مرت خمس سنوات منذ تأسيس فرسان اللهب القرمزي ، وخلال هذه الفترة، جابت الفرقة أرجاء الإمبراطورية، تخوض معارك متواصلة ضد الجوبلن المنتشرين في الغابات والجبال وحتى الأطراف النائية للمدن. ورغم النجاح الكبير في تقليص أعدادهم . لم يكن بالإمكان القضاء عليهم بالكامل.
تحولت الحرب من مواجهة مباشرة إلى صراع استنزاف مستمر، حيث أصبحت هجمات الجوبلن أكثر ذكاءً، معتمدين على الكمائن والمناوشات الصغيرة التي تنهك قوات الإمبراطورية و زيادة اعدادها بخطف البشر و التزواج معهم ولكن في المقابل، خلقت هذه الحرب جيلاً جديداً من الفرسان أكثر صلابة وقوة. الفرسان الذين نجوا من هذه السنوات أصبحوا مقاتلين مخضرمين، وقادتهم تعلموا فنون القيادة في ظل الضغط المستمر.
ورغم الخسائر البشرية الكبيرة والإرهاق الذي أصاب الإمبراطورية، إلا أن هذه الحرب أعادت الحياة لدولة كانت قد غرقت في الركود لقرون من السلام وبدأت المدن في بناء دفاعات أقوى، وتحولت الإمبراطورية إلى كيان عسكري لا يُستهان به.
في إحدى حملات أرتوريا غرب الإمبراطورية، أثناء ملاحقة مجموعة من الجوبلن الفارين في الغابات الكثيفة، حدث ما لم يكن في الحسبان. وبينما كانت الفرقة تتقدم بثقة، شق جوبلن ضخم صفوفهم بهجوم مفاجئ. كان مختلفًا عن أي شيء رأته أرتوريا من قبل. بشرته الخضراء الداكنة تتوهج ، وعضلاته تفوق حتى أقوى فرسان دم التنين .
كان الجوبلن يحمل فأسًا ضخمة ، و كل ضربة منه تترك شقوقا كبيرة على الارض . عندما تواجه مع أرتوريا، شعر الجميع أن هذه ليست معركة يستطيعون التدخل بها قوة هذا الجوبلن كانت في قمة مستوى فارس دم التنين ، وهو نفس مستوى أرتوريا .
استمرت المعركة لساعات. تبادل الاثنان الضربات، وامتلأت الغابة بصدى تصادم الأسلحة. حتى مهارات أرتوريا وسيفها الأسطوري إكسكاليبر لم تكن كافية لحسم المعركة بسرعة. لكن بخبرتها وصبرها، تمكنت في النهاية من توجيه ضربة قاتلة إلى صدر الوحش، مزقت قلبه وأسقطته أرضاً.
لكن قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، ابتسم الجوبلن، وهو يهمس بكلمات جعلت قلب أرتوريا يثقل:
"ظننتِ أنني أقوى ما لدينا؟ انتظري حتى تري ملكنا... سيكون انتقامنا مرًّا، وسنحول إمبراطوريتكِ إلى رماد."
عادت إلى العاصمة، وعقلها مشغول بكلمات الجوبلن. كانت تعرف أن هناك شيئًا أكبر يحدث في الظل، وأن هذا الصراع ليس مجرد حرب مع عصابات جوبلن متفرقة. لذلك، استعانت ب فرقة الأرقام الإستخباراتية الخاصة بقسم الإمبراطورية المقدسة .
استغرق الأمر لحظات فقط، لكن ما اكتشفته كان صادمًا . في أعماق الغابة الضبابية في الغرب ، أسس الجوبلن مملكة كاملة .
لم تعد هذه المخلوقات الوحشية مجرد همج يعتمدون على العنف الفوضوي، بل قلدوا البشر في بناء المدن وتنظيم الجيوش. أنشأوا نظاماً ملكياً ، وجمعوا حولهم جوبلن من جميع الأنحاء، بل وذهبوا أبعد من ذلك: قاموا بترويض وحوش قوية ، تفوق في قوتها حتى فرسان دم التنين.
كان ما فعلوه خلال السنوات الخمس الماضية مجرد إلهاء . كل هجوم وكل كمين كان هدفه منحهم الوقت لتأسيس هذه المملكة. لقد حولوا الإمبراطورية إلى ساحة معركة فقط ليضمنوا بناء مملكتهم في الظل.
وقفت أرتوريا أمام خريطة الإمبراطورية في قاعة الحرب، وعينيها تلمعان بتصميم جديد. هذه لم تعد مجرد حرب ضد الجوبلن ، بل أصبحت معركة بين عرقين . لأول مرة منذ تأسيس الإمبراطورية المقدسة ظهر عدو قادر على تحدي قوتها بشكل منظم واستراتيجي .
قالت بصوت حاسم:
"يبدوا ان هذا هو اختباري الحقيقي. المعارك السابقة كانت مجرد تمهيد. المملكة التي أسسوها لن تُسقط بسهولة "
بدأت أرتوريا في إعادة تنظيم جيش الإمبراطورية بالكامل. لم تعد حرب العصابات تكفي. هذه المرة، سيكون عليهم شن حملة شاملة ضد المملكة الجديدة للجوبلن، مع التركيز على ضرب نقاط ضعفهم قبل أن يصبحوا قوة لا يمكن مواجهتها.
أمرت بتكثيف تدريب الفرسان والنبلاء، وتوسيع فرقة اللهب القرمزي لتشمل وحدات متخصصة في قتال الغابات و الحروب الحصارية . كما اعتمدت على فرقة الأرقام لجمع المزيد من المعلومات حول ملك الجوبلن الغامض، و ايضا التركيز على اختراق مستوى الفارس الفطري قبل الحرب .
لكن رغم كل هذه التحضيرات، كانت أرتوريا تدرك أن المعركة القادمة لن تكون كأي معركة خاضتها من قبل . هذه ليست مجرد مواجهة على الأراضي، بل صراع قائم .
وفي أعماق قلبها، تعرف أن هذه الحرب لن تنتهي إلا بدماء كثيرة .
صورة احد اتباع ارون الرئيسيين روبن .