بعد المحادثة الطويلة بين فيكس وجينكس، كان الجو مشحونًا بالصمت. كلاهما شعر بثقل الكلمات التي قيلت، لكنها لم تكن كافية لتغيير الوضع الحالي.

وقف فيكس ونظر إلى جينكس، التي كانت تراقبه بصمت.

"سأذهب الآن." قال بهدوء، وعيناه تتأملان وجهها.

"تذهب؟ إلى أين؟" قالت بارتباك خفيف، لكن صوتها حاول أن يبدو غير مبالٍ.

"أحتاج إلى بعض الوقت لتصفية ذهني. سأعود بعد أسبوع."

"وأين ستذهب؟"

ابتسم قليلاً وقال: "إلى مكان مختلف. إلى بيلتڤور."

"بيلتڤور؟" تمتمت وهي ترفع حاجبها. "لماذا؟"

"هناك أشياء أحتاج إلى معرفتها، وأشخاص أحتاج إلى رؤيتهم." قال بصوت غامض.

---

النقل الآني

مدّ فيكس يده أمامه، وبدأت القفازات الهيكستيكية تتوهج بطاقة سحرية زرقاء نابضة. كان النقل الآني سحرًا جديدًا تعلمه مؤخرًا، لكنه لم يستخدمه إلا مرات قليلة.

"لا تقلقي." قال بابتسامة صغيرة. "سأعود كما وعدت."

"أنت دائمًا تقول هذا." قالت وهي تعقد ذراعيها، لكن نبرة صوتها لم تكن بنفس صلابتها المعتادة.

في لحظة، اندفع ضوء ساطع حول فيكس، وفي غمضة عين، اختفى من أمامها.

......

تحت سماء الزون السفلي المليئة بالضباب والأضواء المتقطعة، كانت جينكس تجلس وحدها في مكانها المعتاد، تدور قنبلة صغيرة بين أصابعها. منذ أن رحل فيكس مستخدمًا السحر الجديد، لم تستطع أن تهدأ.

"لماذا تركني؟" تمتمت بصوت خافت، عيناها تحدقان في الظلام.

لكن سرعان ما تحولت نبرتها إلى صراخ موجهة لنفسها. "أوه، جينكس، يا عبقرية! بالطبع تركك، أنت السبب! من يريد البقاء مع شخص يجلب الفوضى أينما ذهب؟"

رفعت قنبلة صغيرة وأخذت تتحدث إليها كأنها شخص حي: "ماذا تعتقد يا صغيري؟ هل أنا السبب أم هو؟"

ثم أجابت نفسها بصوت أعمق: "بالتأكيد أنتِ السبب، جينكس! أنتِ عبقرية في صنع المتاعب!"

"أوه، اصمت!" قالت وهي ترمي القنبلة جانبًا، ثم غطت وجهها بيديها. "قال إنه سيعود. لكن ماذا لو لم يفعل؟"

بعد لحظة صمت، نظرت إلى القنبلة التي رمتها وقالت: "إذا لم يعد... حسنًا، لديّ الكثير من القنابل للتسلية، أليس كذلك؟"

ضحكت بصوت عالٍ، لكنها سرعان ما توقفت، وعادت للحزن مرة أخرى.

---

في بيلتڤور: ظهور غامض

في حيٍّ مظلم من بيلتڤور، كانت ڤاي تتجول وسط مجموعة من الأزقة الضيقة. رغم محاولتها الحفاظ على هدوئها، إلا أنها شعرت بأن هناك من يتبعها.

"توقفوا عن التسلل، أيها الحمقى!" صاحت بصوت عالٍ، مستديرة لتواجه ثلاثة رجال بأوجه قاسية وأسلحة موجهة نحوها.

"نحن فقط نريد الحديث، يا وردية الشعر." قال أحدهم بابتسامة خبيثة.

"آه، الحديث؟ لديّ إجابة!" قالت وهي ترفع قبضتيها الحديديتين، مستعدة للقتال.

