نظرت الى الشخصية التي كانت أمامي وهي تنزع القناع من على وجهها فتظهر عيونها الحمراء الشبيهة بياقوت احمر لامعة وبرز على وجهها شفتيها اللتان كانتا تبتسمان نحوي لتفتح فمها وتقول.
" حسنا طلب مني ارجاعك ، لكن لا اريد ان يمر الامر بسهولة ، لذا ما رأيك؟ "
لم اعد في حالتي الطبيعية اشعر وكأنني اريد الموت وعلمت ان اتخاذ قرار الآن لن يكون جيدا لذا قلت لها.
" طعام "
طوال الأسابيع السابقة كنت اكل الطعام الذي يقدم الي ، علمت انني سأموت إذا لم آكل لكن ذلك لم يعطي لجسدي اي فائدة كنت لا ازال احاول الصمود للعيش وما زاد الطينة بلة أن الثعلبة بدأت تعذبني كل يوم!.
" همم؟ ، حسنا "
***
*كح كح كح*
بدأت أسعل بسبب تناولي الطعام بطريقة وحشية لذا أخذت الماء الذي كان قربي وشربته ، بدأت أتناول الطعام ببطئ ثم نظرت الى الثعلبة التي كانت تنظر إلي ايضا.
" ما الذي تريدينه؟ "
كنت اعلم انها لم تطلب رأيي سوى لفرض رأيها على لذا بدأت للموضوع مباشرة ، تحدثت الثعلبة وقالت.
" همم ، لا يوجد فكرة في رأسي لذا ، لما لا اجعلك مدينا لي بواحدة؟ "
"حسنا"
لا احتاج التفكير في الأمر فقط دعوني اخرج من هنا .
***
بعد يومين ..
استطعت الخروج بسهولة ، هل سيصبح الأمر فقط هكذا؟ ، مستحيل!! ، سأعود واقتل كل من في هذا المختبر.
خرجت من الباب فأجد جاك أمام وجهي ودون قول شيء حضنني جاك ثم قال.
" اسف "
شعرت بالنار وهي تشتعل في قلبي لكن علمت ان الامر لم يكن سبب وبعد أن هدأت نفسي قلت له.
" لا بأس "
تركني جاك فنظرت اليه لأجد الدموع تنهمر على وجهه ، ليبدأ بعدها جاك بمسحه ثم أخبرني بالذهاب معه لذا اتبعته.
***
" ويليام!! "
ركض هاين مسرعا نحو ويليام وكأنه كلب رأى صاحبه بعد غياب طويل ليقفز عليه هاين فيخرج تأوه من فمه.
"اوه ، هل يمكنك الابتعاد عني؟ "
" اسف .. مرحبا بعودتك "
ابتسم هاين ودون أن يدرك سقط على يديه قطرة ماء فيسأل نفسه إن كان يمطر ولكنه كان عينيه تفيضان الدموع ، بدأ بمسحه ثم ضحك بعدها.
***
بدأ الخدم والخادمات والجميع بترحيبي البعض منهم البكاء حتى! ، هل كنت سابقا محبوبا لهذه الدرجة؟ ، فركضت احد الخادمات نحوي لتمسك يدي بيديها وتقول لي والدموع تتساقط بعينيها.
" اهئ مرحبا بالسيد الصغير .. هئ اعلم انني وقحة لكنني تأثرت من تضحيتك لأجلنا.."
ماذا؟، تضحية، مالذي تقوله؟ ، التفت الى يميني وبدأت انظر الى هاين الذي كان يتجنب نظراتي.
***
" تنهد ، هل تقول انك اخبرت من يعملون في القصر عن قصة لم تحدث ؟ "
" … أجل "
كان هاين جالس على ركبتيه أنظر اليه من الاعلى ، تنهد ، عدت الى القصر وأصبح الجميع يرونني كبطل ، لكن لا اظن ان الامر بهذا السوء لذا سامحت هاين.
" يمكنك الذهاب "
" لا!!"
نظر هاين الى الاعلى وهو يصرخ بكلماته ثم اكمل كلامه بعد أن وقف على رجليه.
"لقد عدت اليوم!! ، لا تعلم إن كنت ستختفي مرة اخرى"
كان وجه هاين يوحي قلقه الشديد ، اعلم انه قلق ولكنني ايضا لا اريد تجربة الاختطاف من جديد ، لم ارد ان اشعر بالعذاب مرة اخرى ..
" تنهد ، اسمعني هاين ، اعلم انك قلق لكن هل يمكنك ان تذهب لارتاح ؟ ، لم استطع النوم جيدا في الأسابيع السابقة."
خضع هاين لكلامي وخرج من غرفتي اخيرا.
