"جلالتك، يبدو أن المدينة المركزية في المنطقة الغربية قد سقطت في أيدي الوحوش"، قال فارس يقف على جانب طاولة الاجتماعات، وهو ينظر باتجاه الشخصية الفخمة التي تترأس الاجتماع.
تبع ذلك صمتٌ ثقيل وترقبٌ في غرفة الاجتماعات، حيث كانت كل العيون تنتظر رد فعل الملك الحالي للإمبراطورية المقدسة على هذه الكارثة التي لم تشهدها البلاد من قبل. ففي غضون خمس سنوات فقط على تولي الملك الجديد العرش، اجتاحت وحوش تُعرف بالجوبلن وبعض الكائنات الأخرى القوية المملكة من غابة السحابة في الجهة الغربية.
في البداية، كانت هناك بعض الهجمات الخفيفة هنا وهناك على بعض القرى الحدودية، وقد تم التعامل معها. لكن في الأشهر القليلة الماضية، تحولت هذه الهجمات إلى سيل جارف من ملايين الجوبلن والوحوش السامة التي اجتاحت كل أقاليم الإمبراطورية الغربية، تسببت في مذبحة ضخمة وأزمة هجرة، ومؤخراً تمكنت من اقتحام المدينة المركزية الغربية التي تخضع للسلطة الإمبراطورية مباشرة.
"يبدو أن هذا هو الاختبار الذي جهزه سموه من أجلي، ومنعني من استخدام قوة الأرقام من قسم إدارة الإمبراطورية باستثناء جهاز الاستخبارات"، فكرت أرتوريا بصمت وهي تنظر إلى الخرائط الموضوعة أمامها، قبل أن ترفع رأسها وتخاطب جميع أعضاء الاجتماع من قادة الجيش والنبلاء الكبار.
"حالياً، من المعلومات المتوفرة لدينا، فإن الجوبلن ينقسم إلى أربعة مستويات: المستوى الأول تعادل قوته فارساً متدرباً، والمستوى الثاني أكثر تطوراً وذكاؤهم يعادل طفلاً في التاسعة تقريباً، وقوتهم تصل إلى فارس عظيم. أما المستوى الثالث فهو نادر، وقوته تعادل فارس السماء، وذكاؤهم يعادل البشر، غير أن أعدادهم تنحصر في العشرات تقريباً. أما المستوى الأخير، فهو يعادل قوة فارس دم التنين، وقد تم رصد ثلاثة منهم فقط"، قالت أرتوريا مؤكدةً معلومات الاستخبارات الواردة.
صمتت قليلاً ثم أكملت: "حالياً، أخطر نوع هو المستوى الأول، رغم ضعفه، فهو يملك قوة خصوبة شديدة جداً، ويستطيع مضاعفة أعداد الجوبلن في فترة زمنية قصيرة. كما أنه لا يملك عزلة إنجابية مع البشر أو الحيوانات، لذا فهو أخطر نوع".
"جلالتك، إذاً فسكان المنطقة الغربية التي اجتاحتها هذه الوحوش قد ت..." قال أحد أعضاء الاجتماع من النبلاء قبل أن تقاطعه أرتوريا رداً.
"نعم، أخشى أن ما في ذهنك هو ما حصل. لقد تم أكل أغلب البشر أو استخدامهم في التزاوج لزيادة أعدادهم، خصوصاً وأن الجوبلن حالياً يملك قيادات لا تقل ذكاءً عن البشر"، ردت أرتوريا بصوت ثابت يحمل بعض الغضب.
ثم أكملت: "حالياً، قد تم اتخاذ قرارات الخطة، واتفقنا على كل التفاصيل في اجتماع الطوارئ. أنا أوجهكم للبدء في أسرع وقت بتنفيذ خارطة الطريق المتفق عليها"، قالت وهي تقف من كرسيها بنظرة حازمة.
"أمرك جلالتك"، رد جميع الحاضرين بصوت واحد أثناء وقوفهم.
"حسناً، المرجو عدم تأخير الوقت، فكل ثانية تمر نخسر أرواحاً من شعبنا العزيز. غداً صباحاً يجب تجهيز كل الفرق العسكرية، وسأقود الجيش شخصياً للمشاركة في معركة التحرير".
"أمرك جلالتك".
انفض اجتماع خلية الأزمة التي تم تشكيلها بشكل عاجل، وتم الإعلان عن أهم القرارات المتخذة في الساحة المركزية، منها استدعاء كل الفرسان والنبلاء في المملكة لأمر التجنيد، وفرض الأحكام العرفية في المناطق المتبقية الغربية والقريبة منها، وكذلك سن قانون بتحديد سعر الغذاء لمنع الاحتكار وزيادة الأسعار بسبب موجة اللاجئين الكبيرة. كانت هذه أهم القرارات التي سنها الملك أرتوريا الأول.
"حسناً، يبدو أن ثمار خطة الشحذ قد بدأت تنضج بشكل أسرع مما توقعت. أنا حقاً لم أتوقع أن تنضج بهذه السرعة، أرتوريا الصغيرة"، قال آرون وهو يقرأ تقرير الاستخبارات عن القرارات التي اتخذتها في مواجهة جائحة الجوبلن والوحوش.
أما بالنسبة لاهتمام آرون بعدد الأرواح التي سيتم هدرها في هذه الخطة، فهذا سعر مقبول بالنسبة له في طريق إنضاج أرتوريا وتحريك المياه الراكدة في شعب الإمبراطورية الذي بدأت تظهر عليه علامات الكسل والتفسخ بسبب عدم وجود تحديات في القرون الماضية.
وأيضاً، أحد أهداف آرون من مثل هذه الخطة هو خلق عدو خارجي من أجل إيجاد شعور بالأزمة، مما سيؤدي إلى التوجه نحو مسار القوة الاستثنائية أكثر، والقضاء على أي محاولة مستقبلية في المسار التكنولوجي الذي يتعارض مع خطة آرون الكبرى للمنطقة القاحلة بالكامل. فالبشر كائنات فضولية، وما أن يفتحوا صندوق باندورا الخاص بهذا الجانب، سيكون من الصعب بعدها إعادة غلقه. لذا فقد قرر أن المسار الاستثنائي لاكتساب القوة مع الحفاظ على حالة العصور الوسطى وفيما بعد بداية العصر الفيكتوري هو أكثر ما يتوافق مع خطط آرون.
"رغم أن هذا لا يزال بعيداً، إلا أن الحذر واجب، فلكل حصان كبوة"، قال آرون في نفسه وهو يتجه إلى مختبره، ناسياً موضوع الإمبراطورية. فحالياً، كان يضع اللمسات الأخيرة على خطة المئة سنة الخاصة بأكاديمية العذراء .
صورة نورمان اول اتباع ارون و سلف عائلة روزفلت نورمان روزفلت .
