في أروقة القصور الفخمة، خلف الأبواب المغلقة، بدأت المؤامرة تنمو كجذور شجرة سامّة. اجتمع النبلاء الجدد، الذين صعدوا من ساحة المعركة بعدما سطرت أسماؤهم بدماءهم و عرفهم ، ليخططوا لانقلاب يطيح بعائلة روزفلت الحاكمة. لقد رأوا أنفسهم أحق بالعرش، بعد أن أثبتوا جدارتهم وقوتهم في الحرب الأخيرة.
في قاعة مزينة باعلام تحمل شعارات عائلات النبلاء الجدد، وقف أحدهم وقال بحماس:
"لقد قاتلنا الجوبلن، ضحّينا، وقدمنا الغالي والنفيس، ومع ذلك... من يحكم؟ فتاة صغيرة وضعتها عائلتها فوق الجميع وكأن الإمبراطورية إرث حصري بهم ! لقد حان الوقت لانهاء هذا "
الاتفاق واضحًا، لكن الخطة لم تكتمل بعد. احتاجوا إلى دعم النبلاء القدامى، أولئك الذين امتلكوا النفوذ والشرعية في العرش منذ قرون.
في اليوم التالي، بدأ النبلاء الجدد في الاقتراب من النبلاء القدامى واحدًا تلو الآخر، يعرضون عليهم الانضمام إلى التمرد. لكن الاستجابة لم تكن كما توقعوا.
"تريدوننا أن نخون الإمبراطورة؟" قال أحد النبلاء القدامى باستهجان، قبل أن يكمل: "هذه العائلة حكمت لقرون، و اسست الإمبراطورية . أنتم مجرد طامعين نمت قوتكم قليلا في حرب واحدة، وتظنون أنكم قادرون على السيطرة على الحكم؟ سخيف."
الرفض جاء قاطعًا، ليس فقط لولائهم لعائلة روزفلت، ولكن لأنهم أدركوا هشاشة طموحات النبلاء الجدد. فهموا أن هؤلاء الرجال لم يكونوا سوى محاربين أقوياء أفسدتهم السلطة الجديدة، و هم لا يعرفون الرعب الذي وراء الملك و لا قوة العائلة الحاكمة الهائلة وراء الكواليس .
لذا فبعد رفضهم لم يحذروهم لانهم يعرفون انه بقوة الإمبراطورية فلابد انه قد تمت ملاحظتهم و هي مسألة وقت حتى يتم تصفيتهم .
فكر احد النبلاء القدامى " يبدوا ان الإمبراطورية ستشهد حملة تطهير قريبا و حمام دم " .
غادر النبلاء الجدد الاجتماع، كانت وجوههم ممتلئة بالغضب، لكنهم لم يفوتوا الفرصة للسخرية من أولئك الذين رفضوا عرضهم.
"مجموعة من العجزة، متشبثون بماضيهم!" تمتم أحدهم.
"لن يكون لهم مكان في الإمبراطورية الجديدة عندما نستولي على العرش." قال آخر بابتسامة متعالية.
لكن ما لم يدركوه هو أن مخططاتهم لم تظل سرًا.
فشبكة استخبارات"الأرقام"، الخاصة بقسم الإمبراطورية ، تراقب تحركاتهم عن كثب. تم تسريب تقارير حول الاجتماعات السرية، الرسائل المشفرة، وحتى محاولات استمالة النبلاء القدامى. و قد وصل تقرير مفصل إلى أرتوريا، يكشف عن كل شيء
جلست أرتوريا في قصرها، تحدق في الأوراق أمامها بعينين مليئتين بالدهشة وخيبة الأمل.
"لماذا؟" تمتمت لنفسها، وهي تحاول استيعاب الأمر.
لقد قادتهم في الحرب، قاتلت بشجاعة . فعلت كل ما بوسعها، ومع ذلك، قرروا التمرد عليها؟
"ما الذي دفعهم إلى ذلك؟ هل هو الجشع؟ هل ظنوا أنني ضعيفة؟ "
أخذت نفسًا عميقًا، وعادت بذاكرتها إلى الأيام التي سبقت الحرب. هؤلاء الفرسان كانوا جنودًا شجعانًا، وقفوا معها في المعارك ، أقسموا على الولاء للإمبراطورية. فكيف يمكن لشعورهم أن يتغير بهذه السرعة؟
ثم بدأت تدرك الحقيقة القاسية... البشر لا يبقون على حالهم.
القوة تغيّر الناس. الطموح يُفسد النفوس. الولاء ليس شيئًا ثابتًا، بل شيء هش يمكن أن يتحول في أي لحظة.
لكن قبل أن تتخذ أي قرار، كانت بحاجة لفهم أعمق لما يجري. لم يكن التمرد مجرد تحدٍ سياسي، بل اختبار حقيقي لحكمها و لا شك ان سموه له يد في تحضيره .
وفي غرفة مكتب كبيرة . جلس أرون يقرأ التقرير ذاته، بينما ارتسمت ابتسامة هادئة عليه .
"جيد ..." تمتم بصوت خافت، وهو يضع الورقة جانبًا.
و الآن ، أرتوريا تواجه أحد أصعب دروس الحكم: الناس لا يبقون أوفياء للأبد.
"إحدى أهم صفات البشر،" فكر أرون، وهو يتكئ على كرسيه، "هي قدرتهم على تبني الأفكار، والتكيف معها... ثم التخلي عنها والانتكاس بسرعة."
أرتوريا تحتاج إلى فهم ذلك بنفسها، فالحكم ليس فقط قيادة الجيوش والانتصار في الحروب، بل هو أيضًا القدرة على التعامل مع الخيانة، الغدر، والتقلبات المستمرة في الولاء.
"... هذا هو الدرس الحقيقي."
صورة الجلادة اقوى اتباع ارون الرئيسيين سكاتاش .