لم تكن أبواب مدينة سينا كأبواب المدن الأخرى… بل كانت كفم تنينٍ نائم، يتثاءب ببطء على وقع خطى الواصلين. ارتفعت الأبراج المحيطة بالبوابة كإبر معدنية مغروسة في لحم الأرض، ومن بين قضبانها المعدنية المصقولة بالزجاج الأخضر، تصاعد بخار كيميائي خفيف، كأن المدينة تتنفس من خلاله.
وقف البطل أمامها، يحمل يوكيو على ظهره بإحكام. شعرها الأسود يلامس كتفه، وحرارتها لم تفتر منذ آخر مرة فحصها فيها. أنفاسها هادئة، لكن خافتة، كأنها تحتضر بين زفرة وشهقة.
دخل بوابة المدينة بصمت، تراقبه العيون، وتترصده الأحاسيس الغريبة. هو لا ينتمي إلى هذا المكان. المدينة تشتم دخيلها كما يُشم الغريب بين القصص.
كانت الشوارع مرصوفة بحجارة رمادية تُصدر أصداء خطواته، والمارة يفسحون له الطريق، يحدقون بالفتاة النائمة فوق ظهره. كان البعض يهمس، والآخر ينظر ببرود. أما الرائحة، فكانت مزيجًا من الكحول العلاجي، الرماد، والزهور المشبعة بالزئبق.
قادته قدماه نحو حي يُعرف باسم "المعبر الطبي"، وهناك وقف أمام بناء عالٍ ذي قبة زرقاء مغطاة بأزهار زجاجية، كأنها نبتت من سقف المستشفى. على بابه لافتة منقوشة:
"الأمل لا يُمنح... بل يُزرع."
دخل وهو يتنفس ببطء. خطوته الأولى داخله جعلته يشعر كأنه عبر إلى عالم منفصل. الجدران بيضاء تضيء نفسها، والممرضون يرتدون عباءات بلون بنفسجي. تقدم إليه أحدهم وقال بنبرة آلية:
"التسجيل؟"
رد البطل بصوت خافت: "هي… إنها مسمومة. احتماليتها تتآكل."
نظر الممرض إلى يوكيو، ثم أشار إليه أن يتبعه إلى الداخل.
غرفة الفحص كانت باردة، بلا صوت، إلا من خرير آلة تتابع أنفاس يوكيو. وبعد دقائق من الفحص، جاء كبير المعالجين، عجوز أصلع يضع نظارات مستديرة، وقال:
"ما بها ليس مجرد سم… إن طاقتها الداخلية في صدام مع بنية القصص الخاصة بها. هذا شيء لم نره منذ سنوات. علاجها… يتطلب شيئًا لا نملكه هنا."
"أين أجد هذا الشيء؟" سأل البطل.
"اذهب إلى قصر أفرودايت. جاسمين هناك. إن كانت هناك من تستطيع أن توازن بين السمّ والاحتمال، فهي."
غادر المشفى على الفور. يوكيو لا تزال بين الحياة والموت، لكن أمله لم يمت بعد.
وهو يعبر أحد الأزقة الضيقة، حيث تُلقي الشمس أشعتها كأشرطة حمراء بين السقوف المتقاربة، لمح شيئًا غريبًا. رجل طويل القامة، بثياب داكنة، وجهه مغطى بقلنسوة حريرية، كان يضع يده على كتاب صغير في يد شاب مراهق.
وفجأة، سحب الرجل بخفة خيطًا شفافًا من الكتاب، كأنه يستخرج شيئًا حيًّا، وابتلع الخيط عبر أصابعه.
شعر البطل بطعنة في قلبه. الطاقة… شيطانية. لم يخطئ الإحساس، لقد كانت احتمالية تُسرق.
لكنه لم يستطع اللحاق به… فقد تبخر الرجل كما يظهر دخان من بين الحوائط.
تنهد، ثم مضى. قصر أفرودايت كان يلوح من بعيد، كالسراب... جميل، مشؤوم، ومغوٍ.
عند الباب، استُقبل من خادمة ترتدي قناعًا نصف شفاف، قادته إلى قاعة زجاجية مزينة بأشجار السم البيضاء. وهناك، جلست جاسمين أفرودايت.
كانت كما وصفها الناس وأكثر: شعرها الزمردي ينسدل بنعومة حول كتفيها، وعيناها البنفسجيتان تلمعان بحدة، كأنهما تقيسان من أمامها كما تُقاس الجرعة.
قالت بلطف: "أهلاً بك في قصر أفرودايت. أرى أنك تحمل ألمًا على كتفيك."
ردّ: "الفتاة هذه... بحاجة لمساعدتك."
أومأت، وأمرت بإحضار الشاي.
دخل الخادم الذي يحمل الصينية، رجل أنيق بملابس رمادية، يبتسم بهدوء.
لكن البطل تجمد.
هذا هو... الرجل من الزقاق. نفس الطاقة... نفس البرد.
نهض فورًا، وحدق في الخادم وقال بصوت جاف: "أنت… أنت لست خادمًا. أنت سارق قصص. شيطان مقنّع."
ساد الصمت. الخادم نظر إليه بدهشة، ثم إلى جاسمين.
نظرت جاسمين إليه ببرود وقالت: "أنت تهين أحد أفراد عائلتي."
"هو ليس ما يبدو عليه! لقد رأيته يسرق قصة شاب في الزقاق!"
لكنها لم تجبه سوى بإشارة صغيرة. دخل الحرّاس على الفور، وسحبوه بعيدًا.
قالت وهي تدير ظهرها له: "إن كنت عاجزًا عن ضبط ظنونك، فلا تلقيها في قصري. اخرج."
وخرج.
حمل يوكيو مجددًا، وغادر القصر دون كلمة.
وفي شارع جانبي، وجد فندقًا صغيرًا يدعى "نُزُل الحكايات المنسية". دخل، استأجر غرفة دون أن يتحدث كثيرًا، صعد للطابق العلوي.
وضع يوكيو على الفراش برفق، ثم جلس بجانبها، ينظر إلى وجهها... كيف يمكن لهذا الوجه الهادئ أن يحمل كل هذا الألم؟
همس:
"أعدك… لن أنتهي قبل أن أجد ما ينقذك."