لكن قبل أن تبدأ المعركة، ظهرت موجة من الطاقة الزرقاء فجأة، دفعت الرجال الثلاثة للخلف.

"ماذا؟" تمتمت ڤاي وهي تتراجع خطوة للخلف.

من بين الظلال، ظهر فيكس، قفازاته تتوهج بطاقتها السحرية، وعيناه تلمعان بخفة. لم يقل شيئًا، فقط وقف بهدوء ينظر إلى الرجال الذين سقطوا على الأرض.

"من أنت؟" قالت ڤاي بحذر، قبضتيها ما تزالان مرفوعتين.

"مجرد عابر سبيل." قال بصوت هادئ، لكنه محمل بغموض.

قبل أن ترد، أشار إلى الرجال الذين بدأوا ينهضون بصعوبة. بنظرة واحدة منه، انطلقت دفعة سحرية أخرى، مما أجبرهم على الهرب.

"أنت ساحر؟" قالت وهي تنظر إليه بتوجس.

"ربما." قال بابتسامة خفيفة، لكنه لم يوضح.

اقترب خطوة نحوها وقال: "أنتِ تعودين إلى الزون. لماذا؟"

"وما شأنك أنت؟" قالت بغضب، لكن قبل أن تضيف شيئًا، أكمل بهدوء: "إنها ما زالت هناك... جينكس."

نظرت إليه بدهشة، لكن تعبيرها سرعان ما تحول إلى غضب. "كيف تعرف ذلك؟ وما علاقتك بها؟"

"لا يهم الآن." قال وهو يبتسم بخفة، ثم رفع يده، وانطلق الضوء الأزرق مرة أخرى ليختفي من أمامها.

"تعال هنا!" صرخت وهي تضرب قبضتها على الجدار، لكن لم يكن هناك أثر له.

---

وسط بيلتڤور: البحث عن الهدوء

ظهر فيكس فجأة في أحد ميادين بيلتڤور الفاخرة. الهواء هنا كان أنقى، والأضواء أكثر بريقًا. لكنه لم يكن يشعر بأي راحة.

جلس على أحد المقاعد، محاولًا تهدئة عقله المليء بالأفكار.

"ما الذي أفعله؟" تمتم لنفسه، وعيناه تحدقان في الأفق. "أحاول إنقاذ شخص ربما لا يريد أن يُنقذ."

لكنه لم يستطع تجاهل ذلك الشعور الذي كان يسيطر عليه: الشعور بأنه مسؤول.

بدأ يرسم على الورق الذي أمامه، يخطط لما يجب أن يفعله عند عودته. الخطوات، الخيارات، المخاطر... كل شيء كان يحاول تنظيمه في ذهنه.

---

كيرا في ذهنه

لكن وسط كل هذا، تذكّر كيرا.

"لم أودعها..." قال بصوت منخفض.

كانت كيرا دائمًا بجانبه، تدعمه حتى عندما لم تفهم قراراته. ورغم ذلك، غادر دون أن يخبرها.

"كانت حزينة، أليس كذلك؟" فكر وهو يتخيل وجهها وهي تحاول إخفاء مشاعرها.

لكنه هز رأسه وقال: "لا يمكنني العودة الآن. لديّ أشياء لأفعلها هنا أولاً."

---

النهاية المؤقتة

بينما كان يجلس في بيلتڤور، شعر فيكس أن هذا الهدوء المؤقت لن يدوم طويلاً. كان يعلم أن العودة إلى الزون ستجلب المزيد من التحديات، لكن هذه اللحظة، رغم كل شيء، كانت ضرورية.

أما جينكس، فكانت لا تزال في الزون، تلعب بإحدى قنابلها، تتحدث إليها: "قال إنه سيعود. إذا لم ي

فعل... حسنًا، سأجعله يدفع الثمن."

لكن في أعماقها، كانت تعرف أنها لا تريد أن يرحل إلى الأبد.

2024/11/20 · 20 مشاهدة · 761 كلمة
Brawleyad
نادي الروايات - 2025