنها متصلة بشخص آخر... شخص لن يسمح لك بالاقتراب أكثر."
"أعرف من تقصدين."
"سيلكو." قالت الاسم بصوت خافت، لكنه كان يحمل ثقلًا كافيًا ليجعل الجو حولهما مشحونًا.
"أنت تعرف أنه لن يدعك تقترب منها أكثر، صحيح؟ بالنسبة له، جينكس ليست مجرد شخص. إنها أداته المفضلة."
"وهي ليست أداة لأي أحد." قال فيكس بحزم.
"ربما ليست أداة بالنسبة لك. لكن ماذا عنها؟ هل هي مستعدة لتتركه؟ لتترك كل شيء؟"
---
التحضير للمعركة القادمة
صمت فيكس لوهلة، ثم قال: "لن أجبرها على شيء. لكنني سأكون هناك عندما يحين الوقت. سأكون مستعدًا."
"وأنت تعتقد أن الأمر بهذه البساطة؟"
"لا، أعلم أنه ليس بسيطًا. لكن أحيانًا، ما يستحق فعله لا يكون بسيطًا."
نظرت إليه كيرا لفترة، ثم تنهدت وقالت: "أنت عنيد، يا فيكس. لكني سأقول لك هذا: إذا أردت إنقاذها، لن يكون الأمر مجرد قتال مع سيلكو. سيكون عليك أن تواجهها هي أيضًا."
"أعلم."
---
النهاية المؤقته
بينما اختفت كيرا في الظلال، وقف فيكس وحده مرة أخرى، ينظر إلى الزون السفلي الذي يعج بالفوضى.
في مكان ما، كان يعلم أن سيلكو يراقب كل شيء. وفي مكان آخر، كانت جينكس تبتسم، غي
ر مدركة لما يخطط له.
"لن أتركك تسقطين، جينكس." قال بهدوء. "حتى لو كلفني ذلك كل شيء."
كان فيكس ما يزال يحدق في الأفق، بينما أفكاره تتشابك. سيلكو لم يكن مجرد عقبة في طريقه، بل كان يمثل كل ما يهدد إنسانية جينكس.
"هل تعتقد أنك تستطيع تحدي سيلكو؟" قالت كيرا بصوتها الجاف، وهي تعود للوقوف بجانبه.
"لا يتعلق الأمر بتحديه." قال فيكس وهو يعقد ذراعيه. "يتعلق الأمر بإنقاذها من قبضته... ومن نفسها."
"أنت تتحدث وكأنها تملك خيارًا. لكنها اختارت أن تكون معه."
"لأنها لم تعرف غير ذلك. لا يمكنك أن تلوم شخصًا على اختيار الظلام إذا كان كل ما يعرفه هو الظلال."
---
في مكان آخر: مملكة سيلكو
في أعماق الزون السفلي، في مصنع ضخم تحت الأرض، جلس سيلكو على كرسيه العالي، يراقب الزون من خلال شاشة عملاقة. المكان كان يعج بالصناعات الهيكستيكية، والضباب الكثيف يغمر كل زاوية.
على الطاولة أمامه، كانت هناك رسومات لجينكس وقنابلها المعتادة. لكنه لم يكن يبتسم. كان وجهه يحمل قسوة باردة، وعيناه تخفيان نوايا غير مفهومة.
"هل وجدنا شيئًا عنه؟" قال بصوت منخفض لكنه كان يحمل قوة لا تقبل التهاون.
أحد رجاله، ذو وجه مشوه من التجارب الكيميائية، تقدم وقال: "الساحر؟ نعم، رأيناه عدة مرات برفقة جينكس. يبدو أنه يقترب منها."
"أوه، يقترب منها؟" قال سيلكو بابتسامة خافتة. "إذا كان يعتقد أنه يستطيع سرقة ما هو لي، فهو أكثر غباءً مما توقعت."
"ماذا تريدنا أن نفعل؟"
نهض سيلكو ببطء، يضع يديه خلف ظهره وهو يتحدث. "لا شيء... بعد. دعونا نرى إلى أي مدى يظن أنه يستطيع الاقتراب."
---
عودة إلى فيكس
بينما كان فيكس يعيد تجهيز قفازاته، اقتربت منه كيرا مرة أخرى، هذه المرة بنبرة أقل حدة.
"فيكس، أنا لا أقول إنك مخطئ. لكن ما الذي ستفعله إذا واجهتها؟ إذا اختارت البقاء معه؟"
توقف عن الحركة، ثم نظر إليها بجدية. "لن أطلب منها الاختيار. لكنني سأكون هناك عندما تدرك أنها تستحق شيئًا أفضل."
"وأنت مستعد للتضحية بكل شيء من أجل ذلك؟"
"إذا كنتُ لست مستعدًا، فمن سيكون؟"
كيرا لم تجب، لكنها عرفت أنه قد قرر بالفعل.
---
في تلك الليلة، بينما كان الجميع نائمين أو منشغلين بفوضى الزون، وقف فيكس على سطح المبنى، ينظر إلى النجوم القليلة التي تظهر بصعوبة خلف الدخان.
"جينكس، حتى لو كنتِ لا ترين ذلك الآن، هناك شيء فيكِ يستحق القتال من أجله. وسأقاتل... حتى النهاية."