بدأت شمس الصباح تتسلل ببطء من خلف الأفق، تلقي بضياء خافت على المدينة المركزية الغربية، لكن نورها لم يكن كافياً ليمحو الظلال الثقيلة التي خلفتها المعركة. رغم انتصارهم، كان الهواء مشبعًا برائحة الدم والرماد، وصدى صرخات الجرحى لا يزال يتردد بين الأزقة والشوارع المدمرة.
وقفت أرتوريا على أسوار المدينة، تحدق في الأفق البعيد، حيث تلاشت آخر آثار الجوبلن الفارين نحو الغابات والجبال. درعها الأحمر ملطخة بالدماء ، لكن عينيها الخضراوين ظلتا تشعان بإصرار لا ينكسر.
في ساحة القلعة، اصطف الناجون من فرسان مستوى السماء ، أولئك الذين يُعتبرون نخبة الجيش في المعارك أجسادهم كانت مليئة بالجروح، وعيونهم تعكس الحزن والصدمة.
وقف القائد غالان ، أحد أقوى فرسان مستوى السماء، أمام أرتوريا وهو يمسك بخوذته تحت ذراعه. كانت نبرة صوته ثقيلة: "جلالتك... خسرنا الكثير. فرسان السماء الذين سقطوا تحت سيوف الجوبلن أو أنياب وحوشهم."
صمتت للحظة، ثم أضافت بنبرة أكثر حدة: "النصر كان بداية، لكن الحرب لم تنتهِ."
مع سقوط قائدهم غورثاك ، لم يختفِ الجوبلن تمامًا كما توقع البعض. بل على العكس، بدأوا يتكيفون مع الوضع الجديد. بدلًا من شن هجمات مباشرة، بدأوا في التفرق إلى مجموعات صغيرة، يتسللون إلى الغابات والجبال المحيطة بالإمبراطورية.
كانت هذه المجموعات أكثر خبثًا من ذي قبل، تهاجم القرى الصغيرة والمزارع النائية، وتختفي قبل أن تصل قوات الإمبراطورية. تحولت هذه الهجمات إلى حرب عصابات مرهقة، تستنزف موارد الإمبراطورية وتبقي السكان في حالة دائمة من الخوف.
"الجوبلن أصبحوا مثل الطاعون، يتسللون وينتشرون في الظل"، قال القائد غالان بينما كانوا يراجعون تقارير الاستطلاع. "إذا لم نتحرك بسرعة، سيصبح من المستحيل القضاء عليهم."
لكن الأكثر إثارة للقلق كان ما كشفه الكشافة: غورثاك لم يكن سوى أحد ثلاثة قادة جوبلن من المستوى الرابع . القائدان الآخران، اللذان لم يُكشف عن هويتهما بعد، كانا قد اختفيا في الظلال، يخططان لتحركاتهما القادمة.
قال أحد الكشافة المرتجفين: "رأينا إشارات... ظلال ضخمة تتحرك في الغابات. هذان القائدان ليسا فقط أقوى من غورثاك، بل أكثر دهاءً. إنهما يترصدان في الظلام، ينتظران اللحظة المناسبة للانقضاض."
خلال الأسابيع التالية، قادت أرتوريا حملة عسكرية شاملة، مستهدفة المدن الغربية التي سقطت تحت سيطرة الجوبلن. كل مدينة حررتها كانت تحمل قصصاً عن المعاناة والخسارة .
المعارك لم تكن سهلة. في مدينة إلدارن ، واجهت أرتوريا واحدة من أصعب معاركها. كان هناك عقرب سام ضخم ، مخلوق شيطاني بحجم منزل، يتحرك بسرعة مخيفة رغم ضخامته. سمه كان قاتلاً، ودرعه السميك كان يقاوم معظم الأسلحة العادية. قيل إن هذا الوحش بقوة فارس دم التنين ، وهو مستوى أسطوري نادرًا ما يُرى.
عندما واجهت أرتوريا العقرب في ساحة المدينة المحترقة، أدركت أن هذه المعركة ستكون اختبارًا حقيقيًا لقوتها. ضربات العقرب و ذيله السام يجلد الهواء بحثًا عن فريسته.
استخدمت أرتوريا مهاراتها وسرعتها لتفادي هجماته، لكنها ادركت أن الدفاع لن يكون كافياً. مع كل ضربة من سيفها إكسكاليبر ، تبحث عن نقطة ضعف في درع العقرب السميك.
وبعد معركة استمرت لساعات، تمكنت أخيرًا من خداع الوحش، ودفعته للانقضاض على درع قديم مكسور، ما جعله يكشف بطنه الرخو. عندها، استخدمت كل قوتها لطعن سيفها في جسده، حتى اخترق قلبه المسموم.
سقط العقرب أخيرًا، مع أرتوريا المنهكة، جسدها مغطى بالجروح ودرعها مغطى بالاوساخ . لكنها وقفت وسط ساحة المدينة، مرفوعة الرأس، لتعلن أن هذه الأرض قد تحررت.
بعد تحرير المدن الغربية، عادت أرتوريا إلى العاصمة، في قاعة العرش، جمعت أرتوريا النبلاء والقادة، وأعلنت عن تأسيس فرقة عسكرية جديدة ، تتكون من أفضل الفرسان وأشجع النبلاء. لم تكن هذه الفرقة مجرد جيش عادي، بل قوة خاصة مصممة لتنفيذ مهام نوعية: ملاحقة وقتل الجوبلن وأي تهديدات أخرى في أنحاء الإمبراطورية.
"لن ننتظر حتى يطرقوا أبوابنا"، قالت أرتوريا بحزم. "سنكون نحن الظل الذي يلاحقهم، واليد التي تقطع جذورهم قبل أن تنمو."
تلك الفرقة الجديدة أصبحت تعرف لاحقًا باسم "فرسان اللهب القرمزي" ، وكانت بقيادة أرتوريا شخصياً، تضم نخبة من المقاتلين ذوي المهارات العالية، هدفهم الوحيد: تطهير الإمبراطورية من أي تهديدات غريبة .
بينما كانت أرتوريا تخطط للمرحلة التالية، كان هناك شيء يتحرك في الظلام. القائدان المتبقيان من المستوى الرابع لم يختفيا، بل كانا يجمعان قواتهما و يستعدان .
احد اتباع ارون الرئيسيين جورجيا ملكة الإمبراطورية الجنوبية السابقة .