"اوخ"
خرج من فمي تأوه ، كان جسدي بخير لكن لم يكن الأمر كذلك من الداخل ، كان يتألم بشدة وقد أخبرتني الثعلبة أنه لن يتعافى إلا بعد بضعة أشهر.
'يجب ان اتحمل..'
ذهبت متجها الى سريري الذي كان له ملمس طري وناعم جعلني اشعر بالراحة ثم غطيت جسدي بالملاءة وخلدت الى النوم.
***
في منتصف قاعة واسعة شكّل بعض الفتيان دائرة حول فتى يبدو بنفسه عمرهم ايضا ، فقال احدهم .
" لما اتيت الى هذه المدرسة؟ ، هل كان يجب على قاتل أن يعيش حتى؟ "
"اوخ"
ضربه الفتى على معدته ثم بدأ بعض الطلاب بالاقتراب نحوه لانتزاع ملابسه الحمراء الذي يوحي بأنه طالب بالثانوية.
"اااا–مم"
صرخ الفتى بعد أن تم طعنه بقلم خشبي حاد ولكن بعض الطلاب اغلقوا فمه لكي لا يصرخ اكثر و ظهر احد اخر ليطعنه بقلم خشبي اخر فيخرج تأوه من فمه والدموع تتساقط من عينيه من الألم ، بدأ الطلاب الاخرين بطعنه وبعد ان انتهوا من ذلك ابتعدوا عنه تاركينه في وحدة موحشة في منتصف القاعة مستلقيا على الأرضية الباردة كالجليد.
" هئ هئ هئ "
بقي الفتى مستلقيا على الارض وبعد ان بدأ الشمس يغرب ليحل الظلام وقف على قدميه لينزع الاقلام المثبتة على أنحاء جسد المختلفة.
"اوخ .. اوخ .. اه "
بقي الفتى ينتزعه واحدة تلو الاخرى والالم مرسوم على وجهه ، كان جسده ينزف لكنه لبس ثيابه ثم خرج من القاعة.
…
" لقد عدت "
دخل الفتى الى المنزل والانوار مغلقة ، ثم يتقدم إلى احد الابواب ليدخل الى غرفته واستلقى على سريره.
" اخ~"
أخذ الفتى يمسك إطار صورة يظهر فيها طفل بعيون وشعر اسود وشخص بالغ بعيون وشعر بنيتين ، لم يكن هناك تشابه بينهما لكنهما كانا يبتسمان في الصورة.
" ابي.. اشتقت اليك "
***
" حلم آخر.. "
بدأ يظهر احلام اثناء نومي بدأت أشعر مع مرور الوقت بالحنين … لم تكن حنينا لعالمي!! ، اشتقت الى ابي ، من اعتنى بي ومن أضاء طريقي ، من جعلني اشعر بالحياة مرة اخرى ، من وقف معي حينما كنت في موقف يائس ومن جعلني أستمر في الحياة حتى بعد أن مات امامي..
بدأت اشعر بالاختناق لذا خرجت من غرفتي وعندما فتحت الباب رأيت هاين يجلس امام بابي وهو ينظر اليه وعينيه الناعستين يحاولان عدم النوم.
" همم ، ويليام؟ "
وبصوت هادئ تكلم هاين وهو ينظر إلي.
" دعنا نخرج "
***
خرجت مع هاين الى الحديقة و نحن نستشعر بالهواء التي اصبح تتجه نحونا وبسبب ذلك تمايل شعري يمينا ويسارا ذهبت مع هاين وجلسنا امام بركة من الماء لم يتحدث أحد منا ولكننا تأملنا في السماء المرصع بالنجوم والقمر المكتمل الذي أنار السماء المظلمة .
" هاين . "
" ماذا؟ "
" انا متعب.. "
لقد قلتها وصوتي يظهر الحزن فيه لقد قصدت بقولي حقا ، اشعر وكأنني متعب متعب من كل شيء.
" هل تعلم ؟ ، ما كان اصعب من فراقي لوالدي… هو تذكر الأحداث السعيدة معهما.."
لم اكن ويليام لكن كان لدي قصة تشابه قصته لذا استطعت تفهم ارادته للموت ، عندما كان في ايام يأسه لم يكن أحد معه ، لم يتحدث معه أحد حتى.
بقي هاين صامتا وبدأ الاستماع لما اقوله بهدوء.
" لقد كان مؤلما.. لقد شعرت وكأنني في الجحيم هناك ، لكن! ، لن أسقط لن اجعل شخصا بغيضا يحطمني."
نظر هاين الي وهو يبتسم ثم قال.
" هذا هو ويليام الذي اعرفه. "
وفي وسط الظلام بقيت انا وهاين جالسان ننظر نحو البركة التي انعكس فيها ضوء القمر.